الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف ستنتصر السلطة ولماذا...!؟

جهاد نصره

2012 / 9 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


من جديد نجح التكتيك السياسي السوري على أكثر من صعيد.. ربما يكون نجاحاً محدوداً على المستوى الدولي والإقليمي لكن ثبت أنه تكتيك الأذكياء المهرة على الصعيد الداخلي وهذا أمرٌ طبيعي فليس خفياً أن غياب الحياة السياسية في سورية لعدة عقود وفِّر بيئة صالحة لمثل هذا التكتيك الناجح إضافةً إلى حقيقة أن الذي دفع السلطة إلى التفكير بتقديم بعض التنازلات يعود إلى أنها لم تكن في وارد توقع وصول تداعيات الربيع إلى أحضانها وليس كرماً تشاركياً تلقائياً حبلت به ذاتياً..! ويمكن توصيف هذا التكتيك الموروث بأنه إحياء لتكتيك سبق أن خبرته السلطة طيلة حقبة الرئيس الأب الذي ما إن أمسك بزمام الأمور حتى استدعى كافة الأحزاب المعروفة إلى حديقته الخلفية ليعلن بعدها عن تأسيس الجبهة الوطنية التقدمية بقيادة حزب البعث الذي أصبح من يومها قائداً للدولة والمجتمع .. والأحزاب..!؟ ومن ساعتها انشغلت الأحزاب بنفسها فقد عصفت بها الأزمات جراء هذا التحالف وبدأت سلسلة من الانشقاقات في صفوفها الأمر الذي أكَّد نجاعة تكتيك الأسد الأب فخسارة السلطة لم تزد عن بضعة مقاعد في مجلس الشعب والنقابات والإدارات العامة غير أن المكسب السياسي كان كبيراً فقد نسي معظم السوريين تلك الأحزاب...!؟
وبالرغم من أن الظروف والمعطيات بين الحقبتين مختلفة ومتباينة، وأن ما تشهده سورية اليوم لا يقارن بما كانت عليه في بدايات عهد الرئيس الراحل فإن السلطة الحالية تمارس التكتيك السياسي عينه..! لقد دعت السلطة النخب السورية متجاهلة عامل الزمن والمستجدات محلياً وإقليمياً.. سياسياً وإعلامياً إلى مؤتمر حوار تشاوري عسى أن تخرج بما يشبه نتاج الماضي ومكاسبه..! وكان من المحتَّم فشل هذا المؤتمر لانعدام البيئة الصالحة لإدارة فعل حضاري على هذا المستوى فقد دمَّرت السلطة كل عوامل إنضاج مثل هذه البيئة يضاف إلى ذلك السؤال المحق عن كفاءة السلطة التحاورية فهي لم تعرف خلال عقود سوى إصدار الأوامر والتعليمات الواجبة التنفيذ ومن الصعب أن ترى في الأطراف الأخرى أنداداً لها...؟ وعلى الضفة الأخرى يضاف سؤال مشروع آخر: كيف تكون هناك أحزاب وتنظيمات محاورة وتتقن الحوار في حين أنها لم تعرف كيف تحاور نفسها إبان أزماتها فانشقت مرات ومرات وهي في الوقت الذي يتم فيه الحديث عن الحوار تتابع معاركها و تقوم بفتح وتقليب صفحات بعضها البعض وصولاً إلى سير الحياة الشخصية..؟ والملفت أنه حتى الدعوات إلى الحوار نفسها تسببت بمزيد من الانشقاقات والانسحابات والاتهامات وهلم جرا وعرا..؟ إنه لمن الطبيعي أن يكون الحوار في مثل هذه الحالات مجرَّد أضغاث أحلام أما الذي يمكن أن يحصل فلن يزيد عن جدل وجدال ربما يكون صاخباً وربما يستمر طويلاً لكنه سيبقى عقيماً...!؟
لقد فتح فشل مؤتمر التشاور الباب أما مرحلة نوعية شهد فيها السوريون استقطابات واصطفافات غيرمسبوقة أمطرتهم بوابل من التيارات والتجمعات والتظيمات والتحالفات التي كان يتم الاعلان عنها ليلاً نهارا في الداخل والخارج..! لكن، وبعد أن اتضحت الأجندات الإقليمية والدولية.. وبعد أن أصبحت المخططات والاستهدافات مكشوفة.. وبعد أن تبين لغالبية السوريين أنهم ذاهبون بالاكراه إلى ربيع الشريعة الإسلامية وفقاً للمنظور الوهابي المطعَّم بنكهة الديمقراطية المدنية التعددية الحجازية فقد بدأت عملية فرز محدد على قاعدة الوطنية السورية وهو أمرُ جلل فتح باباً واسعاً أمام السلطة لتستأنف تكتيكها الموروث ذاته مسلَّحةً هذه المرة بشرعية لا تقبل المساومة هي شرعية الوطن والوطنية الأمر الذي شكَّل ضربةً سياسية قاسمة لجميع خصومها في الخارج والداخل...!؟
ثم وفي سياق التكتيك الموروث شكَّل الإعلان عن تأسيس تحالف معارض باسم الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير فرصة مناسبة لتعاود السلطة تكتكتها المكشوفة وخصوصاً بعد أن استمدَّ قادة الجبهة بعض المصداقية لدى الرأي العام بعيد الإعلان عن اتلاف التغيير السلمي الذي جمعها إلى جانب عدد من المعارضين الفعليين الذين شاب شعرهم في غياهب السجون فقد قامت بمكافئة قادة الجبهة بزجِّهم في دهاليز مجلس الشعب لكنها ارتكبت حماقة سياسية واضحة عندما ألحقتهم سريعاً بالحكومة الجديدة ولم تتركهم لحين الطلب باعتبارهم ركيزة ائتلاف التغيير السلمي المعارض الأمر الذي أفسح المجال للقول: كيف تستقيم دعوة هذا الائتلاف بصفته المعارضة لانعقاد مؤتمر حواري بعد أن أصبح بعض قادته شركاء في تركيبة السلطة السياسية البعثية...؟
هذه الأهزوجة حفَّزت السيد ـ جاد عثمان ـ سكرتير عام حزب ( الكمّة ) إلى التساؤل عن الدرك السياسي الذي وصل إليه من يفترض أن تجربتهم السياسية الطويلة أنضجتهم وعمقَّت بصيرتهم فماذا سيقول هؤلاء للسوريين في قادم الأيام إذا ما تفرجوا على السلطة وهي تحاور بعضاً منها على نفس الطاولة حتى وإن حصل ذلك بمشاركة شهود زور دراويش...!؟
وهكذا قد يصح قول البعض إن الجميع في الشمولية سواسية..! وقد أكَّدت تجارب التاريخ مقولة أن عبيد الأيديولوجيات لا تعنيهم مياه الأنهار الجارية وجحافل الأيديولوجيات هذه لا تختلف عن جحافل أتباع الأديان فهم لا يقلِّون عنهم براعةً في صناعة الزعماء الرسل تمهيداً لعبادتهم وتقديس أقوالهم وتظريطاتهم..!؟
وقد علَّقت ـ لارسا التلاوية ـ الناطقة الرسمية باسم الحزب على موضوع الشمولية قائلة: هل وقف الشيوعيون العرب مثلاً هذه الأيام أمام ما يحدث بعد حكاية الفيلم المسيء لنبي المسلمين ليعيدوا اكتشاف مجتمعاتهم ويتعرفوا عليها كما هي بعيداً عن الأوهام والمساطر التي راكمتها في عقولهم أيديولوجيتهم المقدّسة..؟ وأضافت لا فض فوها: أصلاً هل سألوا أنفسهم باعتبارهم ( ملحدين ) حكماً عن المصير الذي ينتظرهم فيما إذا حلَّ الربيع في مجتمعاتهم التي هبَّت كما العواصف العاتية كرمى لنبيهم الغائب منذ خمسة عشر قرناً ونيِّف...؟
وحدها الحرب الإقليمية الكبرى المتوقع اندلاعها ستضع النقاط الجديدة على حروف الشرق الأوسط القديم...!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا