الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وما فائدة التغيير السياسي اذا لم يصاحبه تغييرا ثقافيا ؟

لؤي الخليفة

2012 / 9 / 20
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


الاحتجاجات الصاخبة اثناء التظاهرات التي خرجت الى الشوارع وما رافقها من اعمال عنف كردة فعل على الفيلم المسئ للاسلام , اشرت العديد من علامات الاستفهام , ربما تكون ابرزها هي ان الدول الخليجية عموما والسعودية وقطر خصوصا واللتين تعتيران وكرا للسلفية والوهابية والتطرف الديني والممولين الريئيسين للارهاب والارهابيين ,كانت بمنأى عن اية مظاهر احتجاج او استنكار سوى اشارات خجولة هنا وهناك ... وبعيدا عن دول الخليج , يبقى السؤال الاهم وهو لم كل هذا العنف ؟ والى متى يستمر الانفلات غير المبرر وتبقى العواطف تحرك هذا البعض وتدفع بهم الى سلوك اقل ما يقال عنه انه هستيري ينم عن جهل مطبق والتفكير بعقلية قرون مضت لا تتناسب مطلقا مع قيم الحضارة وروح التطور التي يفترض الا نكون بعيدا عنها ؟؟ .
وان تمكن هذا البعض من لفت انتياه العالم الى الحيف الذي اصابهم نتيجة الاساءة والاهانة التى وجهت الى نبيهم ومقدساتهم , الا انهم ومع شديد الاسف فشلوا في سلوك الطريق القويم , ذلك ان ردود فعل المسلمين التي استهجنت ونددت بمظاهر العنف تلك جاءت قبل التنديد بها من قبل الرأي العام العالمي ... وكان حري بأولئك الغلاة المتشددين ان يعوا ان هذا الفيلم ليس اول اساءة توجه للمسلمين ولن تكون الاخيرة , فسبق ان قام نفر ضال متعصب ممسوخ الجذور بحرق القران وتدنيسه اضافة الى ممارسات مهينة عديدة اخرى , ومن هنا جاءت الدعوات للاغلبية المتنورة من المسلمين ان تكون الاحتجاجات سلمية حضارية ذلك ان ردة الفعل المتشنجة تبقى الاداة التي يسعى اليها غلاة المتشددين المعادين للاسلام لعكس صورة اكثر سلبية للمسلمين وخاصة في المجتمعات الغربية لاجندات معروفة ... اضف الى ذلك ان الاغلبية المسلمة حرصت على الدعوة الى الوسطية واستيعاب المرحلة والى التحاور وتقريب وجهات النظر بين الاديان وقطع الطريق امام كل اخرق متعصب كمن اخرج الفيلم او ذاك الذي احرق الانجيل امام المتظاهرين في ميدان التحرير بالقاهرة .
مما لاشك فيه ان مخرج الفيلم نجح في ايصال الرسالة التي كان يهدف اليها فخلال ساعات معدودات زارت موقع اليوتيوب اعداد هائلة وهائلة جدا لمشاهدمه , ونجح ايضا في استفزاز مشاعرالبعض من المسلمين وحدث ما حدث وكان له ما اراد عندما خرج اؤلئك المتشددين كقطيع من الوحوش لم يصمد امامهم سور او جدار او رجال شرطة وراحوا يحرقون ويقتلون وينهبون ... واخيرا وليس اخرا حرص المخرج ان يبين للرأي العام العالمي ما نفسه المريضة من ان المسلمين ليسوا سوى مجموعة من المتعصبين لا يتوانوا من اللجوء الى العنف والقتل بمجرد استفزازهم .
وتبقى علامة الاستفهام الاكثر لفتا للانتباه والتي تقفز بقوة امام المتابع للاحتجاجات هي شراستها وحدتها في بلدان ما يسمى بالربيع العربي , كما في ليبيا ومصر وتونس واليمن اضافة الى السودان التي تنتهج حكومتها تزمتا دينيا بعض الشئ , مما يشير الى ان هذه الدول التي ضربتها رياح التغيير وغيرت نظمها الديكتاتورية باخرى ديمقراطية وربما ثورية كما يتصور او يدعي البعض , لم يتمكن القائمون على نظمها , افراد كانوا او احزابا او تكتلات من استيعاب حالة التغيير هذه , ووقعوا في ذات الخطأ لمن سبقوهم في الحكم , وفاتهم اشاعة ثقافة الاعتراف بالاخر ومشاركته في السلطة واستحالة بناء حياة سياسية ناجحة وفق نظام احادي الجانب يتنكر لحقوق الاخرين ولماضي البلد وحضارته وثقافته , كما اننا لم نشاهد احد من المسؤولين فيها وقد انبرى ليضع حدا لمحاولات البعض من اصحاب الفتاوي والتصريحات غير المسؤولة ومحاولاتهم المتواصلة في تطويق الحريات وضرب قيم المجتمع المتوارثة ... فأربكت الديمقراطيات الناشئة في هذه البلدان المشهد السياسي فيها وزادته تعقيدا حينما استغلت الديمقراطية بصورة سلبية معاكسة لمفهومها وراح البعض وبالذات اؤلئك الغلاة والجهال يبثون تصوراتهم وقناعاتهم من ان البلد لا يمكن ان يبنى الا من خلال الاملاء والاكراه دون ان يلتفتوا الى تنوع المجتمع ومكوناته , ودون ان يتعضوا من تجارب سابقة فشلت فشلا ذريعا رغم استمرارها لعقود عدة كما حدث في العراق سابقا ويحدث الان في سوريا ... ذلك ان سياسة العنف والقتل وجز الرقاب وان طالت فلن تدوم وعلى اؤلئك الذين وجدوا انفسهم على رأس السلطة ان يضعوا نصب اعينهم ان الثورات الحقة هي ثورة الثقافة والوعي والديمقراطية لا ثورة العصي والهراوات وادوات الذبح ... ثورة العدل والمساواة والحرية بعيدا عن استبداد ذوي العقول المتحجرة ممن يسعون الى تكريس الجهل والغيبيات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة أحمد الديين خلال الوقفة التضا


.. عنف الشرطة الأميركية ضد المتظاهرين المتضامنين مع #غزة




.. ما الذي تحقق لحركة حماس والفصائل الفلسطينية من القبول على مق


.. VODCAST الميادين | علي حجازي - الأمين العام لحزب البعث العرب




.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا