الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمُقراطية مبدأ فوق دستوري

أيوب شهاب الدين

2012 / 9 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


الباعث الأساسي لفكرة الديمُقراطية مبديء فوق دستوري هو خلق ايدولوجيا لتقبل جميع الأيدلوجيات او الفكرانيات الأخري و غايته الأساسية هي عملية أقصاء للديكتاتورية و درء تلك المفاهيم التي قد لا تتفق و تتنافي مع الديمقراطية و تتيح لفصيل بعينه إلزام الأخرين علي الأنسياق وراء مبادئ خاصة قد تخلق احتكار سياسي جديد وقيم حض علي عنصرية و كراهية و تفرقة و الإجحاف بمفهوم العدل من خلال سلطة محصورة بين ايدي فئة احادية.
الديمقراطية في جوهرها الأصيل و مفهومها البسيط ليست بالحل الأمثل للتسوية كما يظنها البعض بل بلعكس, اذا اتت الديمقراطية كايدولوجيا منعزلة قد ينتج عنها عزل و إقصاء و ديكتاتورية,
فمن المواضع الأساسية للديمقراطية انها قد تتيح الأنتقال السلمي للحكم المتميز بنزاهته و الذي قد ينبع منه أغلبية و بالتأكيد لن يحدث عليه عملية اجماع عام, فتنشأ لدينا اقلية مختلفة,
و علي صعيد اخر الديمقراطية هي فكرة قد تسمح للأغلبية الحكم و إلزام الأقلية بالتسليم و الخضوع, فهي تتيح لمن يأتي بالأغلبية الحق في اصدار كافة التشاريع و الأحكام التي قد تصادر من حقوق الأقليات طالما ايُدت من قبل تلك الأغلبية,
فمثلاً اذا اراضت الأغلبية بحكم الديمُقراطية مصادرة حقوق المرأة او المسيحيين او العلمانيين او الدينيين او حتي مصادرة الديمقراطية ذاتها فسيكون لها كامل الحق في فعل ذلك طالما ان الديمُقراطية ليس لديها ضوابت و معايير ثابتة تحكُم بها, بل هنا الديمُقراطية هي التي تُحكم بضوابط الصفة الغالبة في الجمعيات التشريعية او البرلمانات.
فالديمقراطية وحدها لا تمتلك الأليات لتحديد الأفضل من أجل الصالح العام, و ليست قادرة علي حماية احد من احد بل هي ليست مؤهلة حتي لحماية ذاتها, فقد ينشيء عنها ديكتاتورية بمختلف انواعها بحكم الأغلبية, و حسب الفصيل صاحب الغلبة التي قذ تفرزه الأنتخابات و صبغته الخاصة,
حتي يصطبغ دستور قد يقصي كل من اختلف معه و يحمي نفسه من الأقليات المختلفة لا ان يحميهم.
فمن خلال مباديء عادلة حاكمة للدستور ذاته ارفع منه و غير خاضعة الي اي فصيل بعينه سوف يُضمن العدل و المساواه و عدم خلق مجتمع يتمتع بالشوفينية و العنجهية التابعة للرجل او للمرأة, للمسلم او للقبطي, و يضمن عدم خلق مجتمع عنصري بل و ضامنة الي ان صياغة شريحة او شعبة او قطاع هي فقط لتكفل حقوق و ليس لتنتزع حقوق الأقليات,
فحتي ان حصد فصيل سياسي أغلبية ذلك لن يمنحه الحق في العبث بمقدرات الوطن و لا في التعدي علي خصوصيات المواطنين بدون وجه حق, لذلك يجب وضع حدود لكل سلطة ولواجبتها و حقوقها تجاه الشعب من خلال احد الدساتير الجامدة الغير مرنة ليلتزم بها من بأدني مرتبة الي من بالقمة السياسية او الأجتماعية او الثقافية, ولكي لا تصبح الدول عزب هزلية تتلاعب بأيدولوجياتها الأهواء, فيجب وضع حدود و ان كانت علي رقعة ضيقة من ارضنا ضامنة و شاملة للخصوصيات الغير قابلة الي ان يتعدي عليها احد من اجل الا يُمرح بنا عبثاً, و حتي لا تصبح البلاد في ايد هذا اقطاعية و ذاك اشتراكية و هذا رأس مالية و ذاك اسلامية, و هنا الديمقرطية كفر و هناك الحجاب فرض و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الفصل بين الرجل و المرأة في المؤسسات العلمية و العملية و غيرهما, حتي نصبح في نهاية المطاف وطن من وجهة نظر..., و يصير ذلك الوطن اكبر حقل تجارب هزلية.
و لذلك يجب ان تُألف وثيقة قانونية اسمي من وثيقة الدستور ذاته يتوخاها المشرعون ليُضمن بها حق من اعطاهم الصلاحية ليصبحوا مخولين عنهم و الي من منحهم السلطة في ان يمثلوهم, و لتصبح هذه الوثيقة عسيرة المساس طالما انها ستصون حقوق الجميع, شاملة نصوص حقوق الأنسان علي الأقل و ليست تابعة الي اي تيار بعينه بل تحمي الجميع بصفة عامة و تحرس سير العملية الديمقراطية,
او ان يُنشأ جهاز لأدارة الممارسات الديمُقراطية ليقف بالمرصاد في وجه من يسعي للتعدي علي المدلول الديمقراطي وما ينص عليه, و لنصبح بلا ريب ولا ذعر علي وطن يدار من خلال منظومة تدبر مصير الأمة تبعاً لأهواءهم الخاصة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بشير شوشة: -من الضروري نشر المحتوى التاريخي على جميع المنصات


.. حماس تعلن وفاة أحد المحتجزين.. وإسرائيل توسع عملياتها باتجاه




.. في ظل الرفض العربي لسياسات رئيس الحكومة الإسرائيلية في غزة..


.. روسيا تكتسح الغرب في -معركة القذائف-.. المئات يفرّون من القت




.. جبهة لبنان على صفيح ساخن .. تدريبات عسكرية إسرائيلية وحزب ال