الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسلاميو السودان..اخر مسمار في نعش الدولة الدينية

احمد داؤود

2012 / 9 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


بعد ثلاثة وعشرون عاما قضوها علي سدة الحكم هاهم اسلاميو السودان بقيادة جبهة الميثاق الاسلامي سابقا وحزب المؤتمر الوطني حاليا..وبعد كل الامال التي وضعت علي عاتقهم يدقون اخر مسمار في الدولة الدينية التي اثبتت فشلها في اقامة دولة المواطنة والمساواة.ولئن اعتقد كثير من المراقبين باماكنية نجاح دولة الشريعة التي اقامها عراف الاخوان السودانين ورئيس حزب المؤتمر الشعبي الذي انفصل لاحقا عن اخوته السابقين د/حسن عبدالله الترابي ،ولئن اعتقد المراقبين بامكانية نجاحها في اخراج السودان من مستنقع الحروب والجهل والتخلف الي رحاب السلام والعدل والمساؤاة والديمقراطية الا انه سرعانما ماتلاشي ذلك الاعتقاد .بل اكد اسلاميو السودان خطا فكرة الدولة الدينية.
وتتمثل ابرز اخفاقات دولة الشريعة السودانية في الاتي:
* التحول من دولة الرعاية الي الجباية : حينما جلست حكومة الجبهة علي سدة الحكم بواسطة الانقلاب العسكري الذي نفذته في يونيو من العام 1989 اعلنت في اول بيان لها بانها تهدف الي "انقاذ السودانين" ورفعت عدة شعارات علي شاكلة " ناكل مما نزرع ونلبس مما نصنع " بيد انه ومع مرور مايقارب العشرة اعوام علي ذلك الانقلاب اتضح زيف تلك الوعود.وبدلا من ان تسخر موارد البلاد لاقامة دولة الرعاية لجأت الي اثراء اتباعها بينما تسببت في افقار مايوازي التسعين بالمائة من السودانين .بل انها اصبحت تعتمد في تسيير شئونها التنظيمة علي الجبايات والعتاوات ونهب ممتلكات الشعب دون ان تعمل علي توفير حاجاتهم الاساسية من صحة وتعليم ومياه شرب وغذاء.ويفتقر اغلبية السودانين لابسط مقومات الحياه مما حد بالبعض الي الهروب الي البلدان المجاورة .وتشير تقارير بان المبالغ المخصصة للصحة والتعليم يساويان 2% من ميزانية الدولة بينما تعادل تلك الخاصة بالامن والدعاية الاعلامية اكثر من 70%.
*اشعال الحروب: في فترة تعادل السبعة سنوات اشعلت حكومة السودان الدينية اكثر من حرب في شرق البلاد وغربها .وتسببت في مقتل ما يقارب 300الف شخص في دارفور حسب ما تؤكد الامم التحدة و10 الف حسب ما يزعم راس النظام المشير البشير.كما انها تسببت في تشريد ونزوح الملايين .
*التفريط في اجزاء كبيرة من الوطن:ادي قيام حكومة الجبهة بتحويل الحرب الاهلية الي دينية الي ترجيح ابناء جنوب السودان خيار الانفصال علي الوحدة .فبعد ان كانت الحرب سياسية في المقام الاول لجأ عراب الجبهة الي الباسها ثوب القداسة الدينية واعلن بان "ابناء الجنوب كفرة وملحدين" وشدد علي ضرورة قتالهم واراقة دمائهم .وبشر اتباعه من المجاهدين بالجنة والحورالعين.وزعم بان "الملائكة تساعدهم في تلك الحرب" بل وحتي القرود التي رجحت الانضمام لصف المؤمنين.وحينما رفضت التنازل عن ايدلوجيتها الدينية اختار ابناء الجنوب الانفصال.
بيد ان التفريط في البلاد لم يقف عند ذلك الحد.حيث استولت بعض الدول علي اجزاء الشرقية والشمالية من البلاد.
*التمييز الثقافي والعرقي والديني: تحيزت ذات الحكومة التي تزعم بانها وكيل الله في الارض تحيزت لبعض المكونات الثقافية والعرقية والدينية بينما همشت واقصت الاخريات .ورفضت الاعتراف بالاخر المختلف وسعت الي استيعابه بكافة الاشكال وادي ذلك بدوره الي تفتيت النسيج الاجتماعي للسودانين .ويتوقع كثير من المراقبين امكانية تشظي وتفكك الدولة السودانية .
* الانهيار الاقتصادي: يشهد الاقتصاد السوداني منذ العام 1989 وحتي الان تدهور ملحوظا ..وهاهو وزير الخارجية علي كرتي يقر بذلك.ويطالب في تصريحات سابقة له تداولتها الوسائط الاعلامية يطالب ب"انقاذ اقتصاد البلاد من الانهيار". ويرجع السبب في ذلك الي اعتماد حكومة الجبهة علي مورد واحد هو البترول مع تجاهل القطاعات الاخري مثل الزراعة والصناعة.
*انعدام العدالة وغياب الحريات الاساسية ويبرزذلك بصورة واضحة في عمليات الاعتقال والارهاب والقتل التي تمارسها اجهزة النظام الامنية ضد الذين يختلفون معها في التوجه السياسي او الديني.
ويشير فشل اسلاميو السودان في الخروج بالبلاد الي بر الامان واقامة دولة المواطنة الي خطا فكرة الدولة الدينية التي كثر اتباعها في الاونة الاخيرة .ولايختلف ما حدث بدولة الشريعة السودانية عما كان يحدث في عهد الامبراطوريات الدينية التي قسمت الناس حسب الاعراق والثقافات وفضلت بعضهم علي بعض ،بل وافقرت شعوبها ومارست عليهم كافة اشكال الظلم والقهر .
ورغم ان البعض قد يذهب الي القول بان فشل واخفاق حكومة الجبهة ليس مقياسا لاثبات فشل فكرة الدولة الدينية بصورة قاطعة الا ان ذات الفشل قد يشير الي خطأ تلك الفكرة لانها ببساطة تكرس اوتشرعن مافعله اتباع الشريعة في السودان .كما ان كل ما بدر منهم كان مستمدا من الشريعة التي يزعمون بانها الهية .
وهذا الفشل الذي صاحب التجربة السودانية سيكون بمثابة اخر مسمار في نعش الدولة الدينية التي اثبت التاريخ عدم جدواها.
كما انه بمثابة انذار الي الشعوب العربية التي ـ قد ـ تنخدع للشعارات التي يرفعها اتباع الشريعة والدولة الدينية دون ان تتمعنها او تحاكمها عقليا . اضف الي ذلك فانه سيفتح الباب واسعا امام انتشار الحركات والتنظيمات الديمقراطية التي ظلت لفترة بعيدة عن المسرح السياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا