الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس- وحصل الفرز الطبقي

محمد علي الماوي

2012 / 9 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


تونس : وحصل الفرز الطبقي

بعد مرور سنتين تقريبا من اندلاع انتفاضة 17 ديسمبر 2010 وقبيل 23 اكتوبر – تاريخ انتهاء ما يسمى "بالشرعية الانتخابية" نشهد عدة تجاذبات سياسية هدفها الاستعداد للموعد الانتحابي القادم وتظل هذه الصراعات الرجعية في قطيعة تامة مع شعارات الانتفاضة ومع الاحتجاجات الشعبية المتواصلة.
فقد شرع خصوم الترويكا -حركة نداء تونس والجمهوري والمسار في حملة دعائية محورها انتتهاء الشرعية الانتخابية يوم 23 أكتوبر معتمدين في ذلك وثيقة "اعلان المسار الانتقالي" الموقعة من قبل 11 حزبا بما فيهم النهضة بتاريخ 15 سبتمبر 2011 وطرحوا ضرورة تشكيل حكومة "انقاذ وطني" تتكون من كفاءات "وطنية" واعتبروا ان "حكومة المحاصصة الحزبية حكومة فاشلة" ودعوا الى "اقرار توافق بين الاحزاب بخصوص خارطة طريق لفترة ما بعد 23 أكتوبر".
غير ان النهضة متمسكة بجوهر الحكومة الحالية وخاصة بوزارات السيادة لكنها امام الضغوطات قبلت بمبدأ توسيع الائتلاف الحاكم ومهما كانت النتائج المرتقبة فان الاختيارين:توسيع الائتلاف او حكومة انقاذ او كفاءات وطنية لايخرجا عن سياسة الوفاق والتوافق وعن خطة انقاذ الحكومة أو ترميم النظام على حساب شعارات الانتفاضة بل يتعارض هذا الطرح كليا مع شعار "اسقاط النظام" الذي رفعته الجماهير المنتفضة.
فكيف حصل الفرز الطبقي بعد سنتين من الانتفاضة وكيف تبلور التناقض بين البدائل الامبريالية (نهضة-نداء تونس) وبين الطبقات الشعبية التي تواصل نضالها من أجل الارض والحرية والكرامة الوطنية؟
ماذا تخفي "الشرعية التوافقية"؟
عمد منظرو العولمة الى استنباط نظريات تعلن عن انتهاء الاطروحات الماركسية الاساسية المتمثلة في ان الصراع الطبقي قانون موضوعي يحكم كل المجتمعات ويؤدي حتما الى قيام الثورة وإقامة ديكتاتورية البروليتاريا في البلدان الراسمالية والديمقراطية الشعبية المتحولة الى الاشتراكية في أشباه المستعمرات.
واعتمد العملاء مثل هذه التنظيرات لرفع شعار "المصالحة الوطنية" وضرورة امضاء العقود الاجتماعية والمواثيق التي ترفض "التطاحن الطبقي والعنف الثوري ومقولة الصراع الطبقي الخ...ووصل الامر الى وضع شرط رفض منح التـأشيرة للاحزاب التي تعتمد مقولة الصراع الطبقي ونعتها بالاحزاب الارهابية التي تحرض على حرب الطبقات...
ومع وصول الاخوان الى السلطة بعد الانتفاضة عمد هؤلاء الى تحويل وجهة النضال الوطني من خلال تقسيم المجتمع الى "مسلمين وكفار" وتشجيع الصراعات الدينية والمذهبية لطمس الصراع الطبقي وتغطية السياسة اللاوطنية واللاديمقراطية التي تعتمدها حكومة الالتفاف على الانتفاضة.وانجر الاخوان وراء استفزازات المعسكر الامبريالي بخصوص المس من المقدسات وقد تكون العملية مدروسة مسبقا بين المخابرات الامريكية وغيرها وبين التيارات الدينية المخترقة من قبل هذه المخابرات في اطار الحملات الانتخابية وضمن سياسة الفوضى الخلاقة التي تعتمد اساسا على اشاعة الحروب الاهلية مثل ما هو الحال في العراق والصومال...
لقد افتضحت سياسة الاخوان وطبيعة الدولة الدينية والخلافة السادسة كما ستكشف الايام المقبلة اكذوبة التداول السلمي على السلطة التي ينادي بها خصوم النهضة وخاصة نداء تونس (البورقيبية و النوفمبرية)الذي حكم البلاد اكثر من 5عقود باعتماد الحزب الواحد.
والى جانب الاعداء المفضوحين –الترويكا ونداء تونس والمتحالفين معهما فان الجبهة الاصلاحية –المسماة الجبهة الشعبية..- تعمل هي الاخرى على أخذ نصيبها من الكعكة فقد سبق لمكوناتها ان اعترفت بشرعية هذه الحكومة وهي لن تخرج جوهريا عن الحلول المقترحة من قبل نداء تونس او مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل وقد اعلنت مسبقا انها ستدعم "اية حكومة تلتزم باهداف الثورة" وقد تطرح "تشكيل حكومة كفاءات وطنية" في تناغم تام مع "حكومة انقاذ وطني"وهي بذلك تنخرط عمليا في مسار التحول السلمي وتنظر للتداول السلمي على السلطة في اطار النظام العالمي الجديد وتستلهم مواقفها من المنظرين البرجوازيين الذين يدعون ان عصر الايديولوجيات قد انتهى وان الطبقة العاملة بالمفهوم الماركسي لم تعد موجودة وان التكنولوجيا الحديثة غيرت من طبيعة المجتمعات...وبالتالي فانه من الضروري مراجعة كل شيئ والقبول بما تقدمه الرجعية من تنازلات ومن فتات في انتظار تغير موازين القوى.
الشرعية التوافقية في تعارض مع شرعية الانتفاضة.
تدّعي الشرعية الانتخابية (النهضة) والشرعية التوافقية (نداء تونس) والجبهة الاصلاحية التزامها"بتحقيق اهداف الثورة" في حين ان مجرى الصراع الطبقي يكشف يوميا مدى تعارض الاحتجاجات الشعبية مع سياسة الحكومة التي "باعت البلاد والعباد"(التفويت في العديد من المؤسسات114 مؤسسة حسب الاعلام الرسمي-التهاب الاسعار-تفاقم البطالة –ارتفاع نسبة التضخم-تخفيض قيمة الدينار- تفاقم العجز التجاري6,6 بالمائة -ارتفاع نسبة الفقر الى حدود 15.5 بالمائة سنة 2010 حسب معهد الاحصاء و24,7 بالمائة حسب وزارة الشؤون الاجتماعية-التضييق عل تحركات المجتمع المدني وقمع المحتجين مقابل التسامح المشبوه مع السلفية الجهادية...) لذلك ظلت حالة الجماهير على حالها بل شهدت تدهورا ملحوظا مما يفسر تواصل الحراك الاجتماعي في كل الجهات والقطاعات تقريبا.وساهم هذا الحراك في دفع عملية الفرز الطبقي كما دفع الاطراف السياسية الى التشكل في اقطاب تجاوزا للتشتت واستعدادا للانتخابات التي لم يحدد تاريخها بعد.
وازاء محاولات دفن شعارات الانتفاضة من خلال انقاذ الحكومة أو ترميم النظام عبر "توسيع الائتلاف الحكومي او التحوير الوزاري"(مشروع النهضة) او عبر "حكومة انقاذ وطني"( الجمهوري والمسار) او عبر "حكومة كفاءات"(الجبهة الشعبية) يتحتم على القوى الثورية المدافعة عن شعارات الانتفاضة رص الصفوف وايجاد ارضية عمل مشتركة من اجل مواجهة البدائل الامبريالية والانتهازية المتسترة وراء شعار "تحقيق اهداف الثورة او استكمال مهامها".وتطرح مهمة توحيد الثوريين على الشيوعيين الذين تمسكوا بالهوية الشيوعية ولم ينهاروا أو يستسلموا كما فعل بعض المرتدين.
محمد علي الماوي
تونس 20-سبتمبر 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توتر غير مسبوق في العلاقات الروسية الفرنسية على خلفية حرب أو


.. الرئيس الجزائري يجتمع مع قادة الأحزاب قبل أشهر قليلة من الان




.. ما الاستراتيجيات التي تتبعها فصائل المقاومة ضد قوات الاحتلال


.. ما طائرة -أكنجي- التركية التي استعانت بها إيران في حادثة سقو




.. -فلسطين ستعيش للأبد- .. طلاب يابانيون يطالبون بقطع العلاقات