الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوسيولوجيا الجنسانية العربية

إدريس الغزواني

2012 / 9 / 21
ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس


لم أنس قط قولة( لوسيان غولدمان ) التي قرأتها ذات يوم بأن هناك علاقة بين الباحث و موضوعه حتى و لو كانت علاقة كره. كان الذهول ثم الاشمئزاز الذي استشعرته تجاه ذلك الموقف هو الذي حفزني على الاهتمام بموضوع الجنس.لقد سبق في موضع ما لعالم الاجتماع الفرنسي (ميشيل مافيزولي) أن عبر عن تصور مفاده أن الحيوية الاجتماعية تجد تعبيرها العميق و الأصيل في معطيين أساسيين, المعطى الديني و المعطى الجنسي أو كما يحلو ل (شورسك) الألماني تسميته بثقافة المشاعر.إن العنوان أعلاه هو عبارة عن عنوان لكتاب أصدر سنة 2009 للأستاذ عبد الصمد الديالمي المتخصص في علم الاجتماع .إنه يعتبر الجنس بمثابة تابو معرفي بالنسبة للمجتمعات العربية المتخلفة و تابو سياسي للأنظمة العربية الحاكمة كما بالنسبة للحركات النسائية العربية بل حتى للجامعات العربية نفسها .لقد اعتبر الجنس من المواضيع الطابوهات شبه الممنوعة من الدراسة خاصة في المجتمع المغربي الذي يتميز بصمته العلمي و التربوي شبه الكلي على هذا الموضوع .فالمؤلف السابق الذكر يرفع ربما لأول مرة تحدي التصدي للجنسانية العربية المعاصرة من منظور إمبريقي تجريبي. إن موضوع الجنس كما قال الباحث انتقل مفهومه إلى خارج الخطاب في تاريخ الجنس عند العرب بمعنى أن الجنس لم يبق اليوم موضوع خطاب علمي عند العرب بل تحول إلى موضوع مزاج و سخرية في التبادل الكلامي اليومي. هذا الصمت العلمي و هذا الغياب لهذا المفهوم خصوصا في المجتمع المغربي اضطر إلى التعبير عن نفسه في أشكال قولية وسلوكيات مرضية(التحرش.الهذيان.الكبت...) مما يؤدي إلى تضخم البغائية في المجتمع بسبب فقر النساء و فقر العديد من العوائل و كذالك انتشار الجنس قبل الزواج مما يؤدي في اغلب الأحيان إلى جرائم الشرف التي نقرأها اليوم و للآسف في الجرائد.كثيرا ما نسمع بان البغاء أقدم مهنة في التاريخ و أنه لدى الأمم القديمة كان يدخل في مجال المقدس حيث كان النساء يمارسنه في المعابد, و هكذا فان شيوع ظاهرة البغاء من أكبر المؤشرات الملموسة على انهيار القيم الناجم عن تردي الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية,مما يسبب نوع من المعاناة لدى من يمتهن هذه الظاهرة ,تعجز الكلمة المكتوبة عن نقل تلك المعاناة للقارئ ,لأن المسافة بين الشفوي و المكتوب ليست بالهينة ,ولأن الكتابة تحتفظ دائما بمقدار من البعد عن المتلقي, و تخلق علاقة نوعية به عبر رسم الكلمة أمامنا. .من هنا لايجب أن نسقط في تلك التبسيطية المثالية التي تدعي بأن شيوع ظاهرة البغاء من مرتبات تأثر المجتمع المغربي بإباحية الغرب عبر قنوات كثيرة كوسائل الإعلام السمعية البصرية على سبيل, المثال و لكنه نابع من الواقع بل إنه يشكل و يجسد بالملموس حيث أن المغرب كبلد ذو موقع استراتيجي أصبح قبلة لمن يرغب في إشباع غرائزه مقابل المال خاصة الخليجيين منهم إلى حد أن السياحة عندنا أصبحت تنعت بالسياحة الجنسية(مزاغان,مراكش,اكادير...) .علينا أن نناقش هذه الكلمات داخل حقلنا الخاص(علم الاجتماع).إن الاستسلام داخل اللغة و القبول بالرعب الذي يمنعنا بشكل حميمي من النطق بالكلمات التي لا تلاؤم المعايير المهيمنة هو قمع لا يمكن تحمله,هذا يتطلب نوع من الشجاعة التي تعتبر أهم فضيلة اجتماعية نواجه بها كل هذه الأمور خاصة فيما يخص الدفاع عن أفكارنا و عن ممارستها و عن مبادئنا و عن كلماتنا و الإدلاء بما نفكر فيه و بما نرغب فيه و بما نمارسه. :المراجع
عبد الصمد الديالمي, السوسيولوجيا الجنسانية,دار الطليعة,2009
فاطمة الزهراء أزرويل, البغاء أو الجسد المستباح, أفريقيا الشرق, 2001








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش


.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا




.. الاحتلال الإسرائيلي يدمر مستوصف الزيتون بمدينة غزة


.. بحضور نقابي بارز.. وقفة لطلاب ثانوية بباريس نصرة لفلسطين




.. من أذكى في الرياضيات والفيزياء الذكور أم الإناث؟