الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألم يحن تجاوز اشكالية توحد المعارضة

محمود الزعبي

2012 / 9 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


ربما نكون قد استسهلنا المعركة الدائرة مع النظام، واعتقدنا خطأ بإمكانية سقوطه القريب والوشيك، وعلينا الإقرار بأن ذلك هو تقدير غير دقيق، لا بل ساهم في هذا التقدير الخاطئ حالة من الترقب والميوعة تسود الصف العربي.
فالزخم الشعبي السوري الثائر على النظام ظل على الدوام وعلى امتداد شهور كاملة من الزمن يتسابق مع ضجيج إعلامي عربي لم يجد ترجمته ببلورة دعم لوجستي فعلي في داخل سوريا وعلى أرض المعركة. فالنظام السوري استطاع إحاطة نفسه وتسوير سوريا بالعديد من دول الجوار التي، إما تقدم، الدعم والعون له وتتواطأ معه في مواجهة الثورة، أو تكتفي بالزعاق الإعلامي انسجاماً مع مصالحها الإقليمية والدولية.
ولعله لا يحتاج إلى تأكيد، قول إن المعارضة السورية بكل جماعاتها وتكويناتها، تستحق النقد أيضا من زوايا مختلفة، سواء بسبب خلفياتها الفكرية والسياسية، أو نتيجة تكويناتها التنظيمية وعلاقاتها، أو بسبب سياساتها ومواقفها، وربما للأسباب السابقة جميعها مضافا إليها أسباب وحيثيات أخرى.
لكن نقد المعارضة لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار رحلتها الطويلة في ظل أنظمة الاستبداد التي شهدتها سوريا منذ عقود، والتي جعلت العمل السياسي أشبه بعمل إنتحاري؛ ليس فقط بسبب حظر الجماعات السياسية وملاحقتها وهو أمر كان سائدا طوال العقود الماضية، بل أيضا نتيجة قيام السلطات بتدمير الفكر السياسي، وتهميش ما بقي قائما منه، ومحاربة الشخصيات السياسية، في حين كانت السلطات ترى أن إدارة البلاد تتم بواسطة القبضة الأمنية مع استعمال سياسة الترهيب والترغيب في بعض الأحيان، حيث يجبر الناس على الطاعة بالقوة أو بالرشوة التي يمكن أن يقدمها النظام .
لقد تركت الظروف الاستثنائية بصماتها الثقيلة على المعارضة بأحزابها وتكويناتها، وأضافت إلى المشاكل الآيديولوجية والسياسية والتنظيمية أعباء أخرى، ولم تستطع التضحيات والجهود التي بذلها الشارع السوري في مواجهة الاستبداد والقمع الأمني، لدفع المعارضة لإحداث أي تغييرات مهمة في المستويات الداخلية أو الشعبية أو على المستوى الوطني العام، وجل ما تم فعله، أن استطاعت المعارضة الإبقاء على وجود ضعيف لها داخل البلاد، فيما بقي للبعض منها في الخارج وجود رمزي ليس أكثر ولتحقيق النهضة المرجوة و التقدم المنشود يلزم توفر كوادر وكفاءات مؤهلة تتحلى بالقدرات العالية و الرغبة بالعمل و المشاركة، والواقع أن المعارضة السورية تتوفر على أفراد لديهم القدرة الإمكانية والإرادة للبدء بما يلزم وفقا لمبدأ التراكم الاجتماعي والنضوج الذاتي، إلا أن الأعداد اللازمة للقيام بعمل فعال ومؤثر ما زالت غير متوفرة وتحتاج لمزيد من الدعم والوقت للوصول إلى المستوى القادر على الاضطلاع بمهام التحول المستقبلي.
وإذا أردنا الإنصاف فإننا لا نستطيع تجاوز حقيقة أن المعارضة السورية الوطنية الداخلية رائدة في العمل التطوعي، يقدم أفراها جهودهم وأوقاتهم بدون مقابل معرضين حرياتهم الشخصية ومصادر رزقهم للخطر دون وجود دلائل تبعث على الأمل أو تبشر بالخير، ومع ذلك فإن استمرار بذل الجهود الطيبة والإمكانات المتواضعة المتاحة يعد أمر حيويا لابد أن يعطي ثماره يوما ما خاصة أذا استدركنا مكامن الخل و النقص
.
غير أن تطورات الأحداث في الأشهر الماضية، تركت آثارها القوية، ليس على المعارضة فحسب. إنما على الحياة السياسية الوطنية بشكل عام، فاستعادت أحزاب معارضة حضورها، وتم تأسيس تكتلات جديدة في الداخل والخارج، ونشطت شخصيات في العمل العام للمرة الأولى ولا سيما في الخارج، فيما كان الحراك الشعبي يخلق أطرا عملية وسياسية، ويطور نشاطاته، ويدفع بشخصيات لجعلها واجهة سياسية له، وكله جرى في سياق حركة أعادت السياسة للمجتمع والأخير للسياسة، وهو ما لم تشهده البلاد على هذا المستوى من قبل
لقد بدا من الطبيعي مع بداية الثورة، أن يظهر الارتباك على السوريين في النظام والمعارضة داخل البلاد وخارجها، بل وعلى الحراك الشعبي ذاته، لأن الجميع فوجئ ليس بما حدث فقط، بل بحجمه ومحتوياته وبقدرته الهائلة على الاستمرار رغم كل الظروف. وبدا من الطبيعي، أن يسعى كل طرف لإقامة توافقاته مع الأوضاع المستجدة، وفي الوقت الذي كان على المعارضة القيام بمثل تلك الخطوات عبر تغييرات جوهرية، تشمل خلفياتها الفكرية والسياسية، وتكويناتها التنظيمية وعلاقاتها، وسياساتها ومواقفها لتتوافق مع ثورة السوريين، فقد بدا أن ما تم القيام به أقل من المطلوب بكثير، والأهم فيه تمثل في نقطتين؛ الأولى مشاركة محدودة لأجزاء وشخصيات من تلك الجماعات في الحراك الشعبي، وهو سلوك لم يكن متوافقا مع مواقف قيادات تلك الأحزاب في غالب الأحيان. والنقطة الثانية، بناء تحالفات هدفها تعزيز مكانة الجماعات والأحزاب في الحراك السوري العام،.
وإذ عززت المجريات السياسية العامة في سوريا مطالبات الحراك الشعبي وإلحاحه على ضرورة مضي المعارضة في القيام بدورها في قيادة الحراك الشعبي وتمثيله من الناحيتين السياسية والعملية، فقد عجزت عن تحقيق ذلك، ليس فقط بفشلها في تحقيق «وحدة» أو «تقارب سياسي» وبرنامجي، وارتكبت أخطاء كبيرة، إذ سجلت المعارضة غيابا غير مفسر ولا مبرر في مواكبة الحراك وطروحاته،وإنما اكتفت بترداد شعارات ومطالب المظاهرات دون أن يرسم لها إطارات تنفيذية تعطيها قوة وزخما،.
إن الواقع الحالي لكتل المعارضة يكشف مشكلتها ومأزقها في التعاطي مع الحياة السورية ومع الثورة بصورة خاصة، وهذا يعني أن الوضع أمام واحد من احتمالين؛ الأول يتطلب قيام المعارضة أو جزء فاعل منها بإجراء تغييرات جوهرية في بناه وسلوكياته السياسية من شأنها إحداث نقلة جوهرية في مكانة وسياسة وتأثير المعارضة في الحياة السورية، وثاني الاحتمالين أساسه الفشل في حدوث هكذا تحول، مما يفرض بصورة بديهية التوجه نحو إنشاء تيار جديد للمعارضة وفق أسس جديدة، تقوم على احتياجات الحياة السورية وشروطها الراهنة والمستقبلية، وهذا هو الأرجح في احتمال تجاوز مشكلة المعارضة السورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف