الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربيع بعد صيف

صباح مطر

2012 / 9 / 22
مواضيع وابحاث سياسية



في ترتيب الفصول يأتي الربيع بعد الشتاء فينعش الأجواء ويكسو الأرض ألواناً بهيجة نظرة ، هو فصل يرق فيه النسيم وتفيض الأنهار وتزهو الحياة بعد انكماشها اتقاء غائلة البرد وصبارة موجاته القاسية . و كما يبدو إستناداً على ما جرى فان للعرب فصولاً هي غير فصول الناس ، إذ أتى ربيعهم بعد صيف قائض ألهب الأجواء ، جف له الهواء ، غارت المياه ، يبس نبات الأرض عطشاً فغدا غثاءً تعبث به الريح ، توقف النماء فلا زرع ولا ضرع ، استحالت الربوع بلقعاً تستوطنه الوحشة ويباباً يجثم على تخومه ليل عسعس بهيم . ربيع أتى على بقية شجيرات مورقة ليميتها وعلى ثمة قطرات غيث تديم نسغ الحياة وتبل ريق الزمن الموبوء بحمى الأفكار القادمة من بؤر التاريخ العفنة ، بلا أتى على الغيث فلا غيث ولا طل ولا قطر .... لا شيء سوى ريح هوجاء داكنة تدفع أمامها غربانا تنعق ممهدة لخراب البلدان والخروج عن دائرة الزمن السائر صوب الأمل وصناعة الحياة التي تنشدها أمم الأرض وشعوبها الطامحة إلى غد أفضل . هي عودة إلى قمامة التاريخ وخوض في لجج ظلماته ومعاكسة تياره الجارف ، عودة إلى أقبية الجهل ودهاليز التخلف وإلغاء العقل الجمعي لصالح النافخين في أبواق الشعارات والناطقين باسم الله والقائمين على دينه ، المخصوصون بفيضه ولطفه ، الحاكمون باسمه تحت ظلال قصورهم المنيفة انطلاقا مما تمليه عليهم مناصبهم الرفيعة وما جادت به و أغدقته ديمقراطية الترشيح والانتخاب القائمة على آليات بلا مفاهيم و لا وعي انتخابي ولا ثقافة ديمقراطية لتنتهي بذلك حقبة القومية وشعاراتها وسياط جلاديها وانقلابات قادتها ودكتاتورياتهم البغيضة ، حقبة قضمت عقودا من أعمار الشعوب ، انتهت لتنهض على أطلالها حقبة الطائفية المتسربلة بلبوس السلفية والتدين القشري ليعتلي أساطينها سدد الحكم بلحاهم الكثة وجباههم الموشومة بالسواد من أثر السجود وبضمائرهم التي لا يحركها هول معانات شعوبهم وواقع بلدانهم المزري لكنها تنتفض لأجل ( السلف الصالح ) والتابعين لهم والوقوف أمام كل من يحاول الخروج على نهجهم لينعم بعيش آمن بلا ضغينة لأحد ولا تدخل بشأن آخرين ولا إلحاق الأذى بفرد أو جماعة و لا مساس بحريات الغير . لا أدري أي سلف صالح يرضى بأن لا يعتصم الناس بحبل الله ويوصي بقتلهم على الهوية ويدعو إلى تكفير أصحاب الرأي المخالف ، أي سلف صالح يرضى بأن تسرق ثورات الشعوب وتضحياتها تحت يافطة الدين والطائفة ليتسنم ولاة الأمر من المؤمنين أعلى المناصب فيضيقوا على حريات الناس و يخضمون مال الله خضم الإبل نبتة الربيع ، نعم كأنه ربيعهم القادم بعد صيف. فمثلما تظلم الشعوب ظلمت الفصول وسرق اسم الربيع ليطلق على حقبة يأباها الزمن الحر وترفضها كل شهور السنة وأيامها وليس فصولها فحسب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في جباليا ورفح بينما ينسحب من


.. نتنياهو: القضاء على حماس ضروري لصعود حكم فلسطيني بديل




.. الفلسطينيون يحيون ذكرى النكبة بمسيرات حاشدة في المدن الفلسطي


.. شبكات | بالفيديو.. تكتيكات القسام الجديدة في العمليات المركب




.. شبكات | جزائري يحتجز جاره لـ 28 عاما في زريبة أغنام ويثير صد