الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرعاية المجتمعية للأمهات

عائشة خليل

2012 / 9 / 23
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


يضع المجتمع على عاتق الأمهات مهمة تربية الأجيال المستقبلية، وهي المهمة التي تقبلها الأمهات على مضض مرات، وبترحاب مرات، ولكنهن على أي الأحوال تسخرن لها كل إمكانياتهن، وأحلى سنوات عمرهن. ولنا أن نقرر أن المجتمع هو المستفيد الأكبر من تلك الخدمات التي تقدمها الأمهات، فهي تربي الأجيال القادمة من المدراء، والموظفين، والعمال للقطاع الإنتاجي بالدورة الاقتصادية التالية للاقتصاد الرأسمالي. وبما أن النساء هن المسؤولات عن تربية وتهذيب وتعليم أبناء الجيل القادم - وما يعنيه ذلك من عمل دؤوب ومستمر على مدار سنوات - فإن من حقهن علينا أن ننظر فيما يقدمه المجتمع لمساندة الخدمات التي تضطلع بها الأمهات، ولكننا وللأسف لن نجد أي دعم. وبما أننا في مرحلة إعداد عقد اجتماعي جديد فيما بعد الربيع العربي، فيجب علينا أن ننظر ليس في الإمكانيات والمتاحات، ولكن علينا أن نضعط للحصول على حقوق الرعاية المجتمعية للأمهات، وغيرهن ممن يقمن بخدمات الرعاية لكبار السن، والمرضى وهي المهام التي يقع عاتقها بالكامل على النساء.
أولا - رعاية الأب للطفل حديث الولادة. وذلك بأن تسن الدولة القوانين التي تمنح للأب إجازة مدفوعة الأجر يقوم فيها برعاية طفله الوليد. فيتعلم الأب الارتباط بالطفل وهو في المهد، وتنمو لديه مهارات الشعور باحتياجات الطفل وهو بعد رضيع، ويتدرب على تلبية تلك الاحتياجات. ولقد قرأنا بانبهار ا كيف قام رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير - ومن بعده ديفيد كاميرون - بإجازة أبوية لرعاية طفله حديث الولادة، ولم يقل حينها أن لديه من المهام ما يشغله عن القيام بمهام رعاية مولوده. وإنما اضطلع بمسؤولياته كأب قبل مسؤوليته كرئيس لوزراء لبريطانيا العظمى.
ثانيًا - دور الرعاية النهارية للأطفال، والتي تقدم خدماتها في أماكن عمل النساء، أو في المناطق السكنية المختلفة. بحيث يقضى الأطفال النهار تحت رعاية متخصصة بينما تتفرغ النساء لشؤونهن: من عمل مدفوع الأجر، إذا كن يعملن؛ أو أعمال منزلية، إذا كن من ربات البيوت؛ أو لمجرد التفرغ من المسؤوليات والاعتناء بشؤونهن الخاصة مثل ممارسة الرياضة، أو القراءة، أو ما قد يرغبن في تمضية وقتهن فيه.
ثالثًا - دفع أجور للأمهات وغيرهن ممن يقمن بمهام الرعاية تماثل نصف أجور النساء العاملات، بحيث تدفع الأجور لهن شخصيًا. وذلك حتى يتمكن من استحواذ بعض المال الذي ينفقنه - أو لا ينفقنه - على شؤونهن الخاصة، وبدون الحاجة للرجوع إلى الأزواج عند الرغبة في شراء أقل شيء. ونعلم أن هنا قوانين تمنح المرأة إجازة رعاية بدون أجر مدتها ٦ سنوات على مدار حياتها العملية. ولكن السؤال هو: ولماذا تكون الإجازة غير مدفوعة الأجر؟ لماذا يكون على النساء تحمل تبعات تربية وتنشئة الجيل القادم؟
رابعًا - تقديم الخدمات المجتمعية عن طريق منظمات المجتمع المدني بحيث تنظم بعض الرحلات للأطفال في عطلة نهاية الأسبوع، مما يمكن الأمهات من الاسترخاء لساعات معدودات أثناء عطلة نهاية الأسبوع. وخاصة إذا كانت الأم ترعى أطفال معاقين، بحيث يؤثر اهتمامها المفرط بهم على رعايتها لأطفالها الآخرين. فالأم التي ترعى طفلا معاقًا تعاني حالة من الإرهاق والإجهاد المستمرين، مما يضعف أداءها مع أطفالها الآخرين. ناهيك عن إجهادها المستمر الذي يؤثر على صحتها ونفسيتها على المدى الطويل، والذي ينعكس بالسلب عليها وعلى أسرتها.
تنشئة ورعاية الجيل القادم هو مسؤولية مجتمعية شاملة، يجب أن يضطلع بها المجتمع بأكمله، فيكون أقل ما نقدمه للأمهات - أو النساء اللواتي يقمن بخدمات الرعاية للمسنين، والمرضى، والمعاقين - هو الدعم المادي والمعنوي. فكما تفهم الجيل السابق ما قاله شاعر النيل حافظ إبراهيم: الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق. فعلينا أن نتفهم أن إعداد الأم (أي تهيئتها وتجهيزها) لا يقتصر على تربيتها وتهذيبها، وإنما هو إعداد مستمر يأتى بالمساندة الإيجابية من قِبَل المجتمع في كل الجوانب التي تشمل رفاهيتها العقلية، والنفسية، والجسدية، ذلك إذا كنا نبغي مجتمعا ناضجًا وأجيالا مؤهلة أحسن تأهيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأستاذة عائشة خليل المحترمة
ليندا كبرييل ( 2012 / 9 / 24 - 15:42 )
أشاركك هذا الحلم الجميل ومعك ومع رفيقاتك بقوة
ولكن الأمر يحتاج إلى أن تتغير ثقافة مجتمعنا وينظر الرجل إلى دوره المشارك في عملية التربية بجدية وأنا أشك أن يحصل هذا
أعتقد من خلال عملي التطوعي ( في مجتمع أجنبي) لسنوات عديدة في دور رعاية المعاقين ، والمشاركة في رعاية المسنين أيضاً أنها خطوة قابلة للتحقيق في مجتمعنا، وهو حلم راودني وأنا أتعلم من خبرات الأجانب أن أطبق بعض جوانبه في مجتمعنا ، كذلك دور رعاية الأطفال النهارية
تنقصنا ثقافة العمل الجماعي ، نأخذ الأفكار من ذنبها ونحاول تطبيقها في مجتمعنا، لذلك ما رأيت من خطوات رائدة في بلدي في مجال دور رعاية الأطفال كانت مقتصرة على خدمة أبناء الطبقة المرفهة من الشعب والمتمكنة مادياً إلى حد كبير
هذه أول خطوة كنت أتمنى تحقيقها لكافة أبناء الشعب والفقير قبل الغني ، لكن .. العين بصيرة ، واليد قصيرة والزيارات أيضاً قصيرة وآمل أن يتحقق الأمر على يد الخامات الواعية المثقفة من أبنائنا وبناتنا وبدعم وإسهام مادي ومعنوي مخلص منا
حلم ليته يتحقق
مع التحية والسلام

اخر الافلام

.. الهرب من الزواج.. ينتشر بقوة.. وقد يستدعي تدخل طبيب!


.. 16 امرأة يتهمن الساحر الشهير ديفيد كوبرفيلد باعتداءات جنسية




.. لا تشكو المهر وغلاء الأسعار قد تكون مصابا بفوبيا الزواج | #ا


.. مصر.. سائق يحاول اغتصاب فتاة في القاهرة • فرانس 24 / FRANCE




.. يارا لابيدوس: قصّة امرأة عبّرت الموسيقى عن حنينها وعن جذورها