الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل حقا ثمة ما يخيف في قانون البنى التحتية ؟

لؤي الخليفة

2012 / 9 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


في زمن مضى ومضى معه رجاله , قام رئيس الوزراء السابق نوري السعيد بتأجير احدى الجزر الواقعة في شط العرب الى ايران , واعتقد انها كانت جزيرة ام الرصاص اذ ان كلا البلدين يوم ذاك كانا يدعيان عائديتها ... فأثار هذا الموضوع حفيظة واستنكار اعضاء مجلس النواب (( الامة )) والذين سرعان ما ارسلوا طلبا لاستجوابه , وفعلا جاء السعيد ومثل امام البرلمانيين الذين استشاط بهم الغضب واجاب حينما سؤل عن الاسباب التي دعته الى التأجير ... يجب ان يعلم الجميع ان السياسة هي فن الممكن وعلم من علوم المعرفة وباستطاعة من يعرف تفاصيلها ان يخطوا نحو الجادة السوية ويصون مصالح الوطن وسيادته ولا يفرط بحقوق ابنائه واجياله القادمة ... السياسة ليست كالتجارة بيع وشراء , ثم سأل البرلمانيين ... من له الحق في تأجير بيته او مزرعته او دكانه ؟ , فأجبوا المالك طبعا , فقال لذا قمت بالتأجير لاثبت ملكية العراق للجزيرة ذلك ان المؤجر لا يمكن ان يكون مالكا وهذه الوثيقة ستبقى على مدى التاريخ شاهدا على عائدية الجزيرة وستلوح بها الاجيال القادمة امام المحافل الدولية عند الضرورة ... فجوبه رد السعيد باستحسان الجميع ذلك ان الوطن والمواطن كان همهم المشترك .
تذكرت هذه الحادثة وانا اقرأ واستمع الى تصريحات بعض الساسة والبرلمانيين ممن اعلنوا رفضهم المسبق لقانون البنى التحتية الذي قدمه رئيس الوزراء نوري المالكي الى البرلمان قبل ايام والتبريرات التي ساقوها والتي يشير بعضها الى ان قسما من الرافضين لم يطلع على القانون او انه خارج اختصاصه , فيما كان رفض البعض الاخر بعيدا عن الموضوعية ولاسباب لم تعد خافية على احد وان سعوا الى تغليفه بالخوف من الفساد الذي سيرافق عمليات التنفيذ او رهن عائدات النفط لسنين طوال الى الشركات المنفذة ...
من المفيد ان اشير هنا , وهو ليس بخاف على احد , الى ان العديد من الدول التي قطعت شوطا بعيدا في التطور العمراني والخدماتي سبق وان اعتمدت هذا الاسلوب ,اي الدفع بالاجل ومنها على سبيل المثال دولة الامارات العربية المتحدة التي حولت صحاريها الجرداء والقاحلة الى حدائق غناء وشهدت مدنها مبان حديثة وفخمة ناهيك استقدام التكنولوجيا الحديثة لتغطي شتى مرافق الدولة اضافة الى الموانئ والمطارات الحديثة والتي تستقبل ملايين السواح سنويا ... ومن باب الاشارة ايضا اقول و قبل عشرات السنين كنت التقيت مصادفة رئيس غرفة التجارة والصناعة الاماراتي وكان اسمه ان لم تخني الذاكرة (( النابوذه )) واجابني حين سألته عما يفعلونه لبناء بلدهم , وكان معجبا بالتجربة العراقية حينها , اجابني , نحن ننظر اليكم والى تجربتكم وما تفعلونه في العراق لنقلده ... ولكم ان تقارنوا الان بين بلدينا .
كما ان دولة كالهند التي تملك واحدا من اهم اقتصاديات العالم لم تجد بأسا من الاستعانة بأحدى الشركات اليابانية لتنفيذ مترو عاصمتها المترامية الاطراف وذات الكثافة السكانية العالية , وفعلا امتدت شبكة خطوط المترو في شتى ارجائها وبعربات حديثة جدا مقابل حصول الشركة المنفذة على الايرادات لعشر سنوات فقط علما ان اجور النقل والمواصلات في هذا البلد هي الارخص في العالم ... ثم هناك تجارب عديدة اخرى في هذا المضمار كما يحدث الان في دول الشرق الاوربي والدول التي انسلخت عن الاتحاد السوفيتي , كما ان كوريا الجنوببة ما وصلت الى ما وصلت اليه دون اللجوء الى هذه الطريقة ايضا ... اذ ليس ثمة من يعقل ان سياسيي هذه البلدان هم مجموعة من الجهلة والحمقى حين وافقوا على المضي في هذه المشاريع .
ان مبررات الخوف لدى ساستنا وان كان يعضها صحيحا الا انها يجب الا تقف بالضد من اي مشروع هدفه خدمة البلد وتوفير فرص العمل لشبابه العاطل , فمعالجة الخلل دون شك اجدى من التعطيل , كما ان الادعاء بأن هذه المشاريع ستجعل عائدات نفطنا رهينة للشركات الاجنبية عذر ليس في محله اذ لا يوجد ثمة من يعمل او يقدم خدمة دون مقابل والجميع يعلم ان العائدات هذه ذاهبة لا محالة الى عمليات البناء والاعمار وغيرهما ... كما ان الخوف من الفساد الذي سيرافق عمليات الاحالة والتنفيذ , فالاولى بأولئك ان يعالجوا الفساد الحالي الذي يفتك بكل مرافق الدولة ومؤسساتها حتى صار من النادر ان تجد موظفا او سياسيا غير مرتش ويعمل للصالح العام ... فأستغلوا وجودكم في مناصبكم لتقدموا خدمة لهذا البلد الجريح , واستغلوا طاقات ابنائه وامكانياتهم وعائدات النفط الهائلة لبناء عراق قوي مزدهر واتركوا خلافاتكم ومصالحكم الشخصية التي انعكست سلبا على البلاد وامنه وسيادته وبدلا من الرفض المسبق حاولوا مناقشة القانون واغنائه بمقترحاتكم وصولا للصيغة المثلى التي تخدم العراق وشعبه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها