الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدن لا يراد لها أن تكون خارج أسوار السجون،الناصرية نموذجاَ

فهد ناصر

2005 / 2 / 28
أوراق كتبت في وعن السجن


عندما انهارت ملامح ومؤسسات وعلائم الدولة العراقية بفعل الدبابات والصواريخ الامريكية، انهار معها واحد من اكثر الانظمة الدموية المتوحشة في العالم المعاصر وبأنهيار نظام البعث القومي الشوفيني وصدام حسين،فأن سجن كبير كان يضم بلد بكامله قد انهار أيضاَ،سجون كبيرة وصغيرة،مركزية او فرعية_ كما يحلو للمتخصصين بعلم السجون في العراق أن يسموها_،كلها قد انهارت ودمرت وأزيلت من الوجود بفعل أرادة وسخط الابرياء والمقموعين او من عاشوا مرارة التعذيب والانتهاكات والاذلال السافر في غياهبها وزنازينها الموحشة،هدمت كرمز للاستبداد والقمع ومصادرة الحرية الانسانية وبعد ان كانت رمزا ووسيلة للطغيان وممارسة القهر بيد النظام البعثي الاجرامي وأجهزته القمعية ضد كل محتج او رافض لسلطة القهر والاذلال البعثي وضد كل من يجبره صراخ أطفاله الجياع او عوزه ومرضه لان يطالب بما يبعد عن أطفاله شبح الجوع او شبح مرض قد لايكون مميتا لو حصلوا على دواء ما.
الناصرية مدينة كان يراد لها ان تكون سجن مرعب وموحش في ظل حكم البعث وأمنه ومخابراته وشرطته ..... حتى أذا أردنا ان نحصي سجونها ومعتقلاتها ومراكز التوقيف فيها،السرية والعلنية،فلربما أصابع اليدين لوحدهما لاتكفي.اليوم وبعد سنين وعقود من القمع والارهاب وحملات الاعدام والحروب القذرة التي طالت الالاف من أبناء هذه المدينة،وسنين وعقود من الاهمال والخراب الذي احال المدينة الى مدينة من خرائب وانقاض،فأن جيوش او أدارات التحرير أعلنت انها ستبني أكبر سجن مركزي في العراق وفي الناصرية تحديدا وبكلفة 100 مليون دولار إإإإإ لماذا؟ إإإإإحتى يكون قادرا على أستيعاب السجناء من المحافظات الجنوبية إإإإإ أو لان سكان هذه المدن قد قاموا بهدم السجون والمعتقلات ومراكز التوقيف،فزمن الحرية او هكذا توهموا أو أوهموا سيكون بلا سجون او معتقلات وزنازين أنفرادية أو قاعات تعذيب وميادين للاعدام،او كأن أحتياجات الفقراء والمسحوقين قد تم تلبيتها حتى يتم التفكير ببناء سجون تكون قادرة على أستيعاب الجناة والمجرمين منهم او ربما بعد حين الساعين الى تقويض السلامة الوطنية وأمن البلاد....

عندما كان(أبو غريب) رمز للوحشية والقمع والاذلال فأن صدام حسين وأجهزته القمعية وحزبه الفاشي قد تفتقت قرائحهم جميعا ووجدوا ان هذا السجن مكان ضيق جدا إإإ وغير قادر على أستيعاب مزيدأ او أفواج من السجناء،من الجناة والمجرمين او ممن يهددون سلامة وامن البلاد ومكاسب الثورة ومنجزاتها وعملاء الاجنبي إإإإفكان ان أقترحوا ان يتم بناء سجن آخر يكون قادر على أستيعاب أكثر من 500 الف سجين وقد تمت المباشرة ببناء (الحوت) او (الحوته) كما كان يحلوا لهم أيضا ان يسموه وفي منطقة التاجي تحديدا. أسموه الحوته حتى لا يكون قادرا على أستيعاب مزيد من السجناء فقط،بل وعلى أبتلاعهم أيضا وربما الى الابد.

بعد كل هذا الخراب والدمار فأن الناصرية مدينة لايراد لها ان تكون خارج أسوار السجون او لايراد لها ان تكون بعيدة عنها كرمز للقهر والاستبداد وأذلال كرامة الانسان حتى تكرم ببناء سجن مركزي فيها او اكبر سجن في العراق.
100 مليون دولار من أجل بناء سجن فقط ،الا تكفي هذه الـ 100 مليون دولار لبناء مجمع او عدة مجمعات سكنية تأوي عشرات وربما مئات او الاف العوائل التي وجدت نفسها بصغارها وكبارها وبعد التحرير وسقوط نظام الاجرام البعثي مشردة وتبحث عن مأوى لها في دوائر الدولة او في معسكرات الجيش او دوائر الامن والمخابرات وكأنها ليست بقادرة على ان تكون بعيدا عن هذه الامكنة ووحشيتها ومرارة ذكرياتهاإإإ الا تكفي هذه الملايين لبناء مدارس وقاعات رياضية ورياض أطفال ومراكز طبية او ترميم بهو البلدية كمعلم من معالم هذه المدينة الذي دمر بعد ان تحصن به صناديد جيش المهدي في أحدى معاركهم الدونكيشوتية او أزالة النفايات من الشوارع واعادة شيء ما اختفى من شوارع المدينة أسمه التبليط واصبح حسرة في قلوب سكانها وانقاذهم من شبح الطين والحفر والمستنقعات المائية إإإ الا تكفي هذه الملايين ايضا لان تغير ملامح مدينة عانت من الخراب والتدمير المتواصل طيلة عقود كالناصرية او غيرها من مدن العراق الاخرى ام ان السجون أهم من ان يعيش الانسان امنا مستقرا في بيت يأويه وأطفاله ام ان على المسحوقين او المحرومين من كل حق ان ينتضروا حرب تحرير اخرى ليهدموا مرة اخرى رموز قمعهم وانتهاك كرامتهم؟ انها أسئلة لاغير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن طالبت السلطة الفلسطينية بالعدول عن الانضمام للأمم الم


.. أزمة مياه الشرب تفاقم معاناة النازحين في ولاية القضارف شرقي




.. عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تطالب بوقف العمليات في رفح


.. غسان أبو ستة للحرة: ألمانيا جندت نفسها لحماية نتانياهو وشهاد




.. معاناة النازحين في رفح تزداد مع انعدام الظروف الصحية وتهديد