الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا وراء الخوصصة؟ و ماذا بعد الخوصصة في الجزائر؟

عاشور سرقمة

2005 / 2 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


لم تفصلنا سوى أيام قلائل على الخطاب التاريخي الذي ألقاه الرئيس الجزائري السيد عبد العزيز بوتفليقة بدار الشعب أمام حشد كبير من العمال وممثلي العمال من أعضاء النقابية المركزية للاتحاد العام للعمال الجزائريين بمناسبة ذكرى تأميم المحروقات وتأسيس الإتحاد العام للعمال الجزائريين ، بدأ الخطاب بشكل عفوي وعادي حيث رحب الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين عبد الحفيظ سيدي سعيد بالرئيس والذي أشار إلى أنه ما دام بين العمال في ذاك الجمع وهو مجاهد فإنه يشعر بالاطمئنان ، بدأ الرئيس خطابه الذي كانت الجماهير الغفيرة تقف مصفقة له بين الفينة والأخرى ، استطاع الرئيس فعلا أن يلهب عواطف الجماهير الحاضرة ليتدرج في حواره ، حتى يهيء الأجواء لقذف كلمته عن الخوصصة ، خوصصة ماذا؟ ... سوناطراك... هذا الثدي الذي ليس للجزائريين مورد آخر دونه، حتى يحيوا حياة هنيئة رغدة ، وتاهوا يبحثون عن طرق أخرى لمحاولة التخفيف من حجم هذه الصادرات التي بلغت حوالي 97بالمائة فقط من النفط وحده ، في حين يوجد
قطاع آخر يمكن استثماره ، وهو الزراعة وخاصة في الجنوب ، فقد تخلى الكثير من المستثمرين عن هذا القطاع ورأوا بأنهم يرمون أموالهم في البحر ، تركوا هذا القطاع أمام ارتفاع فواتير الكهرباء ، رغم أنهم تلقوا وعود مستمرة للنظر في مسألة تخفيض تسعيرتها ، تصوروا أن هذه المؤسسة سوناطراك خوصصت في وقت من الضروري فيه أن لا تخوصص بعض القطاعات مثل المؤسسات التعليمية والجامعية وكذا المستشفيات ، لأن "القليل" - كما يحب الجزائريون أن يطلقوا على المحتاج - في أمس الحاجة إلى هذه المصادر الحيوية في حياته اليومية العادية ، فنلاحظ ظهور الخوصصة تدريجيا كالسرطان الذي ينهش الجسم من الداخل حتى إذا قوي واستفحل ظهرت أعراضه على الجسم وحينها يكون فات الأوان ، فنذكر أن المدارس الحرة وخاصة التعليمية ظهرت منها بعض النماذج في العاصمة مثلا ، والبعض منها تدرس كل المواد باللغة الفرنسية ؛ وروى لي أحد زملائي أن سيدة حبست إبنها فلا هي أطعمته ولا هي تركته يأكل مما جادت به أيدي إخوته أو أصدقائه أو أقربائه لأنه أجرم - في نظرها - وتكلم بالعامية وليس حتى باللغة العربية الفصيحة ؛ أما وضعية المستشفيات العمومية فحدث عن الكوارث ولا حرج من الأوضاع السيئة التي وصلت إليها فإنك تموت في انتظار من يحنو عليك ويقربك من تلك الأيدي الطيبة الحنونة أيدي الطبيب ، وسيسهل عليك الأمر كثيرا وتختصر المسافات إذا اتخذت وزيرا من أهلك أو معارفك . بالمقابل تنتشر بالمدن الجزائرية الكبرى خاصة المستشفيات الخاصة التي تحتوي على آخر المعدات التكنولوجية والتي تدخل إليها مريضا فتخرج منها تجري وكأنه لم يمسسك مرض قط ، ولكن أنى للمسكين والفقير واليتيم و " الزوالي " و " القليل " من نصيب في هذه البنايات الفخمة التي يجد نفسه أحيانا مدفوعا إليها دفعا ، وقد يكون ذلك من طرف طبيب يعمل في المستشفى العمومي الذي يحيله على عيادته الخاصة لإجراء عملية جراحية أو تحاليل طبية أو غيرها ، فما على المسكين إلا أن يسدد الفواتير ويفوض بعدها أمره لله ، فالمسألة مسألة حياة أو موت .
صفق الحضور على خطاب الرئيس الذي دام حوالي ثلاثة ساعات ونصف وانصرفوا بعدها لينصرف سعادته إلى أرض الأندلس الضائعة منا كما ضاعت الكثير من الأشياء الجميلة في عالمنا العربي والإسلامي وهذا البلد الجزائر.
فنحن في الجزائر وللأسف نبكي على ضياع الطبقة المتوسطة في المجتمع ، والتي كنا نفتخر بها ، لتصبح طبقة في العلو تعيش في نعيم وترف وأخرى تعيش على لقم المزابل ومد الأيدي الذي تفنن فيه البعض حتى كاد أن يوقظ موهبة الشعر بداخله ، ربما لنصبح بلد المليون ونصف المليون شاعر .زماننا القادم ينص على ما يلي : " اللي عندو الدراهم إيعيش لاباس ؛ عليه واللي ماعنوش إيدبر راسو ".
فماذا وراء الخوصصة ؟ و ماذا بعد الخوصصة؟
هل وعيتم هذا الكلام إذن سلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكبتاغون والكوكايين: سوريا -تهدد- الخليج وأمريكا اللاتينية


.. جانتي شعبان.. لقاء حصري لا يخلو من الطرافة والمعلومات المهمة




.. روسيا تعرض غنائم الحرب الغربية من أوكرانيا تزامنا مع احتفالا


.. غزة.. هل تستطيع إسرائيل الاستمرار في الحرب دون الأسلحة الأمر




.. احتجاجات في مالمو السويدية على مشاركة إسرائيل في مسابقة (يور