الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإصطفاف الجديد للقوى الوطنية والديمقراطية العراقية

صادق إطيمش

2012 / 9 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


الإصطفاف الجديد للقوى الوطنية والديمقراطية العراقية
المهمة الآنية التي ينتظرها الوطن
أصدر المكتب التنفيذي للتيار الديمقراطي العراقي بياناً هاماً في الثامن من شهر أيلول الجاري تناول فيه المهمة الآنية المطروحة على القوى العراقية المؤمنة حقاً بالديمقراطية ، منادياً باستجابتها لما تتطلبه المرحلة المأساوية التي يمر بها وطننا اليوم والتي لا يمكن تجاوزها إلا بتحالف هذه القوى والسير بالوطن نحو الدولة المدنية الديمقراطية التي لا مكان فيها لسياسة المحاصصات الطائفية التي تتبناها الحكومة العراقية الآن والتي برمجت النهب والسلب لخيرات الوطن عبر آلاف المزورين بين صفوفها ومصاصي دماء الشعب من اعضاءها والقائمين على نشر سياسة التخلف والقمع عبر جلاوزتها والتاركين الحبل على الغارب للإرهاب وفلول مجرميه المتفشية حتى في أجهزة امنها ومخابراتها والمتهافتين على ملاحقة الحريات الشخصية والنشاطات الإجتماعية والفنية والثقافية من قبل شيوخ الإسلام السياسي ودعاة الفكر الرجعي المتخلف من رموزها التي تسمى نفسها دينية تبيح اللصوصية والإستهتار بمقدرات وارزاق الناس والتخلف عن أداء ابسط الخدمات التي ظل ينتظرها الشعب منذ سقوط البعثفاشية وحتى يومنا هذا بالرغم من صرف الملياردات من الدولارات عليها ، والتي يعرف الساسة المتدينون جداً اي المصارف والبنوك العالمية ، وتحت اية اسماء تحتويها.

الحقيقة التي افرزتها الإنتفاضات الجماهيرية في المجتمعات العربية اجابت على السؤال القائل : هل ان إستمرار الأنظمة الشمولية في هذه المجتمعات ولعقود طويلة من الزمن كان بسبب قوة هذه الأنظمة او بسبب تشتت وضعف القوى المعارضة لها ؟ الجواب على هذا السؤال اصبح واضحاً الآن بعد ان سقط بعض هذه الأنظمة وظل البعض الأخر يترنح ماثلاً إلى السقوط السريع ، في حين حل الخوف والفزع الذي كان ينشره النظام بين الجماهير في قصور البعض الثالث الذي ينتظر السقوط الحتمي مهما عمل على إطالة بقاءه .

يتجلى الوضوح في الجواب على هذا السؤال من خلال دراسة واقع الأنظمة الشمولية جميعاً ، والمنطقة العربية لا تشذ عن ذلك ، التي تزداد قوة جبروت وتسلط وتطورالأجهزة القمعية فيها بمرور الزمن وطيلة فترة بقاء حكامها في السلطة . أي ان هناك علاقة ثابتة اقرتها كل الوقائع التاريخية تشير إلى التناسب الطردي بين جبروت وقمع النظام ومدة بقاءه في الحكم . وما ذلك إلا نتيجة لتطور أساليب القمع في الملاحقة والسجون والتعذيب والتغييب . هذا إضافة إلى إزدياد الواردات المالية التي خصصتها هذه الأنظمة لمسايرة التقدم التقني والحداثة في أساليب حمايتها التي لم تعد اجهزتها الأمنية باساليبها القديمة بقادرة على تحقيقها .
إن كل ذلك يشير إلى ان هذه الأنظمة أصبحت ذات قوة وحصانة ومنعة بتقادم وجودها على قمة السلطة السياسية وبذلك تنوعت وتجددت اساليب قمعها والوسائل التي سلكتها لحماية هذا الوجود.
لقد بدى هذا الوضع السائد في المجتمعات العربية وكأنه يشير إلى الديمومة التي لا نهاية منظورة لها . إذ لا توجد قوة سياسية على الساحة تستطيع الوقوف بوجه هذا النظام او ذاك الذي عمل بكل ما بوسعه، ليس لتحديث وزيادة حجم وعدد اساليب تسلطه وجبروته فحسب ، بل انه عمل أيضاً على شراء الذمم لبعض العاملين على الساحة السياسية أفراداً وجماعات . ومَن يسأل عن اسباب تبلور هذه الصورة القاتمة يجد الجواب في فراغ الساحة السياسية من تلك القوة التي تستطيع الوقوف بوجه النظام بالرغم من الحقيقة الأكيدة القائلة بأن الأغلبية العظمى من الناس في اي مجتمع من هذه المجتمعات هي ضد النظام الحاكم وتستهجن كل ما يقوم به وتعلم علم اليقين اين تصب توجهاته وكيف تعيش الفئة المتربصة على قمة السلطة فيه وكيف انها تنعم بالحياة المرفهة على حساب قوت الطبقات الفقيرة المعدمة التي تزداد جموعها كل يوم . فكيف يستقيم الأمر إذن بنظام غير مرغوب فيه من قبل الأكثرية ؟
إن غياب الديمقراطية التي تسمح للمواطنين بتحديد ماهية النظام الحاكم فسحت المجال امام هذه الأنظمة لأن تعمل بكل الوسائل المتاحة لها على إطالة فترة غياب الديمقراطية عن الساحة السياسية لتنفرد بأمر الحكم ، وقد نجحت في ذلك لعقود عديدة من الزمن . إن غياب الديمقراطية هذا لا يعني بأي حال من الأحوال غياب المؤمنين حقاً بهذه الديمقراطية في مثل هذه المجتمعات . إلا ان الإيمان بالديمقراطية والعمل على تفعيلها امران مختلفان تماماً . إذ ان القناعة التي تُمارَس بين أربعة جدران في المحافل والأندية الفكرية وبين رفوف المكاتب ومن خلال القراءات السجينة ، تختلف عن تلك القناعة التي تُمارَس على الشارع وبين صفوف المعنيين فعلاً بتفعيل هذه الديمقراطية على الواقع العملي وليس النظري فقط . وهذا ما ادركته وحققته الثورة المعلوماتية التي فسحت المجال لخروج المارد الديمقراطي من قمقمه المغلق إلى فضاء الجماهير التي تطلب التغيير منذ أمد بعيد ، إلا ان العوز والجهل والتشتت هو الذي حال بينها وبين هذا التغيير المنشود . الثورة المعلوماتية التي سخرها شباب ناقم ثائر على واقعه لتخرج بهذا الواقع إلى العلن ، والتي تلقفتها الجموع التي كانت كالهشيم الذي ينتظر الشرارة الأولى ليشتعل ناراً تضيئ وتحرق في نفس الوقت .الثورة المعلوماتية التي مهدت بحركات بسيطة لتحقيق تجمعات لم يدعو لها حزب معين او تقودها منظمة بذاتها، أفرزت حقيقة لا مجال للجدال فيها ملخصها تحقيق ما عجزت السياسة التقليدية لأحزاب وتجمعات المعارضة السياسية للأنظمة القائمة منذ عشرات السنين على تحقيقه .لقد أفرزت هذه الثورة لقاء أفراد وجماعات لم يعرف بعضها البعض من خلال تنظيم معين او نشاط مسبق ، جماعات كانت حتى الأمس القريب مشتة المواقع حتى وإن إلتقت في هدف تبني الديمقراطية ، ولكن كل في موقعه . وحينما إلتحم الفكر بالموقع واصبح الشارع بجموعه التي اصبحت مليونية في بعض الأحيان ، لا الأندية والمكاتب ، المكان الذي أخرج هذا الفكر من زوايا إختفاءه من خلال الهتافات العارمة والمطالبات الهادرة التي وحدها الهدف المشترك ، بدأت هذه الأنظمة القوية الجبارة تتهاوى امام الجموع التي لا تملك من السلاح والذخيرة والتقنية الحديثة في المواجهة المسلحة مثلما بحوزة هذه الأنظمة . إلا ان هذه الجموع اصبحت تملك سلاحاً أقوى وأمضى ألا وهو سلاح وحدتها نحو هدفها المنشود الذي أصبحت تردده على الشوارع والساحات والمتمثل بإسقاط النظام وسلمية هذه الجموع الغاضبة ،فوحدتها جديرة بدحر أي سلاح آخر .

المثل القائل : ما ضاع حق وراءه مُطالِب ، حققته الثورة المعلوماتية الحديثة ووسائلها التي سهلت إلتقاء هؤلاء المطالبين ليعلنوا مطالبتهم بهذا الحق بعد ان كان كل منهم يطالب به من داخله فقط وفي احسن الأحوال بين اهله وأصدقاءه ومن يثق بهم فقط .

فهل تسري هذه الحقائق ، التي تمخضت عنها الوحدة التي تحققت لقوى لم تلتق يوما ما فالتقت على طريق الحرية والديمقراطية هذا ، على الأوضاع السائدة الآن في وطننا العراق ؟ أعتقد ان كل عراقية وعراقي عانوا الأمرين من إستمرار هذا النهج الذي تقوم عليه السياسة العراقية اليوم لا يمكنهم ان يجيبوا إلا بنعم على هذا السؤال ، نعم لوحدة المطالبين بحقوقهم المهضومة ، نعم لوحدة لمُهَمَشين ، نعم لوحدة كل المؤمنين بتحقيق غد أفضل للعراق وأهله من خلال تطبيق سمة العصر التي تتجلى بالديمقراطية بكل مبادءها واسسها بدون اي تزييف او تمويه .

إلا ان الوضع القائم في وطننا العراق قد يختلف اليوم عن الأوضاع السائدة في المجتمعات العربية . ويبرز هذا الإختلاف من خلال مطالبة القوى العراقية المؤمنة بالديمقراطية بإصلاح النظام لا بإسقاطه . وهذه بادرة يجب ان يتلقفها النظام ويعمل على تفعيلها قبل ان ينفذ صبر الناس وتطالب بالمزيد، حيث سيتفاقم ألأمر على القائمين على هذا النظام إن إستمر بهم العمل على هذا المنوال . إن المطالبة بالإصلاح التي بدأت بها الجماهير العراقية في الخامس والعشرين من شباط عام 2011 مطلب وحق من حقوقها التي يجب ان تنتزعها إنتزاعاً عبر نضال وطني تتبناه القوى المؤمنة بإنتزاع هذه الحقوق ، وما هذه القوى إلا تلك المؤمنة إيماناً حقاً ، لا تزلفاً ، بالديمقراطية الحقة ومبادءها المعروفة علمياً.

لذلك فإن تفعيل هذه المطالبة اصبح اليوم مهمة الديمقراطيين العراقيين الذين يجب ان يستوعبوا تجربة التجمعات الجماهيرية التي اسقطت انظمة وزعزعت مواقع اخرى لا بقوة سلاح ، بل بقوة وحدة النداء والسير على ذلك الهدف وإن إختلفت المشارب وتعددت المذاهب .فهل سنأخذ بهذا الدرس؟ درس الوحدة من اجل الديمقراطية فقط ، من اجل الدولة المدنية لا الدولة الدينية ، بعيداً عن كل ما قد يسبب الإختلاف والنفور والتباعد ، إذ ان الديمقراطية للعراق هي أدعى لوحدة الديمقراطيين في إتحاد يجمع شملهم ويوحد كلمتهم ويسعى إلى تحقيق هدفهم ، وما التيار الديمقراطي العراقي إلا محاولة صادقة في هذا المجال تنتظر المساهمة والتطوير والمساعدة على تجاوز كل ما يمكن ان يكون سبباً لعثرة او تلكؤ على هذا الدرب الإنساني النبيل .والدعوة عامة لجميع الديمقراطيين العراقيين لأن يساهمو من خلال هذا التيار باصطفاف جديد لقواهم وبيان الطريق الذي سيسيرون عليه بكل جموعهم لتحقيق ما ينتظره الوطن منهم بالنهوض به نحو موكب الإنسانية الصاعد . فهل ان ذلك على الديمقراطيين العراقيين بعسير؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا شغيلة اليد والفكر وكومونيوا العالم اتحدوا
فؤاد محمد ( 2012 / 9 / 24 - 15:51 )
الاستاذ صادق تحية
اظم صوتطي لصوتكم
اعانقكم

اخر الافلام

.. حراك دبلوماسي لافت بشأن مفاوضات التهدئة في غزة


.. كأس أوروبا.. ما حظوظ المنتخبات الأربعة في الدور نصف النهائي؟




.. مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية يعقد في القاهرة


.. في ظل الحرب.. سيدة تحوّل منزلها في الجنوب اللبناني إلى مصنع




.. ما أبرز ما أوردته الصحافة الدولية بشأن الحرب الإسرائيلية على