الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صعلوكيات / نقطة على فاصلة جهاد بزي

روبير البشعلاني

2012 / 9 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي



يستوقفني باستمرار الفكر الحقوقي البريء الذي يسيطر على العقل العربي الجديد. وهو والحق يقال استدخال مستجد على عقلنا لم يكن موجودا منذ بعض السنوات . وهذا ليس نقدا بذاته فقد نكون بحاجة نحن عرب اليوم الى بعض الحق والحقوقية في التفكير .
تنخرط فاصلة جهاد بزي في "السفير" المنشورة في 22/09/2012 في إطار هذه الاشكالية القانونية, المتفرعة بدورها عن شجرة عائلة مفهومية تقوم حول فكرة الدولة , دولة القانون.
ولاني اعيش ببلد غربي, في دولة قانون, في بلد ديمقراطي, اتفهم هموم كاتب مثل بزي عندما ينبري للدفاع عن "رأي" احدهم صدف هذه المرة ان كان "شيعيا" .
يقول جهاد بزي عبر فاصلته وتعليقا على ما نشرته جريدة "الاخبار" حول "شيعة الويكيليكس" ان "الادانة الوحيدة التي استحقوا لاجلها كل البذاءة هي انهم لا يجدون في اميركا عدوا " "
ويستطرد الكاتب ان هذا يدخل في باب حرية الرأي والتعبير في اطار دولة ديمقراطية لكن في بلاد "الناطقين بإسم الطوائف" خيار ممنوع .

وبصرف النظر عن النقاش في ما يعترف به الكاتب من عدم نشوء الدولة عندنا اصلا بعد, وفي ما لا يعترف به من مسؤولية اميركية وغربية عامة في عدم نشوئها , بصرف النظر عن ذلك فإن المهم في العقل الحقوقي العربي المستجد هو عدم تمييزه , قانونا, بين الرأي والفعل, بين الخيار الفكري و"التعاطي" مع الآخر ايا يكن عدوا او صديقا . وهنا اود ان انبه الكاتب المولع بالقانون ان "التعاطي" مع الاخر ولو كان صديقا يحرمه القانون في الغرب ويجرمه .

ففي المستوى الحقوقي لا تنطلق الادانة من فكر المدان بل من فعله , من نية المدان بل من انتقاله الى الحقل. فعدا عن الصحافي الذي "يمكنه" من وجهة نظر مهنية أن يبرر علاقته بممثلي دولة اجنبية في بلاده, كيف يمكن ,من وجهة نظر حقوقية, تبرير لقاءات وعلاقات مواطن عادي بممثلي هذه الدول ؟ انا هنا لا اجرم ولا ابريء, لا اتهم ولا احكم, فقط اتناول كلاما حقوقيا صار معمما في بلادنا يخلط الاراء والافعال ولا يميز بين الجرم والعمالة ووجهة النظر الفكرية . فأن افكر بالعمالة وجهة نظر, نعم, وهذا حق لا يجرمه القانون ,صحيح, لكن ان افعل العمالة حتى لدولة صديقة فهو قانونا ممنوع حتى في الدول الديمقراطية يا حضرة الكاتب .

طبعا انا هنا لا اتحدث عن احد بالاسم بل اتناول من الناحية المبدئية ما صار عرفا في بلادنا : تلقي الاموال مثلا وكأن هذا الفعل "عمل محمود" في القانون الغربي الديمقراطي . هل يعرف الغرب فعلا هؤلاء الكتاب ؟ ان أبسط موظف في اصغر مؤسسة في الغرب يوقع عقد عمل يتضمن تعهدا بعدم الاتصال بمؤسسة منافسة أو نقل معلومات عن المؤسسة لاي شخص مهما كان تحت طائلة القانون والطرد والتحويل للمحاكمة فعن اي غرب تتكلمون ؟ إن ابسط مواطن في الغرب عليه ان يبرر للدولة قبض اي مبلغ مهما صغر بفاتورة مفصلة تتضمن اسم الدافع والقابض والمقابل والتاريخ والسبب الخ. وعندنا اذا ساءلت احدهم عن سر ثروته المفاجئة ,المعروفة المصدرغالبا, يطلب هو محاسبتك قضائيا لاعتدائك غير المبرر على حشمته و"رأيه" الشخصي, وكأن الغنى السريع في بلادنا الجميلة مسألة "حرية شخصية", خيار ديمقراطي.

الادانة اذا يا حضرة الصحافي ,اذا كان هناك من ادانة, اقتصرت حتى الان على كلام في السياسة , لان ما قيل كان كاف وحده ليحرك ,في الغرب الديمقراطي الذي تحب, اكثر من نيابة عامة واحدة , من المالية الى الارهابية الى الجزائية وقس على ذلك , فعن اي خيار شخصي تتكلم ؟
تصور يا حضرة الكاتب لو قام جاري, مسيو دوران, الفرنسي ,المواطن العادي, باجراء لقاءات دورية مع سفير اميركا في فرنسا وهي دولة مصنفة صديقة لبلاده ل"تبادل وجهات النظر" بين الطرفين. عن اي غرب تتحدثون وعن اي قانون ؟

تصور يا حضرة الكاتب لو قام الجميع بمقابلة الجميع لتبادل المعلومات بين الدول عملا بمبدأ الخيار الشخصي والحرية الفردية .
اتوقف عند المستوى الحقوقي في كلام بزي الذي يحتاج فعلا الى فاصلة والى "نون" القانون الذي عليه ان يدرسه جيدا قبل التجرؤ عليه بهذه البساطة , اما الكلام عن حرية الرأي والخيار الشخصي في الولع بالاميركي على الصعيد السياسي فأتركه الى نقطة على حرف آخر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة