الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلطة وتعديل اتفاقية

فايز رشيد

2012 / 9 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


تقدمت السلطة الفلسطينية بطلب إلى إسرائيل لتعديل اتفاقية باريس الاقتصادية،الموقعة في العاصمة الفرنسية في 29 نيسان(إبريل) 1994 بين الحكومة الإسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية.إسرائيل سخرت من الطلب الفلسطيني،جاء ذلك على لسان مصدر رسمي إسرائيلي.من ناحية ثانية فإن احتجاجات جماهيرية كبيرة وحراكات سياسية اجتاحت الضفة الغربية في الأسابيع الأخيرة،وذلك احتجاجاً على رفع الضرائب والأسعار على المواطنين الفلسطينيين في سلطة الحكم الذاتي.
بالمعنى الفعلي فإن المسألتين مرتبطتان بشكل كبير, لأن اتفاقية باريس الاقتصادية التي جاءت لمصلحة إسرائيل جملة وتفصيلاً. جاءت في الكثير من القضايا الاقتصادية للربط بين اقتصاد يتبع دولة قوية من يعيش فيها يمتلك دخلاً عالياً , وبين اقتصاد ضعيف مرتبط ومعتمد اعتماداً وثيقاً على الأول.الاتفاقية أيضاً جاءت تعْبيراً عن ميزان قوى سياسي مائل لصالح إسرائيل بشكل تام،وبالضرورة:فإن ذلك سينعكس حتماً على أية اتفاقيات اقتصادية بين الطرفين.في عام 1994 وعندما عاد الوفد الفلسطيني إلى رام الله وكان برئاسة أحمد قريع،قام المرحوم عرفات بزجر الوفد وبخاصة رئيسه ,وذلك امتعاضاً من الاتفاق الذي ظَلَمَ الجانب الفلسطيني بشكل كبير وألقى بأوراقه على الأرض.
في قراءة بنود الاتفاقية ,ليس بحاجة أن يكون من يحاكمها خبيراً اقتصادياً , ليخرج بنتيجة مفادها : خطأ توقيعها من الجانب الفلسطيني،للاعتبار الوطني أولاً , فلا اتفاقيات توقع مع العدو،ثانياً:لأن الاتفاقية أعطت انطباعاً بأن الجانب الفلسطيني تحرر من نير الاحتلال وأصبح يمتلك دولة في طريقها إلى الاستقلال.بينما في الحقيقة هي غير ذلك،فالاحتلال أصبح مريحاً لإسرائيل،تمارسه بصورة أوثق من السابق في وجود سلطة فلسطينية وكيلة لها والتي في حقيقتها : ليست أكثرمن حكم ذاتي على القضايا الحياتية والإدارية للمتواجدين على أرضها.وثالثاً:لأنها جاءت في نتيجتها العملية والتنفيذية لصالح إسرائيل،وكأنها اعتراف فلسطيني رسمي بالسيادة الإسرائيلية ليس على الصعيد السياسي والفعلي فحسب،وإنما أيضاً في الجانب الاقتصادي.ورابعاً:لأن الاتفاقية الاقتصادية جاءت إفرازاً لاتفاقية أوسلو المشؤومة ولميزان القوى فيها.
وفقاً لاتفاقية(لبروتوكول) باريس الاقتصادية:فإن إسرائيل ضمنت لنفسها التدخل في كافة الشؤون الاقتصادية للجانب الفلسطيني.إسرائيل هي التي تقوم بتحديد كمية ومواصفات ونوعية السلع التي تريد السلطة اسيترادها من الخارج.بمعنى آخر فإن عملية الاستيراد تتم برقابة إسرائيلية للتحقق من مدى تنفيذ السلطة لبنود الاتفاقية. أيضاً البروتوكول فرض على السلطة استخدام المعدلات(الأرقام) الإسرائيلية في الجمارك والضريبة والرسوم.إسرائيل تفرض جمارك على السلع بمعدل 75% من قيمتها الشرائية, والسلطة ملزمة بفرض هذه القيمة, رغم أن الدخل الفردي للمواطن الفلسطيني أقل بكثير من المهاجر الإسرائيلي.هذا الأمر يجعل المواطن الفلسطيني تحت وطأة أسعار عالية للسلع, وأرقام ضريبة ورسوم وأعباء أخرى أكثر من قدرته ودخله.هذا الأمر لا يسمح للسلطة أيضاً بإجراء تخفيضات على السلع الأساسية الحياتية لمواطنيها.بالتالي, الأمر سيؤدي حتماً إلى زيادة التضخم،والحرمان من إمكانية أي تقدم في الصناعات الفلسطينية،فالمنافسة قوية بين صناعات إسرائيلية متطورة ومتقدمة ,وبين صناعات فلسطينية مبتدئة وغالية السعر,بما يجعل الميزان يميل لصالح الصناعات الصهيونية.
بالنسبة للبترول:لم يسمح البروتوكول الاقتصادي, للسلطة الفلسطينية ببيع مشتقاته بأقل من أسعارها في السوق الإسرائيلية , وذلك حتى لا يتحول الإسرائيليون لشراء هذه المشتقات من السوق الفلسطينية.البترول يباع للمواطن الفلسطيني بضعف سعر شرائه، انطلاقاً من الشرط الإسرائيلي،لذلك فالسلطة مجبرة وفقاً للبروتوكول بعدم تخفيض أسعاره ولو بنسبة 1% عن أسعاره في السوق الإسرائيلية،الاتفاقية ورغم نصها على معاملة إسرائيل بالمثل للمستوردين الفلسطينيين والإسرائيليين،لكنها لا تطبق التعامل بالمثل.ففي مناطق عبور السلع يجري تأخير متعمد لبضائع المستوردين الفلسطينيين بحجة الدواعي الأمنية،كما أن الكثير من السلع يتم منعها من الدخول بحجة إمكانية استخدامها في الصناعات العسكرية.لذا بالمعنى الفعلي فان إسرائيل هي المتحكمة في بضائع الاستيراد الفلسطيني حتى لو سمحت نظرياً باسيترادها.
إسرائيل منعت السلطة الفلسطينية من إصدار عملة نقدية فلسطينية(وهذا ما ثبته البروتوكول) في الوقت الذي فرضت فيه إبقاء العملة الإسرائيلية(الشيكل) متداولاً في الأسواق الفلسطينية.وهذا مما يؤثر على الأسعار في المناطق الفلسطينية،ذلك أن الشيكل معرض دوماً للإنخفاض والتراجع والارتفاع،الأمر الذي يؤثر على الاقتصاد الفلسطيني بطريقة سلبية،ويعمل على ربط هذا الاقتصاد الهش والمبتدىء بالاقتصاد الإسرائيلي.
البروتوكول نص أيضاً على اعتماد نفس قيمة ضريبة الشراء في الأسواق الإسرائيلية والفلسطينية ,مع العلم أنها تبلغ 14% في إسرائيل التي تهدف إلى حماية صناعاتها المحلية،بالتالي فإن المشتري الفلسطيني أصبح(بطريقٍ غير مباشر) محافظاً على الصناعات المحلية الإسرائيلية التي تفوز في عملية المنافسة. في الشأن الزراعي:وكما جاء في البروتوكول:فإن إسرائيل تمنع المنتجات الزراعية الفلسطينية من الدخول إلى الأسواق الإسرائيلية.للعلم فوفقاً للاتفاقية تمنع أيضا الأدوية الفلسطينية من الدخول إلى الأسواق الإسرائيلية،بينما يُسمح للأدوية الإسرائيلية بدخول الأسواق الفلسطينية بكل حرية وبأية كميات!.
هذا غيض من فيض من (بركة) اتفاقية باريس الاقتصادية التي وقعها وفد فلسطيني مع إسرائيل عام 1994 , تصوروا هذه المهزلة؟!.
* * *
* *
*








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ظاهرة غريبة.. السماء تمطر أسماكا في #إيران #سوشال_سكاي


.. مع تصاعد الهجمات في البحر الأحمر.. تعرف على أبرز موانيه




.. جنود الاحتلال يحتجزون جثمان شهيد من المنزل المستهدف في طولكر


.. غارة إسرائيلية استهدفت منزلا بمنطقة الصفطاوي شمال غزة




.. قائمة طويلة من لاعبين بلا أندية مع اقتراب فترة الانتقالات ال