الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون البُنى التحتية ومصادر تمويل فعالياته في العراق .. مشكلة لها حلول أُخر

محيي المسعودي

2012 / 9 / 25
الادارة و الاقتصاد


قانون البُنى التحتية ومصادر تمويل فعالياته في العراق .. مشكلة لها حلول أُخر

يتفق الجميعُ في العراق "ساسة وشعبا" على ان قانون البُنى التحتية سوف ينقذ العراق "من ام المشاكل" المتمثلة بتردي الخدمات والمشاريع الفاشلة والمتلكئة وهدر المال العام والفساد وغيرها من المشاكل, وان تفعيل هذا القانون سوف يسمح بقيام بنى تحتية راسخة تسمح بنهوض البلاد في كافة الميادين ويكون الريع المتحقق من فعاليات هذا القانون رافدا يصب في خدمة البلاد, ولكن الساسة والشعب معا, يختلفون حول مصادر التمويل المالي لفعاليات هذا القانون . الفريق المؤيد للقانون يقول ان اعتماد هذا القانون سوف ينقذ العراق, وعلى العراقيين ان يقبلوا به لان إرباحه تفوق خسائره ولأنه يحل مشكلة باتت مستعصية على الحل في العراق وان مصادر تمويله من ريع النفط العراقي لا تؤثر على العراق وعلى المواطن العراقي تأثيرا كبيرا ومباشرا, خاصة وان الاتفاقيات التي عقدتها الحكومة العراقية مع الشركات والدول هي اتفاقيات تأخذ فيها الشركات الأجنبية المستثمرة هامشا صغيرا من الربح وان التسديد سيكون على مدى سنوات طويلة تصل الى ربع قرن , ويضيفون ان هذه الشركات مضمونة ومؤمنة من قبل دولها لصالح العراق وان أي إخلال بالاتفاق او فشل اية شركة سوف تكون هناك دولة ضامنة ملزمة بتعويض العراق عن أي ضرر يصيبه نتيجة تقصير تلك الشركة او فشلها. اما رأي الفريق المعترض على القانون فيقول ان الأرباح التي تحققها الشركات الأجنبية كبيرة وان عملية التسديد بالآجل من قبل الحكومة العراقية سوف يرهن النفط العراقي - المصدر الوحيد للبلد – سنوات طويلة لصالح شركات أجنبية تستطيع من خلال ارتهان النفط العراقي العبث باقتصاد البلد وسياسته , ناهيك عن التقلبات التي يشهدها سوق النفط متأثرا بالإحداث الإقليمية والدولية ومصالح الشركات المستثمرة فيه . ويصفون مبالغ الدفع بالآجل بأنها ديون سيادية تثقل كاهل البلاد وتقيّدها, اضف الى ذلك خوف المعترضين على هذا القانون من الفساد الذي قد يرافق ابرام العقود مع الشركات الاجنبية . هذه هي اسباب الخلاف الظاهرة حول اقرار قانون البنى التحتية وهي اسباب حقيقية. ولكن, الصراع السياسي القائم في البلاد يَلْبسها ثوبا امام الجمهور لأغراض حزبية كثيرة, من بينها جذب الناخب وإسقاط الخصم السياسي . فمن يؤيد هذا القانون من الساسة انما يريد جذب الناخب للبقاء في الحكم قبل بناء العراق والمعارض لهذا القانون انما يريد حرمان خصمه من فرصة اجتذاب الناخب قبل التفكير بمصلحة العراق وشعبه . ولو تجاوزنا النيّة الخفية للساسة العراقيين " أي تغليب المصالح الحزبية على المصلحة الوطنية " واخذنا بالأسباب الحقيقية التي لبسها الساسة متنكرين سوف نقف على العقدة التي تمنع إقرار هذا القانون والمتمثلة بمصادر التمويل المالي لفعاليات هذا القانون , فهل يستطيع العراق ان يتجنب تمويل مشاريع البنى التحتية بالدفع الآجل من عائدات النفط , كي لا ترتهن ثروته الوحيدة للشركات الأجنبية ؟ او هل يستطيع العراق دفع اثمان مشاريع البنى التحتية نقدا ويتجنب الدفع الآجل ؟ وحتى نجيب على هذين السؤالين علينا النظر الى موارد او مصادر الدخل القومي العراقي .! من المؤكد والحال هذه لا يملك العراق غير النفط موردا قادرة على التسديد, ويستطيع من خلالها دفع كلف مشاريع البنى التحتية . ومن الواضح ايضا انه لا يستطيع الدفع النقدي المباشر , لان اكثر من 70 % من ميزانيته, هي تشغيلية أي رواتب وأجور ومنافع للعاملين في الوظائف العامة . وعليه يجب البحث عن حلّ ما كي يقر مجلس النواب هذا القانون وتبدأ الشركات الأجنبية بتعمير العراق, والا فان العراق سائر من سيء الى أسوء . فهل من حلول ؟؟؟
حلول أُخر
تستطيع الدولة العراقية سنويا توفير مبالغ كبيرة جدا من الميزانية التشغيلية تُسدد بها أجور الشركات وكلف مشاريعها في البنى التحتية , ذلك من خلال تقليص نفقاتها المالية والخدمية المقدمة لموظفي الدولة من الهرم الرئاسي حتى الأجير اليومي, في عملية اشبه ما تكون بعملية التقشف . قد يعتقد البعض ان هذا التقليص لا يوفر الكثير من الأموال ولكن عندما نحصي فقط عدد السيارات التي يستخدمها موظفوا الدولة كرفاه اكثر منه حاجة عامة بدءا بالمؤسسات الرئاسية والوزارية والمحافظات ومجالسها ونواحيها واقضينها ودوائرها والهيئات سوف نجد ان المبالغ التي صرفت وتصرف على هذه السيارات وأثمانها هي مبالغ كبيرة جدا , وفي الغالب نجد المسؤولين لديهم ارتالا من السيارات يستخدمونها لصالحهم الشخصي ولعوائلهم ومحسوبيتهم , ناهيك عن سيارات الموظفين الصغار الذين يشغلون مناصب إدارية او فنية لا تستوجب منحهم السيارات . فلو اراد الساسة تقليص هذه السيارات الى الحد الذي تستوجبه الحاجة الفعلية للوظيفة العامة فقط لاستطاعوا توفير ملايين الدولارات شهريا وليس سنويا . اضف الى ذلك مخصصات الايفادات التي باتت تسمى ( سياحة وسفر ) وهي مبالغ كبيرة ايضا وهكذا الحال مع المخصصات التي تُمنح لموظفي الدولة في الاتصالات وتحسين المعيشة للمسئولين وغيرها الكثير مرورا, بمكافئات الموظفين التي باتت تعرف بـ (مكافآت الموالين والمتزلفين والفاسدين) وليس الموظفين وحسب بل هناك مكافآت تمنح للغير وعلى نفس الأساس , فلو عملت الدولة العراقية على ترشيد مصاريفها عامة وإيقاف مصاريف الترف الرفاه والبذخ مثل الضيافة والاثاث والتكريم والهبات وما يقع في باب الترهل الإداري المعروف وهدر المال العام وغيرها من المصاريف غير الضرورية, لو استطاعت الدولة ذلك لوفرت مليارات الدولارات سنويا . ان عملا من هذا النوع لن يوفر المال وحسب بل سيقضي على قدر كبير من الفساد ويحقق قسطا كبيرا من العدل الاجتماعي الذي سيشعر المواطن غير الموظف بانه متساو مع غيره من المواطنين الذين يشغلون مناصب ووظائف عامة لانه ليس من العدل ان يحتكر بضعة ملايين من العراقيين " الموظفين " اكثر من 70% من موارد العراق . ويقدر خبراء في الاقتصاد والمال ان عملية ترشيد مثل هذه لمصاريف الدولة ورواتب موظفيها وخاصة الكبار توفر اكثر من ربع ميزانية العراق التشغيلية أي ما يزيد على العشرين مليار دولار سنويا, يضاف اليها ما يخصص لمشاريع البنى التحتية من الميزانية الاستثمارية ليرتفع الرقم الى حوالي اربعين مليار دولار سنويا , وهذا الرقم يكفي لتسديد مستحقات الشركات التي ستقوم بتنفيذ مشاريع البنى التحتية والبالغة قيمتها حوالي 37 مليار دينار تقريبا, والتي يعترض على تشريع قانونها البعض بسبب الدفع الآجل . واذا أخطأت الحسابات في تحديد هذا المقدار من التوفير المالي او زادت مستحقات الشركات الأجنبية السنوية على هذا المبلغ تسطيع الحكومة العراقية ان تسن قوانين ضرائب ورسوم مؤقتة على فعاليات الدولة لغير موظفيها واخرى على موظفيها كان تأخذ الدولة على كل مئة الف دينار - كراتب او أجور - الف دينار لدعم هذه المشاريع على ان يزيد هذا المبلغ مع تزايد الراتب او الاجر . وفي حال استطاعت الدولة فعل هذا فانها سوف تنجز مشاريع البنى التحتية بدون تلك الفوائد التي تدفعها على الآجل للشركات الأجنبية وفي الوقت نفسه يمنح الدفع النقدي تلك الشركات رغبة اكبر في انجاز عملها باعلى جودة واكثر سرعة في التنفيذ , وحينها ينتهي الصراع الدائر حول اقرار هذا القانون او انتقاده عندما يقر . هذا,على ان تعود الأوضاع والحال هذه الى ما كانت عليه بعد انجاز هذا المشروع, بدءا بالموظفين والعاملين الأكثر تضررا من حالة التقشف والترشيق وحجب المنافع على ان لا تعود الدولة الترهل والترف والرفاه والبذخ غير الضروري للمسئولين والموظفين الكبار . وكل هذا يحتاج الى نيّة صادقة ومخلصة في بناء هذا البلد وتغليب المصلحة العامة على الخاصة والتفكير بإعطاء هذا البلد حتى من الحقوق الشخصية , وكما هو أعطى ويعطي الجميع كل ما عنده على الناس ان تعطيه بعض ما عندها, وهو لهم في نهاية المطاف . يبقى ان تقوم الحكومة ومجلس النواب بالإعداد لهذه الحال من خلال تشريع القوانين وتهيئة الرأي العام لقبولها والتفاعل الايجابي معها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأحد 28 أبريل 2024 ببداية ال


.. كلمة للرئيس الفلسطيني محمود عباس في المنتدى الاقتصادي العالم




.. صندوق النقد يتوقع ارتفاع حجم الناتج المحلى لمصر إلى 32 تريلي


.. أرقام تهمك فى خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 2025/2




.. بين نيلين - حرب السودان تهدد إنتاج النفط في جنوب السودان