الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهند : جواب وحيد لأسئلة كثيرة

فاطمة الشيدي

2005 / 2 / 28
الادب والفن


منذ فتحت عيني على هذا الوجود و ثمة شيء قريب دافئ مميز اسمه الهند،،،،،
هل هي تلك الممرضة الهندية التي حملتني بين يديها قطعة لحم طرية ساعة مولدي ومسحت على جبهة أمي بحنان كافي لإغراق الكون ؟
أم هو ذلك العامل الذي رأيته وأنا أتعثر بخطواتي الأولى يربى اللون الأخضر في مزرعتنا ويقدم لنا الجمال بيديه المتشققة هدية لطفولتنا المتعطشة للفرح ؟
أم هي تلك السحنة السمراء التي ألمحها في المرآة والتي جعلت أحفاد المهاتما غاندي يهزون رؤوسهم لي أينما شاهدوني ؟
هل هو سحر الشرق الذي شاهدته في الهند بفيلها وزقاقها ورائحة الزمن والتاريخ رطبة حية على جدران تاج محل ؟
هل هو صمت المهاتما غاندي الذي خدش ذاكرتي يوم عانقته في الفيلم العالمي الذي جسد هذه الشخصية العبقرية بفنية عالية ، وعلمني من يومها رفعة الصمت ورقي الكائنات التي لاتخضع ؟
هل هي الأفلام الهندية المكتنزة بالرومانسية الراقية كـ ( الفيل صديقي ) و (أخي ) وغيرها من الأفلام التي شرقت بها روحي منذ عهدها المبكر بألفة عجيبة ، تلك الأفلام الضاجة بالحنان والحب والسمو والغناء والرقص والبطولة ( في شكلها البدائي والقتالي ) والتي كانت زاد مراهقتي مما جعلني أعلق صورة فتى أحلامي على وجوه أبطالها ؟؟
هل هو البهار المميز اللاذع الذي ألفناه و لا نستسيغ طعامنا بدونه ، البهار الذي استجلبناه من الهند ليكون ولعا لنا بعد ذلك فلا نستسيغ تذوق طعام بلا بهار لاذع لنتفنن في المزاح علينا (هنود !) ؟
هل هو ذلك الاحترام الذي تطلقه روحي كزفرة حين ألمح الهنود بملابسهم الخاصة يصدمون العالم باختلافهم اللذيذ والمميز بملابسهم /هن المعتادة (الساري ) أو ثلاث قطع متناسقة بسيطة وعملية وتشبههم فقط . يجاهرون الغرب والعرب بها ، متهادين متبخترين بها في عزة وفخر أينما وجدوا ، ليجعلونا نشعر بالاحتقار لذواتنا ، نحن الذين نتشدق أننا نلبس على الموضة ، وحينما نذهب لأي دولة أخرى ولو أقرب دولة إلينا نستبدل ثيابنا بما لا يشبهنا لنتحول نسخة مكررة من الجميع ،ولو قدرنا أن نحول لون بشرتنا ، وشكل وجوهنا لما ترددنا ؟؟
هل هي الحكمة التي يقدمونها لنا في صمت "أصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب" حين نلمحهم في المطاعم التي لايرتادها الناس (وهم الأكثر ثراء طبعا ) إلا في عزيمة عمل أو مناسبة خاصة ، أو مباهاة أصدقاء أو عزيمة طارئة بينما الهنود ( ذوي الدخل المحدود ) وعائلاتهم الجميلة والقريبة يرتادون هذه الأماكن بشكل دائم ، حتى يكادوا يستوطنونها ؟؟
هل هي الدروس التي يقدمها الهنود في احترام المرأة للمسلمين - الذين أضاعوا إسلامهم فصاروا يعتبرون المرأة عورة ويحاولون بكل الطرق دسها بين أربعة جدران خوفا عليها من الخطأ والحرام - ،ولغير المسلمين ممن أضاع احترام المرأة بأشكال أخرى، الهنود (المسلمون / الشرق / الحضارة ) يقدمون للمجتمعات دروسا عملية في احترام المرأة بلا تنظيرات مسبقة يكفي أن ترى أحدهم يتأبط ذراع زوجته في أكثر الأماكن ازدحاما لتعرف كم هي له . ؟؟
هل هو عرق التعب الذي ألمحه على جبين العاملة الهندية في بيتنا ، وعلى جبين العمال الذين قامت بلادنا ( الخليجية ) على أكفهم ،متفانين في بناء البيوت ، وترميم الشوارع ، وتنظيم الأشجار و000الخ في مقابل القليل من المال ، ذلك العرق الذي يحكي قيم الصبر والأمانة التي يطبقونها . ؟؟
هل هو ذلك الجمال الأسمر الذي يغريني بالمكوث عند تفاصيله المليحة والدقيقة والذي يرشّح الهند لتصدر قائمة (ملكة جمال العالم ) كل سنة ؟؟
هل هو ذلك الشجن الذي ألمحه في المطار للقادمين منهم ، والفرح الخفي الذي يتقافز من عيونهم في المغادرة وأنا أردد داخلي للقادمين ( الله يصبركم ) وللمغادرين ( الله يوصلكم بالسلامة ) ؟؟
هل هو ذلك الفرح الطفولي الذي راودني حين التقيت بباحثين هنديين ( عطا الرحمن ) ، و (طاهر ) اللذان يعدان دراسات في الأدب العماني حول : " دراسة عن الشيخ عبدالله الخليلي شاعر البيان العماني" ، و" أبو مسلم الرواحي "، وحين استفسرنا عن معرفتهما بالشاعرين أوضحا أن مشرفهما الأكاديمي زار عمان وقرأ عنهما وشجعهما على البحث عن شعراء عمانيين لأن في هذا البلد أرض البحث والدراسة والبحث لاتزال بكرا، بدوري كنت أقول هاهو التاريخ يكرر نفسه فتلك الروابط التاريخية لعمان مع الهند حين كانت سفن الأمبراطورية العمانية تجوب الهند والسند ، ما كانت لتثمر إلا هكذا حاضرا متصلا ثقافيا واجتماعيا ؟
هل هي التساؤلات التي تحوم في ذهني عن هؤلاء الذين يقاسمونا الحياة لكننا حصرناهم في خانة ( عامل ) أو أي عمل مادي ماعدا الأدب والفن (الشعر / القصة / الفن التشكيلي / المسرح / السينما ) طبعا لاشك أن لديهم الكثير لكننا لعلنا لاترى أبعد منا ، أو نرتدي عنصرية مقنعة ونتصنع النبل المزيف ؟
هل هو رابندرانات طاغور الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1913م ، و الذي بلغت أعماله الإبداعية 12 رواية و11 مسرحية شعرية ، وبعض الأعمال الموسيقية واللوحات الفنية ، والذي تميزت أشعاره وأغانيه بحس إنساني عالٍ ،طاغور ذلك الصوت الهندي الشعري الذي شج مخيلتي بصوره ورؤاه الثقافية والمعرفية منذ صافحت لغته ولها وقيمه عشقا ، طاغور الذي ينبغي أن تخلق له صفة أخرى أكثر ثقلا وعمقا من كلمة (شاعر أو أديب ) أمام قامته الأدبية العملاقة.
هل هي الدراسات التي قرأتها أخيرا حول التنبؤات الحضارية العالمية التي لاتفتأ ترشح الهند لدور الريادة القادمة من باب القمة لاتدوم لأحد ، والتي جعلتني أشعر بالفرح مرددة نعم الهند مستعدة تقنيا وحضاريا و... وإنسانيا أيضا .
الكثير من التساؤلات تطرق مخيلتي وإجابة وحيدة تتصدرها هي
"الهنـــــــــــــــــــــــد"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-