الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معك رغم كل الدم المسفوك

عمر البحرة

2012 / 9 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


اليوم وبعد كل هذا الدمار والقتل الذي حدث ويحدث في سوريا لايزال بعض السوريين يبررون جرائم النظام تحت ذرائع وحجج شتى ، ويبذلون الجهد كل الجهد لشيطنة الثورة السورية ويبحثون هنا وهنالك عن أي مبرر لمواقفهم الدنيئة من الدم السوري ورغم أنهم يعلمون أن مبرراتهم واهية ويعلمون تمام العلم حقيقة إجرام النظام إلا أنهم يستمرون على مواقفهم لأسباب لا تخفى على أحد أهمها العامل الطائفي .
شخصيا كان هدفي الأول من النشاط الإعلامي على شبكة الإنترنت إقناع هؤلاء المواطنين بعدالة قضية ثورة الشعب السوري ,وأن هذه الثورة منهم وإليهم ، ولكنهم كانوا يتلونون بحسب المواقف ويستمرون في دعم القتل ودعم من يهرق الدم السوري الغالي . ويبدو أن الطائفية أقوى من الوطنية لدى البعض ممن يدعون أنهم ضد الطائفية .
لقد كان الهدف من دعم الثورة السورية في العمل الإعلاني على الإنترنت واليوتوب وصفحات الفيس بوك نقل صورة المجازر والفظائع التي يمارسها نظام الحكم السوري ضد الشعب السوري الثائر المطالب بالحرية ، نقل الصورة للخارج وللداخل السوري وخصوصا أبناء المدن الكبرى مثل دمشق وحلب ، ذلك ان نسبة كبيرة من أبناء هذه المدن كانوا تحت تأثير الإعلام الأسدي يرفضون المقولات وحتى أفلام الفيديو التي تظهر أن نظام بشار هو المسؤول الوحيد عن أنهار الدم السوري وعن تدمير البلدات والقرى السورية ، وكان لديهم قناعات بأن كل ما يحدث هو عبارة افتراء على النظام وأن من يقوم بقتل وقنص المتظاهرين هم جنود هبطوا من جحيم كوكب فيغا في زيارة شريرة لكوكب الأرض ، وأن نظام بشار ليس بهذا السوء وأن ما حدث في حماة في الثمانينات من مجازر كان عبارة عن قصص ترويها الجدات للأحفاد ، وأن ما يحدث في حمص على سبيل المثال هو تهويل وفبركة وتلك الانفجارات والحرائق والأدخنة التي تبثها قنوات اليوتوب وقنوات الفتنة عبارة عن حرائق مصطنعة لإطارات السيارات والانفجارات هي فبركات من هنا وهنالك .
عدة تصريحات أدلى بها الذي كان يسمى بالرئيس السوري بشار الأسد ساهمت وبشكل فعال في انهاء الجدل حول تورط الجيش بأسلحته الثقيلة في قصف المدن وارتكاب المجازر وذلك بمساندة الشبيحة وانتهاء اسطورة الفبركة ، فحين يعترف الشخص الممسك بأعلى سلطة في الدولة قائلاً بأن البداية كانت في حالة الثورة الشعبية حتى شهر رمضان وبعد رمضان بدأوا بالعمل المسلح وهذا يعني أن الحراك الثوري كان سلميا ، كما يعني أيضا إدانة رسمية من رأس النظام لنظامه وهذا التصريح جاء في خطاب بشار أمام مجلس الشعب في3/6/2012
كما جاء في خطبه السابقة عدة اعترافات مباشرة عن تورط الجيش في أعمال مشينه مثل ما أدلى به في خطابه أمام رجال الدين حين اعترف بقيام بعض من عناصر الجيش بمخالفات وبإجبار المواطنين على عبادته شخصيا وتأليهه وحتى الاعتداء على المقدسات ، وكذلك كان لقاؤه المثير للجدل مع قناة abc الامريكية والذي أقر فيه بأن الجيش يمارس القتل وأنه أي بشار بصفته رئيس الجمهورية فهو لا يمتلك الدولة وهو غير مسؤول عن الجيش وكذلك جاء إعلان الأسد انتصاره الكبير بعد أشهر من الحصار والقصف المدمر على حي بابا عمرو وفي أثناء تجوله في أرجاء الحي المدمر مزهوا بالانتصارات التي حققها جيشه ضد سكان الحي وثواره وبتدمير قواته للحي عن بكرة أبيه ، حينها لم يعد خافيا على أحد أن قصص الإطارات المشتعلة والفيديوهات المفبركة عبارة عن كذبة كبيرة قامت بها قنوات النظام الاعلامية ، ومن ثم كانت نهاية الجدل حين أعلن بشار أن سوريا في حال حرب حقيقة .
كل ما سبق بالإضافة إلى ما يعيشه الشعب ويشاهده على أرض الواقع أدى إلى تحول كبير في المزاج الشعبي العام لينقلب بشكل جمعي ضد النظام الأسدي ، وقد ظهرت نتائج هذا التغير في خروج مدينة حلب وباقي مناطق دمشق وكذلك المدن التي ظلت على الحياد عن الصمت وانضمام هذه المدن بكافة أطيافها للحراك الشعبي العام ضد نظام بشار ، واللافت للنظر هو انضمام غالبية المثقفين والأطباء والمهندسين وخريجي الجامعات وأصحاب المناصب الكبرى للحراك الشعبي .
في النهاية الصورة الحقيقة لإجرام النظام وصلت للخارج وأصبح العالم الخارجي مقتنعا بغالبيته بإجرام ودموية النظام الأسدي. ولكن ماذا عن الداخل ؟
المؤسف والمؤلم بقاء مجموعات معينة من السوريين على تأييدها للنظام رغم إدراكهم ومشاهدتهم بأم أعينهم ما يحدث في سوريا من إجرام وقتل وتدمير وقصف للمدن بالأسلحة الثقيلة وبالطائرات .
المؤسف أكثر أن يتحول هؤلاء من أشخاص كانوا ينكرون ويستنكرون الجرائم وينسبونها للمعارضة إلى مدافعين عن جرائم النظام ومبررين لها لأسباب لا تخفي على أحد ، وهم يبحثون عن مقال أو شهادة من هنا أو هنالك عن وجود جماعات اسلامية جهادية أو جماعات القاعدة لينسفوا كل أفكار ثورة الحرية وليضعوها في خانة الشيطان ، ذلك على الرغم من علمهم التام بأن هذه الجماعات أعدادها محدودة جدا ، حتى أن الأسد أكد شخصيا للأخضر الإبراهيمي بأن عدد هؤلاء حوالي خمسة ألاف شخص ، يا ترى ماذا يفعل هذا العدد الصغير جدا هذا إن كان صحيحا أمام العدد الكبير للثوار والمعارضين للنظام وأنا أعتقد بأن عدد أفراد الشعب المشاركين في الثورة بشكل فعلي يزيد عن نصف سكان سوريا، هذا بالإضافة إلى عدد أفراد الجيش الحر الذي قد يناهز المئة ألف شخص
فهل نستمر في محاولات إقناعهم بتغيير مواقفهم كي ينحازوا مع ثورة الشعب ضد النظام الديكتاتوري أم أن ذلك مضيعة للوقت وللجهد ؟

أنا اليوم أشك بإنسانية هؤلاء وأستغرب كيف أنهم كانوا من أصدقائي هذا العمر وكيف استطاع هؤلاء بأن يقنعوني يوما ما بأنهم بشر حقيقيون ؟
عمر البحرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قيادي بحماس: لن نقبل بهدنة لا تحقق هذا المطلب


.. انتهاء جولة المفاوضات في القاهرة السبت من دون تقدم




.. مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية تطالب بوقف حرب غزة ودعما للطل


.. فيضانات مدمرة اجتاحت جنوبي البرازيل وخلفت عشرات القتلى




.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف