الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حبال الريح

عبله عبدالرحمن
كاتبة

(Abla Abed Alrahman)

2012 / 9 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


بيت عماده الحبال، وجدرانه تتراقص على انغام الريح وتغفو على ثقل المطر. الليل دامس الا من نور يتناوب ما بين ميلاد وزوال، والحديث الدائر له خصوصيته اذ انه يكون صاخبا بصداه، ومزاج من يسكن تلك البيوت لا يسوء ويمتعض لاي سبب، يتميز بروح الجماعة فتراه متبخترا بين ابتسامات لا تعرف السكون الا في موعد واحد.

اغلب افكارنا اصبحت مشدودة بحبال، ترانا نميل بها وتميل بنا دونما استقرار الى هنا وهناك والماكينة الاعلامية تتحكم بالكثير من سلوكنا وحتى لذة ارواحنا، اصبح لدينا مزاج واحد وفكر واحد، لكنه مزاج متردد ليس به ثبات او استقرار، اخاف ان اقول بأنه لا يعدو ان يكون مزاج عدائي وبائس.

كفلسطينين معروف بأننا أبناء الخيمة، تذليل على النكبة ونكستها اللتين ما تزالان بكامل مشمشهما اذ اننا لم نغادر الخيام بعد ومفاتيح البيت مازالت معلقة على الجدران، نستمر بحبال بيوتنا التي اصبحت من حجر لكأن رحلة العودة اصبحت في التيه بفعل تقادم الزمن والاحوال مع بقاء الحال على حاله، وحين نذهب نستنصر جيراننا نجد حالهم لا يختلف كثيرا خيام على طول الطريق.

احد الزعماء ممن طالهم الربيع العربي كان يتنقل بخيمته اينما حل وارتحل مع فرق شاسع بين خيمته وخيمة من انتكب الاقامة الجبرية فيها، اذ كانت خيمته موقف احتجاج نتيجة تعرض قصره للقصف، ومن غادروا اوطانهم سكنوا بيوت الحبال خوفا من الموت وبأمل العودة الى اوطانهم.
ان صورة الفرد اصبحت مشابهة لخيمة الاحتجاج او الامر الواقع حتى غدت طاقاته البناءة مجرد طاقات هدم او لملمة لبقايا فرح سوف لن يؤدي به الى شيء حقيقي، فلم يعد يعرف كيف يجرب حتى يخطئ، كما لم يعد له الا خيار واحد، ان يحصي ماذا خسر وكم بقي لديه من اشياء لم يستنزفها بعد.
النفخ في بالون الخوف بات مبالغا حتى خرج الناس الى الشوارع والساحات لا يعرفون مما كانوا يخافوا من كثرة ما كانوا يخافوا فلا سلطان على السلوك المكبوت لفترة طويلة كما انه لا سلطان على مشاكل الانسان والتي حصرت بالعيش والفراغ والجنس، مشاكلنا كما حصرت منذ قرن ما زالت على حالها زاد عليها الضيق من الغد بسبب ماكينة الاعلام التي تتنافس على تضييق الفرصة بالمستقبل فأصبحت احلامنا مقبورة سلفا.
حبال الود والغد اصبحت في مهب ريشة، وعلى قرن الزمان نبكي حالنا، ننقب عن مثل أعلى يلتقط ارادتنا التائهة في اعماقنا، فيحترم فينا الحياة وحقنا في العيش، فلا يغيب عنا نور الشمس فنراه ساطعا كل يوم.
نحتاج ان تنبت لنا الارض الحب حتى نهبها الحب، فيبقى الانسان انسانا فلا ينقرض او يذوب فيها او عليها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اين عنوانى
مجدى زكريا ( 2012 / 9 / 26 - 20:01 )
استاذتى عبلة
تحية خالصة من القلب لشخصك العزيز الى قلبى
اشكرك على تشجيعك المستمر وكلماتك الطيبة التى تخرج من القلب لتستقر فى القلب
ونحن فى زمن التيه صرنا كاليهودى التائه, ضاعت عناويننا وضاعت اوطاننا فأين المستقر
فقدنا الثقة فى كل شئ حولنا الحكومات والرؤساء والدول الكبرى والامم المتحدة والاديان وحتى الانسان
حتى الله املنا الوحيد ورجاءنا الثابت يحاولون ان يجعلوننا نفقد الثقة فيه فماذا يبقى لنا
تحضرنى هذه الابيات كنت قد قرأتها منذ زمن بعيد
من قال ان شمس الروح الخالد قد مات
من الذى جرؤ على القول ان شمس الامل قد تولت
ليس هذا الا عدو للشمس
وقف تحت سقف
ثم صاح هاهى الشمس تموت


2 - شمس روحك
عبله عبد الرحمن ( 2012 / 9 / 26 - 20:33 )
تحياتي استاذ زكريا اشكرك جدا على هذا الاطراء الرائع
الحقيقة ان مقالاتك وافكارك تكشف عن شمس روحك ونقاء عقلك وقلبك وسعادة وفائدة لي قراءة ابداعك
شكرا لابيات الشعر الجميلة


3 - عنوان جميل
سيمون خوري ( 2012 / 9 / 27 - 07:57 )
الاخت عبلة المحترمة تحية لك وصباح الخير العنوان جميل وفكرة المادة جيدة لكن الارض لن تنبت لنا الحب فهو مسكون في اعماقنا فقط على الانسان ان يكتشفه ويدرك ان ثقافة الحب والسلام تنمو عندما تتراجع ثقافة العنف والكراهية. هذا العنف الذي شهدناه في الفترة الأخيرة يعكس نوعية الثقافة التي تحتاج الى إعادة تقييم فنحن مجتمعات تحكمها القبور والمجتمع الفلسطيني هو جزء من حالة عامة يحكمه الماضي وليس المستقبل. مع التحية لك


4 - ثقافة القبور
عبله عبد الرحمن ( 2012 / 9 / 27 - 11:57 )
استاذنا المبدع سيمون خوري تحياتي اليك
كم نحن في شوق لنشر ثقافة الحب بعيدا عن ثقافة الكراهية التي تسود حتى يسود معها ضيق العيش وثقافة القبور
انني معك نحن من ينبت المحبة على هذه الارض، نحتاج فقط ان نتعلم البناء على هذه الارض لعلنا نقترب الى نور المستقبل وليس غيومه

اخر الافلام

.. فيديو تعزيزات أمنية مكثفة في كاليدونيا الجديدة • MCD


.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR




.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما


.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟




.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح