الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حياتنا المريضة ، متكلَّفة بثقل صلصالها العتيق

نصيف الناصري

2012 / 9 / 26
الادب والفن



مرثية نفسي

يحتدمُ المصير البشريّ في انفجار ثمرته ، متعرّياً بالهوّة
المهزومة من الخلود . حثالة مدفوعة بهلع الانسان
اللاشعوري من المذاق العذب لهلاكه . وجود معارٌ نحيا
في لحظته ونكابد يأسنا في جحيم حيّ بين النظام المتصدّع
للزائلين . الأضحية هي نفسها باقية منذ الأزل في تنفسها
لنسيم العالم الذي يجرح ضميرها المعذّب . آلهتنا الميتة
والحيّة في عنادها وجشعها ، تسحقنا في كل آنٍ من أجل
القرابين ، ونحن فقراء لا نملك فضة أو سنبلة محظوظة .
أسيادنا الذين فوّضناهم السهر على أحلامنا المعمورة ،
يضخّون في دروبنا سموم غطرستهم المحترقة . لعنة
تتباطأ في المواقع التي دفنَّا فيها الغرقى بلا فجر ولا صادح .
يرتب الوجود العجلان للانسان مصيره ، في تحوّله المحترس
بين العوالم المتلائمة للنفي والحضور ، والطبيعة لا تثرينا في
شُعلها الفريدة ، تحافظ على النوع ، ولا تقترن بالكائن الذي
يحضن موته بأنانية حادّة . يدعونا الواجب الى أن نُعجّل
بنهاية حياتنا المفصولة عن ثمرتها . تفويضنا للحجارة
بمصاهرة الحاضر ، فكرة غائمة ،
يواجهها النحل بارتياب شديد .





تقديم القرابين




الى صلاح حسن




تُكلّفنا النجاة من صلاتنا الى آلهتنا الشائخة والمتنقّلة بين الأشجار ،
اعطاء اشارات فاحشة للنسق الذي نريده لحياتنا . تأثيثنا لندمنا
المعزول عن السرير المخملي للموت ، يوّسع ادراكنا في التملّص
من العذر الذي يخجلنا الفكاك منه . الطواف في الأرض باتكاء
طويل على الغيوم ، أو السهر بين المصالحة التامّة للنجوم ، أشياء
لا نتوّرع عن نسيانها ونحنُ نطارد الخطّافات التي ترتقي الكمائن
العالية للايروتيكا . الانصاف في النظر الى أولئك الذين ينخرطون
في الجريمة ، ويموتون تحت القناديل المتألقة في الفظائع ، ميتة غير
متكافئة ، يُحتّم علينا أن نغيّر المفاهيم ونُجمّل الخديعة . اللامبالاة ،
أنهار تتعذّب في جروح من لا يشفيهم تقديم القرابين ، والآلهة تتبجّح
بتحفّظاتها الثابتة ولا تمنح الغفران للخاسرين . وحدها ابر الخيّر
النابضة ، تتقدّم في باطن السرّ ، وتلمس الفراغ المعقوف لتوجسنا
من الموت المفاجىء للجيران . ترّنحنا بين الديون والتأمينات في
المرايا الصدئة للطبيعة ، يدفعنا الى اعادة تجديد وسائدنا التي تستبدل
فيها الحشرات ذبذباتها . اشارة مفاجئة للمرض المتعرّق ، نتشاجر
في برقها الباقي ، ونصاهر المواساة بين الميزان والمنفى . أسياد
العالم دبابير ، يوّسعون الاعتدال المتهافت للايمان ، ويباركون نوم
قرود آلهتنا ، وعفونتنا المتوّرمة في تجرأها على الشيخوخة .






أشجار الخوخ







نرغبُ في عراكنا مع الأعداء المذبوحين ، اعطاء الحياة
أثر جمالي ما ، أو شعلة فاتنة تتّحسّس جباه الذين انتحروا
وبُسِطت فوق قبورهم أشجار الخوخ التي لا تتزحزح .
العجرفة في بئرها الدنيئة ، تُذيب الضعف النحيل الذي
نكابده في ضغطنا للسيطرة على حيواتنا المنزلية . كلّ
الطغاة الذين عرفناهم في مقالعنا المتجرّدة من عطفها
على مصائرنا المغمورة برماد الحروب ،
كانوا يضخّون النباح على الزهرة المغتاظة ،
ويتوّجب علينا أن نكون مثلهم في الاستغناء عن كلّ ما
يدمي أشجارنا التي تتوسط قبور الأسلاف . يغرق الزمن
في اللانهايات ، ويخلّف لنا ظلمته الشاملة المعطّلة والمثيرة
للانتقام . نعينه على البلوى ، وننساه في تناسق شديد مع
ذكراه التي تتصابى .






الصدى الإلهي الذي يتوسط تنفسات الرهائن





الى بلقيس حسن





يغلقون نسائم فجرنا بأفكارهم الصوفية المهدومة عن الفردوس ،
ويؤثثون الحياة بحفيف أمراض وهموم تبعدنا عن الله . رجال
زمننا الفاسد ، لا يكتفون بتجميل الخواء وتهديمهم للجسور
ونجوم البحيرات ، يتوّسدون أسلحتهم الالهية المنعشة على
الصخور ، ويتقدمون في الليل مع مدفعية طائفياتهم ، ويحوّلون
حدائقنا وبروق أطفالنا المتعفّفة الى رماد . { الأخت المحجّبة بين
أشجار الطقسوس } * تحدّق في التجويفات الكثيرة للأفق ، ولا
ترى أيّ شيء من العدل الإلهي . زوجها التقيّ الطاهر الذي يجمع
الثمار في الظهيرة للخفافيس ، يعتصم بصراخ ضحاياه ، ويئن في
ثقل زوجاته – الحدبات . شرعة لا تتجانس معها في الصيف
العصافير ، يتأبطها الشيخ ويعبر جثث من حرّض على قتلهم بلا
اكتراث . تتلكأ في طليعة من يقتلنا على الهضاب الجافّة لبلداننا ،
الثيران الدينية للمقدسين الجبابرة ، وتدوس بلا رحمة على الصدى
الإلهي الذي يتوسط تنفسات الرهائن . متوّترون في تقربهم الى
آلهتهم التي يغمرها الدم ، ولا يميّزون بين الجريمة وبين النسمة .
ما تحتاجه البشرية الآن ، هو طوفان جديد ، يتنفّس فيه العالم ،
أريج أشجار أخرى ، توثقنا الى محبّة الله وغفرانه ، وتخلّصنا من
المجرم الذي يغلط في الاملاء ،
ويضع الله والمسدس الكاتم في جرابه .







* اليوت { رباعيات أربع }








زمن الخليقة




الى زعيم نصّار






حشرات مربوطة الى الهاوية المتعفّنة للعالم ، تتدّرب على ادامة
الأسقام التي توازن موتنا ، نطيعها في المرايا الغبراء للطبيعة ،
ونتجنّب انفجار اللحظة المغضوطة . تذكّرنا للألم في سرعة
جريان الندى على الحجارة الذائبة بين الأشجار ، اشارة تُحرّك
التنفس المتضوّع للعصفور الميت ، والقش في نعومته على
الشواطىء التي اصطدنا فيها الفراشات ، يُسدي النصح الينا ،
ويدلنا على النهاية الشاحبة التي لا تلتئم فيها جروحنا . عويل
في هلعنا المشروع من ما يدّمر صوامع غلالنا الفقيرة في أزمان
المجاعة ، نتردّد في غلبته ، وتحيّرنا الإزهارات المتجدّدة للثمار .
التقدّم من زمن الخليقة الأول ، يدّنس ما آمنَّا به في الأكواخ الأبوية .
حياتنا المريضة متكلَّفة بثقل صلصالها العتيق ، ونحن نرقص من
دون باعث في اللاكيان . تزفر الكينونة نورها الفجري المعصوم
على الحجارة والمياه والظلمة المتريّثة ، ويعوز الانسان الذي يقترن
موته ، بفساد جنسه ، التحرّر التام من وعيه ، ومن المعرفة التي
تتعهّد باسناد عذابه وتشظيه تحت الشمس التائهة للزمان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو


.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05




.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر