الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموت في الحياة -3-

حميد غني جعفر

2012 / 9 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ما ذكرناه في – مؤشرات ودلالات – وفي هذه المقالة يؤكد بوضوح فشل حكومة المحاصصة في مجمل الأداء الحكومي – وبكل الميادين – في معالجة أي من المشكلات التي يعاني منها الشعب والبلاد وابتداء من التدهور الأمني الذي يهدد حياة المواطن إلى سوء الخدمات الأساسية إلى البطالة و.. و .. الخ كثيرة هي المشكلات التي تعج بها البلاد- والحمد لله - ، وكذالك أداء البرلمان فهو لم يشرع قوانين تخدم مصالح الناس وذات مساس بحياتهم اليومية للتخفيف عن كاهل المواطن الذي يئن تحت وطأة تكاليف المعيشة الباهظة أو الارتفاع المهول في إيجارات السكن والذي لم يسبق له مثيل في تأريخ العراق ، وليس من قانون يحمي المواطن من جشع واستغلال أصحاب العقارات ، وكل هذا الفشل هو بفعل افتقار الحكومة إلى برنامج واضح ومتفق عليه مع أطراف الشراكة ومحدد بضوابط وملزم للأطراف المشاركة في الحكومة على تنفيذه بعيدا عن التحزب للطائفة أو القومية أو العشيرة ، الأمر الذي ترك الباب مفتوحا للصراعات والمهاترات بين الكتل المتنفذة وكل ينشد الزعامة لنفسه ، فالسيد علاوي وكما يقال – لو ألعب لو أخرب الملعب – أما أن يكون رئيس وزراء – وأما المشاكسة وافتعال المشكلات والتصيد للأخطاء وبات هذا ديدنه هو ومن معه من قادة قائمته ، ففي آخر تصريح له يقول علاوي – أن الحوار الوطني قتل ودفن منذ زمن بعيد – وإذا كان قول علاوي هذا صحيحا ، فإن الذي قتل الحوار ودفنه هو علاوي بالذات ومن على شاكلته الذين لا يريدون الخير للشعب والوطن وذات ارتباط بأجندة خارجية وهاهو علاوي أيضا يشيد بدور السعودية الحريص على وحدة العراق – بحسب قوله – وينتقد شريكه المالكي بتسييس القضاء الذي حكم بالإعدام عدد من السعوديين الإرهابيين وعلى طارق الهاشمي ، وعلاوي يدرك تماما أن السعودية هي محور الشر في المنطقة ودورها يرتبط بالدور الأمريكي في المنطقة بل هي شرطي المنطقة – كما كان شاه إيران - ، وليس ببعيد عن الأذهان دعوة علاوي للمجتمع الدولي بعقد مؤتمر لحل القضية العراقية – أي تدويل القضية العراقية – ثم دعوته لأمريكا بالتدخل لحماية الديمقراطية في العراق ، وليس علاوي فقط ذات ارتباطات بأجندة خارجية ، كل الكتل المتنفذة هي ذات ارتباطات بدول إقليمية أو مجاورة أو أجنبية ومن هنا كان احتدام الصراعات بين الشركاء ، فكل من هذه الدول يدفع باتجاه خدمة مصالحه وهي مصدر التمويل لهذه الكتل المتنفذة وليس هناك من قرار وطني عراقي خالص ، كلها تحت ضغوطات وتأثيرات تلك الدول ... وبفعل هذا الضعف والفشل في إدارة شؤون البلاد ... و تتمادى تلك الدول في التدخل بشؤون البلاد الداخلية ، وبات واضحا جليا للشارع العراقي والرأي العام بأن هؤلاء الساسة هم أساس البلاء في كل ما تعانيه البلاد من مخاطر التحديات الكبيرة الذين يستندون أساسا إلى تلك القوى – إقليمية ودولية – فهي مصدر قوتهم – وليس إلى شعبهم الذي منحهم ثقته ودفع بهم إلى هذه المواقع .
إن شعور الحكومة بضعفها وفشلها يدفع بها إلى ممارسات – بهلوانية – بوليسية قمعية للتغطية على فشلها وضعفها وعدم قدرتها على إدارة شؤون البلاد ، في إبراز عضلاتها والظهور أمام الشعب بمظهر القوة ، ومثل هذه الممارسات كثيرة ومتعددة الأوجه ولابد أن يتذكر الجميع ما قامت به حكومة المالكي وأجهزتها القمعية من إجراءات بوليسية في مداهمتها لمقرات الحزب الشيوعي العراقي ومقر جريدته – المركزية – إضافة إلى كتاب المخابرات العراقية – سري وشخصي – بإلقاء القبض على الشيوعيين وبالأسماء وذالك خلال تظاهرات شباط – 2011 – وما أعقبها من ممارسات قمعية أخرى ، بسبب موقف الحزب الشيوعي وانحيازه إلى جانب الشعب وقواه الحية من الشبيبة الواعية و منظمات المجتمع المدني في مطالبهم العادلة والمشروعة ... فكانت هذه الاستفزازات ضد الحزب كما قامت قوات المالكي أيضا بمداهمة مقر الإتحاد العام للأدباء والكتاب هذا الصرح الثقافي الشامخ الذي يرتاده خيرة الشخصيات المرموقة من الأدباء المبدعين من الكتاب والشعراء والأساتذة الجامعيين والفنانين كونهم شاركوا أيضا في تلك التظاهرات ، لقمع الأصوات الخيرة الحرة ، وإلى جانب هذه الممارسات – البوليسية - اللادستورية واللاديمقراطية تعمد حكومة المالكي إلى بسط هيمنتها بشتى الوسائل على منظمات المجتمع المدني ومنها النقابات العمالية بذات الطرق والأساليب البعثية لتحويلها إلى أداة بيد الحكومة ، تماما كما فعل الطاغية صدام بإصداره قرار – 150 – لعام – 1987 – بتحويل العمال إلى موظفين وقوانين أخرى بهدف حرمان العمال في القطاع العام من حرية العمل النقابي مع أنهم يمثلون 75 % من عمال العراق ومع أن نوايا صدام كانت واضحة باتخاذ مثل هذا القرار الجائر ، فإن نوايا وأهداف حكومة المالكي والكتل المتنفذة لا تختلف عن نوايا صدام - كما يبدو - ... وإلا كان من الواجب في العهد الديمقراطي الجديد إعادة الحق إلى أهله من خلال إلغاء هذا القرار الجائر وكل القوانين التي صدرت في حينها – 1987 – التي أضرت بمصالح العمال وبالعمل النقابي الذي هو سلاح العمال في الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم وكان هذا القرار والقوانين التي أعقبته مرفوض من قبل الطبقة العاملة وكان هذا الفعل – أي إلغاء القرار - من أولويات الديمقراطية التي يتشدقون بها ، ولتأكيد حقيقة رفض الطبقة العاملة لهذا القرار والقوانين التي أعقبته في نفس العام – 1987 – هو تحشد الطبقة العاملة وممثليها من القيادات النقابية - منذ الأيام الأولى لسقوط الطاغية في – 16 – 5 – 2003 – بكل قوة وبملأ إرادتها من أجل استعادة حقها – المسلوب – وحريتها في العمل النقابي وقدمت منظمة العمل الدولية دعمها وتضامنها مع الممثلين الشرعيين للطبقة العاملة ، وإعداد مسودة قانون عمل جديد بدلا من قانون العمل النافذ رقم – 71 في 1987 – الذي أعتبر منذ صدوره انتهاكا صارخا لحقوق الطبقة العاملة وساهمت منظمة العمل الدولية بإعداد مسودته الأولى وتمت مناقشته من قبل ممثلي جميع النقابات العمالية في العراق كما وتمت مناقشته مسودته مع وزارة العمل – في حينها – وتم إرساله إلى مجلس الشورى في – 2007 - حتى أرسل بدعم من رئيس الجمهورية إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء في – 11 – 5 – 2010 – ومنذ بضعة أشهر صوت مجلس الوزراء على القانون ، ولكن بعد حذف 14 مادة منه تمثل روح القانون من بينها حق العمال في القطاع العام في التنظيم النقابي لإفراغه من محتواه الديمقراطي – وبذالك فقد عبر هؤلاء الساسة – الديمقراطيون – عن خشيتهم من التنظيم النقابي ووحدة الطبقة العاملة ، كما كان يخشاها الديكتاتور المقبور ، وهو انتهاك فاضح للإعلان العالمي لحقوق الإنسان – 1948 – ودستور منظمة العمل الدولية وخلافا لكل القوانين والأعراف الدولية ومخالف أيضا للمادة 22 – ثالثا – من الدستور العراقي ولا يختلف هذا القانون عن قانون 71 – 1987 – الصادر عن الديكتاتور ، وهذا يؤكد توجهات الديمقراطيين الجدد مع توجهات النظام ألبعثي ذاتها في تهميش دور الطبقة العاملة وتفتيت وحدتها لتسهيل الهيمنة عليها وجعلها أداة للحكومة كما فعل صدام ، وما قرار حكومة الجعفري عام – 2005 – بوضع اليد على أموال وممتلكات الإتحاد العام لنقابات العمال وكذالك تشكيل لجنة حكومية من وزارة العمل بذريعة التحضير للانتخابات العمالية إلا الدليل الساطع على محاولات فرض الهيمنة على الإتحاد العام – الشرعي – لنقابات العمال ، والانكى من ذالك وبعد تأجيلات عديدة – ومقصودة – للانتخابات العمالية جرت قبل بضعة شهور انتخابات مزورة لتزييف إرادة العمال ، وقد رفضها الاتحاد العام – الشرعي – لنقابات العمال إذ تصدرتها عناصر لا تمت بصلة للعمل النقابي عناصر طارئة فرضت على العمال قسرا كما أدانتها منظمة العمل الدولية وكل التنظيمات النقابية العمالية ، وقد قامت هذه العناصر الطارئة على العمل النقابي والمدعومة من إحدى المليشيات المسلحة التابعة للتحالف الوطني بمنع دخول النقابيين الحقيقيين إلى مقر الإتحاد العام للنقابات واعتصم هؤلاء النقابيون الشرعيون أمام مقر الإتحاد لبضعة أيام متتالية ... فكان الاعتداء عليهم بالضرب والشتم والمهانة من قبل تلك المليشيات ومنعهم من دخول الاتحاد ، الأمر الذي اضطر النقابات الشرعية الممثلة لإرادة العمال وحرصا منها على وحدة الطبقة العاملة وتجنبا للمماحكات مع تلك المليشيات إلى استئجار مقر آخر لها ومنها نقابة عمال الميكانيك ونقابة عمال البناء والأخشاب ،وهذا نموذج من عدالة وديمقراطية وشفافية المتصارعين في الهيمنة على منظمات المجتمع المدني .

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير


.. مصادر طبية: مقتل 66 وإصابة 138 آخرين في غزة خلال الساعات الـ




.. السلطات الروسية تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة | #


.. مراسلنا: غارات جوية إسرائيلية على بلدتي مارون الراس وطيرحرفا




.. جهود دولية وإقليمية حثيثة لوقف إطلاق النار في غزة | #رادار