الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغني يتسول ! السياسة العراقية تطفيء المستقبل وتكبل البلاد بالديون !

حسب الله يحيى

2012 / 9 / 27
مواضيع وابحاث سياسية



في سابقة خطيرة، وتجه لايخلو من التخطيط لوضع البلاد أسيرة قروض طويلة الأمد وبفوائد مالية لامحدودة؛ قدمت الحكومة العراقية مؤخراً (مشروع البنى التحتية) الى مجلس النواب للتصويت عليه وبمبلغ (37) مليار دولار!!
المشروع وعلى وفق ماقدمت تفاصيله، يرهن العراق ويكبله ويضع مستقبله بأيدي الشركات الأجنبية على مدى سنوات قادمة، من دون أن يتوجه بدراسة الواقع المالي للبلاد، والتحقيق في كيفية صرف المال العام، خاصة وأن العراق يملك ثروات مالية ضخمة من النفط والغاز تحديداً، ينفق منها 70% على الرواتب التشغيلية التي تستنزف خزينة الدولة، في وقت يفترض بالحكومة العمل على ترشيد رواتب الرئاسات الثلاث والنواب والوزراء والمستشارين والوكلاء والخبراء والمدراء والحراسات الامنية الشخصية التي تأخذ من خزينة الدولة أكثر من ثلثها.. من دون أن تكون هناك موزانة في سلم الرواتب التي يفوق الكثير منها كل مسؤول في أية دولة متحضرة، فيما يعيش أكثر من نصف العراقيين في وضع يصل أحياناً أدنى من حد الكفاف ..
كما أن الدولة برئاساتها الثلاث، لم تتمكن منذ عام 2003 حتى الآن التخطيط لبناء دولة مدنية ديمقراطية متقدمة.. في وقت تنوء بثقل تردي الاوضاع الأمنية والفساد المادي والاداري الذي ينخر جسد الدولة برمتها ..
وما يصرف على الرواتب التشغيلية، لايعد حلاً للبطالة ولا تنمية للبلاد، ولا إنجازاً عادلاً، ولا إنفاقاً سليماً، فالوزارات شبه معطلة، ووساطات التعيين لاتعتمد الخبرات ولا العدالة، وعسكرة المجتمع لاتفضي الى الارتقاء به .
وما ينفق من اموال البنى التحتية / الخدمية لايتجاوز الـ 30% وهي نسبة ضئيلة جداً مقارنة بما يصرف من الخزينة على الرواتب السخية التي لاتدر الفوائد إلا على أصحابها ..
كما أن هذه النسبة الـ 30% عرضة للفساد المالي والاداري بحيث لايصل منها الى المواطنين إلا القشور.. وهو الامر يجعل الأمور مجتمعة في حالة تردٍ مستمر وتخلف دائم .
وبدلاً من معالجة هذا الواقع المالي المتردي؛ تلجأ الحكومة الى حلول غريبة، من شأنها أن تلحق بالبلاد أفدح الأضرار، وتجعل منها عرضة لنهب الشركات الأجنبية وتكبيل العراق بثقل الديون وفوائدها لأمد طويل ..
وكان الأمل ان تتوجه (العقول) القائمة على ادارة الدولة العراقية برمتها لمراجعة حالات التدهور المستمرة والمحيطة بها من كل جانب.. بدلاً من الانشغال بالصراعات السياسية التي لايراد منها إلا تسلق سلم السلطة وفرض النفود وتوزيع المراكز الوظيفية بين هذه القوى السياسية .
إن من يشرع القوانين للشعب، لايمكن أن يكون عادلاً وموضوعياً وهو مرشح من قبل فئة معينة أحسنت اليه بمقعد في البرلمان، وقبل ذلك لايمكن لمفوضية انتخابية أن تكون منصفة ونقية واعضاؤها يمثلون أطرافاً سياسية بعينها ..
كل هذه الاساليب في تهيئة عناصر منتقاة وموالية ولصيقة برجالات السلطة ..؛ لم تكف القائمين على شؤون البلاد والعباد، ولذلك توجه المساعدين الى تدمير المستقبل ممسبقاً العراقي وإفشال كل فئة قادمة في حالة عدم تكرار الحاضر وهو ماتخشاه وتحذر منه وما تتوقعه كذلك .
ولو توفرت عقول وطنية مدركة وواعية وحافظة ويهمها مستقبل العراق حقاً؛ لكانت عملت على معالجة الأمور بشكل آخر ولتوجهت لأدارة الأموال العراقية إدارة علمية وموضوعية دقيقة، تهدف الى مراقبة المال العام ووضعه بأيادٍ نظيفة، وشجعت القطاع الخاص في تولي مهام البناء والاعمار، لا الاعتماد كلياً على شركات أجنبية تنهب أموال العراقيين.. ذلك أن العراق يمكن له انتاج الكثير من المواد الغذائية وتنظيف احيائه وتبليط شوارعه وبناء بيوته ومدارسه ومستوصفاته ..وحتى في توليد الطاقة الكهربائية بوصفه بلداً منتجاً للنفظ، وتنقية مياهه بوصفه يمتلك ثروة مائية هائلة، بدأت تجف بسبب السياسات غير العقلانية مع دول الجوار .
نعم .. العراقيون قادرون على اعمار بلادهم.. إذا ما تيسرت لهم دولة تحمي أمنهم وسلامتهم وثرواتهم.. لا أن تفكر بمستقبل يطفيء آمالهم ويجعل منهم مجرد أناس كسالى يتسولون قوتهم وكل مستلزمات حياتهم من الخارج .
إن هذه الرؤى لايمكن أن تسهم في تطوير العراق، وإنما هدمه وتدميره وجعله أسيراً لسنوات طويلة قادمة.. لدى شركات لايهمها من امور العراق والعراقيين سوى ما يحصدونه من أرباح وذلك من خلال مايسمى (مشروع البنى التحتية) الذي لايعالج الفقر والبطالة والمرض ومن قبل ذلك أمن العراق واستقلاله الوطني والاقتصادي وإنما جعله عرضة للنهب وعلى وفق شكل براق يوحي بأن الأمور قد حلّت على وفق أحسن وأفضل الحلول، فيما نتبين ان جوهر الحقيقة لايفضي الا الى نتائج من شأنها أن تبقي العراق على احواله المتردية حاضراً وممتداً الى مستقبل مجهول ..
ولعل الاصرار على هذا (المشروع) منذ عام 2009 وحتى الآن يؤشر على أن نمط التفكير وسبل التوجه.. بقيت سلبية وجامدة ومحنطة طوال هذه المدة.. ومن شأنها أن تظل تنظر الى هذا (المشروع) الذي لايشرع الا للفشل ..على مدى الزمن المستقبل الآفل، وما من سبيل للحيلولة دون تنفيذه إلا بفضحه والكشف عن النوايا الخفية التي تكمن وراءه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟