الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة الدولة في المغرب

حميد المصباحي

2012 / 9 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


السياسة,كل فعل أو فكر غايته توجيه الدولة ومد سلطتها ضمانا لاستمراريتها أو حتى الحد من هذه السلطة بإعادة تنظيمها,دون نسيان أن السياسة أيضا هي مجهودات لتغيير السلطة السياسية بغعادة بنائها,فلا سياسة بدون التفكير في الدولة,بما هي أداة وجهاز لضبط المججتمع والتحكم فيه,تربويا واقتصاديا وإداريا,
1الدولة في المغرب
لا يمكن الشك بأنها تأسست وفق غايات الضبط,في صراعات مريرة ضد القبائل,وحتى الزوايا,ومختلف التشكيلات الإجتماعية التي عرفها التاريخ المغربي,ولذلك بقيت الدولة في المغرب حبيسة التفكير في الشرعية التقليدية,التي كانت بها تجابه منذ نشاتها,سواء كانت هذه الشرعيات دينية أو حتى عرقية,فالمغاربة كانوا يبجلون الصلحاء وذوي الإنتماء للقبيلة الشريفة,تلك التي كان رجالاتها يفرون من الشرق,بفعل الإضطهادات التي عاشها أهل البيت,والمقربون منهم,من بني العمومة وأقاربهم,فحافظ المغرب على هذه الثوابت,التي فرضت على الدولة المغربية,استحضار الأبعاد الدينية حفاظا على شرعيتها,وامتداداتها الدينية,التي بها اكتسبت ولاءات القبائل,التي ترى في السلطة بعدا دينيا أكثر منه مدنيا واجتماعيا ومصلحيا.
2الدولة والمستعمر
عندما احتلت فرنسا المغرب,بفعل دوافع دولية,تاريخية,قدمت بوجودها نموذجا في كيفيات إدارة شؤون المجتمعات,فرغم عنفها,حاولت عدم الإصطدام بقيم التجمعات المحلية,
واجتهدت لفهمها,وخطت لنفسها مسارا في مقاومة المحلي,بوتيرة متدرجة,مع التفكير في البدائل بشكل برغماتي,تقدمه للناس,وبدأت بالقضايا الأكثر إلحاحية,بحيث جعلت الناس يلمسون تحسن صحتهم من خلال التطبيب العصري لتحاصر نظام الكهانة,وشفط الدم بالحلاقة,وطرد النحس بالتمائم,ورغم هذه المجهودات,كانت فرنسا في مجالات أخرى,تفضل التريث في اتخاذ القرارات,فهي دولة استعمارية,ولا يمكن القبول بها,خصوصا مع التجربة الجزائرية,التي أدرك بها المستعمر,عجزه عن إلغاء الذاكرة والتاريخ للمجتمعات التي يعتبرها شفاهية في ثقافتها,معتقدا أن النسيان سهل ومقدور على إكساب الأهالي هوية جديدة,أو على الأقل التأثير في هويتهم الأصلية.
3دولة الإستقلال
بعد بزوغ عصر الحرية,ظهرت الأحزاب الوطنية,التي قادت النضال السياسي ضد الإستعمار,مطالبة بأن تكون هي الحاكمة,كما حدث بالجزائر,لكن تحرر المغرب كان مختلفا,كما يعرف دارسو التاريخ المغربي,فهناك اتفاقية إكسلبان,التي بقيت بعض بنودها سرية,وربما ندمت عليها بعض قيادات الحركة الوطنية وزعاماتها التاريخية,ولينجو نظام الحكم من استفراد أحزاب الحركة الوطنية بالحكم,عفا عن الأعيان الذين تعاونوا مع المستعمر,الذي أوصى بهم,وربما أكد على حمايتهم ورعاية مصالحهم,فتكتلوا وشكلوا قوة,انخرطت في الجيش والأمن,وشكلت فيما بعد أحزابا سياسية,نالت اعتراف الدولة,ودعمها أيضا,بل خطط لأن تكون قوة منافسة للأحزاب الوطنية,التي صارعت بعضها,بانشقاق حزب الإستقلال,الذي واجه حزب الشورى والإسلال وكذا الحزب الشيوعي المغربي.
تجارب الدولة المغربية,حتما أثرت في تفكيرها السياسي,فصار لها أسلوبها الخاص لفهم السياسة,وممارستها,بحيث يتم استحضار المراحل الثلاث,كمؤثرات استراتيجية محددة لثوابت الحكم في الممارسة السياسية,ويمكن إجمالها في العناصر التالية,
أ التوازنات
لا يمكن للسياسة في المغرب,حسب منطق الدولة,أن تخل بتوازن القوى,بحيث لا يمكن القبول بقوة واحدة,مهيمنة اجتماعيا وحتى إيديولوجيا,فهي حكومة,قائمة على عدم المس بما يعتبر عادات في صلب الدولة المغربية,كأن تكون هي وحدها رمز العطاء,والهبات,وهي القابلة بنيل الرضى,والمتصرفة الواحدة فيما يعتبر مقدسات الحكم,أي الإستجابة لرجاء المغلوبين الذين يطالهم القانون,أو تمس مصالحهم من طرف السلطة المنتخبة.
ب المساءلات
مفادها حق الدولة,في مساءلة خدامها من المنتخبين حتى لو كانوا وزراء,عليهم القبول بتأنيبات الدولة,فهي الحق الذي لا تطاله عتابات المنتخبين,وهو يطالها,ويمهد لإيقافها إن اقتضى الأمر,وهو ما يعرف في الرمزيات اللغوية المغربية السياسية,بالجهات العليا,إذ يكفي أن يقول سياسي,بأن هناك جهات عليا,حتى تنقلب القرارات ويعم الصمت القاعات,حتى لو كانت مؤتمرات لأحزاب سياسية أو تجمعات مدنية.
ج العطاءات
وهي مجمل الهبات التي تقدم,سواء كانت اقتصادية,أو مسؤوليات,منها إدارة المؤسسات العمومية الكبرى,التي يقال عنها أنها استراتيجية,وغيرها كثير,تلك التي لايمكن رفضها,بل هي تمهيد للدخول إلى دار المخزن كما كان يقال في الخطاب التقليدي المغربي,والتي لايمكن الخروج منها بسهولة وبدون أضرار سياسية غير قابلة للإصلاح ولا حتى النسيان.
حميد المصباحي كاتب وروائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ