الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكرياتي في اليمن - الحلقة الثانية

عصام عبد العزيز المعموري

2012 / 9 / 29
سيرة ذاتية


ذكرياتي في اليمن – الحلقة الثانية
الأستاذ المساعد الدكتور عصام عبد العزيز المعموري – معهد إعداد المعلمين – بعقوبة – العراق
.............................................................................................................
الزمان : الثالث عشر من سبتمبر( أيلول ) عام 1992 الساعة التاسعة صباحا"
المكان : باب السفارة اليمانية في مدينة المسبح قرب مركز شرطة المسبح في بغداد
هذه هي التفاصيل الزمكانية التي بلّغنا بها استعدادا" للتوجه صوب اليمن الشقيق ضمن برنامج للإعارة في مجال التدريس في المدارس الثانوية هناك لمدة أربع سنوات ، ولكي ألتزم بالزمان والمكان المحددين قررت المبيت في بيت أهلي في ناحية العبارة في محافظة ديالى وكان قد سبقني للإعارة الى اليمن شقيقي ( سامي ) وكنت أمنّي النفس بأني سأجد من يستقبلني هناك حيث أنه وصل اليمن قبلي بأسبوعين وكان محظوظا" حيث قبل في دراسة الماجستير وفي الإعارة للتدريس في اليمن في آن واحد ولما سألني أيهما يختار فأرشدته الى أن يترك الماجستير ويحتفظ بالإعارة لأن الرواتب في العراق آنذاك كانت لا تتعدى الثلاثة آلاف دينار فأخذ بنصيحتي وتوجه صوب اليمن . وفي الساعة الثانية ليلا" حيث كنت أغط في نوم عميق في بيت أهلي طرق باب البيت طرقا" لم نعهده من قبل واستيقظ كل من في الدار لرؤية الطارق وإذا به شقيقي ( سامي ) عائد من اليمن بخيبة أمل يشرح لنا مأساوية الوضع في اليمن وكأننا أمام تراجيديا ويحذّرني من السفر إلى هناك لأنني سوف أندم طيلة حياتي على حد قوله .. وطلب مني الجميع عدم الذهاب وقلت لهم : إنها الفرصة الوحيدة في حياتي للحصول على مسكن وسوف أذهب لو رموني بالصواريخ ، فاشتد غضب شقيقي ( سامي ) وقال : سوف أمنعك بكل ما أوتيت من قوة لأنك ذاهب إلى مأساة .. قال هذا على الرغم من أنه عيّن في أفضل محافظة في اليمن بعد حضرموت ألا وهي محافظة ( تعز ) .
استيقظت في السادسة صباحا" وكان الجميع يغطون في نوم عميق واستأجرت سيارة أجرة حيث كنت في باب السفارة الساعة الثامنة صباحا" . وفي الساعة التاسعة صباحا" وبينما كنا مستعدين للانطلاق في حافلات كبيرة أعدت لهذا الغرض لإيصالنا الى عمّان واذا بشقيقي (سامي ) يفاجأني ويصعد الى الباص الذي أستقله ويطلب مني النزول واحتد النقاش بيننا حيث كان يصر على عودتي وعندما سمع ذوو المدرسين حديث شقيقي عن اليمن أصيبوا بخيبة أمل وطلب بعضهم من أبنائهم العودة وأحمد الله أنني لم أسمع نصيحة شقيقي وذهبت الى اليمن الشقيق .. فالسفر كما يقول الإذاعي المصري ( مفيد فوزي ) يمحو أمية العينين . ولما فشلت كل محاولات شقيقي لمنعي من السفر رضخ لإرادتي ومنحني ( 20 دينار أردني ) والتي كانت مبلغا" لا يستهان به آنذاك ، وكل ما أمتلكه من ذخيرة آنذاك هو أقراط وقلادة و خاتم زوجتي بعتها جميعا" في عمّان .
كنا نتوقع أن ثمة من ينتظرنا في عمّان ويرتّب وضعنا ولكن شيئا" من هذا لم يحدث ولما شاهد زملائي شدة تذمري من هذا الوضع طلبوا مني الاتصال بالملحق الثقافي اليماني في عمّان وبالفعل اتصلت به وقال لي بأن علينا المبيت في الفنادق لأن موعد الطائرة التي ستقلنا سيكون بعد أربعة أيام ولكني أبلغته بأننا لا نملك قوت يومنا فكيف يتم تدبير مبلغ استئجار غرف في فنادق لمدة أربعة أيام ؟ أخبرني بأنه سيتخذ إجراء" مناسبا" للتعامل مع هذه الحالة وكنا ننتظر بفارغ الصبر علاجا" لوضعنا المتردي هذا ؟ وماهي الا نصف ساعة والملحق الثقافي اليماني يتصل بنا ويخبرنا بأنه نسّق مع إمام جامع ( العسّاف ) في عمّان لكي يكون مبيتنا هناك .. فكيف يمكن تصور مبيت 120 مدرس في جامع وفوّضنا أمرنا الى الله وكانت البيوت المجاورة للجامع تتبرع لنا بالفطور وبعض الوجبات وكأننا في مجاعة في بلد من أقاصي أفريقيا . وحل موعد الرحيل وذهبنا الى مطار الملكة علياء ووجدنا الملحق الثقافي اليماني أمامنا هناك وطلب منا أن ندفع ( 20دينار أردني ) ضريبة مطار فصعق زملائي لأن هذا الإجراء لم يكن متوقعا" ولم يمتلك أغلب الزملاء هذا المبلغ وتقبلنا الأمر على مضض بعد أن أقرض كل منا الآخر ، وبعد أن تم جباية هذا المبلغ منا اندفع الزملاء بفوضى عارمة نحو الطائرة فقلت لهم : لماذا هذه الفوضى .. أليس عدد المقاعد بقدر عددنا وأن أمر أرقام المقاعد قد رتّب من قبل .. فقالوا لي : انك ذاهب الى اليمن وعلى متن طائرة يمانية فلا تستغرب أي شيئ ، وبالفعل وجد أغلب الزملاء أنفسهم فائضين عن عدد الركاب الذي تستوعبه الطائرة فتم تأجيلهم الى أيام أخرى وتصوروا مدى خسارتهم ومعاناتهم عن كل يوم إضافي يبقون فيه في عمّان .
استغرقت رحلتنا من عمّان الى صنعاء ثلاث ساعات وعند وصولنا هناك كنا نبحث عن فنادق رخيصة لأن كل ما نمتلكه لايكفي لتدبير أمورنا هناك سوى بضعة أيام وكنا نتوقع بأن توزيعنا على محافظات اليمن سيتم فور وصولنا الى صنعاء لكن ذلك كله لم يحدث وبقينا عشرين يوما" في صنعاء وبلّغنا بالتوجه الى شارع 60 في صنعاء حيث تقع وزارة التربية وتم توزيعنا وكانت محافظة ( أبين ) في الشطر الجنوبي من اليمن من نصيبي وكم كنت أتمنى لو كانت محافظة ( اب ) المحافظة الخضراء ذات المناظر الخلابة من نصيبي ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ