الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مباركة حسني مبارك

لميس كاظم

2005 / 3 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


اعطى الرئيس حسني مبارك مكرمة ثمينة للشعب المصري من خلال التعديل الذي سيجرى على المادة 76 من الدستور المصري المؤقت الذي يفضي بالسماح لأي مواطن مصري الترشيح الى منصب رئيس الجمهورية شرط أن يُزكى من قبل أعضاء مجلس الشعب أو مجلس الشورى المنتخبين فقط والغاء فقرة الإستفتاء الرئاسي التي مورست لمدة 24 سنة وأصبحت اليوم مودة قديمة.
في البداية لو لم يتكرم سيادة الرئيس بهذا التعديل هل يجرء أحد أن يُعدل على غلاف الدستور المؤقت ، فهكذا هي ديمقراطية القيادة السياسية في مصر ، ديمقراطية يقّطرها الرئيس على شعبه الظمأن قطرة بعد قطرة وتدرج كلها تحت يافطة الإصلاح السياسي والديمقراطية، أي إصلاح وأي ديمقراطية تلك التي تأتي كصدقة من رئيس متخم بالقوانين الجائرة بحق شعبة.
إن هذا التعديل جاء نتيجة الضغط الخارجي والداخلي الذي تعرض له الرئيس في الفترة الأخيرة ، إذ إن هذه الخطوة جائت بعد اسبوع من خطاب الرئيس الأمريكي بوش حول ضرورة تطبيق سياسة الشرق الأوسط الكبير في المنطقة وإجراء الأصلاحات السياسية وحدد اول هذه البلدان هي مصر.
جاء هذا التعديل الدستوري بعد أن ظهرت بوادر الأحتقان السياسي والأحتجاج الجماهيري في مصر ،على توريث الرئاسة لأبنه كما حدث في المغرب والأردن وسوريا.
فهل الشعب المصري محتاج في الوقت الحاضر لمثل هذا التعديل؟ ومن هو المسفيد من هذا التعديل؟
إن هذا التعديل لايعتبر إنجاز ديمقراطي للشعب المصري بل إنه يضيف نقطة أيجابية لرصيد الرئيس نفسه بإنه أجرى التعديلات والأصلاحات المطلوبة منه. أن الشعب المصري بحاجة ماسة الى ديمقراطية جماهيرية, ومؤسساتيه حقيقية تنهض في حاجات المجتمع الأساسية ، كإجراء إنتخابات في عموم مؤسسات المجتمع المدني والسلطات الثلاث والغاء حالة الطوارئ والغاء المعتقلات السياسية وإعادة كتابة وإقرار الدستور الدائم الذي يضمن حماية حرية وحقوق المواطن ،أي دمقرطة المجتمع المصري في كل مؤسساته، فهذ الترميم غير مجدي حاليا فهو أشبه بترميم شبابيك البيت المصري وأساسه منخور، فمن باب أولى, اصلاح القاعدة السياسية التحتية ومن ثم التوجه لأنتخاب رئيس الحكومة ، كيف ممكن لرئيس منتخب أن يعمل في مؤسسات أغلبها تابعة للحزب الوطني الحاكم وهو لايمتلك القرار . إن هذا التعديل يدخل ضمن الأصلاحات المطلوبة على الدستور ، إما فاعليته ونجاحه غير مهم .

ان الرئيس حسني مبارك ، قد اعلن مرارا، أنه يرفض الوصايا الخارجية القاضية بضرورة الأصلاح السياسي وتعديل المناهج التعليمية في مصر لكن للأسف الشديد جاءت تعديلاته هذه بعد أن لوحت أمريكا بالعصا الغليظة وأنها لاتستطيع الأنتظار طويلا والتغيير لابد أن يتم، فهل هذه صدفة أم ان الهبة الديمقراطية لشعوبنا تأتي من كرم الرؤساء.

والأدهىمن هذا كله إن الحكام مدركون تماما إن توسيع الديمقراطية ممكن أن يفلت زمام السيطرة على الشعب وتخرج المبادرة من أيديهم وتقرب ساعة الخلاص من حكمهم لذلك تاتي أنجازاتهم الأصلاحية بخطوات مدروسة و بدقة ويحولون أي تعديل او أنجاز ديمقراطي الى مكرمة وهبة من سيادتهم لشعوبهم وبهذا السخاء يسمحون ببقدر محدود من التنفيس السياسي وسحب فتيل الأضطراب الجماهيري.

لكن السؤال المهم هو من يستطيع من المرشحين أن ينافس رئيس الجمهورية وماهي فرص الموازنة بينه وبين الرئيس في الحملات والبرنامج الأنتخابي وهو يتمتع بالمزايا التالية:
1. كل الأمكانات المادية والأعلامية والحكومية والخدمية مسخرة لخدمته ولحملته الأعلانية في الأنتخابات ولايجرء أحد التشكيك والطعن بنزاهته وشفافية سياسة رئيس الجمهورية لأن هذه من الخطوط الحمراء التي لايمكن تجاوزها
2. الرئيس تحت تصرفه كل أعضاء الحزب الوطني الحاكم ، الذين يشغلون ، معظم المؤسسات الأعلامية والوزرات وممثلي مجلس الشعب ومجلس الشورى وباقي المؤسسات الحكومية التي تعلن الولاء الكامل للرئيس الحالي.
3. صلاحيات الرئيس ممكن أن تستثمر في الحملة الأنتخابية لصالحه، إذ يحق للرئيس تعيين وحل مجلس الوزراء في اي لحظة وتشكيل وزاري جديد خلال أيام وكذلك يحق له تعيين ثلث من أعضاء مجلس الشعب وعشرة مقاعد في مجلس الشورى تحت تصرفه ،هذه القوة العملاقة المحمية بالدستور المؤقت، يستطيع سحق أي من المرشحين المنافسين بسهولة.
4. دستور البلد في حالة طوارئ والحريات السياسية محدودة جدا هذه الظروف تمنع المنافس من خوض الحملة الأنتخابية بحرية ومنافسة متوازنة.
كل هذه الأعتبارات لاتسمح للمرشح من خوض إنتخابات الرئاسة بنزاهه وشفافية.
ان هذا التعديل لايفي بالغرض ياسيادة الرئيس ولا يشفي غليل الشعب المصري ولاحتى أصدقائك الأمريكان , فهم يتطلعون الى المزيد من الأصلاحات والأنجازات الديمقراطية التي تنمي الوعي الليبرالي والديمقراطي الحقيقي.
27.02.2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة