الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
السعي لتوحيد النضال بين الحركات الاجتماعية والقوى التقدمية
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
2012 / 10 / 1
ملف حول المنتدى الاجتماعي العالمي، ودور الحركات الاجتماعية والتقدمية في العالم العربي.
1- هل مازالت أطروحة "عالم أخر ممكن" قائمة ، هل من مفر من اقتصاد السوق بعد ان أضحى حقيقة ملموسة وهل يمكن ان يكون للمنتدى الاجتماعي دور في صياغة البدائل هذه؟
كل الدلائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في النظام الرأسمالي العالمي تشير عن صحة أطروحة " عالم آخر ممكن " بديلاً عن نظام الاستغلال والربح غير المشروع وذلك لعدم إمكانية منظرو الرأسمالية من إيجاد حلول نهائية للتناقضات الداخلية وتحقيق الوعود بأن النظام الرأسمالي هو آخر تشكيلة اجتماعية اقتصادية ولا يمكن تغييرها وستبقى خالدة، لكن ذلك التوجه لم يصمد أمام التطورات التي جعلت من مقولة " الرأسمالية الشعبية " ومقولات أخرى عبارة عن كذبة يراد منها خداع شغيلة اليد والفكر والفئات الاجتماعية التي تخضع للاستغلال والسرقة، وفي مقدمتها الأزمات الدورية التي لا تستطيع الرأسمالية التخلص منها وكذلك الأزمات العامة وآخرها الأزمة المالية الدولية التي مازالت تفعل فعلها في الاقتصاد وضربت اطنابها في جوهر النظام كشكل وجوهر والمحاولات المحمومة للترقيع والدعم المالي الهائل من قبل بعض الدول الرأسمالية الكبيرة كي لا تنهار الأنظمة في البعض من الدول وبخاصة في اوربا، وما نراه من تداعيات في الأنظمة الرأسمالية جميعها تقريباً كاليونان وأسبانيا وايطاليا وحتى الولايات المتحدة وغيرها إلا دليل آخر.
إن اقتصاد السوق وان أصبح حقيقة ملموسة فهو الذي يبطش ويفتك بمليارات من البشر ويدفع باتجاه تقليص المساعدات الاجتماعية وزيادة البطالة والفقر ليس في الدول الفقيرة فحسب بل حتى في الدول المتقدمة صناعياً، ويلعب ارتفاع الأسعار للمواد المعيشية والأولية وإطلاقه بدون أية ثوابت أو معايير إنسانية في تدمير أصحاب الدخول الضعيفة ويدفع بهم نحو حافة الفقر أو دونه بينما القلة الرأسمالية هي التي تجني الأرباح بل تتضخم أرباحها يوماً بعد آخر، وقد يكون الخيار نحو الاشتراكية أهم بديل لاقتصاد السوق والتغيرات في جوهر النظام الرأسمالي الذي هو أساس العلةْ باعتباره مبني على الاستغلال وسرقة قوة العمل وتحويلها إلى جيوب دهاقنة الرأسمالية.
المنتدى الاجتماعي العالمي مثلما أشير عنه هو فضاء للحوار الديمقراطي وتبادل الخبرات فضلاً عن تفاعل الحركات الاجتماعية وقد شاركت بهذا الشكل أو ذاك فيما يخص النضال بالضد من العولمة الرأسمالية أو بالضد من وجود قواعد عسكرية أجنبية في البعض من الدول لما تحمله من مخاطر على السلم العالمي
2- ماذا يعني انعقاد المنتدى في بلد عربي ؟ هل هو اختيار موفق، وهل علينا كباحثين عن بدائل أن نستعد له؟
لقد أشار ميثاق المنتدى الاجتماعي بشكل لا يقبل اللبس أو الافتراض إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات الواقعية الملموسة من اجل بناء عالم آخر وهذا التوجه الواضح دليل على أن النظام الرأسمالي أصبح لا يستطيع المجاراة بشكل كامل مع متطلبات الشعوب وبخاصة الطبقات والفئات الكادحة، وبما أن المنطقة العربية تقريباً تعيش الهجين الرأسمالي المحشو بفئات إقطاعية ودينية وكمبرادورية جعلته يتلكأ في اتخاذ الطريق السليم لتخليص شعوب المنطقة من عدة آفات في أولها الهيمنة الأجنبية على اقتصادياتها وثرواتها الطبيعية وفي مقدمتها البترول، ثم الحريات العامة والشخصية والفقر والبطالة وسوء الخدمات وقضايا اجتماعية واقتصادية وغيرهما، وهي تحتاج إلى النضال المشترك العام ، ولا شك أن انعقاد المنتدى في بلد عربي سوف يخدم عمليات الحوار والنقاش الجارية بين الباحثين وقد يؤدي ذلك إلى استنتاجات واقعية حول البحث عن طريق آخر يحقق نوعاً من العدالة الاجتماعية ويعالج فكرة إمكانية إيجاد بديل جديد يختلف عن اقتصاد السوق للحد من النهب والاستغلال، والوقوف أمام العولمة الرأسمالية التي تحاول إخضاع جميع البلدان لجشعها ونهبها وإفقار شعوبها، وقد يساعد الحوار والبحث على إيجاد حلول منطقية للأوضاع المأساوية الموجودة في العديد من الدول العربية والبلدان الشبيهة في العالم، إلا أن ذلك يترتب على أن يكون المنتدى بصفته الجماهيرية غير الرسمية بالمعنى أن يبتعد عن القيود والقرارات الحكومية الرسمية مما يجعله أسيراً للميكانيكية والروتين حيث يستخدم بدلاً من البحث العلمي وتبادل الخبرات وصياغة المقترحات إلى البحث الرسمي المحدود وتمجيد أو تقديس الموجود بحجة الشريعة والدين الإسلامي الذي يستخدم سياسياً من قبل أحزاب الإسلام السياسي والحكومات العربية .
3- هل يمكن لليسار في البلدان العربية بمختلف أطيافه ان يتجمع في صيغ حركات اجتماعية تشترك بنضالها من اجل العدالة والخبز والكرامة؟ وهل من فرصة لتشكيل -منتدى اجتماعي- في المنطقة العربية يكون عابر للحدود ويضم المكونات ذات الاتجاهات المختلفة؟
نعم يمكن لليسار في البلدان العربية بمختلف أطيافه أن يلعب دوراً ايجابياً وطليعياً إذا استطاع توحيد الخطاب العام نحو التعاون والعمل المشترك الذي سيجعل العمل موحداً وبهذا العمل المنظم والهادف سوف يتمكن اليسار ليس في تشكيل منتدى اجتماعي بحدود ضيقة بل سيجتاز حدود المنطقة وتصبح له تأثيرات غير قليلة بما يمتلك من قدرات للمكونات التي لن تعيقها الاتجاهات المختلفة بل ستكون مساعدة لها في النضال من اجل مستقبل أفضل للشعوب بتحقيق عدالة تحمل في مكوناتها كرامة الإنسان كأفراد أو مجموعات، آخر المطاف سيبقى الحرص على مصالح الجماهير الكادحة هو المعيار الذي يحدد نجاح اليسار في مهماته المستقبلية، والقوى التقدمية لها امكانات واسعة إذا جددت برامجها وآليات عملها واستخدام التقنية العلمية في توجيه الخطاب، ونشير إلى برنامج للاتصال بشكل مباشر مع أكثرية الجماهير المكتوية بالاستغلال والقهر وكبت الحريات والتفاعل مع القوى التقدمية وكذلك منظمات المجتمع المدني، اليسار في الدول العربية على الرغم من أن هناك قواسم مشتركة في مقدمتها السعي من اجل تحقيق مجتمع علماني ديمقراطي تضمن فيه قضايا الديمقراطية والحريات المدنية بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية، لكن هناك أيضاً اختلافات في وجهات النظر فيما يخص الآليات والأفكار والأيدلوجية، ولهذا تحتاج كلمة اليسار إلى تعريف دقيق غير شمولي كي نفهم حقيقة الأهداف التي يجب أن تكون ضمن برنامج نظري وعملي، وفي الوقت نفسه على اليسار أن يحدد ماهية الاتفاقات حول أهم القضايا المطروحة وأساليب النضال من اجل تحقيق نجاحات ملموسة للجماهير كما نرى ضرورة تشخيص الخلافات على أساس العمل المشترك وبالحوار العلمي الحضاري للوصول إلى تفاهم عملي واحترام الرأي الآخر
4- في ظل تسيد الإسلام السياسي الموقف في المنطقة، هل للعدالة الاجتماعية أي مستقبل؟، وهل الإسلام السياسي مؤهل لتبني العدالة الاجتماعية كقضية ومعتقد؟ وهل على المنتدى والحركات الاجتماعية ان تنفتح على قوى الإسلام السياسي كونه الآن حقيقة ، أم إنها يجب ان تواجهه ولماذا؟ وكذلك دور المرأة وحقوقها كونها المستهدف الأول لديهم؟
لقد أكدنا سابقاً أن المشروع الديني الإسلامي ليس موحداً ويحمل بين طياته تناقضات واسعة على الرغم من تسيد البعض من الإسلام السياسي لبعض الدول ومنها مصر وتونس وبعض الشيء في العراق وقد تكون سوريا أيضاً لكن هل يستطيع هذا التسيد الاستمرار مع التطورات التي تجري في العالم والمنطقة بمنظور وفهم آلية نظرة الدولة المدنية المناقض للمشروع الديني الإسلامي، فأما العودة للقهقرى باتجاه قيام الدولة الدينية على غرار السعودية وجمهورية إيران مع العلم أن الدولتين تتعاملان مع القوانين الموضوعية بشكل واسع وفي كثير منها تتزاوج مع الدولة المدنية، وأما الذهاب مع مشروع محاصصة القوانين الوضعية وتمرير استمداد البعض من الشريعة الإسلامية فيما يخص بالضبط حقوق المرأة التي تؤكد الرؤيا المدنية والنظرة العلمانية على منحها جميع الحقوق بدون تمييز في أكثرية المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحريات المدنية التي تعني أول ما تعني حرية الرأي والمعتقد وحقوق الإنسان وعدم استعمال المقولات التي تعاقب الردة بالقتل ، العدالة الاجتماعية مفهوم مدني علماني لأنه العدالة المنشودة في هذا التوجه المساواة والتعامل مع الأرباح والاستغلال من منظار التحديد وعدم تركها على الغارب مثلما هو النظام الرأسمالي، وبما أن الإسلام ينظر بعدم التساوي في الرزق ويحدد الزكاة كمشروع للمساعدة الاجتماعية فسوف لن يحقق الإسلام السياسي المرهون للشريعة هذا المبدأ، مع ذلك فيجب عدم الانعزال للتأثير والانفتاح التدريجي بهدف خلق التفاهم فيما يخص النقاط المشتركة الوطنية منها وقضايا تهم حياة المواطنين كالفقر والمرض والقضايا الخدمية وغيرها وعملية الانعزال دليل على الانهزامية ويقود إلى التطرف بينما الانفتاح والحوار واحترام الرأي هو الذي يسهل عملية التفاهم والتطور
5- ما هو حجم الدور الذي يمكن ان تلعبه الحركات الاجتماعية في المنطقة العربية اليوم؟ خصوصا الجديدة منها والتي تستخدم التقنيات الحديثة، وشبكات التواصل للتعبير والتي ترفض الانخراط في الأحزاب وترفض صيغ الجمعيات غير الحكومية، على سبيل المثال حركات العاطلين عن العمل وتجمعات الشباب و المهمشين ومجاميع الفيسبووك والتويتر.
ان الحركات الاجتماعية في المنطقة العربية أخذت تتطور وفق منهجية في مقدمتها النضال لرفع يد الحكومة عن أدوات التواصل الاجتماعي وجعل هذه الوسائل في متناول الجميع دون استثناء وعدم اختصارها وخضوعها للقرار الحكومي ولقد لاحظنا كم كان مهماً " الانترنيت والفيس بوك والتويتر " في حالات الربيع العربي بسبب الالتقاء والتجمع بعشرات الآلاف من الشباب وغيرهم دون إن يجمعهم تنظيم سياسي وبهذا تخلصوا من روتين التنظيم الملزم لإنجاز المهمات، والحركات الاجتماعية ممكن أن تلعب دوراً متميزاً باتجاه الإلمام بالتقنيات الجديدة وتفاعلها مع القوى التقدمية ومنظمات المجتمع المدني باتجاه الوقوف بالضد من الأنظمة اللاديمقراطية والتعسفية والشمولية وبالضد هيمنة راس المال وتوجهاته الاستغلالية وفي مقدمتها الربح والاستغلال وإفقار ملايين من البشر وتستطيع الحركات الاجتماعية في البلدان العربية تنسيق أعمالها وحملاتها في المنطقة كما بالامكان الاستفادة من الخبرات المتراكمة وتحويلها إلى نضال يومي ومستقبلي بما يدخر لها من معلومات تتبادلها نحو تحقيق استراتيجية، وتحتاج هذه الحركات مسبقاً إلى ضرورة التعرف والتعارف فيما بينها وطرح ماهية وشكل القضايا التي من الممكن التعاون والتنسيق، وبالطبع فان الهيمنة الاقتصادية الرأسمالية وقوة الرأسمال في إخضاع الشعوب واستعبادها اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً فهو يتشابه كشكل من أشكال الإمبريالية ونعتقد أن الحركات الاجتماعية لا يمكن أن تكون حيادية بشكل مطلق وقد يكون حيادها في التنظيم لكنها حراكها وعملها لا بد وان يلتقي مع القوى السياسية وبخاصة أحزاب اليسار عموماً ومنظمات المجتمع المدني وبالتالي فهي ستؤدي مهام مشتركة مما يسهل عملها الهادف إلى شكل أفضل مما هو عليه وتقديم رؤيا واقعية للواقع الموضوعي في البلدان العربية .
6- كيف تقيم دور منظمات المجتمع المدني في التصدي لهموم الناس ومشاكلهم اليومية والدفاع عن حقوقهم؟
إن دور منظمات المجتمع المدني سيساهم في تثبيت دعائم أولاً الدولة المدنية والمجتمع المدني وثانياً سيلعب بشكل مباشر في المساهمة لتحقيق قضايا الحريات العامة والديمقراطية وحرية الرأي وحقوق الإنسان ومنها ستقف هذه المنظمات بالضد من أي هيمنة أو استغلال الإنسان بشكل قسري عن طريق العمل أو من خلال القوانين الرجعية التي تحمي القوى التي تحاول عرقلة التطورات وتقف من عمليات الحراك الجماهيري موقفاً سلبياً، ومنظمات المجتمع المدني تبرز في تقديم العون في الخدمات الاجتماعية المتنوعة وقد تكون أداة تنفيذ في الأماكن التي لا تستطيع الحكومات تقديم العون وقد أثبتت العديد من الكوارث أن منظمات المجتمع المدني كانت تشارك للتخفيف والمساعدة ، لا بد من تقييم موضوعي لمنظمات المجتمع المدني باعتبارها منظمات حديثة في البلدان العربية ما عدا الأحزاب والنقابات، في تكويناتها أو تجاربها وظهورها بفعالية خلال السنين الأخيرة في إبراز مفهوم المجتمع المدني والدولة المدنية الذي أخذ يزيح تدريجياً فكرة العسكرة للدولة والمجتمع تحت حجج عديدة منها العدو الخارجي والعدو الداخلي وإسرائيل العدو الذي يجب محاربته آجلاً أم عاجلاً وتقف بالضد من سباق التسلح باعتباره طريقاً للعنف والحرب التي تتحتم نتائجها بالخسائر البشرية والدمار للبنى التحتية وهو ما يخلق الإمراض الاجتماعية والخراب الاقتصادي واتساع ظاهرة البطالة والفقر والإملاق بين الجماهير الشعبية.
إن تعاظم وتزايد دور منظمات المجتمع المدني أصبح ضرورة موضعية وذاتية من اجل بناء الدول المدنية الديمقراطية التعددية التي تتعامل مع حقوق المواطنة بغض النظر عن الأديان والقوميات والأعراق وعلى أساس القوانين العادلة و حقوق الإنسان وحرياته في الرأي والانتماء والتنظيم بما يخدم البشرية نفسها.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. شاهد.. تدافع مميت خلال مباراة كرة قدم في غينيا يسفر عن سقوط
.. هذا ما قالته رائدة فضاء ومهندسة طيران في الإمارات عن قصة نجا
.. لمساندة الجيش السوري.. ميليشيات موالية لإيران تدخل سوريا
.. ما مدى جدية الطرف الإسرائيلي في إحراز تقدم بالمفاوضات؟
.. الدفاع المدني بغزة: لا توجد أي خدمات طبية أو إسعافية في القط