الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعطيل الاصلاح

ساطع راجي

2012 / 9 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


ميزة النظام السياسي الديمقراطي هو انه النظام الوحيد القادر على اصلاح نفسه وهذه الميزة هي جوهر هذا النظام بينما تفتقر اليها جميع النظم السياسية الاخرى بمختلف اتجاهاتها وعقائدها ولذلك تدعي جميع النظم مهما كانت استبدادية انها ديمقراطية بشكل ما وتحاول ان تراوغ في التسمية المستخدمة حتى لاتبدو مدينة بشيء للعقل الغربي، هناك أحزاب ترفض الديمقراطية في ادارة الدولة والمجتمع لكنها تضطر لاعتماد آليات ديمقراطية في تنظيماتها لحسم الصراع بين اعضائها على مواقع السلطة الثانوية لان الموقع الاول حسم بالوراثة أو بالمسدس أو بأي وسيلة أخرى لاتمت للديمقراطية بصلة.
عندما تسمي دولة ما نظامها السياسي ديمقراطيا فهذا يعني انها لاتحتاج الى مشروع اصلاح منفصل يدار من خارج الاليات والمؤسسات الديمقراطية واذا برزت هذه الحاجة فذلك يعني ان النظام السياسي قد دخل مرحلة الموت السريري وهناك محاولات يائسة للايحاء بأنه مازال حيا رغم كومة الاسلاك والانابيب والاجهزة التي تحافظ على الجسد المطروح في الفراش بلا أمل. ويدخل النظام الديمقراطي حالة الموت السريري حين تتفق الاطراف السياسية بشكل ما على عدم السماح بتغيير دماء النظام السياسي عبر السيطرة على المؤسسات التي تدير الاليات الديمقراطية (الانتخابات، تشكيل الاحزاب، الاعلام،.....) وهو ما يحدث اليوم في العراق، لأن آلية الاصلاح في الديمقراطية تقوم على حل المشاكل بسهولة ووضوح، التصويت بالاغلبية أولا وهو ما يتم الالتفاف عليه في العراق عبر اجتماع قادة الكتل قبل الجلسات البرلمانية لحسم القضايا بصفقات غامضة ونصوص ملتبسة، والطريقة الثانية لحل المشاكل ديمقراطيا هي الازاحة، فكلما تحول شخص أو أكثر الى عقبة أمام مسيرة البلاد والمجتمع بسبب عقده وطموحاته ووساوسه الشخصية سيكون ورقة محروقة يتم ازاحتها بسرعة مهما كان تاريخها لكننا في العراق نجلس أمام طاولة تراكمت عليها الاوراق المحروقة والخاسرة واحيانا الممزقة التي لاتريد مغادرة الساحة حتى صار التفكير السياسي عندنا محصورا في كيفية ادامة وجود الزعيم في موقعه إن كان عنده موقع أو كيفية إيجاد موقع للزعيم العاطل عن العمل او غير المقتنع بما لديه، وفضلا عن ذلك هناك زعماء أشبه بمدربي الفرق الرياضية يقفون قريبا من الساحة ويوجهون لاعبيهم (أقصد ممثليهم في البرلمان والحكومة) عبر الصياح او الخطب والبيانات وأحيانا بالاهانات، وهناك أيضا مسؤولون سابقون يريدون اقناعنا انهم خبرات لا يمكن الاستغناء عنها رغم انهم أبناء الصدفة وضحايا الصدفة أيضا، نحن اليوم شعب مهموم بحل مشاكل قادته وبهذه المعادلة يكون مسعى الاصلاح هدفه تحقيق مصالح الزعماء، هنا خرجنا تماما من الديمقراطية بعدما نزعنا قلبها، وبدلا من أن تكون الاليات الديمقراطية، الانتخابات تحديدا، أداة للتجديد والتغيير وبالتالي تحقيق الاصلاح تحولت الانتخابات الى آليات تكريس الموجود وتحويل بضعة أشخاص الى قدر محتم لايمكن للعراقيين الخلاص منه، عبر تعطيل الاصلاح الحقيقي الموجود داخل النظام الديمقراطي.
محاولات تقديم مشروع اصلاح سياسي في العراق تتم اليوم خارج إطار المؤسسات وهي محاولة تقف بين هدفين، الاول تضييع الوقت والثاني اجراء عملية تجميل للوجوه المحترقة، وبموازاة هذه العملية هناك استحواذ كامل وسريع على المواقع عبر الاشخاص المسؤولين عن الانتخابات او عبر التشريعات المشوهة للانتخابات، وهو ما سيؤدي حتما الى تكرار نفس الوجوه، القوى السياسية تعيد تفصيل النظام على مقاسها وهو ما قد يؤدي في يوم ما الى تفصيل البلاد على مقاس الزعماء الذين تمثل إزاحتهم خطوة الاصلاح الحقيقية الاولى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هكذا علقت قناة الجزيرة على قرار إغلاق مكتبها في إسرائيل


.. الجيش الإسرائيلي يسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح




.. -صيادو الرمال-.. مهنة محفوفة بالمخاطر في جمهورية أفريقيا الو


.. ما هي مراحل الاتفاق الذي وافقت عليه حماس؟ • فرانس 24




.. إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على «موقع الرادار» الإسرائيلي| #ا