الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الذى يحدث فى أرض الكنانة؟

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2012 / 9 / 29
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لقد سعدنا بالثورة—ثورة 25 يناير— على اعتبار أنها سوف تحقق الرخاء والسعادة لكل المصريين. لقد اعتقدنا أن المصريين سوف يغسلون دموعهم وينظفون ملابسهم من الأتربة التى علقت بها طوال حكم النظام السابق. اعتقدنا أن مصر سوف تسترد مكانتها بين الأمم العربية وتجلس فى مقعد القيادة لإنقاذ هذه الأمة التى ضلت الطريق بسبب أنظمة لم تتق الله فى شعوبها، فعاثوا فى الأرض فسادا وعملوا وتآمروا ضد الشعوب المغلوب على أمرها. كنا نظن أن الشعوب العربية لن تقوم مرة أخرى وسوف تظل فى سبات عميق حتى يوم القيامة. فلما قام الشعب المصرى من كبوته توسمنا خيرا فى مستقبله وفى مستقبل الشعوب العربية التى تحذو حذوها.


شعرنا بالطمأنينة حين تقدم الإسلاميون الصفوف فى مصر وأحس الشعب أن لهم رغبة فى نهضة حقيقية،فخرج ملبيا ندائهم فى التصويت للانتخابات أولا، أى الانتخابات قبل كتابة الدستور. المثير للدهشة أن الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور لم تنتهى من مهمتها فى كتابة الدستور وبين الحين والآخر تخرج أخبار ما يدور فى أروقة مقر الجمعية وهذه الأخبار تأتى متضاربة وتعكس الخلافات والاختلافات التى تدور بين الأعضاء حيث يرغب كل فريق فى فرض رؤيته فى الدستور. الغريب أن أعضاء الشورى فى الجمعية منوط بهم حسم بقاء مجلس الشورى فى بنود الدستور مما يبين تضارب المصالح. وهذا الوضع يساهم فى ازدياد مخاوفنا على مستقبل البلاد.


وقبل أن ترسو سفينة الدستور إلى شاطئ الأمان شعرنا أن هناك من يقذف الحمم على الجماهير التى تقف فى انتظار السفينة. فيخرج علينا بعض الشيوخ ليوجهوا السباب لبعض الفنانات بل يتهمونهن بالزنا وارتكاب الفواحش على اعتبار أنهن يمثلن أفلاما مع الرجال. ويخرج آخر ليحذر عامة الناس من الانضمام لحزب معين وهو الدستور ويصدر فتوى أن التصويت لهذا الحزب حرام. من الملاحظ أن بعض البسطاء يصدقون مثل هذه الفتاوى الدينية حيث يمتزج الدين مع السياسة مع أنهما لا يلتقيان على أرض الواقع. فالدين يقوم على الثوابت حيث نحكم على الأشياء بالحلال والحرام ولا توجد منطقة رمادية كما الحال فى السياسة التى تقوم على قواعد مختلفة حيث نشاهد المناورات واللف والدوران وقلب الحقائق وأحيانا الكذب. من الواضح مثلا أن ما يحدث فى حزب النور السلفى من تطاحن وخلافات ومناوشات بين فريق الدكتور عبد الغفور وفريق المهندس أشرف ثابت يدخل فى باب الخلافات السياسية، فهذان الفريقان متفقان فى الأمور الدينية ومتوافقان على ضرورة تطبيق شرع الله على ارض الكنانة لكنهما مختلفان فى الرؤى السياسية وفى أولويات العمل السياسى.

وكذلك شاهدنا مدى التخبط الذى نمارسه والواقع المرير الذى نعيشه والذى انعكس بجلاء فى ردود الأفعال تجاه فيلم "براءة المسلمين" الذى نعتبره إساءة للرسول الكريم. لعل القارئ يصيبه الدهشة لو أدرك أن هذا لم يكن فيلما بالمعنى المتعارف عليه ولم يكن الممثلون معروفين فى الوسط الفنى بل هم أشخاص مجهولون ولم يكن ليلتف أحدا لهذا العمل أو يعيره اهتماما لولا الضجيج الذى حدث فى مصر ثم امتد إلى ربوع الأمة الإسلامية وهذا الضجيج جعل هذا العمل مشهورا حيث يسعى الناس دائما للتعرف على ذلك العمل الذى أغضب المسلمين، كما سعى البعض الآخر من أعداء الإسلام إلى نشر الفيلم فى مواقع مختلفة. واستغل البعض الآخر فرصة مقتل الأمريكيين فى ليبيا وحصار السفارة الأمريكية فى القاهرة وحرق السفارة الألمانية فى السودان لكى يقول إن هذا هو الإسلام وهؤلاء هم المسلمون الذين لا يعرفون سوى القتل لأبرياء لا ذنب لهم في إنتاج الفيلم أو نشره.

من المؤكد أن هذه الأحداث سوف تجعلنا نتوقف قليلا لكى نحاسب أنفسنا ونتساءل هل ما نفعله يفيد الإسلام والمسلمين؟ وهل هذا يساعد فى نقل صورة طيبة عن المسلمين؟ وهل ما نصدره من فتاوى عنيفة تعكس طبيعة الرسول التى تتسم بالتسامح والمودة حتى مع الذين اختلفوا معه ونصبوا له العداء؟ وهل من الصواب أن نستغل الدين لتحقيق أهداف سياسية رخيصة؟ الإجابة واحدة على كل هذه الأسئلة والتساؤلات: لا لا لا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا


.. محمد القوليجة عضو المكتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي العمال




.. تصريحات عمالية خلال مسيرة الاتحاد الإقليمي للاتحاد المغربي ل


.. موجة سخرية واسعة من عرض حوثي للطلاب المتظاهرين في أميركا وأو




.. فرنسا: تزايد أعداد الطلاب المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطي