الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عولمة التضامن طريقنا الى العالم المنشود والممكن بدلاً من عولمة الراسمال لماذا وكيف؟

غازي الجبوري

2012 / 10 / 1
ملف حول المنتدى الاجتماعي العالمي، ودور الحركات الاجتماعية والتقدمية في العالم العربي.


خلق الناس من الناحية الأخلاقية بثلاثة أنواع :
النوع الأول : الخيرون ، وهم الذين يحبون الناس ويحبون الخير لهم بقدر ما يحبونه لأنفسهم كما يحبون أن يقدموا للناس كل ما ينفعهم أو يزيل أو يخفف الأضرار عنهم وكل حسب قدراته وإمكانياته ، ويتسم هؤلاء بالطيبة والعقلانية والسيطرة على رغباتهم وشهواتهم وسلوك الوسائل المشروعة لتحقيق أهدافهم وقد يضحي البعض منهم حتى بحياته أحياناً من اجل الآخرين عند الضرورة.
النوع الثاني : الأشرار ، وهم الناس الذين لا يحبون إلا أنفسهم ، ويتسمون بعدم السيطرة على شهواتهم ورغباتهم ويسلكون كل الوسائل غير المشروعة للوصول إلى أهدافهم حتى لو كان على حساب حياة وحقوق وحريات ومصالح الآخرين المشروعة بل قد يقومون بقتل حتى الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن عندما تتطلب مصالحهم ذلك بكل قسوة ووحشية وبدون أية رحمة.
النوع الثالث : وهم الذين يتوزعون بين النوعين ويتسم الذين يقعون في منتصف المسافة بين الاثنين منهم أن بالإمكان تغيير مواقعهم نحو الأخيار أو نحو الأشرار حسب الظروف التي يعيشونها والبيئة التي ترعرعوا فيها ويشكلون الغالبية العظمى .
وهكذا نجد المجتمعات الإنسانية من البدائية إلى المعاصرة تضم هذه الأنواع الثلاثة من الناس وعادة ما يتحكم الأشرار بهذه المجتمعات للسمات التي اشرنا إليها فيهم فيستأثرون بالثروات ويستغلونها في الاستئثار بالسلطة من خلال كسب أكثرية النوع الثالث بالترغيب أو بالترهيب . ولذلك فان من يدعون اليوم إلى العالم المنشود والممكن هم بالتأكيد من المنتمين إلى النوع الأول وقلة ممن يستطيعون كسبه من النوع الثالث إلى صفوفهم .
إن هيمنة الأشرار على السلطة في جميع دول العالم بصرف النظر عن الأنظمة السياسية التي تتبناها سيما الرأسمالية والدكتاتورية بل حتى التي ادعت ولازالت تدعي تبني الاشتراكية. ولذلك فإنهم سيبقون عقبة كأداء أمام قيام العالم المنشود الذي نسعى له إلا إن هذا لا يعني أن نستسلم ، بل يجب أن يتقدم الأخيار مسيرة الجميع نحو هذا العالم برغم كل الصعوبات والعقبات التي ستواجههم جراء مناعة الأشرار وقوتهم وصلابتهم فان لم نحقق العالم الذي نحلم به فإننا في الأقل نكون قد سعينا وبذلنا أقصى ما نملك من جهود وإمكانيات ونضع ولو أساس يتمكن من يأتي بعدنا من البناء عليه ما يستطيع وفقاً لظروف كل حقبة زمنية لحين تحقيق الهدف النهائي.
إننا نعتقد إن الطريق إلى ذلك يتم من خلال انتظام الحالمين بالعالم المنشود في مؤسسات ذات طابع هرمي يبدأ من المنظمات والاتحادات والنقابات ووسائل الإعلام والأفراد على مستوى المحافظات والمقاطعات والولايات في كل بلد على شكل مجلس تضمها ثم مجلس يجمعها على مستوى البلاد ثم على المستوى الإقليمي أو القاري ثم أخيرا على المستوى الدولي لتشكيل وقيادة رأي عام موحد وطنيا وإقليميا ودوليا باتجاه الهدف الأسمى (عولمة التضامن أو العالم الآخر الممكن أو المنشود).
هذا ما يتعلق بالإطار التنظيمي الضروري لإدارة وتوجيه هذا العمل الكبير والهام بشكل مؤسساتي ، أما ما يتعلق بالأيديولوجية ووسائل تحقيق الأهداف فإننا نورد الملاحظات التالية :
1- إن فشل الأنظمة الاشتراكية لم يكن بسبب خطأ الأيديولوجية لأنه لا يمكن لأحد أن يشك في صحة وأفضلية العدالة والمساواة وإدارة الدولة للاقتصاد بشكل مركزي للمجتمع إلا أن الخطأ يكمن في نظرية العمل ففي التجارب التي حدثت وأبرزها تجربة الاتحاد السوفيتي اتسمت نظرية العمل بما يلي :
أ‌- وصول الأشرار إلى السلطة كما هي العادة في معظم المجتمعات واستئثارهم بالسلطة وامتيازاتها بغطاء يساري اشتراكي .
ب‌- عدم ربط الأجر بكمية ونوعية الإنتاج لتحفيز العاملين في المجال الاقتصادي ومنحهم رواتب مقطوعة بدلا من ذلك مما قتل الإبداع وحجَّم الاقتصاد كما ونوعاً.
ت‌- عدم إتباع نظام السوق الذي يكفل التنافس على تقديم الأفضل من ناحية النوعية والأقل من ناحية الكلفة ويخلق الإبداع ومن ثم يطور الإنتاج بقوة كماً ونوعاً وبالنهاية يعظم الأرباح والواردات مما أدى إلى بقاء نمط الاقتصاد في جميع مجالاته بشكل واحد دون تغيير أو تطوير .
2- إن نظام السوق وان اتخذته الأنظمة الرأسمالية مذهبا اقتصادياً لها ، إلا انه لا يعني انه سيء لمجرد إتباعها له فهو مبدأ علمي عظيم لخلق التطور وتحسين الإنتاج كما ونوعا وبإمكان حتى الأنظمة الاقتصادية الحكومية والاشتراكية إتباعه لأنه الوسيلة الأفضل للنهوض بالاقتصاد بقوة وتحقيق نسب نمو عالية. فلو جعلنا شركة ما لإنتاج سلعة ما تحتكر الإنتاج والتوزيع في بلد ما دون أن نسمح باستيراد نفس السلعة أو إنتاجها محليا من قبل شركة أخرى أو أكثر فهل سيحدث أي تطوير في نوعية السلعة وكلفة إنتاجها؟ ولذلك نعتقد انه لامناص لكل من يريد الخير لبلاده والعالم من التمسك باقتصاد السوق كونه الخيار الأفضل الذي يكفل البقاء للأصلح اقتصادياً ، بل إننا نعتقد انه لا يتضمن أية سلبيات تذكر.
3- نعتقد أن تونس كونها أول دولة عربية حدث فيها التغيير من الداخل على يد الشعب مكان مناسب للمنتدى في الوقت المحدد ما لم تحول دون ذلك ظروف تونس نفسها وإمكانياتها.
4- إن تسيد الإسلام السياسي في دول الربيع العربي مرحلة انتقالية سببها حاجة الجماهير الماسة بعد طول ظلم وفقر وتخلف إلى من يحمل مبادئ الثورية ومبادئ العدالة والمساواة التي يتسم بها الدين الإسلامي ولم يجدوا ذلك سوى لدى الأحزاب الإسلامية على مختلف مشاربها ونعتقد انه سيحدث لهم بالتأكيد ما حدث لأقرانهم في العراق من ابتعاد للجماهير عنهم بعد ثبوت فشلهم في تجسيد مبادئ الأديان ولا لتعهداتهم للناخبين وان بشكل بطيء وتدريجي بدليل أن الأحزاب الدينية اضطرت وكخطوة أولى لعلاج هذا الموقف الشعبي إلى تغيير أسمائها ، ومع ذلك فإننا لا يجب أن نأخذ موقفاً سلبياً مسبقاً تجاههم بل علينا أن ننظر إلى سلوكهم وبرامجهم فمن يستطيع منهم أن يجسد خلق ومبادئ الإسلام كان خيرا وان لم يستطع فلنا بالتأكيد سيكون موقف آخر ولكن في كل الأحوال ليس من صالحنا خلق الأعداء ولو في بداية مسيرتنا في الأقل لكي نحول دون وضع مزيد من العقبات أمامها.
5- نعتقد بان الجماهير كل وفق وسيلة انتظامه وتأثيره قادرة على إحداث التغيير المطلوب وفقاً للحكمة العامية التي تقول (((كثر الضرب يفل الحديد))) وبالتأكيد كلما كان الضرب بأداة اكبر وأسرع كلما تحقق الهدف أسرع وبأقل الجهود والتضحيات ، ولذلك نرى انه يجب لم شمل جميع الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان من مؤسسات غير حكومية كالمنظمات والاتحادات والنقابات المهنية ووسائل الأعلام والافراد لتفعيل دور مؤسسات الشعب غير الحكومية بقوة للدفاع عن حقوقه الدستورية وفي مقدمتها توفير ابسط مقومات الحياة الكريمة للمواطن بدلا من الحياة غير الكريمة الحالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - احترام وتقدير
روح الفكر ( 2012 / 10 / 9 - 08:52 )
حضرتك من موضوعك يدل علي انك متفاهم وغير متحيز ولاتريد اقصاء احد مهما كانت توجهاته او ايدلوجيته ويدل علي تقديرك للوضع الحالي لك مني وهذه تحية اليك خالصة و
تحية و احترام إليك و كل من زاد شيئا ينفع به المجتمع سواء اراء محترمة اومعارض يريد الافضل لااقصاء احد


2 - مقاله رائعه
سمير فاضل ( 2012 / 10 / 14 - 21:34 )

عزيزي أستاذ غازي الجبوري

سلم كلامك وما تكنب ففبه خير لبني البشر ، أتمنى أن تعي وتدرك بلدان العالم الثالث ذلك وعلى وجه الخصوص بلداننا العربيه

مع التحيه

اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا