الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقد نفد رصيدكم ...المرجو تعبئته بأسرع وقت !!!

رشيد عوبدة

2012 / 9 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


طالما تغافلنا عن دلالة لَازمة سمعها الصغير كما الكبير لحظة نفاد رصيد بطاقة الهاتف و التي تردد على مسامعنا عبارة :"لقد نفد رصيد بطاقتكم، المرجو تعبئته لدى أقرب وكالة". سهل على المرء أن يعبئ رصيدا مُعَداً، في الأصل، للاستعمال اليومي والفردي...
لحد هنا لا استغراب، لكن ماذا لو أوحت العبارة بمشكلة نفاد رصيد تنظيماتنا الحزبية على اختلاف مرجعياتها الإيديولوجية والسياسية، أليست هذه التنظيمات، التي أوكل لها القانون مهمة تأطير المواطنين، في حاجة إلى تعبئة رصيدها لمعاودة الاتصال بهؤلاء المواطنين؟
إن "أحزاب اليسار" ظلت لمدة من الزمان تقتات على رصيدها التاريخي،المرتبط ببداية راديكالية، فتنازل إصلاحي مساير لمناخ الديمقراطية وصولا إلى لحظة أرادت فيها أن ترتبط بالجماهير الشعبية لتجد نفسها في لحظة ربط الاتصال بها مجبرة على سماع لازمة : "ناسف لعدم ربط الاتصال بمخاطبكم ،فرصيدكم التاريخي غير كاف لتحقيق هذا الاتصال،بل إنه لم يعد صالحا للزمن الذي نعيشه، لقد استنفدتم رصيدكم من دون أن تعملوا على تعبئته و كل تأخير معناه قطع الاتصال بالمرة..." فعلا فكل رصيد لا يعبأ يستنفد حتى لو كان رصيدا مضاعفا... و كذلك كان حال "أحزاب اليمين" في لحظة من لحظات العمر السياسي ،فبعدما ارتبطت هذه الأحزاب بلقب "الأحزاب الإدارية"التي دشنت أولى خطواتها بتجربة "الفديك"، هاهي الآن تعاني الأمرين في إيجاد بطائق للتعبئة تبعث الحياة في رصيدها بما يضمن لها الاتصال بمخاطبيها، و في غياب هذا الرصيد الإيديولوجي و التنموي لم تجد هذه الأحزاب بُداً من الاستعانة بخدمات "الأعيان" لعلهم يكونون الوسيط الضروري لإيصال الإشارات...خصوصا وأن انشغالهم بالدفاع عن الفساد و مراكمة الثروات في عز التفرد بالسلطة أورثهم بخلا مرضيا تقشفوا بسببه على شحن الرصيد لإطالة عمر اليمين وما أدراك ما اليمين...
و لئن كان اليسار و اليمين على حد سواء قد طال زمن استعمالهم للرصيد الإضافي ،فالملاحظة التي بدأت تستأسد يوما عن يوم هي أن أسرع رصيد بدأ يستنفد حاليا هو رصيد الاسلاميين ،ولن نجانب الصواب إن قلنا أن حتى "التعبئات البهلوانية" التي تلجأ إليها "الحكومة الإسلامية" لن تطيل أمدها ،فرصيدهم ،للأسف، تآكل في ظرفية قياسية مقارنة بتجارب سابقيهم ،علما أن "الشحنة الشعبية" كانت قوية لتجعلهم أكثر صمودا أمام كل التأثيرات إلا أن الرياح ـــ كما يقال ـــ تجري بما لا تشتهي السفن ،فالحكومة التي قيل عنها أنها حكومة شعبية أضحت تُمَررُ عليها قرارات غير شعبية ،و الحكومة التي جل قياديها من الطبقة المتوسطة أعلنت حربا كيدية على صمام أمان الدولة (أقصد الطبقة المتوسطة) وليس بالإمكان فهم ذلك إلا على أنه تحويل للصراع الحقيقي الذي رفع الحزب الحاكم شعاره متعاقدا عليه مع الناخبين ،ألا وهو شعار " من أجل إسقاط الفساد و الاستبداد" فهل الفساد مستنبت في هذه الطبقة المنهكة أصلا !!؟؟ أم تراه تبرير تمويهي للاستهلاك الشعبي ...
إن بوادر التصدع الحكومي بدأت ارهاصاتها منذ لحظة التشكل وهي مستمرة لحد الآن خصوصا في ظل المزيج الإيديولوجي الغريب الذي يتأكسد يوما بعد يوم إلى غاية أن يتحول إلى ورم خبيث لن ينفع معه إلا الاستئصال لا قدر الله ... ويمكن التنبؤ من الآن بأن ملتمس الرقابة الموضوع على رقبة الحكومة لن يلتف إلا في اللحظة التي تنتفي فيها الحاجة إلى هذه الحكومة، أما الآن فأي خطوة من هذا القبيل من شأنها أن تضخ تعبئة مضاعفة لرصيد الحكومة المتهالك.
رشيد عوبدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ