الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القوائم على المستوى الوطني هي في صالح الشعب المصري

أحمد حسنين الحسنية

2012 / 9 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لم يتغير شيء جوهري حقيقي في مصر من الناحية السياسية .

لا أرى حتى الآن ، صباح الأحد الثلاثين من سبتمبر 2012 ، صراحة فارق كبير - كان يجب أن يكون - بين عهد مرسي ، من جهة ، و بين عهدي كل من طنطاوي الدموي و مبارك الأثيم من جهة أخرى .

شيء مؤسف بالتأكيد ، و لكن إذا كان علينا أن نلتزم بالحكمة القديمة القائلة : أن على المرء أن ينظر للنصف الملآن من الكوب ؛ على أساس أن التغيير الجذري غير ممكن حالياً ، هذا إن كان هناك نصف ملآن من الكوب ، أو أن هناك كوب من الأصل ، فإننا نقول : أن عدم حدوث تغيير حقيقي ملموس نتيجة ثورة 2011 قد أبقى على الأجهزة الأمنية السرية المباركية كما هي ، بدون أي تغيير ، سواء في الأشخاص أو في الأساليب ، بما سهل علينا معرفة آلاعيبها ، و حيلها ، و سهل علينا توقع خطواتها المستقبلية .

من أساليب عمل الأجهزة الأمنية السرية ، و التي تتدخل في رسم السياسة المصرية الداخلية و الخارجية ، هو تشويه ما لا يكون في صالحهم ، أو يناقض خطهم الناصري .

مثال بسيط هو عملهم منذ سنوات و إلى اليوم من أجل تشويه اسم أم المؤمنين ، مارية القبطية ، رضي الله عنها في ذهن الشعب المصري ، لمجرد إنها قبطية الأصل ؛ و إن كان عملهم هذا يتم بشكل غير مباشر ، لخطورة القضية التي يريدون تشويهها ، فهي تمس الإسلام ، و شخص خاتم النبيين و المرسلين ، محمد ، صلى الله عليه و سلم ، و لكنه مفضوح بالنسبة لنا .

قضية إنتخاب مجلس الشعب بالقوائم على المستوى الوطني ، أو على الأقل أن يأتي نصف مجلس الشعب بالقوائم على المستوى الوطني ، قضية أخرى ليست على هوى تلك الأجهزة الأمنية السرية التي يعمل لحسابها مرسي ، أو في أفضل الأحوال واقع في قبضتها .

ماذا تفعل تلك الأجهزة الأمنية السرية في تلك القضية ؟

التشويه ، إنه ثاني أفضل أساليبهم الكلاسيكية الأثيرة بعد الإغتيال .

على الفور بدأت تلك الأجهزة في ربط فكرة القوائم على المستوى الوطني بالأقباط ، و صورت أن تلك القوائم هي لصالح الأقباط فقط ، و أشدد على كلمة فقط ؛ ثم ربطت بين كل الأقباط و ذلك الفيلم الذي ظهر منذ فترة و أساء لخاتم النبيين و المرسلين ، محمد ، صلى الله عليه و سلم .

الرد على تلك الأجهزة الأمنية يجب أذا أن يأخذ إتجاهين متوازيين .

الإتجاه الأول هو فصل الطائفة القبطية ، و التي تشكل حوالي عشرة في المائة من سكان جمهورية مصر العربية ، عن بعض الأفراد المنتمين لتلك الطائفة و الذين يأتون بأفعال تسيء للأغلبية و لبقية الأقباط .

الإتجاه الثاني هو توضيح أن إنتخاب مجلس الشعب ، أو على الأقل نصفه ، بالقوائم على المستوى الوطني هو لصالح مصر ككل ، على كل مدى ، قصير و متوسط و طويل ، و لن يضار منه سوى بعض المنتفعين من بقاء النظام الفردي كوسيلة وحيدة لإنتخاب أعضاء مجلس الشعب .

حزب كل مصر - حكم ، حزب يعمل لصالح كل مصر ، و يعرف أيضا ، و بشكل ممتاز ، تاريخ مصر الحقيقي ، و لأنه يعرف ذلك التاريخ فإنه من السهل عليه أن يستشهد بأمثلة مضيئة تدعم مواقفه الوطنية .

عندما جاءت الحملة الفرنسية إنضم بعض الأقباط للفرنسيين ، مثلما إنضم غيرهم ، و تم تشكيل ما يمكن أن نسميه : فرقة قبطية ، عملت لصالح الإحتلال الفرنسي ، و لكن هل قام المسلمون المصريون بذبح الأقباط بعد رحيل الحملة الفرنسية ؟؟؟

لا .

ألم يستفد الأقباط ، مثل سائر أبناء الشعب المصري من النهضة التي بدأت في مصر نتيجة حكم محمد علي الكبير ، و الذي جاء للحكم نتيجة ثورة شعبية مصرية صميمة ، و أعني ثورة 1805 ؟؟؟

هناك من الأقباط من حاول تمديد إمتياز قناة السويس ، و هناك من الأقباط من أراد أن تتحالف الطائفة القبطية مع الإحتلال البريطاني ، و ذلك في بدايات القرن العشرين ، و قبل ثورة 1919 ، فهل منعت تلك الخيانات الشعب المصري من أن يفصل بين هؤلاء الخونة و بقية الطائفة القبطية ، و يرفع علم الهلال مع الصليب كشعار لثورة 1919 ، و يفتح مساجده لخطباء الثورة من الأقباط ؟؟؟

الكل يعرف الإجابة .

موقف الشعب المصري مع الأقباط ، يشابه فصل الشعب المصري بين القبائل البدوية التي ساعدت الجيش البريطاني قبل معركة التل الكبير ، و بين سائر القبائل البدوية في مصر ، كما إنه غفر للقبائل البدوية التي إرتضت الحماية البريطانية حتى يتهرب أبناؤها من التجنيد ، و سمح لأبنائها بالمشاركة في بناء مصر بعد ذلك ، و جعل هناك تمثيل للقبائل البدوية في لجنة كتابة دستور 1923 .

مواقف حضارية متوقعة من شعب عريق في الحضارة ، بل هو مهدها ، رفض أن يوقعه الخبثاء ، من مصريين و أجانب ، في شراك الفتنة الطائفية ، و في لهيب الحرب الأهلية .

مواقف وطنية مضيئة مشرقة تذكرني بموقف الشعب المصري الذي رفض الإنزلاق للفتنة الطائفية رغم المحاولات المتكررة للأجهزة الأمنية السرية جره إليها منذ مارس من العام الماضي ، 2011 ، و إستهجن دعوة الإذاعة المرئية الرسمية في عهد طنطاوي الدموي لكي يشارك في ذبح الأقباط في أكتوبر من العام الماضي 2011 .

نعم القوائم على المستوى الوطني سيستفيد منها الأقباط ، و ليس في هذا ما يدفعنا لنبذها ، و لكنها أيضا ستنفع كل الشعب المصري ، بإستثناء قلة معظمها يريد خراب مصر .

بديهي أن ما سينفع الاقباط كأقلية ، سينفع كافة الأقليات الدينية و العرقية ، و كذلك السياسية ، في مصر .

إذا كان الأقباط سيستفيدون من تبني نظام القوائم على المستوى الوطني كوسيلة لإنتخاب نصف أعضاء مجلس الشعب على الأقل ، فإنها بالتأكيد ستنفع النوبيين و السيويين و البجة و البدو و كافة الأقليات العرقية ، و الدينية ، و ستنفع أيضا كل الأقليات السياسية و الثقافية و الإجتماعية .

السلفيون ، على سبيل المثال أقلية دينية في مصر ، موزعة في أرجاء مصر ، و قد برهنت الإنتخابات البرلمانية التي جرت في عهد طنطاوي الدموي على إنهم أقلية ، فلم يحصدوا سوى ربع مقاعد مجلس الشعب تقريبا ، على الرغم من الفوائد التي جنوها من تحكم الأجهزة الأمنية السرية في الإنتخابات من المنبع و الذي جرى على يد الأجهزة الأمنية السرية ، و بالتأكيد هم من الذكاء ليدركوا بأنه ليس كل من صوت لهم في تلك الإنتخابات هو سلفي .

إذا سيستفيد السلفيون من القوائم على المستوى الوطني تماما كما سيستفيد الأقباط ، و كما ستستفيد كافة الأقليات ، العرقية و الدينية و السياسية و الثقافية و الإجتماعية ... إلخ ، و بخاصة الأقليات التي يتوزع أبناؤها في أرجاء مصر و في خارجها ، لأن القوائم على المستوى الوطني تضمن تجميع الأصوات .

كما ستستفيد الأقليات من نظام القوائم على المستوى الوطني ستستفيد منها كذلك ، و لنفس الأسباب ، الأحزاب السياسية جميعها ، الكبيرة و المتوسطة و الصغيرة ، و لأسباب أخرى تتعلق بالدعاية الإنتخابية و بالإنفاق على الدعاية .

القوائم على المستوى الوطني ستوفر على الأحزاب جهد إختيار مرشحيها ، لأنها ستختار أعضاء قوائمها ، إما بالإقتراع الداخلي ، و إما عن طريق لجنة من الحكماء و المخضرمين في الحزب لإختيار أنسب و أفضل الأعضاء لتمثيل الحزب أمام جموع الشعب ؛ و لن تهدر الوقت في البحث عن أشخاص مناسبين لكل دائرة يكون العامل الأهم في إختيارهم هو عامل متخلف ، و أعني به عامل الروابط العائلية و القبلية .

كما أن نظام القوائم على المستوى الوطني سيوفر الجهد و المال في الدعاية الإنتخابية للأحزاب لأنه سيجعلها تركز على الدعاية التي تشمل مصر كلها ، فسوف يصبح للإذاعات المرئية و المسموعة ، و كذلك للإنترنت ، دور كبير في الدعاية .

الأهم هو أن الدعاية الإنتخابية ستتركز على الأفكار و المبادئ ، و ليس على الخدمات الشخصية ، و ما يشابهها .

حتى هؤلاء الذين يستفيدون من مواسم الإنتخابات لبيع أصواتهم ، سيستفيدون من القوائم على المستوى الوطني لأن ذلك النظام الإنتخابي سيأتي ، تدريجيا ، بأفضل العناصر ، مما سيعيد ، بالتدريج لمجلس الشعب المصري دوره الحقيقي ، دوره التشريعي و الرقابي ، بما سيرتقي بمصر ، و بالتالي يرفع مستواهم الإقتصادي - الإجتماعي و يضمن لأبنائهم مستوى أفضل مما توافر لآبائهم .

الخاسرين من ذلك النظام هم فئتين ؛ الفئة الأولى قلة ضئيلة ، هم هؤلاء الشرفاء الذين ربما يكون لهم شعبية في مناطق معينة و يريدون خدمة أبناء مناطقهم ، و لهؤلاء سبق أن قلت أنه يجب أن تبقى بعض المقاعد في مجلس الشعب بالإنتخاب الفردي ، و لكني شددت على ضرورة أن يكون النصف على الأقل بالقوائم على المستوى الوطني كبداية إلى أن تصبح الأغلبية بالقوائم على المتسوى الوطني ؛ أما الفئة الثانية ، و هم أكبر الخاسرين من نظام القوائم على المستوى الوطني فهم المباركيين ، لذلك يحاولون تشويه ذلك النظام ، و يشغلون الشعب بقضايا فرعية في دستور ليس بدائم و لا بخالد .

المباركيون هم أكبر الخاسرين من ذلك النظام ، لهذا لا القيادة الإخوانية ، و لا الناصريين ، و لا السلفيين الحكوميين ، و لا الكفايتيين ، و لا الفتوحيين ، و لا البرادعيين ، و لا الإبريليين ، و لا الثوريون ، إشتراكيون و ليبراليون ، و لا إتحادات و جمعيات و عصب و نوادي شباب خيانة الثورة ، و لا الأحزاب التي تم تسجيلها في عصر مبارك الأثيم و عصر طنطاوي الدموي ، يناصرون تلك الفكرة الوطنية .

مجلس الشعب بالقوائم على المستوى الوطني فكرة ليست في صالح المباركيين ، و أتباع المباركيين الذين ذكرت أمثلة لهم في الفقرة السابقة ، لهذا يتم وأدها ، و إهالة أتربة النسيان عليها ، و تشويهها حتى إذا قدر لها أن تخرج للشعب تكون بالفعل مشوهة في ذهنه ، مرفوضة منه .

التشويه وسيلة من الوسائل الكلاسيكية للأجهزة الأمنية السرية ، ورثتها عن الخبراء النازيين الذين أسهموا في تأسيس المخابرات الناصرية ، و لكنه إسلوب لن ينجح .

سنخوض معركة القوائم على المستوى الوطني ، لأنه بدون القوائم على المستوى الوطني لا أمل في إصلاح مصر عن طريق البرلمان .

أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين الحسني

حزب كل مصر ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر

30-09-2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: فكرة وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة غير مطروحة ق


.. استقبال حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة




.. أسرى غزة يقتلون في سجون الاحتلال وانتهاكات غير مسبوقة بحقهم


.. سرايا القدس تبث مشاهد لإعداد وتجهيز قذائف صاروخية




.. الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يترشح لانتخابات الرئ