الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذاكرة قطنية- قصة قصيرة

سمرقند الجابري

2012 / 9 / 30
الادب والفن



قبل أن يذهب الى المطار بيوم، إشترى قميصين ، فكر بظبية توّقهِ الف مرة قبل الشراء، وعاد بهما الى بغداد.
زارتهُ بلهفة ، دحرجتْ روحها على ملامحه الجديدة ، كلما عاد ، تترك بلادا كان فيها لمسات ما على وجنتيه ، ولانها تحب هذا الشعور ، ظلت تجيس بتلك القسمات ما قدرتْ ، فلقد علمها السندباد الكثير .
فتحا القمصين من كيسيهما بفرح الاعياد معا، وأرسلاهما للمكوى، القميص الاول بخطوطه الزرقاء ،تملل من طول الانتظار، منذ يوم خياطته للان ورحلته في السوق من تاجر الجملة الى حقيبة مسافرعجول الى محل الكوي ، شعر بالعزة لانه جديد ولم يترفع وهو يركن مع قمصان أخرى لم تغسل بعناية ، وكان يسكت أزراره عن الرغي مع أزرار الاخرين ،خصوصاً تلك العائدة لنساء لا يعرفهن!.
احب حبيبة صاحبه ، شبّه عيونها بأزرار المعاطف في زمن الحب، ورجع بذاكرته القطنية الى ثياب مرتْ به ، فلم يبتسم!.
القميص الآخر ، خطوطه من الورد استعارت روعتها، كان أكثر زهوا من ثياب هذه المدينة المغبرة وظلّ يُسمعُ من في المحل:-" لا تملكون فرحي ، فأنتم ستذهبون الى بقع تنتظركم، وزحام الباصات المكتظة ، أما أنا فقميص شاعر، قميص شاعر".
في الصباح عادا الى صاحبهما ، ظل كل واحد منهما يتمنى بطريقة ما أن يكون هو الاول في استقبالها، الأزرق له قوة رشف عطرها رغم الطاولة النائمة بينهما ، ومن فرط فرحه ، أسقط أحد أزراره تحت قدميها صريعا، وهي من الوله احتفظت بالزر خلسة عن الحبيب لينام في حقيبة حوّت من الذكريات ما يميز المجانين عن غيرهم .
الزر في حقيبتها يعجب من لفافة تبغ تلفها بأحكام محارم بيضاء ، وسأل بقية المناديل عن فحواها ، فأجاب القريب منها بأنه يضم شعرات استلت من مشط صاحبه ، فصاحبة الحقيبة مستها التولهات فصار لكل تفاصيل الاخر خارطة فرح لامرأة ظلت متخبطة المشاعر حتى عتقتها النهارات بشاعر ارسلته عناية الصدفة المبدعة ، فيما يسميه الجميع بـ( الوقت الضائع)، عداها.
تكاثرت الاسئلة الموجهة من زر اسقطه التماهي لولاعة سجائر ،ظل صاحبها يبحث عنها ، ولم تدفع به رياح الشك الى ان يعصف بأحد.
قميصان ينامان في دولاب مرغته الهدايا المضمخة، لتطرز قصة لا يريد لاحد منهما انهاءها ، ظلا يسبغان عليها الاسماء التفافاً على بيت القصيد ، كل العيون تعرف حتى تلك التي لا تشبه ازرار المعاطف والكنزات ، ابتداءا من اول زر بعد الميلاد الى يوم القيامة.

من مجموعتي القصصية – ناطور الضوء – الفائزة بجائزة الابداع الادبي 2009 - دبي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تهانيي بالجائزة وبهذا النص الذي يفيض حياة جميلة
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2012 / 9 / 30 - 20:00 )
تحيه للكاتبة المبدعه سمرقند وتهنئه بالمجموعة وبفوزها وبهذه العينة الحلوة حلاوة البريم من بساتين العماره
انا من جيل الثلاثينات وموضوعيا محدود الامكانية على القراءة ناهيك عن الكتابة
وادخر هذا النزر القليل من القدرات -للادب الصعب-ولااقول غير الجميل واقصد الاخبار والنصوص المتعلقة براهننا المفزع وانا اعيش شمرة عصا من سوريا التي يحرقها الوهابيون
ولكنني-لاتزعلي بنيتي-لماستطع المرور مرور الكرام على عنوان غريب من صاحبة هذه العيون الاخاذة والذكيه
ولم اندم بل بعد انتهائي من قراءة نصك الرائع قررت -حفاظا-على التوازن العاطفي واللغوي علي من وقت لاخر ان انهل من عبق نص مثل موضوعك-القصة
شكرا مع ارق امنيات الاستمرار في الابداع والتاءلق
شاب ثمانيني

اخر الافلام

.. الأهلي هياخد 4 ملايين دولار.. الناقد الرياضي محمد أبو علي: م


.. كلمة أخيرة -الناقد الرياضي محمد أبو علي:جمهور الأهلي فضل 9سا




.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 34.5 مليون جنيه إيرادات


.. … • مونت كارلو الدولية / MCD جوائز مهرجان كان السينمائي 2024




.. … • مونت كارلو الدولية / MCD الفيلم السعودي -نورة- يفوز بتنو