الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحمرة الغائبة

محمد جمعة عبدون السمالوسي

2012 / 9 / 30
الادب والفن



o لحُمْرَةُ الغائبة
قال جالينوس: "الحمرة حادثة عن الخجل" ، والخجل يختلف عن الحياء ، فالخجل ينتج عن إحراج من شئ أو فعل أو أي موقف وأثره يظهر على الوجه ، بينما الحياء صفة تردع قلب الإنسان الصالح عن اجترام المحارم والمكاره. والبعض يستخدم الخجل بمعنى الحياء، والحياء بمعنى الخجل.
مما لاشك فيه أن خلق الحياء هو أرقى الأخلاق الحميدة التي حثَّ عليها ديننا الحنيف ، كما أنه قرن الإيمان ، فقد ورد في صحيح البخاري: أن النبي رأى رجلا يعاتب أخاه في الحياء فقال عليه الصلاة والسلام:(دعه فإن الحياء من الإيمان)، وقال الفاروق رضي الله عنه: (من استحيا اختفى، ومن اختفى اتقى، ومن اتقى وقي) ، ومن أعظم درجات الحياء ، الحياء من الله بعدم التجرَّأ على معصيته سواءً بالقول أو الفعل أو الخاطر ، وهذا يتولد من إدراك العبد عظمة ربه ونعمه التي لا تحصى يقول الجنيد رحمة الله عليه: (الحياء رؤية النعم ورؤية التقصير، فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء).
ومن عظيم الألم أن هذا الخلق العظيم بدأ يتلاشى ويضمحل شيئًا فشيئًا في مجتمعاتنا فلم يعد هناك يوسف الصديق ولا فاطمة الزهراء إلا ما رحم ربي ، يوسف الذي تهيأت له امرأة العزيز وراودته عن نفسه فقال لها: ("مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ) . وفاطمة التي أتت تعثر في مِرْطها من شدة الخجل عندما علمت بخطبة علي لها.
قلّ في مجتمعنا البنت التي تذوب من الحياء ، وتقطر وجنتيها بحور من الدماء ، وخلعُ ثوب الحياء في عصري يذكرني بقول شاعرنا العظيم الذي له من اسمه حظ، يقول الأعظمي: ( الله أكبر إن الناس قد خلعوا ** ثوب الحياء وصاروا اليوم كالحُمُرِ ) ، كما قلَّ أيضًا من يقال فيهن: هُنَّ أَهْلُ البَها وأَهْلُ الحَياءِ قَاطِنَاتٌ دورَ البَلاطِ كِرَامٌ) كما قال ابن ربيعة.

وظاهرة خلع أردية الحياء شملت الجميع رجالا ونساء ، فمن الشباب من أصبح همه توافه الأمور ، فهمه الحديث مع بنت عن طريق الوسائل المختلفة ، وحديثه تافه خالي من الإضافة المعرفية أو المناقشات الثرية التي تضفي نوعًا من التعارف البراجماتي القائم على الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة بل حديثه عن الأغاني والكلمات النابية ......إلى آخره من الترَّهات المعروفة. كما أن لباسه ليس فيه أي حياء فبنطاله ساقط حتى أن ملابسه الداخلية تظهر، والمحزن عندما تكلمه في هذا الأمر فيجيبك بجواب بارد( موضة يا بوب) ، وعندما تناقشه في موضته وبلغته يقول لك:(ابقى خدنا على جناحك).
والشئ بالشئ يذكر لي صاحب تونسي تعرفت عليه عن طريق "الفيس بوك" أخبرني أن الشخص السوي عندهم هو الذي يشتم ويتسفه ويجالس البنات ويشرب الدخان ويشاهد الإباحيات... ولأنَّه يختلف عنهم ولا يعجبه سلوكهم اتهموه بالتعقد والرجعية والتخلف ، مما أدي إلى اكتئابه وفقدانه للثقة بالنفس. كما أن من الشباب من يعلق في عنقه سلسة كال.....
وأما لباس البنات لا أزيد فيه فالكل يرى ويشاهد ، ولكن يلح في نفسي سؤال أودُّ منذ زمنٍ طرحه. أيتها المتبرجة يا من قد نسيت أن تلبسي قبل أن تخرجي لمن تلبسين وتتزينين وتتعطرين هل لزوجٍ عفيف أم لخاطب شريف؟!! لو أقنعتني أيُّ متبرجة بسبب واحد سأكون أول المعتذرين لها في الوقت والمكان الذي تريده! فلو قلتِ لي حرية أن ألبس ما أريد؟! فأقول لك: أختي الكريمة أنا أؤمن بالحرية ولكن الحرية المسئولة التي لا تضر ، فحريتك أن تشربي عصير مانجو أو برتقال فلن يعترض أحد على شرابك ؛لأنه لن يضر ، ولكن لباسك هذا يضر كل من ينظر إليك. فلو قلتِ لي أليس للناظر إرادة؟! فأقول لك: وأين إرادتك في عدم لبس هذا. فإن قلتِ حريتي أن ألبس ،فالناظر سيقول لك: وأنا حريتي أن أنظر وأعاكس... أختنا الكريمة أهمس في أذنك كلمات لك من أخ يحب لك الخير. الكثير من الشباب حتى قليل الحياء (الصايع المنحرف) عندما تكلمه في زواجٍ يقل لك: أريد بنتًا صالحة والمتبرجات التي أعرفهن لا يصلحن أمهات.
أختي إذا كان هذا رأي شاب منحرف فما بالك برأي شاب صالح... أرجو أن تراجعي نفسك. وأختم لك بهذه الأبيات للشاعر على الجارم: ( واجعَلِي شِيمةَ الْحَيَاءِ خِماراً ** فَهْوَ بِالْغَادة الكَريمةِ أَوْلَى ) ( ليس لِلْبِنْت في السَّعادة حَظٌّ ** إِن تَنَاءَى الحياءُ عَنْها ووَلَّى )0 ( والْبَسِي مِنْ عَفَاف نَفْسِكِ ثوْباً ** كلُّ ثوبٍ سِوَاه يَفْنَى ويَبْلَى ).

الأمور ولايتبذَّئ فهو ليس بمبدع. وكأن الدنيا ضاقت والإبداع أصبح محصورًا فيما يرونه متناسين أن السمين يبقى والغث يتلاشى. ولا يدركوا أن دعوتنا إلى أخلاقية الأدب والوقوف ضد دعوة ومنهج أصحاب الفن للفن هو من أجل أن لنا دينًا وشرعًا يحكمنا ، وأن الأدب الراقى هو من يثير المشاعر النظيفة لا المريضة ، وأن الله هو من سيسأل ذلك الأديب وذلك الناقد عن رؤاه وطرحه؛لأن من يؤيد الفصل يشجع بذلك الكاتب على التّأَبُح وأنه على صواب ؛لأن ذلك الكاتب إذا علم بأنه غير مرغوب في منهجه وطريقة كتابته بالتأكيد سيتوقف أما نبين له أن هذا إبداعًا فتلك بلية. وأيُّ إبداعًا ذلك الذي يكتب عن العلاقات الفطرية بين الرجل والمرأة ،ألا يعلم أنه بذلك يجعل المخلوقات الأخرى تضحك علينا؛ كالكلاب والقرود؛لأنهم يعلمون تلك الأمور. الولد يخرج من بطن أمه ويلتقم ثيديها بفطرة هكذا العلاقة فطرة ومغروثة في كل المخلوقات. وهذا سؤال لمن يؤيدون الفصل. منهج الفن للفن منهج من نواتج العلمانية. والدعوة إلى أخلاقية الأدب منهج بالأساس إسلامي بإلاضافة إلى الإرهاصات الأولى التي بدت عند أرسطو وبعض الكتاب الغربيين. نحن عندنا من يدعون إلى تكريس الفصل ومتأثرين في ذلك بالمناهج الغربية إذن أريد منكم أن تأتوا لي بكاتب غربي يدعو إلى أخلاقية الأدب بإرجاعها إلى أنها دعوة إسلامية؟!
وهذا غيض من فيض، ومحاولة لتصوير المرض المستشري في مجتمعنا وفي نواحي حياتنا المختلفة .... ونسأل الله إصلاح الحال.
محمد جمعة عبدون السمالوسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-