الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل منظمة ماركسية لينينية مغربية

وديع السرغيني

2012 / 10 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


من أجل منظمة ماركسية لينينية مغربية

في خضم النقاشات والصراعات الفكرية، التي تخوضها مختلف مكونات الحركة الثورية المغربية، من أجل إيجاد مخرج لأزمة العمل الثوري في المغرب، تقدمت إحدى فصائلها بمشروع أرضية، يبدو أن الهدف، منها كما ادّعت ذلك، هو توحيد الحركة الماركسية اللينينية على أرضية إيديولوجية واضحة.
وبغض النظر عن المنحى الذي ذهبت إليه، والذي تجاوزت فيه الإيديولوجية بكثير لحد وصولها للتنظيم، وشكل التنظيم، ومعايير الالتحاق، وطرق حسم الموقف بالتصويت..الخ
سنحاول، بتواضع، تقديم ملاحظاتنا النقدية بإيجاز.. بالنظر مما وجدناه في الأرضية من لغة رفاقية، وحدوية غير متعالية، وتستحق التفاعل والتواصل..الخ
وسنتخذ، لهذا الغرض، منهجية النقد نقطة تلو الأخرى، قبل إعطاء نظرتنا الشمولية، وتقديم ما نراه مناسبا في المرحلة، علاقة بكل الجوانب التي طرحتها الأرضية، الجانب النظري والجانب السياسي والجانب التنظيمي.
في هذا السياق وتفاعلا مع جميع الأرضيات التي تتقدم بها فصائل وفعاليات الحملم، رأينا من اللازم الوقوف على بعض المواقف والصيغ والمفاهيم.. الغامضة، تقديما وتطويرا للنقاش، وخدمة لمشروع الوحدة من منظور ماركسي لينيني لا يقفز عن الشروط الذاتية والموضوعية الواجب تحققها، لتشكيل الوحدة على اختلاف طبيعتها ومستوياتها: وحدة الحركة الماركسية اللينينية، وحدة الحركة الثورية، وحدة الحركة التقدمية والديمقراطية، وحدة حركة النضال الجماهيري الجذري..الخ

نص الأرضية موضوع النقد

مشروع أرضية إيديولوجية للحركة الماركسية اللينينية المغربية

1. الإرث التاريخي:
تقوم الحركة الماركسية اللينينية المغربية على أفضل ما راكمته الطبقة العاملة المغربية من خلال منظمة إلى الأمام خاصة خلال عقد السبعينات فيما بين الفترة 1969 و1979 من تحليل سياسي ومناهج تنظيمية ومراجع إيديولوجية، وذلك قبل انتصار الجناح اليميني للمنظمة بعد سنة 1979 نتيجة سقوط شهداء الخط الراديكالي للمنظمة كعبد اللطيف زروال وسعيدة لمنبهي، وتتبنى الحركة الماركسية اللينينية المغربية ما راكمته الحركة الشيوعية العالمية بدءا بالأممية الأولى لماركس وانجلز والمرحلة الثورية للأممية الثانية قبل بروز خيانة الديمقراطيين الاجتماعيين داخلها، ثم الأممية الثالثة: الكومنترن.

2. القاعدية الإيديولوجية الأولى:
الحركة الماركسية اللينينية المغربية منظمة ثورية تعمل في اتجاه بناء المجتمع الشيوعي محليا وعالميا مع باقي الثوريين في العالم من خلال انجاز المرحلة الانتقالية في إطار الولايات المتحدة الاشتراكية العالمية ثم مرحلة الشيوعية حيث تنتفي الطبقات والعمل المأجور والدولة.
وتعتبر الحركة الماركسية اللينينية المغربية أن الثورة البروليتارية، وديكتاتورية البروليتارية والاشتراكية عبارة عن مراحل ضرورية من صيرورة تجاوز وتصفية النظام الرأسمالي. وتقوم الحركة الماركسية اللينينية المغربية على الاشتراكية العلمية التي بلورها ماركس وانجلز، وطورها لينين (الماركسية اللينينية باعتبارها ماركسية مرحلة الإمبريالية)، وأغناها ستالين (خصوصا في ما يتعلق بإشكالية بناء الدولة والاقتصاد الاشتراكيين)، وأيضا ماو تسيتونغ، (خصوصا بالنسبة لإشكالية السياسة العسكرية الثورية)، ومن طرف أنور خوجة (فيما يخص النضال ضد التحريفية الحديثة) ومن طرف باقي كبار الثوريين الشيوعيين، وتستعرض الحركة الماركسية اللينينية المغربية أطروحتها الأساسية في إطار بيانها الشيوعي.

3. القاعدة الإيديولوجية الثانية:
الحركة الماركسية اللينينية المغربية تستهدف على الخصوص الدفاع بالملموس عن قيم الأممية البروليتارية، أولا من خلال جعل نضالها جزءا من النضال الطبقي العالمي ضد البرجوازية الإمبريالية، وبعد ذلك عبر دعم النضالات الثورية لباقي البلدان، وتستهدف الحركة الماركسية اللينينية المغربية مكافحة مختلف التوجهات الوطنية الشوفينية والخصوصية الإثنية والعنصرية، وتدافع عن وحدة نضال الشيوعيين البروليتاريين والمهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين، كما تدين التنظيمات السياسية التي تقوم على أساس خصوصية اجتماعية معينة.

4. القاعدية الإيديولوجية الثالثة:
الحركة الماركسية اللينينية المغربية تناضل ضد التحريفية الحديثة وضد كل تحريف لمبادئ الماركسية اللينينية. ومن بين هذه الواجهات: الإصلاحية التي تخنق النضالات داخل النظام الرأسمالي، الاقتصادوية التي تنكر الدور المركزي للسياسة وإشكالية السلطة، والعمالية، والتي هي شكل من أشكال الانتهازية التي تحدد السياسة الثورية فقط على أساس مستوى درجة الوعي التي بلغتها الطبقة العاملة (وإذن تتبع الطبقة بدلا من تسير بناء على رأسها)، الشعبوية، وهي شكل آخر من الانتهازية التي تحدد السياسة الثورية فقط على أساس نسبة الوعي الذي أدركته الجماهير الشعبية (وإذن تتبع الجماهير بدلا من أن تتبع رأسها)، التي تحترم الإطار القانوني الذي تحدده الدولة البرجوازية، البرلمانية، والتي تدعي بأن المشاركة في الانتخابات تتيح في الظرفية الراهنة، شيئا آخر غير إعطاء المصداقية للنظام البرجوازي، السلمية، التي تنكر الدور الثوري للعنف في التاريخ ويتم ترك احتكار القوة للبرجوازية.

5. القاعدة الإيديولوجية الرابعة:
وبهدف الوضوح السياسي والإيديولوجي، تؤكد الحركة الماركسية اللينينية المغربية على أن كل أعضائها يجب أن يتمكنوا من المصادر الكلاسيكية للماركسية اللينينية. بالنسبة لماركس وانجلز، البيان الشيوعي، ماركس: الأجور، الأسعار والربح، مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي، انجلز: الاشتراكية الطوباوية والاشتراكية العلمية، مصدر العائلة، والملكية الخاصة والدولة، لينين: الدولة والثورة، الامبريالية، المرحلة العليا للرأسمالية، ستالين: أسس اللينينية، الإشكاليات الاقتصادية للاشتراكية في الاتحاد السوفيتي، ماو تسيتونغ: الحرب الطويلة الأمد. دراسة هذه الأدبيات الكلاسيكية هي مهمة كل مرشح للانخراط في الحركة الماركسية اللينينية- دراسة المصادر الكلاسيكية هي على العموم واجب نضالي لكل مناضل.

6. القوى المؤسسة:
الحركة الماركسية اللينينية تضم مجموعات ومناضلين منبثقين عن مختلف التيارات الماركسية اللينينية المكافحة المغربية. وتعتبر النواة الصلبة للحركة الماركسية اللينينية المغربية مختلف قوى النهج الديمقراطي القاعدي وفلول مناضلي البرنامج المرحلي الذين غادروا الجامعات المغربية.

7. القاعدة التنظيمية الأولى:
الحركة الماركسية اللينينية المغربية تشكل فضاء للنقاش وأداة للنضال تتيح تجميع الشروط الإيديولوجية، والسياسية والتنظيمية الضرورية من أجل تأسيس الأداة السياسية الثورية للطبقة العاملة المغربية. وفي هذا الإطار، فإن الحركة الماركسية اللينينية المغربية تشكل مرحلة في إطار عملية بناء الأداة. وعدم حل المجموعات السياسية الماركسية اللينينية المشكلة للحركة يمكن تفسيره من خلال وجود اختلافات حول مدى وطبيعة الأداة السياسية الثورية للطبقة العاملة. ثم إن اجتماع نفس هذه المجموعات في الحركة الماركسية اللينينية المغربية يمكن تفسيره من خلال الدرجة المتقدمة من الوحدة الإيديولوجية، حول هذه القضية وحول قضايا أخرى، والتي توصلت المجموعات والرفاق الماركسيين اللينينين غير المنظمين إلى تأسيس الحركة الماركسية اللينينية المغربية.

8. القاعدة التنظيمية الثانية:
المجموعات التي تتوحد في إطار الحركة الماركسية اللينينية المغربية تحافظ على شخصيتها المستقلة ويمكنها أن تطور وتربط علاقات سياسية مع قوى سياسية ثورية أخرى، لكن لا يمكنها أن تناضل في الميدان إلاٌ على أساس الصراع الطبقي في المغرب وفي إطار الحركة الماركسية اللينينية المغربية.

9. القاعدة التنظيمية الثالثة:
المرشحون الأفراد للانخراط في الحركة الماركسية اللينينية المغربية والذين يتوفرون على تكوين سياسي وإيديولوجي غير كاف يجب أن يتحملوا مؤقتا صفة متعاطفين متدربين، ومن خلال صفة متعاطف متدرب يشارك هؤلاء في الاجتماعات وفي المناقشات الداخلية للحركة الماركسية اللينينية المغربية وبدون أن يكون لديهم الحق في التصويت. المتعاطفين المتدربين يشاركون في الأنشطة النضالية للحركة الماركسية اللينينية، لكن أول واجباتهم النضالية تتمثل في اكتساب تكوين يتيح لهم إمكانية أن يصبحوا أعضاء كاملي العضوية. المرشحين الأفراد للانخراط في الحركة الماركسية اللينينية المغربية يندمجون بتزكية من طرف عضوين من الحركة الماركسية اللينينية. المجموعات الماركسية اللينينية المرشحة للانخراط في الحركة يندمجون بعد موافقة جميع المجموعات الماركسية اللينينية الأعضاء في الحركة.

10. على المستوى العملي:
تستهدف الحركة الماركسية اللينينية توفير الشروط الضرورية لتأسيس المنظمة الثورية عبر الانخراط في جبهة الصراع الطبقي، وفي جبهة الثقافة البروليتارية، وفي جبهة الأممية البروليتارية وفي جبهة التضامن الطبقي. وستدافع الحركة الماركسية اللينينية على الخط البروليتاري والمشروع الشيوعي الثوري. وستتدخل الحركة في جميع هذه الميادين مباشرة كحركة ماركسية لينينية أو بشكل مباشر، عبر انخراط مناضليها في التنظيمات الجماهيرية.

11. المنظمات الجماهيرية:
مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية ينخرطون في التنظيمات النقابية المكافحة، ويمارسون العمل النقابي في أماكن العمل، ويعملون على تشجيع خلق في القواعد لجان النضال النقابي، مع تنبيه البروليتارية لمحدودية هذا العمل. النضال النقابي يبقى جبهة ضرورية ضد ضغط الرأسماليين، لكن القضاء على الرأسمالية يتطلب نضالا سياسيا خاصا، بمعنى نضال من أجل السلطة السياسية، مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية يشاركون في أنشطة القوى القادرة على المساهمة في الدفاع عن خط طبقي في الحركة النقابية (كما هو الشأن بالنسبة لحركة من أجل تجديد نقابي).
على جبهة الثقافة الفنية، والنظرية والتاريخية البروليتارية، الحركة الماركسية اللينينية ستطور الأنشطة الجمعوية الثقافية غير الهادفة للربح. وعلى جبهة التضامن البروليتاري، مناضلي الحركة الماركسية اللينينية سيستثمرون طاقاتهم في أنشطة الإنقاذ الحمراء. وسيدافع مناضلي في إطار المنظمات الجماهيرية عن المبادئ الشيوعية الثورية وذلك مع احترام طبيعتها وإطارها الخاص. الحركة الماركسية اللينينية يمكنها الانخراط أو الانسحاب من المنظمات الجماهيرية في أية لحظة تقرر فيه أن هذا الانخراط أو هذا الانسحاب يتطابق مع المصالح العليا للنضال.

12. منهجية العمل:
الحركة الماركسية اللينينية المغربية تعتمد المركزية الديمقراطية كمبدأ ومنهجية للتنظيم، المركزية الديمقراطية تمارس بدون الأخذ بعين الاعتبار المجموعات الماركسية اللينينية المنضوية في الحركة الماركسية اللينينية المغربية، وذلك على قاعدة: لكل مناضل صوت. الحركة الماركسية اللينينية المغربية تعتمد "سلوك التنظيم" (انضباط المنظمة، روح المنظمة، ... الخ) كشرط لبناء المنظمة الثورية. وستسهر الحركة على أن مناضليها يبرهنون، في عملهم، كفاءات في الفاعلية، وفي الدقة، وفي الانضباط بالوقت، وبالحذر والسرية، ويبرهنون عن صرامة مثالية في النضال ضد الإيديولوجيات الرجعية والمناهضة للجماهير كاضطهاد النساء والعنصرية والظلامية والشوفينية.
انتهى
قسمت الأرضية نفسها لاثني عشرة قاعدة ونقطة أساسية يمكن اعتبارها إعلان مبادئ عامة لإحدى فصائل الحملم.

1. الإرث التاريخي:
فإذا كان لا بد من الاعتراف بوجود الحملم كحركة، فيجب الاعتراف بكل مكوناتها من تنظيمات وتيارات وفعاليات، تنظيمات اليسار السبعيني، أي منظمة إلى الأمام ومنظمة 23 مارس ومنظمة لنخدم الشعب، إضافة للفعاليات الماركسية اللينينية المناضلة في صفوف حركة الطلاب ونوادي المثقفين وداخل النقابات وأحزاب اليسار الشرعي.. بدون هذه المعطيات لن يستقيم التحليل، ولن نفهم شيئا في نشأة، وفي مسار، وفشل العديد من مكونات هذه الحركة، بعد أن عجزت عن الوصول إلى أهدافها أو إلى البعض منها، حتى!
فمن أجل تطوير حركتنا نرى أنه يجب القطع مع جميع الأطروحات الأبوية والأنانية التي تهدف إلى إبراز البعض وإلغاء أو استئصال البعض الآخر من التاريخ والذاكرة،.. فما كانت الحركة هي التنظيم، ولا يمكن إلغاء مجهودات ومراكمات جميع مكونات الحركة كتنظيمات وفعاليات، أفراد وجماعات، في مجال الفكر والسياسة والمبادرات التنظيمية.. بما جلبه هذا من تضحيات، تجسدت في الاختطاف والاعتقال والملاحقات والنفي والاغتيال والسجن.. فبالإضافة لما قدمه أطر وقادة، تنظيمات اليسار الماركسي السبعيني، لا يمكن بأي شكل من الأشكال الإنكار والتـّنكر لمجهودات أخرى لبعض المثقفين والباحثين وبعض المناضلين المستقلين ومناضلي يسار الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والحزب الشيوعي المغربي وخلايا الحزب الشيوعي الفرنسي.. بما لهم من دور في تكوين العديد من الماركسيين الثوريين المغاربة.
حقيقة أن منظمة "إلى الأمام" أخفقت في بلوغها أهدافها المسطرة، بعد أن أعلنت عن ذلك سنة 79، منخرطة حينها في تراجعاتها المعلنة والمعروفة.. لكن من الصعب أن نحصر تراكمات الحركة كلها في تجربة هذا التنظيم وأن يعزى فشل الحركة لفشل التنظيم، لأن الحركة لم تتوقف ولن تتوقف، بما تشكله من تعبير موضوعي عن واقع وصراعات تعرفه مكونات المجتمع الطبقية، التي لا تتوقف.. من غير المقبول كذلك أن ندّعي ونحصر تراكمات الحركة الإيجابية بين 69 و79، لأن الحركة استمرت إلى يومنا هذا، وإن بأشكال جديدة وبمكونات جديدة، أضاف بعضها الجديد رغم كل ما يقال عنه، لكنه جديد، ماوية جديدة بنفحات بيروفية وهندية، وستالينية جديدة ردّت الاعتبار لأحد نجومها الصغار أنور خوجا، وماركسية لينينية تتخبط بين القطيعة مع هذا الإرث الثقيل وبين التوفيقية وإرضاء الخواطر للتيارات التي أشرنا إليها أعلاه..الخ على هذا نشير أنه كان حريا ولزاما على الرفيق وعلى جميع الرفاق أن يقرّوا بهذا الوضع بكل جرأة نضالية وبدون تحقير أو تبخيس لأي مجهود نضالي كان، خاصة وإذا كانت حرابه متجهة بدرجة أساسية لصدر النظام، نظام الرأسمالية التبعية، نظام البؤس والقهر والاستبداد والعمالة للإمبريالية.
وفق هذا الرأي وهذه القناعة لا نجد حرجا في التعريف بهذه المكونات وفي الإشادة بنضاليتها وبمجهودها الفكري والسياسي والميداني.. بالرغم من جميع خلافاتنا البيّنة معها، والتي ندرجها في انتقاداتنا الصريحة بعيدا عن المحاباة أو العدوانية أو أي سلوك يهدد مخططاتنا الوحدوية.. فكم من مرة صرّحنا بأن الماركسي يبقى ماركسيا، والشعبوي يبقى شعبويا، والإصلاحي يبقى إصلاحيا.. لكن مد الأيادي يبقى ضروريا في بعض المراحل وفق منهجية "السير على حدة والكفاح معا، دون إخفاء الاختلاف في المصالح، ومراقبة الحليف بقدر مراقبة العدو.."
فلا نتبنى التحليلات على إرضاء الخواطر، بل على ووفق منهجية "التحليل الملموس لكل وضع وحالة ملموسة".. وحالتنا البئيسة لا تشرف أحدا، ولا ترد الاعتبار لكل ضحايا القمع والاعتقال والاغتيال.. من مناضلي ومناضلات اليسار الماركسي اللينيني المغربي، وإذا ما التفتنا لحالتنا التنظيمية، ولحجم وقوة ما نقدمه في المجالين السياسي والفكري للشبيبة المناضلة ولفصائل الحركة الطلابية التقدمية، ولحركة العمال، وطلائعها النقابية المناضلة وللشباب المعطل ولمناهضي الغلاء والعولمة وللنساء وحركاتهم المناضلة..الخ فلا مجال للافتخار.
ما أثار ملاحظاتنا كذلك هو الاتجاه الذي يمكن أن ينجرّ له الرفاق، وهو السقوط في الخلط بين حركة المؤسسين وحركة الاستمرارية، بين الحركة التي غلب فيها التنظيم كنقطة محسومة لا تردد فيها، وبين حركة الاستمرارية حيث التوجس إن لم نقل العداء للتنظيم والنقد والتقييم..الخ

2. القاعدة الأيديولوجية الأولى
خلالها عرّف الرفيق الحركة بهذا الشكل "الحملم منظمة، ثورية.." وهو تعريف خاطئ في نظرنا وفي نظر جميع الماركسيين لماذا؟ لأن الحركة كانت وما زالت وستبقى، حركة نضال وتنوع وصراع، حركة تمتد وتتقلص، تتسع وتنحصر، تعيش المد والجزر، تتطور بشكل دائم، حركة دائمة وستبقى دائمة بالرغم من جميع الأوهام التي تتوخى إقحامها في تنظيم محدد.. أما المنظمة فهي ذلك التنظيم المحكم الذي يجب أن تتضح مرجعيته الفكرية وخطه السياسي وقواعده التنظيمية بما تفترضه من هياكل ومبادئ..الخ فالحركة تستوعب التنظيمات والتيارات والتكتلات والأفراد والطلائع المستقلة أو المتعاطفة..الخ أما المنظمة فلا يمكنها ذلك، يمكنها أن تستوعب جزءا فقط من الحركة وليس الحركة كلها، وإذا هي تجاوزت حدا أدنى من التيارات أو الأجنحة أو التكتلات فمآلها الانفجار والتشتت.. إذ يمكن أن يتوقف عمل المنظمة وأن ينمحي من الوجود كما وقع للمنظمات السبعينية "إلى الأمام"، "23 مارس" و"لنخدم الشعب".. عكس الحركة التي استمرت بأشكال جديدة وخطابات جديدة وممارسات جديدة..الخ
وفي نظرنا ورؤيتنا المتواضعة، يجب أن تكون أهداف الحملم، أو كما تتوخاه بعض مكوناتها وضمنها طبعا الخط البروليتاري، بناء المنظمة الثورية في اتجاه بناء حزب الطبقة العاملة المستقل نظريا، سياسيا، وفكريا، عن باقي الفئات والطبقات الاجتماعية الأخرى، المناهضة للرأسمالية والمعنية بالتغيير والثورة.
وعكس ما ادّعته الأرضية، لن تعمل المنظمة ولن يتوقـّف الحزب في بناء المجتمع الشيوعي الذي لا يبنى محليا، يمكن بناء الاشتراكية محليا وفي بلد واحد، كما أكدّت ذلك التجارب، والتجارب نفسها أكدّت استحالة صمود البناء الاشتراكي أمام هيمنة السوق، وأمام هجومات الإمبريالية وحصارها العدواني، وأمام تقاعس الحركة العمالية والثورية الاشتراكية في دعم ومساندة تجارب البناء الاشتراكي وتوسيع قاعدتها.
فوفق النظرية الماركسية، ووفق بيانها الشيوعي، فحزب الطبقة العاملة هو المؤهل نظريا لهذه المهمة، إذا أحسن التاكتيك السياسي، وعقد التحالفات الملائمة وأتقنها، وجمع بين جميع أشكال النضال الضرورية وأبدع فيها بما يعبّد له الطريق لحسم السلطة السياسية كمدخل ضروري للشروع في البناء الاشتراكي والديمقراطي، عبر ديمقراطية عمالية مجالسية، ديمقراطية جديدة يعرّفها الماركسيون بدكتاتورية البروليتاريا.
وكما هو معروف فدكتاتورية البروليتاريا، كما الاشتراكية، ليست سوى مرحلة انتقالية، تستمر فيها الدولة والطبقات، وتندمج فيها الرأسمالية بالشيوعية إلى حين، يعني حيث تستمر المِلكية الخاصة إلى جانب المِلكية العامة لوسائل الإنتاج، مع غلبة واضحة للنموذج الأخير، مدعـّما بالنموذج التعاوني.. ولن تصمد الاشتراكية إلاّ في إطار نضال أممي تتعزز فيه الاشتراكيات وتتوحد جهويا وإقليميا.. في الاتجاه الذي يقوض الرأسمالية ويقضي عليها وعلى طبقاتها البرجوازية بشكل كلي ونهائي.
وفي إطار المساهمة الإيجابية لحل أزمة الحملم، نعتقد أن الأرضية حكمها حسن النية، وهذا لن يكفي، ولن يفي بالغرض، بل سيسقطها في متاهات ستبعدها لا محالة عن أهدافها المسطـّرة، لأن الأمور الفكرية لا تعالج بهذه الطريقة الانتقائية أو التوافقية، بحثا عن حد أدنى نظري كما هو الحال في المجال السياسي، فلا تنازلات ولا توافقات مسموح بها في المجال النظري بالنسبة للماركسيين، حسب وجهة نظرنا البروليتارية.
هناك قضايا أساسية تعترض عملنا السياسي والتنظيمي الميداني، وتتطلب الإجابة السريعة والملحة من طرف جميع من يعتدّون أنفسهم ماركسيين لينينيين.. وهي أمور مهمة، وبالرغم من أن التجربة الماركسية اللينينية وحركة الطبقة العاملة قد حسمت وفصلت الأمر فيها، فما زال التردد والارتباك بصددها وسط الحملم.
فالغالبية العظمى ممن يدعون أنفسهم ماركسيين مغاربة يترددون في إعطاء الموقف من مسألة بناء الحزب كحزب طبقي مبني على أطروحة الماركسية الثابتة، أطروحة الرسالة التاريخية للطبقة العاملة، وقضية صراع الطبقات، والحرب الأهلية المبنية على تحالفات طبقية وسياسية واضحة المصالح والأهداف والبرامج، بتوجيه من خط النضال الميداني الجماهيري وارتكازا على النضال النقابي والحركة الإضرابية والاحتجاجية الجماهيرية وتوجيهها نحو المناهضة والنضال السياسي الثوري ضد الرأسمال والرأسمالية التبعية ونظامها السياسي والمنظومة الإمبريالية ككل..الخ
ونعتقد، بل نؤكد أن هذه القضايا، وقضايا أخرى كثيرة يثيرها الجدال داخل صفوف الحملم، قد حسمت فيها النظرية والتجربة الماركسية اللينينية بما لا يدع الشك أو التردد، ولا توجد فيها الحاجة لستالين أو تروتسكي أو ماو تسي تونغ أو خوجه أو هوشي منه أو غيفارا حتى.. فبالإضافة لهؤلاء القادة الثوريين الذين أسدوا خدمات كبيرة لشعوبهم، وشاركوا بهذا القدر أو ذاك في تطوير مجتمعاتهم ونضالات شعوبهم وحركاتها التحررية، يمكن الاستفادة من تجارب عمالية أخرى وقادة ومنظرين آخرين لا يمكن التبخيس أو التنقيص من إمكانياتهم البليغة.
وإذا كنا بصدد التأسيس لمنظمة ماركسية لينينية مغربية فيجب ألاّ نسقط منذ الخطوة الأولى في خلافات نظرية مهزوزة، لا علاقة لها بالواقع المغربي وبالمسار التاريخي لحركة الصراع الطبقي في بلادنا. فلا معنى مثلا، أن ندخل في نقاشات حول حرب الشعب الطويلة الأمد ونبني الخلافات حولها، وكأن الحرب ضد الاستعمار قائمة ولا ينقصها سوى الشكل، حرب عصابات أم حرب طويلة الأمد!
ما معنى أن نقيم الحواجز فيما بيننا، منذ البداية، حول صراع ذو أبعاد دولية، قام لحظة ما بداية الستينات بين خروتشوف وماو تسي تونغ، أو بين خوجا ضدهما معا.. حول قضايا ليست راهنية بالنسبة للماركسيين المغاربة وبالنسبة للطبقة العاملة المغربية والشعب المغربي الكادح..الخ
وما معنى كذلك أن ننخرط في الصراع حول كيفية بناء الاشتراكية قبل أن نحسم في آليات التغيير وفي طبيعة السلطة التي ستدير عملية بناء الاشتراكية وحماية الثورة من الردة والهجوم الإمبريالي والثوري المضاد، وفق طريقة الصراع حول فروة الدب قبل قتله أو صيده حتى.. والحال أن العديد من الأصوات التي تنسب نفسها للحملم، لم تحسم في اشتراكيتها، وما زالت أغلبها ملتزمة بالصيغة التي أنتجتها، أو على الأصح استوردتها واستنسختها "إلى الأمام" في شكل وصيغة "تحرر وطني بأفق اشتراكي أو مفتوح على الاشتراكية"..الخ من الصيغ الغامضة والغير ملتزمة طبقيا، والتي لا علاقة لها بالماركسية وبالبيان الشيوعي وبتاكتيكات البلاشفة اللينينيين.

3. القاعدة الإيديولوجية الثانية
بهذه الصيغة، يمكن اعتبارها التزاما سياسيا أكثر منه إيديولوجيا، وعلى الرغم من كونه انبنى على مبدأ أممي قويم، فكان لا بد من إبراز بعده الطبقي البروليتاري في صياغة "دعم النضالات الثورية لعمال وعاملات جميع البلدان ضد البرجوازية والرأسمال".. وبدون السقوط في إذكاء أية نعرات عنصرية، إثنية أو دينية.. نذكـّر الرفاق بأن النضال الشيوعي على هذا المستوى، كان واضحا منذ بيانه التأسيسي، وإذا كان علينا لزاما، الإجابة عن بعض الإشكالات، في سياق التطور الرأسمالي، وفي سياق العولمة الرأسمالية وما أنتجته من ظواهر، فيجب أخذ كل ظاهرة على حدة، ومعالجتها بالدقة اللازمة، وبما يستلزم منا الحذر، كل الحذر، من السقوط في الببغاوية واستيراد "آخر الصيحات" والمفاهيم المرتبطة بحركات الصحوة الجديدة المدافعة عن الهجرة والمثلية الجنسية وعبدة الشيطان وحركة الملحدين اللادينيين..الخ
فالشيوعيون الماركسيون اللينينيون لا يعارضون، ولا يدينون التنظيمات السياسية والجمعوية، القائمة على خصوصية اجتماعية معينة، بل يدعمون تشكلها، من مواقع نقدية، يدعمون جميع المضطهدين والمهمشين والمقموعين.. ليس لحد الاندماج، بل مع ترك المسافة اللازمة لضمان استقلاليتهم الفكرية والسياسية والتنظيمية، ولتوضيح محدودية أفق هذه الحركات وضيق نظرتها، في محاولة لجدب قواعد هذه الحركات نحو النضال الطبقي السافر ونحو المشروع العمالي الاشتراكي الذي سيحرر الجميع والمجتمع ككل من الاستغلال والاستبداد..الخ

4. القاعدة الإيديولوجية الثالثة
في اللغة العربية، وحسب اطلاعنا، تعرّف كلمة "انحرف" بمعنى زاغ عن الطريق أو عن الأهداف المرسومة، ويسمى الفاعل منحرفا، أمّا كلمة "حرّف" فتعني زوّر وزيّف نصّا من النصوص الدينية أو غيرها، بأن غيّر معناه، أو أضاف، أو نقـّص منه، أو نسبه ولفـّقه لأحد ما، لأهداف لا يعلمها سواه كمحرّف أو تحريفي.
ونظرا لما تعرضت له العديد من النصوص والكتابات الماركسية الخاصة بماركس انجلز ولينين من تلاعب وتزوير وشطب وإخفاء..الخ ابتليت الترجمات العربية بهذه الكلمة، أي التحريفية، كترجمة خاطئة لكلمة المراجعة أو المراجعاتية Révision-Révisionnisme وتحوّلت من مجالها النقدي، الفكري والسياسي، إلى مجال الشتيمة، والسباب، والتسفيه التحقيري للمناضلين فيما بينهم إذا اختلفوا أو تصارعوا..الخ
وارتباطا بمنهجية الرد والنقد الماركسي الذي دشـّنه ماركس وانجلز ولينين ضد الإصلاحية والفوضوية والشعبوية والاقتصادوية والإرهابية..الخ كان من الواجب إعطاء فكرة أوسع من التبسيط والاختصار الذي أقحمت به هذه التيارات ضمن الأرضية التي أمامنا، فبهذا الشكل يمكن أن يسقط المرء في التزوير والتحريفية عوض محاربتها.

- الإصلاحية: فالإصلاحية مثلا، ليست عدوة للنضال الماركسي الطبقي، إلاّ إذا كانت تحصره في نطاق النظام الرأسمالي ومؤسساته البرلمانية والانتخابية، دون الدعوة لتجاوزه، حيث يكتفي هذا الاتجاه داخل الحركة العمالية بدعوة الجماهير للنضال في نطاق المطالب الاقتصادية المتجهة نحو أرباب العمل، الدولة والخواص، وتقديم بعض المطالب السياسية لإصلاح وتعديل القرارات الحكومية والميزانيات العامة..الخ، بدون أن يطرح على جدول أعماله تحطيم الرأسمالية وتجاوزها ثوريا نحو النظام الاشتراكي.
بهذا يستلزم علينا كماركسيين الإعلان عن اشتراكيتنا بدون تردد، داخل جميع مواقع تواجدنا، حيث يجب الإشهار بطموحاتنا لهدم النظام الرأسمالي، عبر حملة شرح واسعة وسط العمال والعاملات، المناضلين بصدق من أجل إصلاحات تحسن من أوضاعهم، على أن الحل بالنسبة لأوضاعهم المأساوية والبئيسة، ليس هو الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، التي يمكن التراجع عنها بين ليلة وضحاها، بل هي إقامة الاشتراكية التي تتطلب منهم الانتظام في حزبهم السياسي المستقل، وفي نقاباتهم الجماهيرية المستقلة، وفي جمعياتهم ونواديهم المناضلة.. للزحف بمعية حلفائهم الفقراء والكادحين في المدن والأرياف، نحو السلطة السياسية.. فتحت قيادة وطليعية الطبقة العاملة، وعبر تجييشها لجميع المضطهين والكادحين والمعطلين والمهمشين.. في معركة واحدة من أجل الاستيلاء على السلطة، ومن أجل بناء ديمقراطية جديدة، مجالسية، شعبية بالمفهوم العميق للشعب.. ينتصر الخط الماركسي الثوري عن الإصلاحية كخط واتجاه.

- الاقتصادوية: هي "الحركة كل شيء والهدف لا شيء" وهي متقاربة بشكل كبير مع الإصلاحية إن لم نقل هي الإصلاحية المعادية للنضال السياسي وللثورة وللعمل الثوري، تعتمد النضالات الاقتصادية والصراع بين العامل ورب المعمل.. بدون أن تعطي اهتماما للنضال السياسي، الذي هو من اختصاص المثقفين والبرجوازيين من محترفي السياسة، حسب رأيها.. بالرغم من كون بعض الاتجاهات الاشتراكية، وخصوصا التروتسكيون والنقابيون الثوريون.. يروّجون ويناصرون هذا الاتجاه تحت مبررات تدّعي أن النضال الاقتصادي يتضمن بالضرورة نضالا سياسيا غير معلن، مراهنين في ذلك على عفوية الجماهير العمالية، كمنطلق من أجل استيعاب وتوعية الطبقة العاملة بمهامها السياسية الاشتراكية والثورية، بشكل أوتوماتيكي عبر التجربة والمراكمة..الخ قبل أن يحسم بليخانوف وكاوتسكي ولينين بعدهم، وارتكازا على أطروحتهم، علاقة النخبة بالجماهير العمالية، وعلاقة الفكر الاشتراكي بنضالات الطبقة العاملة الاقتصادية، والوعي بالعفوية..الخ راجع "ما العمل؟ّّ".

- العمالية: ورفعا للبس، كان الأحرى تحديد هذا الاتجاه بالعُمّالوي على وزن الشعبوي، وهو اتجاه ينكر التحالفات، عكس الماركسية اللينينية التي تعتبر التحالفات ضرورة إستراتيجية لا رجعة فيها بحكم مكانة الطبقة العاملة وسط الجبهة المعادية والمناهضة للرأسمالية ولطبقتها البرجوازية.
وعلى النقيض من هذا الاتجاه تنتصب الشعبوية كاتجاه يجيز التحالفات الواسعة والعريضة لحد محو الفروقات والمصالح والصراعات داخل الشعب الكادح، متكلما ومدّعيا دفاعه عن جماهير الشعب، وجماهير الأمة..الخ فما قيل مثلا عن "حرب الشعب الطويلة الأمد" هو شعبوية تمشي في نفس السياق والرؤيا، التي لا لزوم لها في المغرب خلال هذه اللحظة التاريخية من صراع الطبقات وتطوره داخل المغرب.. بما هي حرب طبقية بين من يملك وبين من لا يملك.. وليست حربا كتلك التي خاضها الشعب أو الأمة الصينية ضد الاستعمار الياباني وعملائه من بقايا الإقطاعيين الصينيين، هي حرب أهلية كما نتوقعها نحن الماركسيون استنادا على تجارب الحركة العمالية، حرب تخوض غمارها الطبقة العاملة مدعومة بفقراء ومهمشي المدن والأرياف، ضد المالكين المستغلين، البرجوازية الكمبرادورية والملاك الكبار وضد جميع عملاء الإمبريالية أجمعين.. مستعملة في ذلك خبرتها التنظيمية وسلاحها المدمّر، ألا وهو الإضراب، لحشد جيش الفقراء وجموع الجياع والمعطلين والمحرومين، لشن حرب طبقية واضحة الأهداف والشعارات والبرامج..الخ
"إن قوة البروليتاريا في أي بلد رأسمالي، أكبر مما لا يقاس من حصتها من العدد الإجمالي للسكان. وذلك لأن البروليتاريا تسيطر اقتصاديا على مركز وعصب مجمل النظام الرأسمالي الاقتصادي، ولأن البروليتاريا كذلك تعبر، اقتصاديا وسياسيا، عن المصالح الفعلية للغالبة الساحقة من الكادحين في ظل الرأسمالية".
هكذا انبنى التصور اللينيني للحزب، ليس بصفته حزبا مكون من العمال وفقط، وكأنه نادي اجتماعي أو نقابة عمالية، أو على النقيض من هذا، حزبا جماهيريا وجب حشوه وتعبئته بجميع الفئات والطبقات المضطهدة والمحرومة والمهمشة داخل المجتمع وبسبب من النظام الرأسمالي.
فالحزب ليس هذا ولا ذاك، ليس هو الطبقة العاملة وليس هو الجماهير الشعبية الكادحة.. هو مستوى آخر من التنظيم، مستوى له بنيته الخاصة، تنظيم معبّر بصدق وقوة عن مصالح الطبقة العاملة وعموم الكادحين ممن لا ملكية لهم، أو ممن يتوفرون على ملكية صغيرة دون الحاجة لاستغلال الغير لتطويرها.. حزب تنصهر فيه كتنظيم، النخب الثورية المثقفة والمتعلمة، بسائر الطلائع العمالية القيادية ذات الخبرة، وذات الثقة الجماهيرية في صفوف النقابات العمالية، وداخل الاتحادات الجماهيرية، وسط الحركات الشعبية في هوامش المدن وداخل القرى والبوادي..الخ
فالحزب بمرجعيته الماركسية اللينينية، يعكس بشكل جلي مصالح الطبقات والفئات الشعبية، الكادحة والفقيرة، وبخبرته السياسية والتنظيمية يحقق الارتباط والانغراس داخل الاتحادات، ويقودها وفق هذا الخط، ويعبّر من خلال البرامج التي يتقدم بها عن وجهة نظر الطبقة العاملة في كل القضايا التي تجمع الكادحين بتصور عمالي طبقي واضح، ليقنع جميع الكادحين بالمشروع الاشتراكي كحل واحد ووحيد لتناقضات المجتمع الرأسمالي، يرفع عنهم البؤس والاضطهاد والحرمان، وليس عن الطبقة العاملة لوحدها.. ولا يبحث الحزب بالمرة، وبالرغم من كثافة وتنوع المضطهدين، عن حلول توافقية خارج الحل والبديل الاشتراكي، كيفما كانت الأسماء والوصفات والتوصيفات..الخ
بهذا يكون ردنا العملي والواضح على الشعبوية والعمّالوية، بما نسميه بالخط البروليتاري الذي يوضح مصالح جميع المتضررين من الفئات والطبقات الشعبية، برؤية ماركسية لينينية عمالية واشتراكية لا غبار ولا تحفظ عليها.. ولا وعود منها بتوزيع الثروات والممتلكات المسترجعة من البرجوازية وحلفاءها.. على المحرومين من أية ملكية، إنها تعدهم بالمصادرة بدون تعويض، والتأميم بما هو تمليك للشعب لجميع الخيرات والثروات، وفق التدبير والتخطيط الاشتراكي العمالي.
الشرعية اتجاه وطريقة عمل لا يرفضها الماركسيون بإطلاق، وكثيرا ما يخلط هذا المصطلح بالعلنية.. وحين تتحول الشرعية أو القانونية إلى تيار يقدم التنازلات من أجل نيل شرعيته وقانونيته، حتى يتخلى عن السرية للعمل في العلنية، التي تلزم العاملين في ضوئها بالالتزام بدستور وقوانين الدولة القائمة، حفاظا على النظام وعلى السلم الاجتماعي وشروط اللعبة السياسية..الخ
فالمطلوب من الماركسيين اللينينيين، إذا كانوا هم كذلك، هو الاستفادة من الخبرة البلشفية خلال صراعها ضد هذه الاتجاهات الانتهازية، اليمينية واليسارية، العاجزة كليا عن استيعاب المنهجية الديالكتيكية التي وجهت هذه الخبرة، حين اعتمدت السرية والعلنية في نشاطها، والشرعية واللاشرعية، والبرلمانية والمتاريس، والسلم والعنف..الخ وجلي جدا أن العديد، إن لم نقل جميع الماركسيين المغاربة، يشتغلون داخل جمعيات ومنظمات واتحادات شرعية، "أقدسها" الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، إضافة للنقابات والجمعيات الثقافية والحقوقية والأهلية ذات الاختصاصات المتنوعة والمختلفة..الخ
بنفس المنطق والمبدأ نرفض الشرعية والعلنية والبرلمانية.. حين تصبح اتجاهات وتيارات، تقدم التنازلات بسخاء، عن أفكارها ومبادئها ومواقفها.. أما إذا كان ما ذكرناه، مجرد أسلوب عمل أو واجهة للنضال يمكن أن تحضر أو تختفي حسب موازين القوى وصراعات الطبقات.. فنحتفظ بنفس الرؤيا اللينينية التي صارعت، إبّان لحظة ما، تيارات واتجاهات فوضوية وصبيانية، رفضت النضال البرلماني، والانخراط في النقابات وفي الجمعيات والنوادي العلنية..الخ حينها أوضحت اللينينية عيوب المقاطعة المطلقة للبرلمان مدرجة تجاربها التاريخية في صراعها ضد الاتجاه الانسحابي والتصفوي، الانسحابي الذي طالب بهجر البرلمان في إطار نظرة رفضوية مغامرة، والتصفوي الذي طالب بالعودة للشرعية والعلنية مع القطع مع أساليب الماضي السرية.

السلمية: في مقابل العنف، وهي كلها مبادئ ينقصها التأطير النظري الديالكتيكي أي الماركسي، بحيث وكما هو معلوم، فلا يتبنى الماركسيون أي أسلوب أو شكل نضالي خارج هذه الرؤية المعادية والمناقضة لهذه الرؤية الأحادية والمثالية: إما السلم وإما العنف، إما السرية وإما العلنية، إما الحزب الثوري وإما النقابات والاتحادات والجمعيات..الخ
إذ يجب إعادة صياغة الموقف كما تنظر له الماركسية وفق منهجيتها العلمية "التحليل الملموس لكل وضع وحالة ملموسة" وهي المنهجية التي تحدد وتتعامل مع هذه الأشكال بنسبية تراعي الظروف والشروط التي يمكن أن يفيد فيها هذا الشكل أو أن يعرقل مسار النضال ككل، لحد إحداث الكارثة.
و لا أحد من التيارات الثورية يمكنه أن يزايد على الماركسيين في هذا المجال، بالنظر لخبرتهم ودعوتهم للحرب الأهلية ومشاركتهم القيّمة في أعنف الثورات الطبقية، ابتداءا من كمونة باريس ومن كل الثورات التي عاشتها أوربا خلال حياة ماركس وانجلز، هذا الأخير الذي لم يتأخر وهو شيخ، عن النزول للشارع للمشاركة في القتال وإقامة المتاريس.. ولا يمكن في هذا الصدد، إلا بالنسبة للجاهلين بخبرة البلاشفة أن يبحثوا لنفسهم عن مبادئ جديدة وتوجيهات جديدة، خارج وبابتعاد عن التاكتيكات اللينينية الداعية للإضراب المتبوع بالعصيان الشعبي المسلح، وبإقامة المليشيات دفاعا عن المنشآت الاقتصادية من التخريب، وفق الشعار اللينيني "تسليح الشعب عن بكرة أبيه" دفاعا عن الثورة وردا على التخريب وعلى مؤامرة الثورة المضادة..الخ موقف واضح يدعو للعنف الجماهيري المنظم ردا على العنف الرجعي، خلال الزحف على مقاليد السلطة، وردا على فلول الثورة المضادة ومرتزقة الإمبريالية، لحظة تسلم السلطة وبناء الديمقراطية الجديدة.
بدون هذا التوضيح اللازم، سنسقط لا محالة في الدجل والديماغوجية، إذا كنا ندعو الآن للوقفات والمسيرات السلمية، وإذا كنا نشتغل داخل الإطارات والهيئات التي تتخذ من السلمية شكلا وحيدا لأنشطتها، بل إن البعض منها يدين العنف بشكل مطلق ومن أية جهة كانت كما هو حال الجمعيات الحقوقية مثلا.

5. القاعدة الإيديولوجية الرابعة
كان الأجدر طرح السؤال، كيف لماركسي لينيني أن يكون كذلك، دون أن يطّلع على أمهات الكتب الماركسية، لماركس وانجلز ولينين.. في الفلسفة والتاريخ والاقتصاد والسياسة؟ كيف لمن يدّعي نفسه ماركسيا لينينيا أن يكون جاهلا بالبيان الشيوعي، وغير ملما بالظروف والمواقف التي جعلت لينين ماركسيا متميّزا عن رفاقه وأساتذته سواء من خلال تطويره للماركسية وللنضال العمالي الاشتراكي الثوري، أو من خلال قيادته وتأطيره للصراعات الدائرة حينها وسط الحركة الماركسية، والعمالية الاشتراكية، والثورية بشكل عام..؟
فلا يمكننا إذن، أن نصبح لينينيين دون أن نسجل موقفنا من تصور لينين في التنظيم، وفي أسلوب التنظيم، وفي خط التنظيم وخطته لبناء التحالفات السياسية والطبقية، مستعملا التاكتيكات الملائمة ومستندا على المنظمات النقابية والاتحادات الجماهيرية.. دفاعا عن خط الإضرابات العمالية، وعن خط الاحتجاجات الشعبية والانتفاضة والعصيان الجماهيري..الخ

6. القوة المؤسسة
بلغة أوضح، من هي القوى المؤهلة والمنوطة بالتأسيس لمنظمة ثورية ماركسية لينينية؟
على عكس المنظمة، فالحركة الماركسية اللينينية المغربية، حركة قائمة الذات منذ سنوات وعقود، أي منذ أواخر الستينات مباشرة بعد انتفاضة 23 مارس 1965 في مدينة البيضاء العمالية، تشكلت لبناتها وأنويتها الأولى وسط الحركتين الطلابية والتلاميذية، قبل أن تتوسع لتستقطب العديد من المثقفين والنقابيين ورجال التعليم والعديد من المهندسين..الخ
خلال مسارها النضالي، عرفت الحركة على مدى العقود الفارطة مشاكل وأزمات فرضت عليها مسارات، وتقهقرات، وتفكك وإعادة التشكل، وارتداد وتراجع.. تتطلب من جميع مناضلي الحركة تقييمها بجرأة وجدية، لاستخلاص الدروس والدفع بالحركة للتقدم إلى الأمام.. وبغض النظر عن موقفنا من حالتها وأداءها الميداني الآن، نتطلع كما تتطلع أغلبية مكوناتها ومناضليها الأشداء، لبناء منظمة مركزية توحد الجهود والأداء النضالي وتقود المعارك الطبقية لإحداث القفزة النوعية في النضال الاجتماعي، الذي لا يمكن أن يصل إلى أهدافه ومبتغاه دون توفر حزب الطبقة العاملة على حزبها المستقل، وهو الضمانة الوحيدة لإنجاح الثورة الاجتماعية، وإحراز النصر الثوري ضد الرأسمالية وطبقاتها الاجتماعية المالكة، عبر حشد جميع المضطهدين والكادحين والمهمشين.. في جيش طبقي واحد، موحد وراء القيادة الطبقية والطليعية للبروليتاريا..
وبالتالي يجب اتخاذ المبادرة لإعلان مبادئ واضحة، شيوعية ماركسية لينينية، وتسطير برنامج طبقي واضح في أهدافه ومصالحه الطبقية، لإعلان منظمة سياسية ثورية تعتمد السرية في نشاطها الداخلي وفي نسج علاقتها الداخلية والخارجية مع الهيئات الحليفة.. لكنها علنية في الجزء المهم من أنشطتها الميدانية كقيادة معروفة داخل الأوساط العمالية والشبابية والجماهيرية..الخ
وستكون أحقية الانتماء لهذه المنظمة، على هذا الأساس، بدون أن يكون هناك اشتراط أو سابق انتماء للحركة القاعدية أو غيرها، التي هي محض حركة طلابية وليس إلاّ، محدودة القاعدة والتطلعات.

7. القاعدة التنظيمية الأولى
لا تشكل الحركة مرحلة أو شكلا انتقاليا، بل هي على الأرجح، معطى ثابتا في قلب المجتمع وصراعاته الطبقية، بالرغم من تغيير حالة ومكونات الحركة التي لن يزيدها التنظيم وانتظام بعض أوجه مكوناتها، إلاّ حيوية وصلابة وإشراقا.. لذا فهي بالفعل ما زالت تشكل فضاءا للنقاش نطمح لتعميق الديمقراطية داخله، وبغض النظر عن طبيعة وحالة هذا الفضاء في اللحظة الحالية، حيث تغيب عنه شروط الجدية والمسؤولية والرفاقية، فيجب التشبث بفكرة تطويره رغم كل الصعوبات والتحديات. يمكن اعتبارها في المجمل، أداة للنضال، لكنها ضعيفة ومترددة ومحدودة المردودية، ينقصها التنظيم إن لم نقل يغيب عنها، وتغيب ثقافة التنظيم عند أغلب تياراتها ومجموعاتها المجْمعة على مناهضة التنظيم ومحاربة الداعين له من صفوفها.. حركة مشدودة بقوة للوراء، تتوجس الكلام في التنظيم، تحت هاجس الاستمرارية والوفاء للشهداء، ورفع الفشل عن التجارب التنظيمية السابقة، خصوصا "إلى الأمام"..
حركة لا ثقة لها في إمكانياتها البشرية الهائلة، تتوخى التنظيم وتخاف منه، تدعو للوحدة وتخوّن جميع رفاق الطريق.. لكننا وبالرغم من جميع النواقص والمعيقات فلسنا محبطين، وما زال الأمل قائما بعد أن انخرطت مجموعة من القيادات الوازنة التي اقتنعت بشكل جلي وعملي في هذا المشروع، بالتفكير وطرح المقترحات حول المنظمة الثورية والحزب الشيوعي الماركسي اللينيني.

8. القاعدة التنظيمية الثانية
إذا كانت هناك مشاكل تنظيمية تعيشها مكونات الحركة فيجب الوقوف عليها لتجاوزها وليس لتبريرها والقبول بها كأمر واقع يكرّسها.. وإذا كان البحث جاريا لإيجاد حلّ لمعضلة ضعف الأداء والميدانية، بما يتطلبه ذلك من اعتراف بواقع التشرذم والتفكك.. فلا يمكن اعتبار ذلك ميزة وقاعدة تنظيمية، بل هو ناقوس خطر يهدد مسار الحركة ومساهمتها الميدانية.
مرحليا، يمكن القبول بأشكال وحالات تنظيمية مؤقتة، تعترف باستقلالية المكونات، لكن يجب على التنظيم وفق النظرية الماركسية اللينينية، على عكس ما ادعته الأرضية، أن ينبذ الحلقية والأجنحة والتيارات والولاءات المختلفة، داخل التنظيم الواحد، بما لا ينبذ ولا يعارض النقاش الرفاقي والديمقراطي الوحدوي ضمن التنظيم الواحد المعروف بقوانينه وقواعده الديمقراطية المتمثلة في النقد والنقد الذاتي، انضباط الأقلية للأغلبية وعدم مصادرة رأي الأقليات في التعبير، وحدة الممارسة والانضباط الجماعي..الخ

9. القاعدة التنظيمية الثالثة
إنشاء المنظمة يختلف جوهريا عن إنشاء الحركة، فكما يعلم الجميع، لم تتكون الحركة وسائر الحركات، بقرار من أي جهة كانت، تيار أو مجموعة، أفراد أو منظمات.. فالواقع الموضوعي هو من يدفع بالحركات للتشكل.. أما المنظمة فتتشكل، بالإضافة لهذا، بدافع العزيمة والإرادة والمبادرة من طرف أفراد أو تجمعات أو تيارات أو اتجاهات.. على أساس التزامهم التنظيمي واستنادهم، لأرضية فكرية، وانضباطهم لخط سياسي يوجه مواقفهم التي لا يمكن تجميعها وتركيزها في برنامج سياسي يوضح ما تهدف إليه المنظمة وما تدعو إليه.
فإذا كان الغرض هو إنشاء المنظمة فيجب تجسيد هذه القناعة بما تشكله من قفزة نوعية في حياة ومسار الحركة، بما تتطلبه من قطع وحسم تاريخي لأشكال الوجود والتواجد والمساهمة داخل الحركة الآن، وبما تفترضه المنظمة من التزام.. على اعتبار، أن للمنظمة بنيتها الخاصة وقواعدها المتميزة عن الحركة، إذ يمنع على أعضاء المنظمة بأن يشتغلوا، بعد الاقتناع بالانخراط في المنظمة الماركسية اللينينية، بعقلية الحركة وثقافة التيار والمجموعة والحلقة والنهج والحساسية..الخ
وتتشكل المنظمة، في نظرنا، من أجود القيادات الفكرية والسياسية والتنظيمية، وأخلصها.. تشترط فيها الكفاءة والخبرة والنضج، والقدرة على تجنب السقوط في أخطاء ومنزلقات المنظمات السابقة، بما فيها السقوط السهل في شباك المخابرات.

10. على المستوى العملي
التعبير عن أهداف عامة ليس مخرجا للأزمة، وليس مدخلا لحلها.. فما تم التعبير عنه في هذه النقطة، لا زال يراوح المكان في حضن الحركة ولا يتعداها تطلعا للتنظيم والانتظام داخل منظمة ماركسية لينينية فعلية، بما يفترضه من وضع هذه الأخيرة لبرنامج نضالي وخطة تنظيمية للتوسع والانغراس وسط الكادحين ، وبدرجة أولى وسط العمال والعاملات لاستقطاب الطلائع العمالية ودمجها في التنظيم لتجسيد وتحقيق إستراتيجية البناء، بناء الحزب الثوري، حزب الطبقة العاملة، الحزب الشيوعي الماركسي اللينيني.

11. المنظمات الجماهيرية
الارتباط بالجماهير المعنية بالثورة والتغيير، مبدأ ماركسي قويم، والارتباط بجميع الحركات الاحتجاجية المناهضة للاستبداد والظلم والاستغلال والحيف والتهميش.. فهو من صلب المبادئ اللينينية الثابتة التي لم ولن تلحقها المراجعة.. ومن باب الجهل أو الصبيانية فقط، أن نعيد النقاش حولها، وحول البرلمانية، والشرعية، والانخراط في النقابات وفي المنظمات الجماهيرية وشبه الجماهيرية..الخ

12. منهجية العمل
عرض سريع ومقتضب لقواعد التنظيم السري الثوري، تنقصه أشياء مهمة ليصبح تنظيما عماليا طبقيا، أولها الابتعاد عن فكرة التجميع وفقط، بدل التجميع والتفاعل والوضوح واحترام الآراء.. ضمن وحدة المنطلقات والأهداف، ليبقى الخلاف جاريا حول متطلبات الميدان وحول المستجدات داخل الساحة السياسية وداخل مجرى النضالات الاجتماعية..الخ

رؤية نقدية عامة للأرضية
عموما يمكن إعادة النظر في الأرضية بمجملها، اعتبارا للمنهجية التي ساقتها لدروب ضيقة وملتوية، يصعب الخروج منها، إن لم نقل بأنها بدون مخارج.. بجانب هذا لا ننكر بأي شكل أو صفة، صدقية الرفيق الذي بادر واجتهد لصياغة هذه الأرضية إغناءا للنقاش الدائر في صفوف الثوريين المغاربة، ولا ننكر كذلك مجهوداته ومثابراته البيّنة خدمة لمشروع توحيد مكونات اليسار الجذري والمساهمة في ربط التواصل فيما بين بعض مكوناته الماركسية.
فلم نكن راغبين عبر هذه الملاحظات النقدية التي أدلينا بها بروح رفاقية خالصة، أن نقدم أو نضع أنفسنا في موقع الأساتذة العارفين الملمّين بكل شيء في مجال النظرية الماركسية.. أبدا، كل ما في الأمر، أن الرفيق بمبادراته هذه، أتاح لنا فرصة جديدة لاستعراض أفكارنا، وتصورنا للعمل والنضال خلال المرحلة الحالية في إطار وحدوي يجمع شتات مكونات الحملم أو بعضها على أرضية وبرنامج واضح، يمكن تطويره عبر الملاحظات والنقاشات الديمقراطية والرفاقية وسط مكونات الحملم وحلفاءها في الميدان.
فبالرغم من عنوان الأرضية، التي توخاها الرفيق أرضية إيديولوجية أسقطت الأرضية بدون وعي من صاحبها في محاولة منها اتخاذ صفة أو صيغة إعلان مبادئ لمنظمة يجري إنشاءها من كل الجوانب، مبادئ فكرية وسياسية وتنظيمية، لدرجة يمكن أن نلمس منها تغليب السياسي والتنظيمي على الإيديولوجي كما ادعته واستهدفته الأرضية عبر عنوانها.
حضرت الماركسية اللينينية كمواقف سياسية وكتكنيك تنظيمي، لمعالجة أوضاع حركة يدّعي المنتمون إليها بأنهم ماركسيون لينينيون.. وكان ضروريا في نظرنا وبالنسبة إلينا كخط بروليتاري مناهض للرأسمالية ونصير للطبقة العاملة في نضالها من أجل تدمير الرأسمالية وبناء الاشتراكية.. أن نعرض تصورنا وفهمنا للماركسية.
فأن يكون المرء ماركسيا، يلزمه أن يومن بمذهبها الفلسفي، أي المادية، وأن يستوعب منهجها العلمي الديالكتيكي، وهو وحده الذي سيمكن المرء من فهم الأساس المادي التاريخي لتطور المجتمعات والبشرية والكون أجمع.
بدون اشتراكية، لا معنى للمرء أن يدعي نفسه ماركسيا، فماركس ورفيقه انجلز وشيوعيون آخرون.. برزوا في خضم النضال داخل الحركة الاشتراكية، التي ميّزت نفسها منذ ذلك الحين رافعة لواء الشيوعية أو الاشتراكية العلمية ردّا على شتى المذاهب الاشتراكية الأخرى، حيث أعلنوا عن مبادئهم وبرنامجهم المركز في بيان اسمه "البيان الشيوعي".
ما تميزت به الماركسية ذلك الحين هو قدرتها على إبراز دور وأهمية كل طبقات المجتمع الرأسمالي. لم تكن تنتقد وتشجب وتلعن الرأسمالية والرأسماليين وفقط، كما كان يفعله سابقوها من الحالمين بالاشتراكية، أي أنصار الاشتراكية الطوباوية.. كانت قدرة الماركسية واضحة في جميع مجالات الفكر والاقتصاد والسياسة، تجلت في نقدها للفكر المثالي، وبتجاوزها للعديد من المفكرين الماديين بأن تجاوزت كانط وهيغل وفيورباخ وآخرون. وبأن أرست علم الديالكتيك بما هو "علم القوانين العامة لحركة العالم الخارجي والفكر البشري على السواء".. فكانت "فلسفتها هي المادية بعد أن طوّرها ماركس ودفع بها إلى نهايتها المنطقية ووسّع نطاقها من معرفته الطبيعية إلى معرفة المجتمع البشري" بما هي مادية تاريخية.
بدون هذا الالتزام النظري الفلسفي.. لم يكن بإمكان المرء أن يفهم مصدر عبودية جميع الطبقات المظلومة، ولم يكن في إمكانه إيجاد مخرج لأزمة المجتمع الرأسمالي المليء بالتناقضات وبالصراعات المتفاقمة بين من يملك وبين من لا يملك، وبدرجة خاصة الصراع بين الطبقة البرجوازية المالكة والمحتكرة لوسائل الإنتاج وبين الطبقة العاملة التي لا تملك سوى قوتها العضلية والذهنية، المعروضة للبيع بسخاء.
كان على جميع مفكري الحركة الاشتراكية إيجاد كتفسير للعبودية المأجورة في ظل الرأسمالية، وما كانت غير الماركسية هي التي توصلت واكتشفت قوانين الرأسمالية ومصدر العبودية وتراكم الأرباح.. توصلت بفعل منهجيتها العلمية، للقوة الاجتماعية، الطبقة القادرة على تحويل المجتمع تحويلا جذريا ثوريا، نحو مجتمع بديل خال من الاستغلال والطبقية، عبر القضاء على النظام السياسي الاجتماعي الاقتصادي الذي خلقته الرأسمالية وطبقتها البرجوازية.
وعوض النظام الديمقراطي البرلماني الانتخابي، الذي فضحت نفاقه الماركسية، أشارت على الطبقة العاملة بتنظيم نفسها في حزب مستقل لقيادة حلفائها من الفئات والطبقات الفقيرة والمعدمة للزحف على السلطة والاستيلاء عليها لبناء ديمقراطية جديدة، ديمقراطية المجالس، مجالس الكادحين المحرومين من أية ملكية تقريبا، بقيادة مجالس العمال في المدن والأرياف.. لا رحمة ولا رأفة في ظلها لمن يعيش من وعلى استغلال الآخرين.
فمنذ إعلان مبادئ الماركسيين الشيوعيين، وردّا على جميع مهاترات وهرطقة الحركة الاشتراكية الطوباوية، اعتبر ماركس ورفاقه، أن الحل بيد الطبقة العاملة، البروليتاريا الصناعية منتجة فائض القيمة، هي الطبقة الوحيدة المؤهلة لتحقيق الثورة المجتمعية، عبر قيادتها لجميع الكادحين والمظلومين والمهمّشين داخل المجتمع الرأسمالي، ولإرساء مجتمع جديد ونظام اقتصادي اجتماعي بديل، ينتفي فيه الاستغلال، والاستبداد السياسي والطبقي وجميع أشكال التمييز على أساس الدين أو الجنس أو اللغة أو العرف..الخ مجتمع المنتجين المتضامنين الأحرار.
لقد أشار ماركس على أهلية هذه الطبقة وقدراتها الخارقة، بما تتميز به من أوضاع حياتية يومية، قوامها التنظيم والانضباط داخل وحدات الإنتاج التي تسمح لها بالعيش كطبقة اجتماعية يتبادل أفرادها بشكل يومي جميع أشكال الأخوة والتضامن والتآزر.. بالإضافة لهذا تتحكم الطبقة العاملة في عصب الاقتصاد، وبإمكانها من دون غيرها، إيقاف عجلته بقرار منها عبر سلاحها الضارب والخطير، الذي لا يملكه غيرها، ألا وهو الإضراب والامتناع عن العمل.
وفي إطار البحث عن الطبقة المؤهلة لإنقاذ المظلومين والكادحين والمهمّشين.. من شرور الرأسمالية، اتجهت آراء الاشتراكيين والثوريين، لفئات وطبقات اجتماعية أخرى، معتمدين في ذلك على الدهاء والذكاء، أو الفقر، أو نسبة وقاعدة الطبقة داخل المجتمع.. بأن اتجهت أفكارهم نحو العاطلين والرعاع وقطاع الطرق والفلاحين والطلبة والمثقفين..الخ واستمر الصراع منذ ذلك الحين إلى الآن، بين الماركسيين وبين مختلف الاتجاهات الثورية المشككة في قدرات الطبقة العاملة وفي رسالتها التاريخية بالرغم من انتصاراتها البيّنة وخصوصا ملحمة ثورة أكتوبر 1917 بروسيا.
وعلى المتشبثين باللينينية وبالخط البلشفي البروليتاري، الرجوع لتجربة لينين في هذا الإطار، إبّان تجربته الغنية بدوره الكبير الذي أسداه نشرا ودفاعا عن أطروحة ماركس حول الرسالة التاريخية للطبقة العاملة وأهليتها لوحدها في قيادة مجموع الكادحين، سواء من أجل الثورة الديمقراطية البرجوازية أو من أجل التغيير الاشتراكي، في خضم صراعه ضد الشعبوية والفوضوية.. "وليس بين جميع الطبقات التي تجابه الآن البرجوازية إلاّ طبقة ثورية حقا هي البروليتاريا. فإن جميع الطبقات الأخرى تنحط وتهلك مع نمو الصناعة الكبرى، أما البروليتاريا فهي نتاج الصناعة بالذات".
وخلال عرضه للبرنامج الثوري الذي تقدم به لرفاقه في الحزب، عبّر عن انتماءه للماركسية بوضوح وتركيز، معتبرا إيّاها النظرية التي حوّلت للمرة الأولى في التاريخ الاشتراكية من طوباوية إلى علم.. وهي التي أوضحت مهمة الحزب الاشتراكي الثوري، حزب لينين وحزب جميع الماركسيين اللينينيين الذين اتخذوا الماركسية اللينينية هوية ومرجعية وخطّا لهم.. أنه "في خضم النضال الطبقي بين مختلف أصناف الطبقات المالكة من جهة وبين سواد غير المالكين من جهة والبروليتاريا سائرة على رأسهم وفي طليعتهم، تقتضي هذه المهمة تنظيم نضال البروليتاريا الطبقي وقيادة هذا النضال، وهدفه النهائي ظفر البروليتاريا بالسلطة السياسية وتنظيم المجتمع الاشتراكي.." منتقدا في نفس الوقت خط المؤامرات والإرهاب الفردي من جهة، وخط التصالح الطبقي والحفاظ على النظام الرأسمالي عبر اتخاذ الحوار مع الرأسماليين مسلكا وحيدا لنيل المطالب، ووعظهم لتحسين أوضاع العمال مخافة انفجار الأوضاع وحفاظا على سلامة وطمأنينة الرأسماليين.

رؤية الأرضية للخلافات داخل الحملم
لم تتقدم الأرضية بأي موقف من إحدى أهم نقط الخلاف داخل الحركة الثورية المغربية، أو على الأقل مراعاتها وعدم القفز عليها، ألا وهي طبيعة الثورة المنشودة، هل هي ثورة وطنية ديمقراطية شعبية، أم هي ثورة اشتراكية؟ مع كل ما يستلزم ذلك من مواقف تجاه الأداة، وطبيعة الأداة الطبقية، والتحالفات، والتاكتيكات، وأشكال حسم السلطة، وطبيعة السلطة..الخ وهو صراع مفتوح بين فريقين، فريق يعتمد المرجعية السبعينية ذات الميولات الستالينية الماوية، المدافعة عن جبهة الطبقات الوطنية لمناهضة الاستعمار، واعتماد تاكتيك الذوبان الذي لا يمانع في حل الأحزاب والمنظمات الشيوعية خدمة للقضية الوطنية وللنضال الوطني من أجل طرد الاستعمار، بما خلفه هذا التاكتيك من كوارث في صفوف الشيوعيين الذين ذُبّحوا واندحروا وتخلفوا إلى الصفوف الخلفية، بعد أن سلـّموا وباعوا القضية الطبقية من أجل القضية الوطنية، ويمكن في هذا الصدد الرجوع لتجارب اليونان وأندونيسيا والسودان وإيران والعراق ومصر وسوريا وفلسطين..الخ
وتفتقد هذه الأطروحة إلى السند الموضوعي، عبر استيرادها وإسقاطها بدون اجتهاد أو تكييف لتجارب مخالفة لواقعنا وظروفنا، تجارب الصين وفيتنام.. بالرغم من اختلاف الظروف والمعطيات التي تميزت بالاستعمار المباشر وحالة النظام الرأسمالي الإمبريالي الخارج لتوه من حرب عالمية ضارية خسرت خلالها المنظومة جزءا لا يستهان به من أوربا الشرقية لصالح الهيمنة السوفياتية، إضافة للتطورات الجديدة بعد انهيار المعسكر السوفياتي وتعميق العولمة الرأسمالية، بما شكلته من تطور في النظام الرأسمالي الإمبريالي وفي علاقته ببلدان وأنظمة التبعية، كحالة المغرب مثلا.
وقد سجلنا بهذا الصدد ملاحظاتنا المتواضعة، وانتقاداتنا الرفاقية في أكثر من مقال وأرضية، خصوصا ضد التيار أو المجموعة الماوية المغربية، وهي الأكثر اجتهادا ووضوحا على هذا المستوى ودفاعا على هذه الرؤية.. ودعونا بهذا الصدد، تعميقا وإغناءا للنقاش، عموم الماركسيين للبحث في التشكيلة الطبقية، وفي طبيعة نمط الإنتاج السائد ببلادنا.. تسهيلا لتحديد طبيعة الثورة في المغرب، وفق ما تقتضيه المنهجية الماركسية.. وعدا بعض الاجتهادات الفردية، وبعض ممّا صدر ويصدر عن مؤتمرات "النهج الديمقراطي" الحزب الذي يعتد نفسه وريثا لمنظمة "إلى الأمام" السبعينية.. فلا وجود لأي جديد في هذا الباب وهذا الاتجاه.
بالنسبة للفرقة الأخرى والتي تمثل الأقلية داخل الحملم، فهي تدافع عن الثورة الاشتراكية وعن النظام الاشتراكي، كبديل وحيد في المرحلة الحالية للنظام الرأسمالي التبعي القائم في المغرب، ويمثل الخط البروليتاري داخل الحملم أشرس التيارات المدافعة عن هذه الأطروحة، حيث يعمل بصفة دائمة ومنذ عقود على صقلها وتطويرها خدمة للمشروع التحرري الاشتراكي المغربي.
ويرى هذا الفريق أن الطبقات الوطنية الحقيقية هي الطبقات المناهضة والمعادية للإمبريالية بما هي رأسمالية متعفنة وليس استعمارا، وبأن الاقتصاد الوطني الحقيقي لا يمكنه أن يكون وأن يصمد إلاّ إذا كان اشتراكيا.. وبالتالي، فلا وجود لطبقات برجوازية "وطنية" في المرحلة، تتناقض مصالحها مع مصالح النظام القائم وأسياده الإمبرياليين، بحكم بنية المنظومة وقوة الارتباط داخلها، وما يشكله النظام الرأسمالي التبعي القائم بالمغرب داخل هذه البنية، حيث لا مجال للاستقلال والتحرر إلاّ عبر تكسير هذه البنية وتحطيمها، بما هو مساس واستهداف واضح للبرجوازية وحلفائها وللنظام الرأسمالي برمّته.
فالتحرر الوطني في المرحلة التي نعيشها هو تحرر اشتراكي بالضرورة، ولا يمكن لأي نظام سياسي اقتصادي أن يستقل بنفسه ويقطع صلاته مع الإمبريالية إلاّ إذا كان اشتراكيا، وغير هذا الادعاء لا توجد سوى الشعوذة والديماغوجية البئيسة، كأن يتكلم المرء عن البديل الاقتصادي الوطني والتنمية المتمحورة حول الذات.. دون تحديد طبيعة نمط الإنتاج المحتضن لهذا الاقتصاد، هل هو رأسمالي معتمد كليا على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وعلى علاقات الاستغلال، أم هو اشتراكي تهيمن فيه المِلكية الجماعية لوسائل الإنتاج، وتنتهج فيه سياسة المصادرة، والتأميم، والتخطيط، وإرساء النظام التعاوني إلى جانب أشكال المِلكية الخاصة في مجال الإنتاج الصغير وسط صغار الحرفيين والتجار والفلاحين وبعض الصناعيين الأحرار.. الشيء الذي نعتبره تهربّا من النقاش لتبرير ما تم استيراده من أفكار وتجارب مخالفة لأوضاعنا ولطبيعة تشكيلة مجتمعنا.. مع العلم أن كل هذه التجارب التي ادعت نهجها هذا الطريق، واصفة إيّاه بالاشتراكي تارة وباللارأسمالي تارة أخرى، سقطت في شباك السوق الرأسمالية، وأنتجت علاقات استغلال متوحشة لا مثيل لها داخل الأنظمة الرأسمالية القحّة، نفسها.
كذلك الشأن بالنسبة لإحدى النقط الخلافية، والتي سبق وأن انتقدنا الصمت الذي يلفها، بحيث لا يتجرأ أي كان من أنصار الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، على توضيحها أو الدفاع عنها علنا، وهي متضمنة صراحة، داخل البرنامج الموروث عن المرحلة السبعينية، وهي مسألة توزيع الأراضي على الفلاحين عوض المصادرة والتأميم كموقف لينيني واضح لا عذر لمن يتمسّح بلينين أن يجهله أو يتجاهله.. خاصة وأن لينين كتب الكثير في هذا المجال المرتبط بمِلكية الأرض، مستندا على النقد اللاذع الذي توجه به ماركس لأنصار هذا الطرح داخل الحركة الاشتراكية البرجوازية الصغرى، وبدرجة أولى لأحد ممثليها الفوضوي برودون.
فلا عذر لمن لم يطـّلع على كتاب "من هم أصدقاء الشعب؟" وعلى برنامج الثورة الزراعية الذي قدمه لينين لمؤتمر الحزب.. لنتساءل بصفتنا ماركسيين واشتراكيين، كيف لأسلوب توزيع الأراضي بما هو تعميق للمِلكية الخاصة وحفاظ على علاقات الاستغلال.. بأن يفتح الآفاق نحو الاشتراكية؟
وألاّ يكون من الإنصاف وفق هذه النظرية البرجوازية الصغيرة، بأن توزع الورشات والمعامل والمتاجر الكبرى ومؤسسات الخدمات.. على العمال والشغيلة لتمتلكها حتى نرضي الجميع من فئات وطبقات الشعب الكادح والمحروم؟!! ألا يشكل هذا المنحى تراجعا ورجعية، كما أشار بذلك ماركس في نقده لبرودون، عمّا حققه الاقتصاد الرأسمالي، بما يستوجب منـّا من ارتكاز على مكتسباته التاريخية وتعميقها عبر المزيد من توسيع الصناعة في المدن والأرياف، ونشر البحث العلمي وإعمال الطرق الإنتاجية الحديثة بما فيها المكننة والسقي العصري، وعدم الضرر بالبيئة وبالثروات الطبيعية.. خدمة وتدبيرا للمِلكية الجماعية وليس تراجعا عنها؟
النقطة الأخرى التي تستحق النقاش بكل هدوء والتي قفزت عنها الأرضية، والتي نعتبرها في نظرنا نقطة خلاف جوهرية، هي شكل السلطة وخلفيتها الطبقية وكيف يتصوره الماركسيون. فالماركسيون آمنوا منذ تشكلهم كعصبة وكتيار داخل الحركة الاشتراكية والعمالية، بالديمقراطية العمالية التي أشاروا عليها بداية بدكتاتورية البروليتاريا، قبل أن تطورها مكتسبات الثورات، وقبل أن تجسدها انتفاضات العمال من خلال تجارب حية، أبرزها كمونة أو بلدية باريس، ومجالس أو سوفييتات روسيا لسنوات 1905 و1917.. التي استخلصت الدروس، بأن أشارت على ضرورة التحالف مع طبقات اجتماعية أخرى، الفلاحون في مرحلة أولى، ثم الفئات المعدمة والمحرومة من أية مِلكية في صفوف المزارعين.. في مرحلة ثانية.. هذه الديمقراطية العمالية المجسدة في مجالس تمثيلية للفئات والطبقات الشعبية الكادحة، في المدن والأرياف، حيث القيادة للمجالس العمالية وللطبقة العاملة، عبر هيئاتها المختلفة، وعلى رأسها حزبها الشيوعي المستقل. قيادة متحكمة ومسيّرة للجميع مناحي حياة المجتمع الاشتراكي، في مجال الإنتاج، والتوزيع، والمراقبة، وتسيير الخدمات، وحفظ الأمن، والدفاع عن الوطن من خطر حروب الثورة المضادة والهجومات الإمبريالية ومن الكوارث الطبيعية.. قيادة على قدرة كافية لإحداث ثورات متواصلة في مجال الاقتصاد والصناعة والزراعة والثقافة والتربية.. وقادرة كذلك على الاستفادة من أخطاء تجارب البناء الاشتراكي السابقة للوقوف على الآثار السلبية للبيروقراطية وعن دورها في فشل وتدمير هذه التجارب.
معارضو هذا التصور، ينتسبون عن وعي أو عن غير وعي للأطروحة الستالينية المعتمدة على جبهة الطبقات الأربعة التي طورتها الماوية ونجحت في تطبيقها من خلال ثورة 1949 الصينية التي دحرت الاستعمار الياباني وحلفاءه من بقايا الإقطاع، دون أن تحقق الاشتراكية أو تنقد العمال وصغار المزارعين من البؤس والاستغلال، ودون أن تفتح لهم أي باب في هذا الاتجاه..
بالرغم من هذا، يرى أنصار هذا التصور، معاندين ومستنسخين لتحليلات ماو، أن الثورة في المغرب، يجب أن يقودها أوسع حلف طبقي ممكن من العمال والفلاحين والبرجوازية الصغرى والبرجوازية الكبرى الوطنية.. مع العلم أن ماو يضيف لهذا الحلف جميع الإقطاعيين والكمبرادوريين المستنيرين، والمستنير وفق التفسير الماوي هو من يعادي الاستعمار الياباني ولا يعادي الشيوعيين الصينيين.! ومن ذا الذي سيعادي "الشيوعيين" إذا كانوا سيضمنون له مصالحه الطبقية في المِلكية واستغلال عمل الكادحين؟!
وفق هذا التصور، دعى أصحابه، ابتداءا من التجربة الصينية الأولى، تجربة الذوبان، ذوبان الحزب الشيوعي في حزب "البرجوازية الوطنية"، حزب الكيومنتانغ القومي.. وبالرغم من مآلها وفشلها، طوّر الحزب الشيوعي الصيني أطروحته ونظـّر بكل ما أوتى به من ثقافة كونفوشيوسية ومن مستندات وتعاليم مرجعية بورجوازية للدكتور صان يات صن، متجاهلا شهداء الطبقة العاملة الذين أسسوا وناصروا ودافعوا عن مجالس شنغهاي، والذين فاق عددهم المليوني شهيد.. ليصبح ماو مدافعا شرسا، حتى بعد نجاح الثورة الصينية، عن جبهة الطبقات الأربعة وعن سلطة ودكتاتورية الطبقات الأربعة، مشيرا على حركات التحرر الوطني، عالميا باعتمادها.. حيث ما زال النقاش جاريا ولحدود الآن وسط الحركات اليسارية الثورية حول مدى ارتباط هذه التجربة بالحركة الاشتراكية، وحول أحقيتها في الانتماء للماركسية وللحركة العمالية.
نعرج كذلك لإحدى النقط المهمة التي يشتدّ حولها الصراع ويتقوّى يوما بعد يوم، أي حول الطريقة الحاسمة التي يجب أن يتخذها الحزب للانقضاض على السلطة، وهو رأي غير منفصل عن تصورنا للحزب نفسه ومنظماته المختلفة، فنحن كتيّار بروليتاري، انتمينا منذ تشكلنا، للأطروحة اللينينية التي تعتمد على فكرة ومبدأ حزب الطبقة العاملة المستقل، و منظمة المحترفين الثوريين، ومنظمات العمال الجماهيرية وشبه الجماهيرية، واتحادات النضال الجماهيري الشعبي في المدن والأرياف، وسط الشباب والنساء والمعطلين..الخ نومن وندافع بقناعة ثابتة عن خطة الإضرابات القطاعية والمحلية، المتوجة بالإضراب الوطني العام والانتفاضة والعصيان المدني، الذي يتخلله بالضرورة العنف الجماهيري المنظم، حماية للمنتفضين وحماية للمؤسسات من التخريب، وردا على العدوان الرجعي من طرف بقايا وأزلام النظام المنهار أو من طرف مرتزقة الإمبريالية وحلفاءها من الدول المجاورة..الخ
على عكس هذا يتجه أنصار الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، بالدعوة للانخراط مبكرا في الكفاح المسلح، انطلاقا من البوادي والجبال والأدغال، عبر حرب شعبية طويلة الأمد ينخرط فيها الشيوعيون كحزب أو مجموعة فكرية سياسية، لا ارتباط لها بالطبقة العاملة وبمنظماتها وبأشكال نضالها ونضال الحركات الاحتجاجية المدنية.. حيث ينتظر توسيع قاعدة الحزب من خلال هذا الانخراط الحربي العسكري، ومن خلال تحرير مناطق في الأرياف، وباعتمادها قواعد للنفوذ والانتشار ولتهيئ الهجوم الحاسم على المدن الكبيرة الإستراتيجية والعواصم الإدارية والاقتصادية..الخ وهي أفكار واتجاهات ثورية لا نقلل من أهميتها، وقد تنجح في أهدافها إذا توفرت لها الظروف والقيادات المحنكة كما هو حال تجارب الصين، فيتنام، كوبا، نيكاراغوا..الخ لكنها غير ماركسية، ولا يمكن لنجاحها أن يؤدي للاشتراكية كما تتصوره الماركسية والماركسيون.

ختاما.. للمقالة وفقط
وليس ختاما للنقاش، الذي لا زلنا في بداياته المتعثرة، ونأمل بصدق أن تكون هذه المبادرة بمثابة الانطلاقة الجديدة لتوسيع دائرة النقاش، وللتغلب على جميع المثبطات المنتصبة أمام وفي وجه التطلعات الوحدوية والتنسيقية داخل الحملم وفي صفوف الحركة الثورية المغربية عامة.
وإلى هذا الحد نعتبر أن النقاش حول النقط التي أثرناها وما يمكن أن يتفرع عنها، ليس نهائيا ولا يمكن بأي شكل من الأشكال إضفاء الإطلاقية عنه.. كل ما في الأمر أنه أصبح ضرورة نضالية لا تقبل التأجيل ولا التسهيل أو التراضي، وبعبارة أصح، لا نقبل بإرضاء الخواطر رغبة في تجميع ما لا يمكن جمعه ودمجه في تيار أو تنظيم واحد.. فالتجميع مسار طويل وشاق، وقبله يجب أن ننفتح على بعضنا عبر النقاش الرفاقي الديمقراطي، الجاد والمسؤول، لعقد التحالفات والتنسيقات الأولية اللازمة، مع توفير الأجواء والفضاءات الملائمة لها خدمة لهذا الاتجاه والطموح، حيث لا مجال للإحباط، بالرغم من عدد المبادرات والمحطات التي يمكن أن تعرف الفشل.
فتحضيرا للتغيير الذي ننشده، والذي يفترض الوضوح في أمور شتى، تتعلق بالمنطلقات والأهداف التي يجب صياغتها بوضوح في برنامج سهل الاستيعاب من طرف الجماهير المعنية بالتغيير، إضافة للوسائل وأشكال النضال الملائمة تسهيلا لمهمة التغيير.. اخترنا النقاش الصريح المرتبط بمهام المرحلة، دون أن نهرّب النقاش لإشكالات ما بعد الثورة، ولمرحلة البناء الاشتراكي، ولصراعات تروتسكي وستالين، وماو وخروتشوف، وخوجا ضد الإثنين معا..الخ صراعات ارتبطت بأوضاع ومراحل لا يمكن للتاريخ أن يعيدها، ولا يمكن للتيار الماركسي اللينيني أن ينخرط في كذا صراعات دون تقييم لظروفها ولظروف تجارب البناء الاشتراكي السابقة، على علاّتها وزلاّتها، ونجاحاتها في أكثر من مجال.

وديع السرغيني
غشت 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قهقهة
بوكرين الزياني ( 2012 / 10 / 1 - 10:27 )
لا يسع المرا وهو يقرء كل هذا الكلام الملئ بالحشو والاطناب الا ان يضحك حتى تبدول نواجده ايوجد كل هذا في المغرب والمغاربة الا يعلمون


2 - الانشاء
عابر سبيل ( 2012 / 10 / 1 - 13:46 )
اطروحة ممتازة على مستوى الانتاج الادبي السياسي تصلح لان تكون مرجعا يعكس وجهة نظر خاصة لطلاب العلوم السياسية وعلم السياسة .اما على مستوى المضمون فيه مرفوضة لانها لا تؤسس للديمقراطية بل للدكتاتورية باسم العمال والفلاحين المغيبين ، حيث نابت عنهم منظمة الى الامام البرجوازية وليس البروليتارية . واحيلك هنا على النقد الذي اجراه من داخل السجن ، وحتى قبل المراجعة في صفوفها في سنة 1979 احد اطر المنظمة القدامى زعزاع بن عربية الذي نفى ان تكون منظمة الى الامام منظمة عمالية ، واعتبرها منظمة تضم المتعلمين والتلاميد والطلبة ، وهؤلاء لا علاقة لهم بالعمال والفلاحين .
ان تركيزك على الدكتاتوريين امثال ماو وانوار خوجة وستالين هو دعوة لدكتاتورية النخبة التي استبدلت نفسها ممثلا عن العمال . وبما انك ركزت على انوار خوجة كان عليك ان تضيف نظام بول بوت ونظام كوريا الشمالية للتشابه بينهم .
لقد طلقت الصين الماوية حين تحولت الى امبريالية متوحشة غازية للعالم تطبق نظام السوق وليس نظام القطاع العام ، وسقط انوار خوجة وستالين حين تحولن البانيا وروسيا الى دول راسمالية على النمط الغربي وتحولت فلول وبقايا ... يتبع .


3 - الانشاء
عابر سبيل ( 2012 / 10 / 1 - 13:58 )
الستالينية الى يمينيين اكثر من الاحزاب اليمينية نفسها ، بل اكثر من حزب النهج الديمقراطي .
ان ما أثار الانتباه هو ممارسة الاقصاء في حق مجموعات تدعي انتسابها الى المدرسة الماركسية مثل النهج الديمقراطي ، تيار المناضلة ورابطة العمل الشيوعي التروتسكية . وهنا هل تتوفر امكانية بناء منظمة ماركسية من قبل النهج الديمقراطي القاعدي وما سميتهم بفلول البرنامج المرحلي ؟ وهل هؤلاء الذين يجترون الادبيات الماركسية مثل الببغاء قادرون على انجاز الثورة الوطنية الديمقراطية او الثورة الاشتراكية ؟
الخلاصة ان الاطروحة هي اعادة كاريكاتورية لتجربة السبعينات . هدفها دكتاتورية النخبة المثقفة والمتعلمة وليس دكتاتورية العمال والفلاحين الذين مصالحهم متناقضة مع مصالح الفئة الاولى . ومرة اخرى احيلك لمراجعة النقد الذي سبق ان وجهه عبدالله زعزاع بن عربية من داخل السجن لمنظمة الى الامام قبل ظهور المراجعات في صفوفها في صيف 1979 .
فعوض التركيز على دكتاتورية الطبقة ، يجب التركيز على الديمقراطية التي اساسها صناديق الاقتراع ، اي الشعب وليس الحرب الشعبية الطويلة الامد او الثورة الشعبية .


4 - قراءة ونقاش
محند محاميد ( 2012 / 10 / 1 - 17:01 )
ما فهمته من الورقة هي أنها عبارة عن قرائة نقدية للرفيق وديع السرغيني لمشروع أرضية لبناء منظمة سياسية ماركسية لينينية في المغرب، ونستخلص من هذه القراءة النقدية ان الرفيق وديع يعتبرها غير قادرة على تجميع الماركسيين اللينينيين اما لكونها تطرح عوائق سياسية وايديولوجية يصعب التوفيق بينها أو لكونها لا تطرح بعض الأسس الايديولوجية والسياسية والتنظيمية الضرورية لاحداث الانسجام المطلوب لبناء المنظمة السياسية المنسجمة الماركسية اللينينية. لا يسعني هنا الا تحية الرفيق وديع السرغيني على هذه القراءة السياسية النقدية لمشروع أرضية عملية التي أعتقد أنها الأولى من نوعها، التي تحمل مشروعا تأسيسا متكاملا خارج الفوضى العارمة التي تخيم على الماركسيين اللينينيين المغاربة والتي تجعل منهم فوضويين أكثر منهم لينينيين التفكير ، فما هو مهم في الأرضية هي ارادة العمل المشترك على اساس قواعد مشتركة بناء على مركزية ديموقراطية قادرة على مناقشة كافة الأفكار الواردة في الارضية واعادة صياغتها. فهذه الارادة الأخيرة هي بالفعل التي تطبع قراءة وديع السرغيني ونتمنى ان تقدم قراءات أخرى لهذه الأرضية حتى تتكامل القراءات في صياغة


5 - لتتأسس المنظمة الثورية الماركسية اللينينية
رشيد رياض ( 2012 / 10 / 2 - 23:53 )
خوفي ان يستمر الجدال حول الارضيات والنداءات بدون ان يستقر الأمر على أي توافق بين الماركسيين اللينينيين ويستمر المرض الطفولي. الطبقة العاملة في حاجة الى منظمتها الثورية في زمن تشهد فيه هجوما لا محدودا على قوتها اليومي، يكفي بلورة الأوراق الاساسية للمنظمة الثورية بعبارات بسيطة وبحد أدنى من الخطوط الايديولوجية والسياسية والتنظيمية، المهم هو التوافق على النضال الميداني


6 - المسيرة الفكرية لن تتوقف
سعاد الراجي ( 2012 / 10 / 3 - 11:14 )
النقاش ضروري لكي يحصل التوافق والتماهي في نفس المنظومة الفكرية والايديولوجية كما أن النقاش حول الخط السياسي الصحيح لن يتوقف ايضا مع تقلبات الاحداث والوقائع، أما التنظيم فضروري عند توفر الحد الادنى من الارادة النضالية الميدانية. فالدخول في التنظيم والنضال الميداني الفعلي هو ما سيبرهن على مدى صحة الخط الايديولوجي والسياسي فبدون تطبيق للطموحات الثورية على أرض الواقع سنضل حنجريين نلوك الكلام في المقاهي بدون أي تمحيص لتلك الكلمات والافكار على ارض الواقع مما سيتركنا تائهين في الوهم، فلا أحد يمتلك الحقيقة خارج الواقع المادي وتفاعلاته لذلك علينا التفاعل المادي مع الواقع وبشكل منظم من أجل تغييره لصالح الطبقة العاملة


7 - تجميع ما لا يجمع
بوشعيب محمد ( 2012 / 10 / 4 - 17:17 )
قراءة بسيطة للأرضية الماركسية اللينينية تبين أن الفصيل الذي تقدم بالورقة يريد أن يجمع ما لا يمكن جمعه الا في اطار جبهة مكونة من عدة مكونات. أما بناء منظمة ماركسية لينينية موحدة ايديولوجيا وسياسيا وتنظيمية، فالارضية تتضمن اسس لينينية وستالينية وماوية وخوجية وامامية وهي خطوط متعارضة في اغلب الاحيان فكيف ستقبل ببعضها البعض في اطار منظمة وحدوية. أفضل تأسيس منظمة ثورية بثلاثة أشخاص منسجمين بدلا من ثلاثين شخصا غير منسجمين ايديولوجيا وسياسيين


8 - تناسل الأرضيات
رفاة الطيب ( 2012 / 10 / 5 - 23:30 )
منذ بضعة أيام طلع علينا الرفيق حسن أحراث ورفاقه بنداء آن الأوان لتأسيس تيار ماركسي لينيني والذي تعرض له الرفيق عبد الكريم الخطابي بالنقد الجارح، اليوم يتناول الرفيق وديع السرغيني بالنقد أرضية تأسيسية لمنظمة ماركسية لينينية لم نسمع بها من قبل. قبل سنتين من الآن خرجت علينا مجموعة في الحوار المتمدن تسمي نفسها بالأماميون الثوريون عملوا على اعادة نشر ادبيات الى الامام السبعينية، بتزامن معها تم الاعلان عن تشكيل مكتب سياسي بمنطقة بني ملال لمنظمة تسمي نفسها الى الامام وتدعى استمراريتها لمنظمة السبعينات. كل هذا في الوقت الذي يدعي فيه النهج الديموقراطي أنه هو من يمثل الاستمرارية الشرعية للحركة الماركسية اللينينية المغربية خاصة منها منظمة الى الأمام رغم أن هذا الحزب العلني القانوني حدف من جميع وثائقه المرجعية انتمائه للينينية. أنا كمتتبع هاو أريد أن أفهم هل كل هذا النشاط الفكري وتناسل الارضيات يحتوي بالفعل على قاعدة نضالية فعلية عمالية أم أن أصحابها جميعا كالفجل أحمر من الخارج وأبيض من الداخل؟

اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟