الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمال صناعة الأدوية في حلب وهدر حقوقهم

عمر قشاش

2005 / 3 / 1
الحركة العمالية والنقابية


يعاني العمال في بلدنا من غبن شديد, في مستوى أجورهم, وفي ممارسة حقوقهم, والأغلبية الساحقة باتت تعيش دون حد الفقر, فالأجور التي يتقاضونها في قطاع الدولة لا تسد الرمق, وغالباً ما يستعينون بأعمال أخرى, إن تمكنوا من ذلك, خارج الدوام الرسمي لاستكمال احتياجاتهم الضرورية.
أما القطاع الخاص فيستغل فرص العمل المحددة وتفشي البطالة, والأجور المتدنية لعمال الدولة ليفرض على العمال أجوراً مماثلة أو أكثر قليلاً مما يتقاضاه أمثالهم في الدولة, ولا شك أنهم يبذلون جهوداً مضاعفة سواء من حيث ساعات العمل أم من حيث المردود نتيجة للرقابة الصارمة, والمباشرة لرب العمل, كما يتعرضون لهدر حقوقهم, والاضطرار لقبول هذا الوضع تحت ضغط خسارة فرصهم في العمل أو لجهلهم بالقانون وكيفية ممارسة حقوقهم.
فيما يلي عينة عما يجري لدى عمال القطاع الخاص في حلب, في ميدان صناعة الأدوية.
إن صناعة الأدوية هي من الصناعات الهامة في حياة البلاد وقد بدء بتأسيس هذه الصناعة في سورية في الأربعينيات بشكل بدائي, وتطورت تدريجياً بعد تحرير سورية من الاستعمار الفرنسي وحصولها على استقلالها السياسي.
وتوسعت صناعة الأدوية في السبعينيات وازداد عدد معامل إنتاج الأدوية بعد صدور قانون الاستثمار رقم / 10 / لعام 991, وأصبحت تنتج أصنافاً عديدة تغطي جزءاً هاماً من حاجات مشافي الدولة والمشافي الخاصة وحاجات المواطنين بصورة عامة. لكن حتى الآن فإن الأدوية التي تنتجها شركات ومعامل الأدوية عندنا هي عبارة عن تركيب للأدوية في معاملنا, وليس صناعة بالمعنى المعروف للكلمة.
إن معامل الأدوية عندنا تقوم بشراء المواد الأولية من الخارج (غالباً من أوروبا), وهنا يتم تركيبها وتعبئتها.
ونحن هنا لا نتعرض لنوعية المواد الأولية التي يستوردها أصحاب شركات ومعامل الأدوية, نوعيتها, صلاحيتها أو عدم صلاحيتها, ومطابقتها للشروط الصحية أو عدم مطابقتها, إنما نستعرض فقط أوضاع العاملين في هذا القطاع.
في مدينة حلب قرابة عشرين معملاً للأدوية, ومن خلال المعلومات التي توفرت لدينا تبين ما يلي:
1. توجد فئتان من العمال في هذه المعامل:
 فئة العمال الفنيين والاختصاصيين من مهندسين وكيميائيين, هؤلاء عقود عملهم دائمة.
العمال الفنيين رواتبهم تتراوح من /6 – 10/ آلاف ليرة شهرياً. أما الصيادلة والمهندسون فأجورهم تتراوح من /20 – 40/ ألف ليرة شهرياً.
 فئة العمال العاديين وتختلف أجورهم من معمل لآخر, وتتراوح من /2300 – 2700/ شهرياً. وأن بعض المعامل تدفع المكافآت للعمال, وتختلف من معمل لآخر, وبعض المعامل لا تدفع مكافآت.
2. جميع هذه المعامل والشركات أو معظمها يجري عقود عمل سنوية, ويوقع العمال على الاستقالة قبل بدء العمل, وفي آخر السنة تجدد عقود بعض العمال وأحيانا أكثريتهم علماً أن طبيعة العمل دائمة .
3. العمال المؤقتين محرومون من الاستفادة من العطل الرسمية.
4. بعض المعامل تسجل العمال في التأمينات الاجتماعية. العمال العاديين حسب رواتبهم /2500/ مثلاً أما العمال الفنيين والصيانة فيسجلون براتب /4500/ ليرة خلافاً للقانون والواقع.
5. معظم المعامل تؤمن الوجبة الغذائية المقررة قانوناً للعمال وأن عدد قليلاً من المعامل لا تؤمن الوجبة الغذائية لعمالها مخالفة بذلك مبدأ اتخاذ التدابير الوقائية لحماية صحة العمال.
6. جميع شركات صنع الأدوية لا تدفع لعمالها حصتهم من الأرباح حسب نص القانون /112/ لعام 1962 وتعديلاته.
7. في جميع المعامل والشركات, يمارس أصحاب العمل التسريح التعسفي للعمال مخالفين بذلك أحكام المرسوم /49/ القاضي بمنع التسريح التعسفي.
8. رواتب العمال العاديين ضعيفة جداً, علماً أن هذه الصناعة رائجة ويحقق أصحابها أرباحاً عالية, فمثلاً أن العامل الذي راتبه /2500/ ليرة يقبض /2000/ ليرة أو الذي راتبه /3000/ يقبض /2500/ هذا بعد الحسميات ـ ضريبة الدخل ـ واشتراك نقابة والتأمينات الاجتماعية. ... الخ
9. في هذه المعامل ساعات العمل اليومية هي /8/ ساعات.
10. عدم إجراء الفحوص الطبية للعمال في هذه المعامل وهذه مخالفة صريحة للقانون ذلك لأن ملامسة المواد الكيميائية أثناء العمل يمكن أن يضر بصحة العمال.
11. لا يؤمن للعمال بدلات عمل جاهزة, بل يقدم للعمال القماش ويطلب من العمال أن يدفعوا ثمن خياطتها , وهذا مخالف للقانون.
12. لا يؤمن لجميع العمال الكمامات الواقية.
13. من حيث طبيعة العمل: العمال في هذه المعامل مصنفون إلى فئتين: فئة العمال العاديين وأعمالهم تنحصر في أقسام الإنتاج, وهم يقومون بتعبئة الأدوية, والعمال الفنيين من مهندسين وصيادلة وكيميائيين, وهم الذين يقومون بتركيب الأدوية وتقدير معاييرها ويعملون في غرف خاصة بهم.
من خلال عرض هذه اللوحة عن واقع أوضاع العمال في معامل وشركات صنع الأدوية في حلب, يتضح أن جميع أصحاب هذه المعامل لا يلتزمون بتنفيذ بعض أحكام قانوني العمل والتأمينات الإجتماعية وخاصة توقيع العمال على عقود عمل مؤقتة , وتوقيعهم مسبقاً على الاستقالة, وغيرها من المخالفات القانونية التي تضر بمصلحة العمال.
لذا يمكن تلخيص مطالب العمال بما يلي:
1. رفع الحد الأدنى للأجور من /2500/ إلى /4000/ ليرة شهرياً.
2. تسجيل العمال في التأمينات الاجتماعية حسب الأجور التي يتقاضونها.
3. وقف العمل بالعقود المؤقتة وعدم إرغام العمال على توقيع الاستقالة قبل بدء العمل, لأن هذه العقود مخالفة لأحكام قانون العمل والقانون المدني, ولأن طبيعة العمل دائمة في هذه المعامل.
4. إعطاء جميع العمال المؤقتين إجازاتهم السنوية في كل عام.
5. وقف التسريح التعسفي الكيفي, باعتباره مخالفاً لاحكام المرسوم /49/ القاضي بمنع التسريح التعسفي للعمال.
6. إعطاء عمال شركات صنع الادوية وحصتهم من الأرباح حسب قانون الأرباح رقم /112/ لعام 1962 وتعديلاته.
7. تأمين بدلات عمل جاهزة للعمال /بدلتين سنوياً/ وعدم تحميل العمال أجرة خياطة بدلات العمل, وتأمين كمامات واقية لجميع العاملين.
8. تمكين العمال من الاستفادة من العطل الرسمية أ, إعطاؤهم أجور هذه الأيام حسب ما نص عليه قانون العمل /المادة 122/ التي تنص على أن أجرة العمل في أيام العطل مضاعفة.
9. تأمين الوجبة الغذائية للعمال في المعامل والشركات التي لا تؤمن الوجبة الغذائية من الحليب والبيض.
إن معامل الأدوية تحقق أرباحاً عالية نسبياً في هذه الصناعة, ورغم ذلك فإن أصحاب هذه المعامل ينتهكون حقوق العمل ولا يلتزمون بتنفيذ أحكام قانوني العمل والتأمينات الاجتماعية, وتحرم العمال خاصة ذوي الأجور المتدنية من الاستفادة من المزايا الإيجابية من قانون العمل والقرارات المنفذة له, ذلك لأن أصحاب العمل لهم مصلحة عادية في ذلك.
وهنا لا بد من تأكيد أن النقابة تتحمل مسؤولية كبرى أساسية في عدم مراقبة ما يجري في هذه المعامل, والتعرف على أوضاع العمال وشروط عملهم وأجورهم, ومدى التزام أصحاب العمل بالقوانين العمالية.
لقد أعطى مرسوم التنظيم النقابي رقم /84/ صلاحية واسعة للنقابات والحركة النقابية, في الدفاع عن حقوق العمال ومطالبهم وحرياتهم النقابية, والاتصال بالعمال في أماكن عملهم في كل وقت للتعرف على أوضاعهم ولكن من المؤسف أن النقابات تحولت في ظروف غياب الحريات السياسية, من منظمات مهمتها الأساسية الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة وحقوقها وحرياتها النقابية والسياسية إلى منظمات تابعة للسلطة وبذلك فقدت استقلالها, وأصبحت عاجزة عن تنفيذ مهامها النقابية.
إن الدفاع عن الطبقة العاملة, والعمل على تحسين مستواها المعاشي والفكري والسياسي, ورفع الغبن الواقع عليها وعلى باقي فئات الشعب, هو واجب وطني, وتقع مسؤوليته أولا وأخيراً على كافة القوى الوطنية.


* نشر هذا المقال في جريدة "الموقف الديمقراطي" التي يصدرها التجمع الوطني الديمقراطي في سوريا كانون الثاني 1999








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد التوصل لاتفاقيات مع جامعاتهم.. طلبة أميركيون ينهون اعتصا


.. الحق قدم.. 3408 فرصة عمل جديدة في 16 محافظة.. اعرف التفاصيل




.. ألمانيا.. متضامنون مع فلسطين يعتصمون أمام جامعة هومبولت في ب


.. كل يوم - -حكايات الحما- .. اتيكيت وقواعد التعامل بين الخصوصي




.. غزة اليوم(3-5-2024):عدنان البرش.. طبيب مستشفى الشفاء، في عدا