الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرض نقص الأمال المفرط

شريف الغرينى

2012 / 10 / 1
ملف حول المنتدى الاجتماعي العالمي، ودور الحركات الاجتماعية والتقدمية في العالم العربي.


كان الإحتلال الغربى على مدار عقود من القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، يدير الإقتصاد العالمى ويمتص دم الشعوب من خلال التجارة القسرية تحت دوى طلقات المدافع ، ولكن الأمر تغير تكتيكيا بعد إنتهاء الحرب العالمية ، بعد أن هيمنت أمريكا عسكريا على العالم وغابت الشمس عن إمبراطورية الإنجليز بينما سطعت فى الولايات المتحدة الامريكية وتحديدا فى بريتون وودز – نيوهامبشير حيث اجتمع ممثلوا 44 دولة فى فندق مونت واشنطن للتوقيع على اتفاقية معدة سلفا بين الحلفاء المنتصرين ، خرجوا بعدها للعالم بوعد بالخير والوفرة من خلال إنشاء البنك الدولى لمشاركة الدول الفقيرة ومساعدتها فى مشاريع التنمية من خلال المساهمة فى المشاريع القومية، وكذلك الإعلان عن إنشاء صندوق النقد الدولى لمساعدة الدول الأعضاء على تغطية عجز موازناتها، ولا يفوتنا أن نقول أن أغلب الموقعين كانوا دولا تحت الإحتلال ذهبت لتوقع ما يملى عليها ، فى النهاية خرجوا للعالم بالدولار بعد أن أصبح وحده غطاء للعملات والمقياس بدلا من الذهب وكانت تلك الخطوة المهمة أولى خطوات العولمة التى كانت تدشن نوعا جديدا من الإستعمار الذى أصبح يحمل إسم العالم الحر.
منذ نهاية الخمسينات إتجهت أمريكا إلى رسملة إقتصاد العالم وتحويل أكبر قدر من الدول إلى سوق جديدة لها وقد نجحوا فى إسقاط الشيوعية والإشتراكية فى كثير من البلدان وانتهوا بإسقاطها فى منشئها فى موسكو ليسقط العالم كله فى منظومة ثلاثية : أسواق تجمع الدولار ، وأسواق تنفق الدولار، وأسواق تقوم بإدارة هذا الدولار؛ فالصين واليابان وأوروبا ودول الخليج تجمع الدولارات و فقراء العالم فى أسيا و أفريقيا والشرق الاوسط وامريكا اللاتينية يسعون وراء الدولارات لتغطية حاجاتهم الغير مشبعة فى مقابل مورادهم الطبيعية ومواقفهم السياسية ،بينما تقوم أمريكا بإدارة هذه الدولارات بإعتبار أنها صاحبة البنك المركزى المصدر لهذه العملة ، وهكذا أصبحنا ندور جميعا فى فلك FRB) ) البنك المكزى الأمريكى و القائد الحقيقى للنظام الإقتصادى العالمى، و ذلك لأنه بطبيعة الحال تعود كل الدولارات فى النهاية فى أحد دوراتها إلى بنوك الولايات المتحدة ليتولى البنك المركزى وضع لوائح وتنظيم قواعد القرض والاستثمار للوكلاء الحكوميين ومنهم إلى البنوك التجارية وبنوك الإستثمار التى تمنح وتمول الأخرين ؛ هذا النظام مصمم ليجمع الثروات المحمولة على أجنحة الدولارات ويضعها فى يد حفنة من الرجال، علما بأن هذا النظام لم يستفد منه سوى 15% من البشر ، و حتى هذا الرقم أخذ فى التناقص بينما أكثر من ثلثى شعوب العالم يبيتون مكشوفين للضربات الإقتصادية الناجمة عادة عن مغامرات القلة المستغلة التى تملك حق المغامرة والمقامرة بمستقبل الشعوب ، التى وحدها تتحمل كل تبعات الكوارث الإقتصادية و التى لولا نظام العولمة أو الليبرالية الجديدة ما امتد تأثير أى مشكلة إقتصادية ليصيب من لا ذنب له من سكان الكوكب التعساء؛ وبالتالى بات مهما أن يفهم العالم أن مهمة البنك الدولى وصندوق النقد لم ولن يكون من أجل رفاه العالم ولكنها للتحكم وتوجيه اقتصاديات الدول ناحية مزيد من اليبرالية الجديدة حتى بعد أن تحول النظام النقدى العالمى فى مطلع السبعينات من نظام بريتون وودز الذى تقوده الحكومات ، إلى النظام النقدى العالمى الذى تقوده الأسواق والذى كا من خصائصه تدويل السندات والأسهم عقب انتشار مبدأ اللبرلة المحلية لتنقلات رؤوس الأموال ، حتى أن الخبيران الإقتصاديان بول هيرست وجراهام طومسون وصفا العولمة فى كتابهم تمحيص العولمة (GLOBLAIZATION IN QUESTION) بأنها "مرض نقص الامال المفرط" مؤكدا على أنها فرضية غبية وأنها تجربة ستسقط فى النهاية و قد أكدا فى نفس الكتاب على كراهية مؤسسى هذا النظام وغلاته من منظرى الليبرالية الجديدة لفكرة القومية ، و مع أنهم كانت قد واجهتهم صعوبة جمة مع دول الرفاه والدول ذات القوميات القوية مثل دول أوروبا وكذا الدول ذات الإقتصاديات القوية التى لم يمنعها الرفاة و الوحدة وقوة الثقافة عن السقوط فى فخ العولمة ولكن هذه المرة بحجة أن الأخيرة ستتيح لهم التمدد اقتصاديا فى العالم بحكم قدراتهم الإنتاجيةالهائلة ، ولكن تقلبات ومراوغات فخ العولمة جعلتهم يسيرون بشكل مواز لعولمة الدولار مربوطين به بقوة من أحد أطرافه، حتى أن هذه الدول ارتضت تحت وقع إغراء العوملة أن تسقط جزء من قومياتهم ووحدوا عملتهم فى عملة واحدة "الاورو" ظنا منه أانهم قفزوا للامام بنظام جيد بعيدا عن النظام الذى تريده أمريكا ومع ذلك وصلت منطقة اليورو لقمة الأزمة وكادوا أن ينهاروا انهيارا جماعيا على أصداء أزمة الرهن العقارى التى إجتاحت الولايات المتحدة لولا ما كان لديهم من تراكمات رأسمالية ، و يبقى السؤال هل وصلنا لمرحلة أن العولمة أصبحت فريضة على البشر جميعا ، وأنها المستقبل الاوحد لهذا الكوكب؛ بعد أن أدركنا ولمسنا النتائح الكارثية على الدول والشعوب ؟ ! وكيف أنها ترسخ لإستغلال القلة الغنية للكثرة الفقيرة وكيف أنها تعمل على الإفقار المستمر للسواد الأعظم من سكان هذا الكوكب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من