الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموت في الحياة -5- الآخيرة

حميد غني جعفر

2012 / 10 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لسنا تشاؤميين ولا يائسين عندما نكتب – الموت في الحياة – فذالك واقع ملموس ومعاش خصوصا الطبقات الفقيرة الكادحة من العمال والفلاحين والكسبة وصغار الموظفين وذوي الدخل المحدود وشريحة المتقاعدين ناهيك عن جيش العاطلين الذي هو في ازدياد مستمر خصوصا بين الشباب و الخريجين أوأولائك البؤساء الساكنين في بيوت الصفيح أو الطين ، أو شريحة المفصولين السياسيين الذين أحيلوا على التقاعد منذ أكثر من عام ولم يتقاضوا راتب إلى اليوم لان قضاياهم لا زالت معلقة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء ، كل هذا الواقع المرّ إلى جانب ما أشرنا إليه باقتضاب في الحلقة – السابقة – عن إقليم كردستان ، هو بهدف إيضاح الصورة أمام المواطن العراقي والرأي العام لتبصيره بمدى عمق محنته ومحنة الوطن في ظل حكومة المحاصصة وصراعات أقطابها على المال والجاه والنفوذ – والكراسي – تاركين الشعب يسبح في بحر من الهموم ، وبالتالي كي يعي الشعب دوره ومسؤوليته في الدفاع عن حقوقه ومصالحه وبناء مستقبله الأفضل .
ومن أجل أن تكتمل الصورة بوضوح أكثر نشير هنا إلى ما هو – أنكى من كل ذالك
هو ما تنشره صحافتنا العراقية من أخبار وتقارير، وبغض النظر عن مدى صدقية تلك الأخبار والتقارير- ومصادرها - فهي مبعثا للأسى في نفس كل وطني شريف كما تبعث على الريبة والقلق لدى أبسط مواطن عراقي على مستقبله ومستقل بلاده ، ومثل تلك الأخبار تعبر عن مدى التشبث والتخبط والازدواجية في مواقف وسياسة حكومة المالكي ... وإلا لماذا يسعى السيد المالكي إلى التقرب من عتاة البعثيين ويقيم الاتصالات معهم عبر حليفه عزت الشابندر المتواجد في سوريا حاليا والتقى هناك بأحد أقطاب البعث – محمد يونس – ولماذا أصدر المالكي قراره – في الموصل – بإعادة كبار الضباط البعثيين إلى الجيش ، ومن هنا يتساءل الشارع العراقي تساؤلا مشروعا ، هل خلا العراق من الوطنيين الشرفاء المخلصين ومن الطاقات والكفاءات العلمية والنزاهة والحرص على مستقبل الشعب والبلاد ؟ كي يستعين المالكي – بالبعثيين خلافا للدستور العراقي الذي صوت عليه الشعب و أقر بأن البعث فكر إرهابي ... ترى مالذي تغير الآن ، مع أنه يدعي بمحاربته للبعث ... وهو وليس غيره الذي حذر الشعب من المشاركة في تظاهرات شباط الاحتجاجية – 2011 – على أن من يحركها هم البعثيين ... وهو وليس غيره أيضا سرعان ما يتهم البعثيين والقاعدة عند سقوط الضحايا الأبرياء في العمليات الإرهابية ... ويعترف أيضا – بعظمة لسانه – بأن الأجهزة الأمنية مخترقة من البعثيين ... وإلى جانب كل ذالك فهو يدرك جيدا من هم البعثيين ... البعثيين يا سيادة المالكي هم السرطان في قلب العراق وشعبه ... وتأريخ أربعة عقود من الزمن ، من شباط 1963وحتى سقوطه المخزي في نيسان 2003 – هو الدليل القاطع على إرهابه ودمويته ، سواءا في حروبه الطائشة المجنونة أو في أساليبه القمعية البوليسية وإبادته الجماعية لأبناء شعبه ... ولا نريد سرد هذا التأريخ الدموي الأسود ... فهو أدرى به وهو أدرى كذالك بأن البعث مرفوض من قبل كل الشعب ، ولابد بأن السيد المالكي قد شاهد بأم عينيه – كما شاهد كل العالم – عبر الفضائيات ، كيف عبر الشعب عن غضبه وحقده المقدس على هذا الطاغية – عند إسقاط تمثال هبل – وكيف بصقوا عليه وضربوه بالأحذية ومزقوا وأحرقوا كل صوره وهذا يعبر عن رفض الشعب للبعث ، أما محاولات تقسيم البعث لقسمين أو أكثر – من قبيل – بعث صدامي وبعث دوري أو بعث محمد يونس أو بعث علاوي والمطلك والهاشمي – الإرهابي الهارب إلى تركيا – فهذه ليست إلا مبررات سقيمة وغير منطقية يراد منها تبييض وجه البعث ، فالبعث هو البعث إرهابي – كما أقره الدستور – ومجرم سفاح والتعاون معه والتقرب إليه يعني قيادة بلادنا نحو الهاوية ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فهو يتعارض مع الدستور وبالضد من إرادة الشعب العراقي ، ولا نقصد هنا – بطبيعة الحال – كل البعثيين - فقط قياداتهم - فهناك الكثير من البعثيين وطنيين شرفاء وطيبون ومخلصون لشعبهم وبلادهم لم تتلطخ أيديهم بدم الشعب وفيهم من كان يعارض نهج البعث ، لكنهم أجبروا على الانتماء بفعل الحاجة لكسب لقمة العيش ومثل هؤلاء ليسوا بعثيين أصلا ، والمهم فإن هذا بعض ما تنشره الصحف يوميا وليس كله فهناك الكثير... الكثير من المكشوف والمستور ... وهناك أيضا مؤشرات – يجري التعتيم عليها – حيث بدأت تلوح في الأفق – عودة الطائفية المقيتة – من جديد وجرى فعلا في أحد أحياء بغداد – قبل فترة - اقتتال بين مليشيات مسلحة – انقسمت على نفسها – وهي من طائفة واحدة وتجاوزت حالة الاقتتال إلى حرق بيوت بعضهم البعض على من فيها أو تشريد ساكنيها ... ولكن وكما يقول الفنان الراحل عزيز علي – لسكوت أحسن يا ولد – أسلم وأأمن .
ومن هنا وبعد هذه الصورة الواضحة أمام شعبنا والرأي العام ، لمجمل أوضاع البلاد – أمنيا – وخدميا – واجتماعيا – وسياسيا – واقتصاديا – وثقافيا - و تمسك الحكومة وبإصرار على نهج المحاصصة الطائفية والأثنية – بعيدا عن المصالح الوطنية العليا وخرقها للدستور وتجاهلها لقرار المحكمة الاتحادية العليا ولإرادة الشعب ، وغياب الحس الوطني ووحدة الإرادة والموقف ، وفشلها التام في إيجاد الحلول والمعالجات الجادة للخروج بالبلاد من أزمتها المستعصية – بفعل صراعاتها اللاوطنية على المغانم والمناصب ، حتى فقد الشعب ثقته تماما ولم يجد بارقة أمل في إصلاح الحال وهذا يتضح من المماطلة والتسويف والتهرب من عقد المؤتمر الوطني أو إجراء انتخابات مبكرة وهذان الخياران المطروحان أمام – المتصارعين - ، ليس من مصلحتهم – في أي من الخيارين - ، ولما كان الشعب وقواه الحية قد فقدت أي بصيص أمل في الإصلاح ، والاستياء والتذمر و القلق والإحباط هو السائد في نفوس العراقيين ... وكثيرة هي التساؤلات المقلقة التي تطرح نفسها في الشارع العراقي عن مصيره ومصير البلاد المجهول الذي يقود البلاد إليه هؤلاء الساسة المتصارعون ، ومن التساؤلات المهمة التي تطرح نفسها وبإلحاح على شعبنا ، والذي يتوجه به إلى قواه الوطنية الخيرة والمناضلة – المعول عليها في إنقاذ البلاد من محنتها - وهي قوى وشخصيات التيار الديمقراطي – بكل فصائلها من شخصيات تقدمية وأحزاب وتحديدا الحزب الشيوعي العراقي بفعل تأريخه العريق وتضحياته الجسام ومنظمات المجتمع المدني وكل من تعز عليه قضية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وكل المخلصون الحريصون على مستقبل الديمقراطية والسيادة الوطنية للبلاد ، الذين بادروا إلى حملة – لا تسرقوا صوتي – ولا زالت الحملة مستمرة ، والسؤال ، هو هل أن هذه الحملة – لا تسرقوا صوتي – كافية لوحدها بالضغط على مجلس نوابنا العتيد ؟ ويرى الشارع العراقي ضرورة أن ترافق هذه الحملة نشاطات وفعاليات أخرى سلمية على مستوى الشارع – كالتظاهرات أو الاعتصامات وبكل السبل المتاحة – سلميا – ونؤكد القول سلميا لأننا مع الإصلاح وليس غير ذالك - والتي يكفلها الدستور ، ويتساءل المواطن أيضا – وهو على حق - ماذا سيكون موقف مجموع هذه القوى – من تيار ديمقراطي بكل مكوناته – وبالذات الحزب الشيوعي – ومنظمات المجتمع المدني وكل الشخصيات الوطنية الحريصة على مستقبل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية واستكمال السيادة الوطنية من الانتخابات المقبلة – المبكرة منها إن توافق عليها المتصارعون - أو الاعتيادية بانتهاء الدورة الحالية ؟ في حالة إصرار مجلس النواب أو بالأحرى – المتصارعون – على تمرير قانون الانتخابات كما هو دون تعديل ... هل ستشارك في الانتخابات ، أم يكون لها موقف آخر ... ولا نريد أن نستبق الأحداث ... فنترك الجواب لتلك القوى وللمستقبل القريب ... ولا ينبغي لمجموع هذه القوى المناضلة الحية أن تنسى أو أن يغيب عن ذهنها ... أنها هي القوى المعول عليها وهي موضع ثقة الشعب واحترامه ، وهذه مسؤولية وطنية وتاريخية ، ولا يستثني من تحمل هذه المسؤولية المراجع الدينية الشريفة التي وقفت إلى جانب الشعب ورفضت نهج المحاصصة وكل توجهات الحكومة التي ينخرها الفساد المالي والإداري وأيضا رفضت قانون الانتخابات الظالم والمخالف للدستور ولقرار المحكمة الاتحادية العليا وللمبادئ الديمقراطية وطالبت بتعديله ... وينبغي ترجمة مواقفها المشرفة هذه إلى واقع فعلي وملموس على الأرض من خلال تشديدها الضغط بكل الوسائل على الحكومة لمعالجة مشكلات الشعب ومعاناته القاسية ، فهي أيضا مسؤولة أمام الله والتاريخ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان