الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة أولية في التصعيد الإسرائيلي ضد إيران واحتمالات الحرب

عليان عليان

2012 / 10 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لا يكاد يمر يوم بدون تصعيد إسرائيلي ضد إيران ، بذريعة ثنيها عن الاستمرار في برنامجها النووي ، وزعمها أن هذا البرنامج يستهدف تصنيع قنبلة نووية تهدد وجود (إسرائيل) ، رغم أن إيران تؤكد باستمرار أن برنامجها مصمم لأغراض سلمية وليس عسكرية .
وهذا التصعيد الإسرائيلي يأخذ أشكالاً متعددة من ضمنها التهديد العلني بضرب المنشآت النووية الإيرانية ، وإجراء مناورات ببعدين أحدها خاص بخطة الهجوم المفترض ، والبعد الآخر يتعلق بالجبهة الداخلية وحمايتها من أي هجوم صاروخي إيراني مفترض ، ووصلت الامور إلى حد توزيع أقنعة الحماية من الغازات السامة على الإسرائيليين .
وإيران من جانبها تقلل من قيمة التهديدات الإسرائيلية قناعةً منها بأن )إسرائيل( لن تغامر في الدخول في حرب مع إيران ، بدون مشاركة ودعم أمريكيين خاصةً وأن الإدارة الامريكية غير موافقة في هذه المرحلة على مثل هذه الضربة ، ارتباطاً بعدة عوامل من بينها ( أولاً ) أن الإنتخابات الامريكية على الأبواب ، وأن المشاركة في العدوان على إيران وما ينجم عنه من تداعيات ، سيؤثر بالسلب على فرص فوز أوباما.
وثانياً: أن الإدارة الأمريكية سواءً كانت جمهورية أو ديمقراطية غير جاهزة للدخول في حرب أخرى ، بعد انسحاب معظم قوات الاحتلال الأمريكية من العراق ، وفي ظل استمرار تورطها في أفغانستان ناهيك أن كلفة تورطها في حرب ضد إيران قد تتجاوز كلفة الحرب على العراق وأفغانساتان ، وفق تقديرات العديد من خبراء الاقتصاد الأمريكيين.
وثالثاً: أن إغلاق مضيق هرمز الذي تهدد إيران بإغلاقه وتلغيمه يهدد الاقتصاد العالمي بشكل عام ، والاقتصاد الأمريكي بشكل خاص – الذي لم يتعاف بعد من أزمته الاقتصادية الطاحنة ، والمشتعلة منذ عام 2008 إذا أخذنا بعين الاعتبار أنه يمر من خلال هذا المضيق 33 في المائه من واردات البترول العالمي ، أي حوالي 17 مليون طن نفط يومياً.
رابعاً: وهو الأهم أن الرأي العام الأمريكي في غالبيته ضد مشاركة الولايات المتحدة في الحرب على إيران ، حيث كشف آخر استطلاع للرأي في أمريكا أن 60 في المائة من الأمريكيين ضد مشاركة إسرائيل في الحرب على إيران.
ورغم قراءة إيران وتقديراتها للموقف الأمريكي ، ورغم أن رئيسها أحمدي نجاد أطلق تصريحات ، بأن إيران لا تأخذ التهديدات الإسرائيلية على محمل الجد إلا أنها لم تنام على فراش من حرير ، وباتت تستعد للحرب وكأنها ستقع غدا.
وفي هذا السياق جاء التطوير الهائل في منظومة الصواريخ الايرانية وكذلك المناورات البرية والبحرية والجوية ، التي ما تلبث أن تنتهي مناورة حتى تعقبها أخرى ، لاختبار مدى التنسيق بين مختلف الأسلحة ومدى دقة التصويب نحو الأهداف.
وقد ترافق مع هذه الاستعدادات العسكرية الايرانية التصريحات التي تصدر عن القيادة الإيرانية بمستوياتها العسكرية والسياسية والبرلمانية التي تهدد بإزالة الكيان الصهيوني عن الوجود ، في حال أقدمت حكومة العدو الصهيوني على مهاجمة إيران ، حيث تجاوزت مؤخراً الحديث عن الموقف الدفاعي لإيران ، وبأنها لن تكون البادئة في الضربة الاولى ، وذلك عبر تصريح لقائد القوة الصاروخية العميد امير علي حاجي بان إيران ستبادر للهجوم ، إذا ما تيقنت أن قرار الحرب تم اتخاذه من قبل (إسرائيل ) وأنه على وشك التنفيذ.
هذا التصعيد المتبادل في الاستعدادات ، والحرب الكلامية والنفسية من قبل الطرفين أربك الإدارة الأمريكية الممتعضة من سلوك نتنياهو وضغوطه عليها والذي ما انفك يضغط على الرئيس الأمريكي ، لتحديد الخطوط الحمراء بشأن البرنامج النووي الإيراني ، التي بعدها يتعين على الإدارة الأمريكية المشاركة في الحرب وتغطيتها سياسياً.
وهذا الضغط المتواصل من نتنياهو على واشنطن ودعمه للمرشح الجمهوري المنافس ميت رومني ، أثار حنق الرئيس أوباما الذي لم يتوقف عن الإدلاء باالتصريحات حول اولوية ضمان امن إسرائيل ، وعن الإستمرار في سياسة العقوبات ضد إيران ، وتصعيدها لكنه أعلن أن باب الحل الدبلوماسي لم يغلق بعد.
واوباما المقبل على انتخابات رئاسية والمتورط حتى اللحظة في مستنقع أفغانستان ، والغارق في الأزمة الاقتصادية ، وجروح بلاده لم تبرأ بعد من احتلال القوات الأمريكية للعراق ، يرفض حتى اللحظة الانصياع للقرار الإسرائيلي بشن الحرب على إيران في هذه المرحلة ، بات ممتعضاً أشد الامتعاض من عنجهة نتنياهو حياله ، لدرجة أنه رفض استقباله أثناء الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة.
لكن إدارة أوباما تخشى من أن ينفذ نتنياهو تهديداته باعتبار قرار الحرب قراراً سيادياً (لإسرائيل) – على حد تعبيره - وأن تدفع واشنطن الثمن إن على صعيد قيام إيران بإغلاق مضيق هرمز ، أوعلى صعيد تعرض قواعدها العسكرية ومصالحها النفطية في منطقة الخليج والشرق الأوسط إلى هجمات صاروخية مدمرة ، خاصةً وأن إيران أعلنت اكثر من مرة بأنها لن تكتف بضرب الكيان الصهيوني بل ستضرب القواعد العسكرية الامريكية والبريطانية والفرنسية وكافة المصالح الغربية النفطية في الخليج والجزيرة العربية ، وعموم الشرق الأوسط .
وارتباطاً بالخشية الأمريكية من هجوم إسرائيلي مفاجيء على إيران وما يترتب على ذلك من تداعيات ، جاء الحشد العسكري البحري الأميركي الغربي غير المسبوق في مياه الخليج العربي ، ممثلاً بوجود ثلاث حاملات طائرات أمريكية وعشرات البوارج والزوارق الحربية ، وكاسحات الألغام التي تنخرط في مناورات حربية ، تشارك فيها ثلاثون دولة إلى جانب الولايات المتحدة ، بهدف منع إغلاق مضيق هرمز وتنظيفه من الألغام .
احتمال الحرب لا يزال قائماً في ظل تعنت نتنياهو وفريق من حكومته وعلى رأسهم وزيري الحرب والخارجية باراك وليبرمان ، خاصةً وأن نتنياهو ما انفك يصرح بأن كلفة الحرب الآن على (إسرائيل ) ستكون أقل بكثير فيما لو امتلكت إيران القنبلة النووية.
لكن احتمال عدم توجيه ضربة عسكرية لإيران في هذه المرحلة يظل هو الأقوى ارنباطاً بعدة عوامل أبرزها:
1- عدم موافقة إدارة أوباما – المرشحة للفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة – على ضرب إيران واستمرار مراهنتها على سياسة العقوبات وعلى الحل الدبلوماسي ، وهذا ما كشف عنه اوباما في خطابه امام الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً .
2- عدم حصول إسرائيل على موافقة أوروبية بشأن الحرب والتزامها بذات الموقف الأمريكي ، حيث بدأت الدول الأوروبية تراهن على تفعيل العقوبات الاقتصادية ، بعد أن عملت على تفعيلها على غير صعيد منذ مطلع تموز / يوليو الماضي.
3- الرفض الدولي للموقف الإسرائيلي ، وتبدى ذلك في استخفاف معظم الدول بخطاب نتنياهو ، في الجمعية العامة الذي عمل خلاله على تقديم رسم كروكي لتطور البرنامج النووي الإيراني.
4- رفض أغلبية الجبهة الداخلية في الكيان الصهيوني للحرب ضد إيران تمثلت في استطلاع للرأي يشير إلى أن 52 في المائة في (إسرائيل) يعارضون الحرب ضد إيران ، ناهيك أن المستويات الأمنية والعسكرية تحذر من خطورتها على إسرائيل ، وترفض تصور وزير الحرب يهودا باراك بأن كلقتها لن تتجاوز 500 قتيل ، كما أن بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية تحذر من خطورتها وترى أن كلفتها تتجاوز بشرياً مائة ألف قتيل إسرائيلي " يديعوت أحرونوت 14-8 - 2012 ، " وأنها ستؤدي إلى تهجير أكثر من مليون ونصف يهودي " القناة التلفزيونية العاشرة 14- 8- 2012 .
5- الإستطلاع الخطير الذي جرى الكشف عنه مؤخراً والذي يبين أن اكثر من 50 في المائة من الإسرائيليين يرون أن دخول إسرائيل في حرب مع إيران سيؤدي إلى زوال دولة إسرائيل.
6- الخشية الحقيقية من تهديدات حزب الله أنه في حال إقدام إسرائيل على ضرب إيران ، فإن آلاف الصواريخ ستدك كافة مناطق فلسطين المحتلة عام 1948 بما في ذلك تل أبيب ومفاعل ديمونة في النقب ، ناهيك ما جاء في خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مؤخراً ، بأن قوات المقاومة ستعمل على اجتياح وتحرير منطقة الجليل شمال فلسطين المحتلة عام 1948.
7- خشية الخبراء العسكريين الإسرائيليين من الصواريخ التي قد تنهال على المجمع الكيماوي الضخم في ميناء حيفا ، الذي يؤدي تدميره وانتشار الغازات السامة منه ، إلى مقتل عشرات الآلاف من الإسرائيليين .
وفي ضوء هذه العوامل التي ترجح عدم قيام (إسرائيل ) بشن حرب على إيران في هذه المرحلة ، فإنها بدأت تراهن على مفاعيل العقوبات الاقتصادية على وعسى أن تدفع هذه العقوبات ، إلى حدوث إنتفاضة في الشارع الإيراني تؤدي إلى وصول الإصلاحيين إلى الحكم.
وتقوم حكومة العدو برصد دقيق لآثار هذه العقوبات التي تنشرها وسائل الإعلام الغربية مثل انخفاض صادرات النفط الإيراني إلى النصف وكذلك الواردات ، وانخفاض قيمة العملة الايرانية إلى النصف، ووصول البطالة إلى نسبة 20 في المائة ، وارتفاع نسبة التضخم إلى 25 في المائة وكذلك عدم قدرة الإيرانيين حتى على مستوى الأفراد ، على تحويل المبالغ المالية من الخارج إلى بلادهم ، بسبب الحظر المصرفي ألخ .
ويبدو أن حكومة العدو مقابل قبولها بمبدأ الضغط الاقتصادي على إيران بدأت تتراجع عن سياسة الخطوط الحمراء ، في إطار مساومة وابتزاز للإدارة الأمريكية ، تتمثل في أن تقوم الإدارة الأمريكية بتفعيل وتطوير العقوبات ضد إيران ، وأن لا تلغ الخيار العسكري في حال فشل الحل الدبلوماسي في إطار تعهد خطي تقدمه للكونجرس الأمريكي ، وفي تقديم المزيد من الدعم المالي والعسكري والتقني والإستخباري ( لإسرائيل ) وفي استمرار تبني الموقف الإسرائيلي حيال التسوية مع الفلسطينيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران.. صلاحيات وسلطات المرشد والرئيس


.. أمم أوروبا.. إسبانيا تكرس عقدة ألمانيا على أرضها | #هجمة_مرت




.. إغلاق مراكز الاقتراع في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية الإ


.. توقيف مسؤولين سابقين بالكرة الجزائرية في قضايا فساد.. هل هو




.. مراسل الجزيرة يرصد سير المفاوضات بين حماس وإسرائيل في العاصم