الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الورود التي تقصم ظهر البعير

سناء الموصلي

2005 / 3 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


أصبح حمل الورود في الوقت الحاضر علامة للثورات السلمية؛ فسواء كانت بيضاء أو برتقالية أو حمراء يحملها المتظاهرون من أجل الاستيلاء على السلطة ودفة الحكم في دول مختلفة . فمنذ 15 شهراً اقتحم رئيس المعارضة الجورجية ميخائيل ساكاشفيلي البرلمان الجورجي حاملاً وردة بيضاء ليصبح بعد ذلك رئيساً جديداً للبلاد بعد إقالة الرئيس السابق إدوارد شفيرنادزه. وفي أوكرانيا حمل المتظاهرون في شهر تشرين الثاني من العام الماضي الورود البرتقالية أمام البرلمان الأوكراني ليفشلوا الانتخابات الرئاسية الأولى التي فاز فيها فيكتور يانكوفيتش ومن ثم لينتخبوا فيكتور يوشينكو رئيساً جديداً لجمهورية أوكرانيا بعد انتهاء فترة الرئيس السابق ليونيد كوتشما. والآن في بيروت حمل المتظاهرون الورود الحمراء ليسقطوا حكومة عمر كرامي في لبنان.
ومن نظرة تحليلية فاحصة لمجريات الأمور في جورجيا وأوكرانيا السوفيتيتين السابقتين وجمهورية لبنان العربية نرى وجود قوىً سياسية خارجية تقف وراء هذه الأحداث التي تجري تباعاً من دولة الى أخرى وبمباركة أمريكية أوربية شرقية (بولندا وجيكيا ولتوانيا) وغربية (دول الاتحاد الأوربي بأكملها). فيا ترى هل تريد هذه القوى الخارجية مصلحة شعوب جورجيا وأوكرانيا ولبنان بحق وحقيق؟ أم يهدف تدخلها ودعمها لهذه التغييرات المثيرة الى شيء آخر؟
لقد كان إدوارد شفيرنادزه من المؤيدين الأقوياء للولايات التحدة الأمريكية الذي سمح لها ببناء قواعد أمريكية في جورجيا بالقرب من الحدود الروسية مبرراً ذلك في خلق توازن دولي وتدريب للجيش الجورجي على أيدي خبراء عسكريون أمريكيون. ولكن اتضح بعد ذلك أن القواعد ساهمت في تدريب وإيواء مقاتلين شيشانيون لشن هجماتهم على القوات الروسية الموجودة في الأراضي الحدودية بين روسيا وجورجيا. وكذلك تعرض شفيرنادزه نفسه لمحاولة اغتيال من قبل مؤيدي الرئيس السابق حمزه خورديا في نهاية تسعينات القرن الماضي.
ولكن لم تنعم حكومة الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي بهدوء. فلقد اغتيل رئيس وزارئه زوراب جفانيا في حادث تسمم بالغاز قبل حوالي شهر. كما وجدت جثة مسؤول حكومي آخر في احدى غرف الشقة التي كانا فيها. وأعرب سكاشفيلي عن حزنه لفقدان أكبر حلفائه في الثورة الوردية قائلا "فقدت أقرب صديق لي وأكثرهم إخلاصا". وكان جفانيا البالغ من العمر 41 عاماً من أهم حلفاء الرئيس السابق إدوارد شيفاردنادزه قبل انفصاله عنه ليصبح أحد قادة المعارضة في الثورة التي قادها الرئيس الحالي ميخائيل ساكاشفيلي. وفي نفس الوقت أعلن ناطق باسم وزارة الداخلية الجورجية أن قنبلة يدوية انفجرت خارج منزل دبلوماسي أميركي في العاصمة تبليسي. ومن حسن حظ زوجة الدبلوماسي وابنه، وهما الشخصان الوحيدان اللذان كانا موجودين في المنزل في ذلك الوقت لم تلحق بهما أي إصابة.
وهنا لا ننسى دعم جورجيا للولايات المتحدة الأمريكية في احتلالها للعراق بزيادة عدد الجنود الجورجيون في العراق الى ما يقارب الألف.
كما لم تلق رئيسة الوزراء الأوكرانية الجديدة تمارا تيموشينكو دعماً من روسيا نظراً لتورطها في صفقة تجارية غير شرعية بخصوص شراء غاز مع احدى الجهات العسكرية الروسية، مما حدا بالرئيس الأوكراني الجديد فيكتور يوشينكو التوجه الى موسكو بعد يوم من توليه منصب رئيس الجمهورية لبحث سبب عدم تأييد الرئيس فلاديمير بوتين لها. لقد لعبت تمارا تيموشينكو امرأة الأعمال التجارية المشهورة في أوكرانيا دوراً كبيراً في قيادة الحملة الانتخابية ليوشينكو، لذلك فقد كافئها على ذلك بتعيينها رئيسة لحكومته الجديدة. من هنا تبدأ اللعبة السياسية والتوجه للغرب والولايات المتحدة الأمريكية بدعم سياسة الانفتاح الاقتصادي على الغرب ودخول الاتحاد الأوروبي وحتى الناتو. فقد دعي يوشينكو الى اجتماع الناتو الأخير في الاسبوع المنصرم في العاصمة البلجيكية بروكسل. وهذا دليل على سحب أوكرانيا الى جانب الناتو لتقف بوجه جاراتها روسيا الاتحادية.
أن ما يجري على الساحة اللبنانية من أحداث مشحونة بالمظاهرات والمسيرات الجماهيرية الحاشدة بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في الثاني عشر من شهر شباط المنصرم هو مشابه لما جرى في جورجيا وأوكرانيا، أنها ثورة الورود الحمراء في ساحة الشهداء في بيروت. فيا ترى هل يفهم الشعب اللبناني والمعارضة اللبنانية ما تحاك وراء الكواليس من لعبة سياسية تجاه لبنان وعلاقته بسوريا؟ هل يفهم الشعب اللبناني من يقف وراء اغتيال رفيق الحريري؟ وهل خروج القوات السورية من لبنان ستحل المشكلة؟ أم انها ذريعة لهجوم أمريكي على سوريا كما حدث في العراق؟
ومن سخرية القدر أن يساهم في هذه اللعبة رجال سياسة يعتبرون أنفسهم محنكين ولا تنطلي عليهم مثل هذه المسرحيات. والسؤال المطروح هو- من الذي يمول هذه الجماهير بالأعلام والورود والشاي والقهوة والأكلات السريعة والمعدات وغيرها من احتياجات للناس المشاركين في المظاهرات؟ ترى هل هي نفس الجهات التي مولت المسيرات الضخمة في جورجيا وأوكرانيا؟ هل هي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ورجال الأعمال الذين سيفوزون بعقود التوريد والبناء والتجارة مستقبلاً في لبنان؟
أعتقد أن الجواب واضحاً للذين يستفيدون من مثل هذه الانقلابات السياسية. لقد ولى عهد الانقلابات العسكرية وجاء عصر انقلابات الورود البيضاء والبرتقالية والحمراء السلمية الرخيصة مقارنة بما يصرف على الاثنين من نفقات مادية وكلف اقتصادية يصعب معادلتها في ميزان الدائن والمدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فخر المطعم اليوناني.. هذه أسرار لفة الجيرو ! | يوروماكس


.. السليمانية.. قتلى ومصابين في الهجوم على حقل كورمور الغازي




.. طالب يؤدي الصلاة مكبل اليدين في كاليفورنيا


.. غارات إسرائيلية شمال وشرق مخيم النصيرات




.. نائب بالكونغرس ينضم للحراك الطلابي المؤيد لغزة