الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا والآخر.. قصص قصيرة جداً

نهار حسب الله

2012 / 10 / 3
الادب والفن


أنا وتشيخوف

1.
(كلما أزدادت ثقافة المرء، أزداد بؤسه وشقاؤه) قال هذه الحكمة الاديب الروسي انطون تشيخوف، ليرسم لنا خارطة الكون القروي والقائمين عليه من الاميين والجهلة، وليعلمنا التسلح بالجوع والبؤس والشقاء لتحرير الثقافة المكبلة..

2.
لم يكن تشيخوف أديباً فحسب؛ وإنما كان عاطفياً متدفق المشاعر، عمل على دعم الحب وتعظيمه قائلاً (إذا كان في وسعك ان تحب، ففي وسعك ان تفعل أي شي) قالها وهو يعي جيداً ان عقولنا عاجزة تماماً وان قلوبنا ليست إلا صخرة سوداء.

أنا وسقراط

1.
تغير الحال وتحولتُ من متسول الى مسؤول ذي شأن عظيم، وسرعان ما بدأت افقد الثقة بكل من حولي خصوصاً بعدما قرأت مقولة الفيلسوف الاغريقي سقراط (إذا وليت أمراً او منصباً فأبعد عنكَ الأشرار فان جميع عيوبهم منسوبة إليك) لحظته ومن دون تفكير اقصيت كل من حولي من دون النظر الى الكفاءة والخبرة وشغلت أقاربي خوفاً على سمعتي.

2.
عندما كنت ضابطاً في الجيش، وقبل ترقيتي ونقلي إلى مكتب فخم.. تنبهت لأحد جنودي وهو يقرأ أقوال وحكم للفيلسوف الاغريقي سقراط.
شدني الفضول إليه ولصقت عيني في الكتاب وطالعت مقولة كانت السبب في سعادتي الى هذا اليوم (الحياة من دون ابتلاء لا تستحق العيش) لم افهم المقولة في ذلك الوقت ولكني احرقت الكتاب وعاقبت الجندي ووجهت فوهة المدفع الى قرية بسيطة ونسفتها بالكامل، وهو الامر الذي كان سبباً بترقيتي الى مراتب عليا بوصفي الابتلاء الذي يحقق للناس امكانية العيش في هذه الحياة.

أنا وماركيز

1.
في الطفولة رضعت دموع أمي، وفي الشباب احتسيت خمر دموعي الندية،الساخنة ،المالحة وكأنها بيرة مكسيكية، وفي الشيخوخة لم أجد علاجاً لآهاتي وآلامي إلا الدموع..
وبعد هذا المشوار الطويل المليء بالحرقة، تنبهت لمقولة القاها احد الاصدقاء، كانت تعود للكاتب العالمي غابريل غارسيا ماركيز، قال فيها (لا أحد يستحق دموعك، ولئن استحقها أحد فلن يدعك تذرفها) ولكني لم اتعض من هذه الحكمة، ليس لأني مهمل للمعلومة ولكني غادرت الحياة بعد فترة وجيزة غارقاً في بحر دموعي.

2.
أيام تشطب ما يسبقها، ونبضات قلبي تتلاحق عجولة كعقارب الساعة؛ تحاول تنبيهي عن عمري الضائع.. وساعات شوق تتخللها المراة والحسرة، وعيون مشدوهة لرؤيا الحبيبة، ولسان معقود؛ مريض بداء الخجل.. سرطان الحياء حتى من الاعتراف بالحب..
وفي ليلة مجنونة كلها شوق، رّن جرس الباب، وإذا بقصاصة ورقية ملصقة على الجرس، كان قد كتب عليها مقولة للاديب الكولمبي غابريل غارسيا ماركيز (لو كنت أعرف أن هذه هي آخر اللحظات التي أراك فيها لقلت لك أنني أحبك دون أن أفترض بغباء أنك تعرف هذا فعلاً).. ومن دون اي مقدمات، اطلقت العنان لعواطفي وحررت فكري من سجنه الادبي، ولم اجد الصبر حتى الصباح، ورحت افتش عنها في كل صوب، لأنقل اعترافي ولهفتي إليها..
وعلى الرغم من ساعات البحث الطوال.. لم اجد اي دليل لطيفها.
وفي ساعات الصباح الاولى وصلت الى مكان عملها، وكان قد كتب على مكتبها، المكتب شاغر والشركة بها حاجة الى موظفة جديدة!.


أنا ولينين

1.
لم أكن أصدق نفسي عندما كان الناس يتلفضون حرف الدال سابقاً لاسمي..
كنت احس بالفخر وقيمة الجهد الذي بذلته فيما سبق.. كان قد مضى زمن طويل على ذلك الشقاء الذي عشته للحصول على لقب الدكتوراه..
لم يكن الفضل إلا لذلك الثوري الروسي فلاديمير لينين الذي علمني على ان (الكذبة تصبح حقيقة إذا تم تكرارها بما يكفي) ومنذ ذلك الوقت وأنا احمل هذا اللقب العلمي وافتخر به.


2.
يرى القائد الثوري لينين ان (تخيل الاحلام هو نصيب الضعفاء) قالها من دون ان يعي اننا في سبات دائم.. ولا مجال لنا للخلاص من الوقع المشبع بالمرارة إلا أحلام اليقظة؛ التي بدورها حولتنا الى شعوب نائمة.

أنا وغاندي

1.
خرجت من رحمِ أمي الى هذا العالم وانا ضرير، استكشف ما يدور حولي بلمسات وخطى متعثرة..
كبرت والعتمة تسكنني، تألفني يوماً بعد آخر، وبدأت أنمو والسؤال يزداد نمواً في ذهني، بحثاً عن أسباب ولادتي في هذا الظلام الدامس؟!
ولم أصل الى الاجابة حتى بعد ان تزوجت من إمرأة ضريرة وأنجبت منها جيلاً كله يعاني العمى.. غير اني وجدت ما كنت افتش عنه عندما جالس أحد أحفادي المبصرين..
كنت أحب ان اسمع منه اقولاً مأثورة وحِكماً راسخة.. ولم يكن يبخل عليّ بالقراءة لساعات طوال.. انتهزت دقة بصره السليم وسألته ذات السؤال، عله يجد إجابة مقنعة.. غير انه لم ينقطع عن القراءة وتابع قائلاً:
يقول القيادي الروحي والسياسي الهندي ألماهاتما غاندي (العين بالعين تجعل العالم أعمى)..

2.
لم أتذوق طعم المتعة أيام شبابي الوردي، لأنني أحرقت سنوات العمر كلها في التظاهرات المطالبة بالإصلاح والتغيير..
عشرون عاماً وأنا أحتشد وأصرخ وأطالب وأناشد، وأرفع الأعلام واللافتات الحماسية التي تؤجج المشاعر..
لم أكن منشغلاً بمن يتجمهر حولي من الجموع الهائلة، إلا بعد ان رفعت مقولة لغاندي كانت تقول (عليك ان تكون انت التغيير الذي تريده في العالم) وتنبهت لمن حولي فلم اجد أحداً سواي ممكن كان يبتغي التغيير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1


.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا




.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي