الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أربعٌ وعشرونَ ساعة في حياة الرياض

فايز شاهين

2005 / 3 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


1) الساعة 1 صباحاً: تجمّع وتفحيط على شارع التحلية وعند التقاطع مع شارع العليا العام مما أدىّ إلى توقف حركة المرور، خاصةً في الاتجاه الشرقي من شارع التحلية. تدخّلت الشرطة وألقت القبض على بعض الشباب وتركت آخرين لأنهم كانوا يستقلون سيّارات فاخرة، اتضح فيما بعد بأنهم كما يُقال "واصلين".
2) الساعة 2 صباحاً: وصلت الطائرة القادم من سوريا وعليها العديد من المسافرين، من ضمن القادمين، سبعةُ مراهقين لم تزد أعمارهم عن الثمانية عشر عاماً مقيّدين بالسلاسل، حيث ألقت السُلُطات السورية القبض عليهم في محاولتهم دخول العراق والقتال في صف الإرهابيين من البعثيين والسلفيين هناك.
3) الساعة 3 صباحاً: امرأة تدخل أحد الأسواق المركزية وتطلب من رجل الأمن اصطحابها إلى سيّارتها لأن هناك "مراهقين" واقفين بالقرب من سيّارتها يضايقونها وهي خائفة. اصطحبها رجل الأمن الشاب حتى استقلت سيّارتها وذهبت، وتحدّث إلى أحد المراهقين، فما كان من المراهق إلاّ أن قال بما معناه: بأن هذه المرأة "مومس" وأن جميع أصحابه كانوا على علاقةٍ بها، وقال محتجاً لماذا رفضته هو!
4) الساعة 4 صباحاً: كانا عائدين من سهرة مع الزملاء، وفجأة عند تقاطع إحدى الإشارات وإذا بعدة فتيات أمام السيارة يطلبن منه السائق التوقف، فارتبك الرجل ولم يعرف ماذا يصنع. زميله يبدو أنّه مرة بتجربة مشابهة، حثّه بسرعة على التحرك، فكاد أن يصطدم بإحداهن، لكن الله سلّم. فيما بعد اكتشف هذا الرجل بأن هؤلاء الفتيات يبعن الهوى آخر الليل عند تقاطعات الطرق وهناك "شخص" من بعيد يراقب عملهن
5) الساعة 5 صباحاً:. ملاحقة سيارة في حي السويدي وبها أكثر من شاب يُطلقون الرصاص يمنةً ويسرة، لم تستطع الدوريات على كثرة عددها من إيقاف السيارة وإلقاء القبض على من فيها. فقط تم ترويع سكان الحي بأصوات الرصاص وسيارات الشرطة وبقية المؤسسات الأمنية.
6) الساعة 6 صباحاً: أولياء الأمور وسيّارات الأجرة وكذلك السائقين بدئوا بالتحرك للوصول إلى جهاتهم، فالزحام شديد، والأمطار أغلقت معظم الأنفاق بسبب غياب أو سوء التصريف. السياّرات مغمورة في الأنفاق وسيارات متوقفة بسبب دخول الماء إليها. تأخر الكثير عن أعمالهم ومدارسهم، فالمسافة التي كان يمكن قطعها في 15 دقيقة، أصبحت ساعة و15 دقيقة.
7) الساعة 7 صباحاً: سيارة الهيئة بالمرصاد للطالبات اللاتي يصعدن سيارات الأجرة، فتم سحب الطالبة من سيّارة الأجرة أمام مجمّع سكني للطالبات، حيث لا يُوجد باص لنقلهن إلى الكلية، فيضطررن لاستخدام سيارات الأجرة. شتم وقذف واتهام للطالبة في شرفها لأنها تُريد أن تذهب للكلية ولا توجد وسيلة نقل إلاّ سيارة الأجرة، هذه هي جريمتها.
8) الساعة 8 صباحاً: المسؤول في الجهاز الأمني الخاص يتحدث إلى أستاذ أحد المواد في معهد حكومي مشهور، فأداء ولد هذا المسؤول أدنى من المتوسط، بل رسب في الامتحانات الفصلية. عرض المسؤول على الأستاذ مئات التأشيرات لاستقدام عمالة أجنبية مجّاناً. الكل يربح مع التأشيرات المجّانية، فقد باعها الأستاذ لآخرين بعدة ألوف لكل تأشيرة وأصبح غنياً، والولد نجح بتميّز
9) الساعة 9 صباحاً: كانت الإشارة حمراء في أحد تقاطعات شارع الضباب، نزل مراهقان من سيّارتهما وفي أيديهم "عجرة" وانهالوا ضرباً في سيارة أخرى من نوع سوبربان يقودها مراهق آخر، وهم يسبّون ويشتمون، وقد كسروا له أكثر من نافذة، فما كان من صاحب السوبربان إلاّ أن صعد على الرصيف وولىّ هارباً إلى الشارع المجاور، وقاما الشابان بالعودة لسيارتهما واللحاق به.
10) الساعة 10 صباحاً: دخلت أستاذة الدين على الطالبات في جامعة الملك سعود، لاحظت إحدى الطالبات وكأن حواجبها مُرتّبة، فقالت لها: فلانة، هل أنت متنمصة؟ وما هذا الشعر الموصول خلف رأسك، أنت كافرة وملعونة في الدنيا والآخرة. انهارت الطالبة بالبكاء واشتكت للعميدة قائلةً بأن هذا قذف، وفعلاً وقفت العميدة في صف الطالبة، لكن النتيجة عشر نُقاط للأستاذة من فيلق بن لادن وصفر للطالبة.
11) الساعة 11 صباحاً: انتهى الموظفون من تناول إفطارهم اليومي المُعتاد، وهاهم يستقبلون أوراق المراجعين، فالوقتُ ضيق، وخلال ساعة من الآن سيتوقفوا لأداء صلاة الظهر ويتوجّهوا إلا منازلهم حيث أن موعد صلاة الظهر هو نهاية الدوام الحكومي.
12) الساعة 12 مساءً: سيارة الهيئة تُطارد سيارة مشبوهة عند تقاطع العليا مع شارع الضباب وأوقفت السيارة، فنـزل منها أكثر من شاب وعدة فتيات من جنسيات عربية يحاولون الهرب، لكن رجال الهيئة استطاعوا القبض على الفتيات وسط ذهول المارة والسيارات المجاورة حيث قام رجل الهيئة باحتضان الفتاة وكأنه يحاول السيطرة عليها.
13) الساعة 1 مساءً: استمرّت هذه السيارة في الدوران حول مدرسة البنات وبصوت الراديو المرتفع وبالكلمات الموجّهة للطالبات الخارجات من المدرسة، وسط ضحكات هستيرية وكلمات مُبهمة. اتصل الحارس بالشرطة، فأتت حيث أن سيارتهم كانت في الجوار. لم تستطع فِعل شيء حيث أن الشاب المتهور "العربجي" أمير، والأمير لا يُمكن معاقبته أو إلقاء القبض عليه، فذهب العربجي في سبيله.
14) الساعة 2 مساءً: كان الجوُ حاراً، وكان هذا الرجل للتو قد خرج من أحد الأسواق، وإذا بسيارة أجرة بها امرأة شابة لا يبدو عليها الفقر تناديه من النافذة تطلب منه المساعدة، فقد انقطعت بها السبل وهي قادمة من خارج الرياض وتحتاج لمبلغ من المال. قال لها لا أملك مالاً الآن في جيبي، لكن سيارتي هنا وأنا ذاهب للمنـزل، وهناك أستطيع أن أعطيك المبلغ الذي تحتاجينه. نزلت المرأة الشابة من سيارة الأجرة وصعدت مع الشاب وذهب بها إلى منـزله.
15) الساعة 3 مساء: صاحب سيارة الأجرة لم يستطع الحركة فقد أحاطت بها عدة سيارات بها شباب يتفحّصون النساء اللاتي في السيارة، فما كان من السائق إلاّ وأقفل الأبواب واتصل بالشرطة لتأتي بعد قليل وتلقي القبض على بعض الشباب وهروب الباقي.
16) الساعة 4 مساءً: تم إيقاف حركة المرور في طريق الملك خالد من قِبل شرطة مدينة الرياض، خاصةً الطرق الداخلة إليه، فتراكمت السيارات بشكل كبير لمدة زادت عن أكثر من 15 دقيقة حيث بدت بعد ذلك سيارات فخمة من نوع مرسيدس تسبقها وتلحقها سيارات عسكرية متنوعة. يبدو أن هناك شخصيات "مهمة" في هذه السيارات. وقامت سيارات الشرطة عن طريق الميكروفون بمناداة بقية السيارات في الشارع بالتنحي جانباً لمرور الموكب. بعد ذلك بحوالي نصف ساعة، مرّت سيارة أمريكية الصنع، تسبقها سيارة شرطة وتلحقها أخرى وهي بأنوارها المضيئة، كنوع من الحماية لأمير شاب يبدو أنّه في سن المراهقة، خوفاً عليه من أن يتم الاعتداء عليه أو خطفه.
17) الساعة 5 مساءً: في أحد أزقة الرياض حيث يعيش سائق الليموزين، وأثناء خروجه من المنطقة خرج عدة أطفال يرمونه بالحجارة، أحد هذه الحجارة ضربت الزجاج الأمامي وكسرته، فقام سائق الليموزين وهو من الجنسية الباكستانية بالقبض على الطفل والذهاب به إلى منـزل والده. خرج والد الطفل وشتم السائق وهدّده بالاتصال بالشرطة مُتّهماً إياه بمحاولة الاعتداء على الطفل. صمت السائق وذهب في حال سبيله وهو يرتجف خوفاً.
18) الساعة 6 مساءً: نزل بعض الأولاد من مقهى الإنترنت وكان وقت صلاة المغرب، وتلقّتهم سيارة الهيئة وانهالت ضرباً في أحدهم لأن شعره طويل ولأنه غير مواطن، وسحبت الجميع في سيارة الهيئة إلى المركز، حيث تم تعليمهم طريقة الوضوء الصحيحة وأُخِذ ذو الشعر الطويل إلى "الحلاّق" لقص شعره. ما بين الاعتقال والإفراج انقضت أكثر من خمسِ ساعات في غرفة ضيقة مزدحمة بالمراهقين والشباب.
19) الساعة 7 مساءً: النساء والأطفال والرجال خارج المجمع التجاري حيث أغلقت المجمع أبوابه انتظاراً لصلاة العشاء. وحيث لا يوجد مكان للجلوس، فقد جلسن النساء بجوار باب المجمّع في انتظار انتهاء صلاة العشاء. كذلك قام المطعم والمخبز والبقالة والحلاق "بطرد" الزبائن خارجاً وقت الصلاة خوفاً من رجال الهيئة الذين يجوبون الشوارع بسيّاراتهم للتأكد من غلق المحال التجارية وقت الصلاة. لم يُسعف الوقت الحلاّق التركي الذي لم ينته بعد من حلق آخر زبونٍ له، فتأخر قليلاً إلى أن حان وقت صلاة العشاء، فأخذته سيارة الهيئة إلى المركز، وعاد بعد ساعات بغير الوجه الذي ذهب به.
20) الساعة 8 مساءً: قطع أحد الشباب السعوديين الإشارة في حي النسيم ليصطدم بسيارة مقيم سوداني معه عائلته في السيارة، وكان هُناك اثنان من الجنسية السورية شهدوا الواقعة. أتت سيارة الشرطة وشهدوا بأن السعودي الشاب هو الذي قطع الإشارة واصطدم بسيارة السوداني، لكن الضابط هدّد السورييّن لسحب شهادتهما ليستطيع تحرير المخالفة على السوداني وهذا ما تم.
21) الساعة 9 مساءً: استقلّت هذه الفتاة سيارة الأجرة وفي الطريق بدأت تشير بيديها إلى سيارات أخرى بها شباب، فأحاطت سيارات الشباب سيارة الأجرة كما يحيط السوار بالمعصم. قال لها سائق سيارة الأجرة بأن تتوقف عن أفعالها أو تنـزل من السيارة، فكان ردّها عليه، إذا لم تفعل ما أريد، سأتصل بالشرطة وأقول أنك حاولت الاعتداء علي. خاف السائق إلى درجة الموت، وأوصلها إلى وجهتها كما أرادت.
22) الساعة 10 مساءً: مقاهي الرياض مزدحمة بالمراهقين يشاهدون قنوات فضائية ويُدخِّنون الشيشة ويلعبون "البيلوت"، فأماكن الترفيه الوحيدة التي يستطيع العزّاب الذهاب إليها هي هذه المقاهي، أو "القهاوي". البعض يعتقد بأن هذه المقاهي تعرض أفلاماً على قنوات فضائية لا تتناسب مع أعمار هؤلاء الصبية.
23) الساعة 11 مساءً: تم الاتصال بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لإخبارها عن وجود أمير في سوق صحارى، ولم تستجب، حيث كان الأمير يتمشّى ويعاكس ويُضايق العائلات هناك، ويبدو أنّه كان مخموراً. بعد ذلك توجّه الأمير الشاب إلى أسواق التميمي في نفس المجمع، وتم الاتصال بالهيئة لطلب المساعدة دون ذكر أن الشاب هو الأمير ذاته، فوصلوا في أقل من 15 دقيقة، فشتمهم الأمير وشتم الشرطي الذي معهم أمام جموع الناس وهو ينفث دخان سيجارته في وجوههم ولم يُحرِّكوا ساكنا، وخرج يتبختر واستقل سيّارته ومشى مرفوع الرأس.
24) الساعة الثانية عشر صباحاً: نساءً وفتيات، وأطفال، كُلّهم موزّعون عند الإشارات المرورية يتسوّلون. أعمار العديد من الفتيات لا تزيد عن عشر سنوات، وشابّات في العشرينات يتسولن ويبعن علب المناديل والمياه، وربما أكثر من ذلك بكثير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير مؤسسة -شوا-: الدعوات لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات م


.. بوتين يقيل وزير الدفاع شويغو ويرشح المدني أندريه بيلوسوف بدل




.. بلينكن يحذر إسرائيل: هجوم واسع على رفح سيزرع -الفوضى- ولن يق


.. وزارة الدفاع الروسية تعلن السيطرة على 4 بلدات إضافية في خارك




.. الجيش الأوكراني يقر بأن موسكو تتقدم في منطقة خاركيف الأوكران