الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكيمُ البابليُّ ناقدًا لغويًّا

سيمون جرجي

2012 / 10 / 4
الادب والفن


"مَن غربلَ النّاسَ نخلوه".

هكذا درجَ المثلُ على ألسنة النّاس، وبه افتتحَ الأديبُ اللبنانيُّ نُعَيمَه كتابَه في النّقد "الغربال". والنّقدُ، كالبحث والتأليف، إبداعٌ، لكنّه إبداعٌ بمعايير وقواعد وأصول، وضمن هذه المقولة يندرجُ النّقدُ الأدبيّ.

في الثّاني من هذا الشّهر، وعلى صفحات الحوار المتمدّن، كتبَ الحكيم البابليُّ مقالًا في نقد قصّة السيّدة فاتن واصل "الرّقص على الأحزان"، ضمَّنَه نقدًا لغويًّا، ومعالجتي في هذا المقال الموجز ستقتصر على نقدِ نقدِ البابليّ اللغويّ نحوًا وإملاءً في بضعة مواضع.

بدايةً نضعُ رابط مقال البابليّ "نقد وتثمين لقصة -الرقص على الأحزان- للسيدة الأديبة فاتن واصل":
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=326556

يبدأ البابليُّ نقدَه لغةً فيقول: "تقولين : "لا أعرف إن كان قراري هذا مُصيبا أم خاطئا" !، والصحيح أن نستعمل الشارحتين فوق الألف الممدودة في كلمتي ( مصيبا + خاطئا ) ، فتصبح الجملة : ( لا أعرف إن كان قراري هذا مصيباً أم خاطئاً )".
مسألةُ تنوين المنصوب بألفٍ مضافة، مسألة شغلت علماء اللغة وما زالت تشغلهم، فمنهم من أجازَ الحالات الثّلاث: إهمالها "مصيبا"، كتابتها على الحرف الذي يسبق الألف (مصيبًا)، كتابتها على الألف (مصيباً). وأكثر العلماء رفض إهمالها إلا لضرورة الشّعر، وأيّد أكثرهم كتابتها على الحرف الذي يسبق الألف (مصيبًا) مثل الخليل بن أحمد الفراهيدي ومن تبعه، ومجمعي اللغة العربيّة في القاهرة وبغداد، وهو رسم القرآن المنقّط وما اُصطلح عليه عند الغالبيّة! (راجع "معجم الأغلاط اللغويّة المعاصرة" لمحمّد العدنانيّ ص 499-502، وفيه مناقشات بعض علماء مجامع اللغة العربيّة)، كما يُمكن مراجعة كتب الإملاء وقواعدها.

يقول أيضًا: "وهنا كان المفروض بكِ أن تستعملي كلمة ( تعالا ) وهي لغة التخاطب مع شخصين المفروض أنهما سامح والرجل الذي معه".
بيدَ أنّ الفعل تعالَ لا يُستعمل في غير الأمر، وهو للاثنين "تعاليا" بإضافة الياء لا "تعالا" (راجع مادّة "علا" في لسان العرب لابن منظور، وأيضًا شرح قطر النّدى لابن هشام).

يشرحُ البابليّ قواعد كتابة الهمزة خطأً فيقول: "بالمناسبة .. كان المفروض أن تكتبي كلمة "الاستفسار" هكذا : الإستفسار ، أي بإضافة الهمزة تحت حرف اللام".
أوّلًا: لا تصحّ كتابة همزة لا تحت اللام ولا فوقها، فإذا أرادَ من قوله هذا الألف الثّانية في كلمة "الاستفسار" لأجبناه: إنّ هذه الكلمة مصدرٌ، ماضيه "استفسر"، مؤلّف من ستّة أحرف، همزته همزة وصل لا تُكتب، وتقع همزة الوصل في مواضع منها: أمر الفعل الثلاثيّ، ماضي الفعلين الخماسيّ والسداسيّ وأمرهما ومصدرهما (استفسرَ، استفسرْ، استفسار)، ال التعريف، والأسماء العشرة.

يقعُ البابليُّ المصحّحُ في الخطأ عينه حين يقول: "و ( بإستطاعتها ) وليس "باستطاعتها" ، أي بإستعمال الهمزة !"
و"استطاعة" مصدر فعل سداسيّ الأحرف همزته همزة وصل، لا تُكتب. كما يُخطئ في إملائه حين يرسم همزةً للمصدر "استعمال" (راجع قواعد همزة الوصل أعلاه).

وضمن قواعد همزة الوصل يكتبُ الحكيمُ: "ثانياً "نادى على زوجتهِ باسم ابنها" ، وأتصور أنك كنت تقصدين ( بإسم وليس باسم ) وهنا تتجلى أهمية الهمزة تحت الألف الممدودة"!
وينسى البابليُّ أنّ "اسم" من الأسماء العشرة التي تكون فيها همزتها همزةَ وصلٍ لا تُكتب، وكذلك في المقطع عينه يخطّئ السيّدة فاتن في كتابة "ابن" بهمزة وصل، ويريد لها أن ترسم "ابن" بهمزة قطع، والكلمة من الأسماء العشرة، لا تُرسم فيها الهمزة.

ختامًا أقول: لم يكن لي أن أكتبَ عن ذلك شيئًا لو لم تقبل الكاتبة بالتّصحيح الخاطئ، وخشيةً من أن تقعَ في الأخطاء التي أرادها لها صاحبُ النّقد "جهلًا"، ومعها عددٌ من القرّاء والكتّاب، لما أتينا على ذكرها. ولا يصحُّ في ناقدنا اليوم إلا ما قيلَ على ألسنة النّاس "بدل ما يكحّلا عماها"!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - توافقنا يدعم الرأي في مستوى الحكيم البابلي اللغوي
سامح ابراهيم حمادي ( 2012 / 10 / 5 - 00:43 )
السيد سيمون جرجي المحترم

قرأت قبل قليل تعليقك في مقالي الذي تفضل الموقع بنشره مشكوراً
كما قرأت أيضاً مقال السيد طلعت ميشو حول أخطاء الموقع
بداية أعرب عن سعادتي أن توافقنا على نفس الأفكار وفي نفس التوقيت
لفت نظري أيها السيد المحترم بعد مراجعتي مقالاتك أنك من الذين عاركهم السيد البابلي أيضاً
أي لحقتك نعمه الكثيرة التي يسبغها على هذا وهذه ولا يردعه نصح أو وازع داخلي أن يكف عن مقارعة البشر بطريقة أقل ما فيها أنها تشير إلى خلل ما في عقليته وتفكيره
كان بودي أن آتي على إدراج القاعدة المعروفة لجملة أخطائه كما فعلتَ
لكني وجدت وهو ينصح الكتاب والكاتبات الذين صدقوا مقدرته اللغوية أن يفعلها بنفسه ويبحث في القواعد لتكون درساً له
وغريب حقاً أن يصدق الكتّاب ملاحظاته ويكيلوا الثناء له دون التأكد من كلامه وهم كتاب تُنشر مقالاتهم في واجهة الموقع، وواجبهم البحث عن المعلومة الصحيحة والتأكد منها
وإن كنتَ قد اخترتَ في مقالك مفردتين كمثال على همزة الوصل، فإن عليه أن يعلم أن كل كلمة جاءت فيها الهمزة في كتاباته كانت كتابتها خاطئة

أرجو التكرم بالسماح بمتابعة التعليق وشكراً


2 - نقد أرعن للسيد الحكيم البابلي
سامح ابراهيم حمادي ( 2012 / 10 / 5 - 00:59 )
كان يجب على الكتاب الأفاضل قبل أن يثنوا على السيد الحكيم أن يتأكدوا مما أورده من ملاحظات
فالمعلومة بين أيدي الجميع اليوم وببذل الجهد يصل الطالب إلى غايته
مهمة الكاتب ليست أن يحرر وهات إيدك والحقني
مهمته مقدسة،عليه أن يرفد نفسه بالتعلم المتواصل، فمهما كانت الفكرة جيدة فإنها تصبح أفضل عندما تصاغ بلغة سليمة
ويا ليت السيد البابلي يضع كتاب القواعد بحاله ومراجعته في كل جملة يكتبها
لا أن يقتطع ملاحظات منه وتسجيلها على نوتة صغيرة كما نصح أحد الكتاب

شكراً للسيد سيمون جرجي والمعذرة لطول التعليق


3 - أمرٌ مؤسف
سيمون جرجي ( 2012 / 10 / 5 - 02:27 )
عزيزي السيّد سامح

أشكر اهتمامك بهذا الموجز الذي كان غيضًا من فيض البابليّ الموحل (صفة الفيض). وفي الحقيقة لم أستطع أن أمنح الردَّ وقتًا أكثر وجهدًا أكبر لأسبابٍ كثيرة أهمّها أنّه لا يستحقّ منّي أو من أحد آخر ذلك!

فأمّا العراك مع البابليّ فقد كان عراكًا شرسًا آلمني جدًّا، وقد كنت في بداية اهتمامي بموقع الحوار المتمدّن، حين أقدمت على نقد أحد مقالات السيّد طلعت معتقدًا بأنّنا من المدنيّة ما يكفي لنقاشٍ هادئ رصين! إذ لم يكتفِ البابليُّ بإهانتي وشتمي والسّخرية منّي بل ادّعى أنّي شخصٌ آخر انتحلت اسمًا جديدًا للنّيل منه، فتصوّر هذا التّفكير!!

ما دعاني إلى كتابة ما جاء أعلاه هو ما قلتَه أنت أيضًا، وهو موافقة كاتبة كفاتن واصل وغيرها من الكتّاب والقرّاء على تصحيح البابليّ الخاطئ مبنىً الضّعيف معنىً، أإلى هذه الدّرجة وصل بنا الجهل بلغتنا وبأبسط قواعد إملائها، يا لعارنا إذًا!

الأنكى في الأمر أنّه يريد أن يرغم إدارة الموقع على جعل مقالاته ضمن المختارات، وأحمد الله أنّه لم يطلب أن تُجعل ضمن المعلّقات! وما مقاله الأخير إلا برهانًا على الحال الذي وصل إليه، ويا للأسف!

أشكرك عزيزي وأهلًا بك.


4 - تحية
حميد خنجي ( 2012 / 10 / 5 - 03:49 )
شكرا يا زميل على هذه المعلومة عن هذه الشخصية الزئبقية والمضرة


5 - مصيبا أم مخطئاَ
فادي يوسف الجبلي ( 2012 / 10 / 5 - 04:11 )
يبدأ البابليُّ نقدَه لغةً فيقول: -تقولين : -لا أعرف إن كان قراري هذا مُصيبا أم خاطئا- !، والصحيح أن نستعمل الشارحتين فوق الألف الممدودة في كلمتي ( مصيبا + خاطئا ) ، فتصبح الجملة : ( لا أعرف إن كان قراري هذا مصيباً أم خاطئاً )-.
.......................
الأصح من الصحيح ان يكتب
مصيباَ أم مخطئاَ


6 - أهلًا ومرحبًا
سيمون جرجي ( 2012 / 10 / 5 - 17:34 )
السيّد حميد خنجي المحترم

أهلًا بك ومرحبًا، المصيبة في البابليّ أنّه يرغم النّاس على أن يداويهم وهو عليلُ، يمسك بهم لينزع القذى من عيونهم والخشبة في عينه لا يراها، جاهلٌ بالعربيّة وينصّب نفسَه مصحّحًا ناقدًا لغويًّا، يا سبحان الله!!

السيّد فادي المحترم
يتعلّق نقاش النصّ أعلاه بمسألة التنوين، لا بمسألة الصّحيح والفصيح والأفصح، وما دام ما كتبه صحيحًا فهو صحيح ويبقى كذلك لأنّ كاتب الأدب يكتبُ من ذخيرته وكنزه لا ممّا للآخرين!
أهلًا بك.

اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا