الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجيوبولتيك في...خطاب الرئيس مسعود البارزاني

فؤاد حمه خورشيد

2012 / 10 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


لم يعد الجيوبولتيك كلاما عابرا، بل خطا ذو أبعاد سياسية وجغرافية وقومية معا يضم بين طياته رسائل ومواقف ثابتة، قد تمثل حركة او حزب او حكومة او دولة. ويتصاعد هذا الكلام في جديته ، ومصداقية تنفيذه ، ودرجة تأثيره كلما علت وارتفعت مكانة المتحدث، او مالك الخطاب، وازدادت أهميته القيادية في الأوساط المحلية والإقليمية و الدولية.

من هذا المنطلق ، فان خطاب الرئيس مسعود البارزاني، في المؤتمر الرابع لحزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة يوم 2-10-2012 لم يكن كلاما احتفاليا وحسب ، بل كان خطابا قوميا كورديا وبصوت كوردي، وبمعاني كوردية كاملة و واضحة ، جسدت بصدق، تطلعات وأماني شعبنا المقسم جيوبوليتيكيا بين شمال وجنوب وشرق وغرب.

لقد تضمن الخطاب أبعادا جيوبوليتيكية وخطوط سياسية واضحة ، لا ، لأنه خطاب كوردي، وبلسان كوردي وحسب ، بل لأنه كلام صادر من مسئول، وصاحب قرار وكلمة مسموعة ، ورئيس إقليم ، ولأنه كلام معلن من على منبر إقليمي صاحب شأن بالقضية الكوردية قلما كان يستمع للصوت الكوردي، او يسمح بسماع اللغة الكوردية ،و كان مضطرا لسماع هذا الخطاب ، وان يبثه عبر قنواته المقروءة، و المسموعة، والمرئية ، ليسمعه جميع الأتراك بملء فتحات اذانهم، وان يطلعوا ، لأول مرة ، على واقع الصوت الكوردي المخنوق، وعدالة مطالبه ، وحضوره.

ان خطاب الرئيس مسعود البارزاني الذي ألقاه في مؤتمر حزب العدالة والتنمية التركي كان يتضمن بوضوح أبعادا جيوبوليتيكية عديدة. فعلى الصعيد القومي كانت جيوبوليتيكية الخطاب تكمن في تأثيره على سكان أقاليم كوردستان الأربعة، وإثارته لانتباههم باعتباره رسالة موجهة لأصحاب الشأن ن في اكبر وأقوى دولة إقليمية، تضم اكبر إقليم كوردي ، واكبر عدد من السكان الكورد لا تزال قضيتهم القومية فيه بحاجة ماسة إلى حل جذري وفق قواعد القانون الدولي وشريعة حقوق الإنسان وروح العصر. وهذه قضية قومية كوردية مشتركة تهم عموم الكورد أينما وجدوا ، والخطاب بإجماله تأييد للنضال العادل لأبناء شعبنا في كوردستان تركيا ولكن بالطرق السلمية والدبلوماسية البديلة عن القتال والحرب ، باعتبار ان منطق العصر يفرض ذلك، وان المجتمع الدولي يميل لتأييد هذاالأسلوب من النضال.

وفي البعد الإقليمي فان وجود الرئيس مسعود البارزاني في تركيا وبالتحديد في ذلك المؤتمر وبمثل هذا الخطاب الواضح، وبمثل ذلك الاستقبال المهيب من قبل الرئيس التركي والذي منحه كل ذلك الوزن والتقدير، فان في ذلك تلويح ورسالة للقوى الإقليمية الأخرى لان تراجع حساباتها الخاطئة مع الكورد، وان تكف عن ممارسة الضغوط ضدهم ، وان لا تستخف بهذا الشعب الأعزل الذي لا دولة له، لان من شان قادته، وان لم تكن عندهم دولة، ان يلعبوا أوراقهم في السياستين الإقليمية والدولية، والتي يحسب لها ألف حساب.

وعلى الصعيد الدولي فان كلمات الرئيس مسعود البارزاني الواضحة والنيرة فيما يخص علاقات الكورد بكل الأطراف، وموقف الكورد من الشعب التركي، وموقف الحكومة التركية الراهن من حقوق الشعب الكوردي والتي يمكن ان تتطور وفق سياسة الانفتاح والنأي عن العنف والتطرف، واستعداد الكورد لإسنادهذه السياسة ودفعها نحو الأفضل، لقيت ترحيبا عالميا في كل الأوساط السياسية الدولية، ولدى أصحاب القرار في السياسات العالمية ، بما في ذلك القوى الكبرى. وهذاكله دليل آخر على اطمئنان تلك القوى للنهج السليم الذي يسلكه الرئيس مسعود البارزاني، وقيادته المؤثرة، على الصعد المحلية والإقليمية والدولية.

وفي البعد الجيوبوليتيكي النفسي، يجد المرء ان هذاالخطاب بعث الكثير من الاطمئنان والراحة القلبية للملايين الكوردية التي كان تكتنف العتمة القاتمة والقاتلة قلوبها حيال مصير الكورد في كوردستان تركيا، فتحول الخطاب إلى بارقة أمل لفتح صفحة جديدة في تاريخ ذ لك الإقليم الشمالي ، الذي قد ينعم في النهاية بجكم ذاتي صمن الدولة التركية ، او ضمن تركيا الاتحاد الأوربي مستقبلا.

وفي البعد الجيوبوليتيكي الاجتماعي والسلوكي كان لخطاب الرئيس مسعود البارزاني تأثيره الواضح في بيان النهج السياسي الكوردي المعاصر المستند على سياسة نبذ العنف والقتال المسلح( الذي لم يسفر عن أية نتيجة مشرفة) وتبني سياسة العصر المستندة على روح التسامح، والاعتراف بالآخر عبر طريق التفاهم والإخوة والسلام، والذي اعتبره النهج الأوحد والسليم للكورد في معالجة كل المشاكل القومية , باعتبار ان في ذلك انسجام واضح مع لغة العصر السياسية المقبولة على الصعيد العالمي.

لا شك بعد ذلك، في ان الرئيس مسعود البارزاني، بكلماته المختصرة والمعبرة تلك ، برهن مرة أخرى على انه مهندس بارع ، وجيوبولتيكي نادر في رسم سياسات الكورد المستقبلية والواضحة عبر مسالك شرق أوسطية شائكة وغير مستقرة، بل ومقلقة إقليميا ودوليا، ليجعل من كوردستان وأقاليمها واحات أمل مستقبلي للكورد و لكل القوى التي يهمها سلام واستقرار هذا الشرق الذي ان الأوان لرسم خا.رطة جديدة له تضمن رخاءه واستقراره ، وإنهاء معاناته التي طالت أكثر مما يجب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة