الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنتدى الإجتماعى وأستمرار الفقر والتخلف

ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)

2012 / 10 / 5
ملف حول المنتدى الاجتماعي العالمي، ودور الحركات الاجتماعية والتقدمية في العالم العربي.


مع أستمرار إنعقاد المنتدى الإجتماعى العالمى منذ بدأ دورته الأولى فى البرازيل، والفقر والتخلف والفساد السياسى هم أسياد الموقف الإجتماعى فى كل البلاد النامية، وتأسس هذا المنتدى رداً عملياً من بعض الحركات الإجتماعية على المنتدى الإقتصادى العالمى دافوس، وقد رفع المشاركون فى المنتدى فى دورته الخامسة شعار "من الممكن تحقيق عالم أفضل"، وهذا الشعار يمكن تحقيقه بالرغم من مرور سبعة أعوام على رفعه فى المنتدى الإجتماعى، لكن يحتاج إلى تحويله من مجرد شعار إلى مناهج وخطط تتبناها الشعوب والحكومات والهيئات المدنية لتضعها على أرض الواقع لتطبيقها وتحويلها من مجرد أفكار مثالية إلى أعمال واقعية ملموسة لكل مواطن،
المنتدى الإجتماعى العالمى فى الحقيقة لا يعكس أفكار جدية يمكن تنفيذها، لأنه يدور فى عالم من التظاهرات السلمية التى يقوم بها المشاركين فيه، لكن تنقصه الواقعية فى الأفكار وطرق التطبيق مثلاً هل هناك خطة تعليمية عن كيف يدافع المواطن عن حقوقه الإنسانية بالأساليب الديموقراطية فى جو من العدل والمساواة ترتقى بالمواطن وتحترم إنسانيته؟

للأسف وجدنا مع سقوط وإنهيار الإتحاد السوفيتى وما تبعه من تغييرات جذرية على صعيد النظام العالمى، وظهور مصطلح أو مفهوم العولمة بشكل كبير والذى أعتبرته الحركات الإجتماعية شكل جديد من أشكال الأستغلال والأحتكار والقمع يجب النضال ضده ومقاومته، وهنا وقع القائمين وراء تلك الحركات الإجتماعية فى خطأ تعميم الآثار الناجمة عن العولمة وأعتبارها سلبية كلياً وأعتبروها نوعاً من الحروب التى تقوم بها الدول الرأسمالية، وتناسوا الآثار الإيجابية التى تعيش فيها المجتمعات التى أستخدمت فكر العولمة وطبقته بشكل ذكى على مجتمعاتها بدلاً من أعتبار العولمة عدو يجب الخلاص منه وتصفيته فكرياً ومادياً.
والحقيقة التى غابت عن أذهان القائمين على دورات المنتدى الإجتماعى العالمى، إن ما يقدمونه من مقترحات وأفكار وحلول إقتصادية ليس مكانه منتدى إجتماعى يحاول أن ينافس ويقاوم منتدى إقتصادى عالمى، إذ أنه لابد من الأعتراف بأن المجال والمشكلات والقضايا الإجتماعية تحتاج إلى الخروج من فضاءها المغلق الذى لم يقدم إجابات واقعية لمشكلات المجتمعات المتخلفة والفقيرة التى تحتاج إلى بناء أنظمتها التعليمية وتغيير المنظومة السياسية الفاسدة الذى يبدو واضحاً من أن المنتدى الإجتماعى العالمى نشأ وتأسس لتبييض وجوه الأنظمة القائمة فى تلك المنطقة من العالم حيث أنطلقت دوراته الأولى، حيث الأنظمة الشمولية تسيطر على مجتمعاتنا العربية عن طريق سيطرتها على ثقافة ظلامية يسبح فيها الأفراد بحمد الرئيس والملك والسلطان.

يحتاج المجتمع إلى تضافر كل الجهود سياسياً وإجتماعياً وأقتصادياً والعمل جنباً إلى جنب وليس فى حالة تنافر وأستعداء كما يحدث اليوم، يحتاج المواطن إلى الوعى بحقوقه وواجباته مما يعنى أن يتمتع بثقافة وتعليم حقيقى يقوده إلى الحرية وممارسة سبل وآليات الضغط المشروعة وأختيار ممثليه الذين يعكسون مطالبه ومشكلاته تحت مظلة الديموقراطية، وعلى الحركات الإجتماعية أن تكف عن إعتبار المنتدى الإجتماعى العالمى أنه منتدى دافوس البديل، فالقضية الرئيسية هى الإنسان الذى يشكل المجتمعات حيث يحتاج إلى توحيد كافة القوى والجهود وتتكامل من أجل الوصول إلى عمل قادر على إنقاذ الإنهيار المؤسف فى المجتمعات المتخلفة والغنية بثرواتها.
ليس على قرع الطبول والرقصات الشعبية نستطيع إنهاء مشاكل الشعوب أو مقاومة الأستغلال والأحتكار الأقتصادى للدول الكبرى، إن المنتدى هو مجرد بيئة تقدم فيها بعض الحركات الإجتماعية ما تراه وتقترحه من قضايا ومشاكل تراها ذات أولوية لتناقش فى المنتدى، أى أن الجماهير مازالت حسب إعتقادهم غير ناضجة للمشاركة الفعالة أو فرض نفسها وما تعانى منه على الحركات الإجتماعية، لذلك حتى يكون للمنتدى تأثير فعال وأستجابة مجتمعية قادرة على الضغط الشعبى على الحكومات التى تهمل مطالبها وتنقص من حقوقها، وكل ذلك عندما تكون الجماهير على إقتناع حقيقى أن ما يقوم به المنتدى يعبر عن واقعه اليومى الأليم.
المنتدى الإجتماعى ما زال يبحث عن هوية إجتماعية تستطيع إستقطاب تغطية إعلامية وجماهيرية قادرة على إبراز ما يقوم به من عمل وإشراك أبناء المجتمعات فى تقديم مشاكلهم وطرح الحلول المناسبة لها بما يتفق مع قدراتهم المجتمعية ووسائل التنمية الذاتية التى تنبع من وعيهم بخطورة وفداحة المشاكل والفساد المنتشر فى الكثير من البلاد لكنه يختفى بأوامر من رجال الأمن فى كل بلد مثل العشوائيات ومدينة القبور فى مصر وبيوت الصفيح فى البرازيل وغيرها من الامثلة التى من الصعب على منتدى إجتماعى عالمى أن يلتفت إليها بجدية إن لم يكون هناك ذاتى من حكومات تلك البلاد ومنظماتها الأهلية.

أخيراً,
أعتقد أن الهيئات والمنظمات والمنتديات العالمية مثل الأمم المتحدة وقمة دول عدم الأنحياز والجامعة العربية .. إلخ، هى هيئات ومنظمات وجمعيات أنتهى مفعولها ودورها على المستوى الشعبى فهى تعبر عن حقبة زمنية قديمة، لكنها واجهة براقة لترويج أفكار وشعارات تخدم الأنظمة السياسية القائمة، وعلينا التفكير فى أسلوب وفكر جديد يتفق والتطور الذى تعيشه المجتمعات المستهلكة، حيث الأفراد تفرض عليهم العزلة الفكرية وسجن أفكارهم فى سجن التخلف والموروثات الدينية التى لها قوة أكبر من واقع الفكر الحديث، وعلينا الأعتراف بأن الحلول الإقتصادية والإجتماعية والسياسية لن يستطيع أحد فرضها على جمهور رافض للتقدم والحداثة ونظم سياسية ما زالت تمارس الدكتاتورية مختبئة خلف أعتناقها الخادع للديموقراطية، وأن مناهضة العولمة هو تفكير خيالى يبتعد عن واقع الإنسانية فى عصرنا الحاضر.
إن خضوع الغالبية للأفكار المتخلفة المتوارثة يجعلها تخضع تلقائياً للحكومات والأنظمة الشمولية، مما يجعل تلك الشعوب تضع على عاتقها مسئولية إستمرارية تلك الأنظمة السياسة الفاسدة التى تعمل على تفعيل ثقافة الوهم والأساطير لتضمن لنفسها حياة أكثر فى سياة تلك الشعوب التى تدمر حاضرها ومستقبلها بصمتها وإنصياعها للحكام وللثقافات الظلامية التى تجعل منهم عبيداً للأنظمة الشمولية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الموقف الأمريكي من هيئة تحرير الشام ومما يجري في سوريا؟


.. حكام سوريا الجدد: نحو حكم تعددي أم إقصائي؟ • فرانس 24




.. الهيئة السعودية للمياه في الصدارة العالمية وشعارات الابتكار


.. كاميرا سكاي نيوز عربية ترصد تقدم دبابات إسرائيلية في الجولان




.. طفلة غزية تبارك للسوريين انتصارهم وتشيد بتضحياتهم