الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤيتي الجديدة للرئيس محمد مرسي!

محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)

2012 / 10 / 5
حقوق الانسان


الحراسة واجبة، والأمنُ ضرورة لرئيس الجمهورية، ولكن المبالغة المُرسيّة عبءٌ على الدولة، فضلا عن أنه مشهد قبيح بكل المعايير فحرّاس الرئيس يزيد عددُهم علىَ حُرّاس كل مسؤولي أجهزة الدولة.
عندما كانت السيدة جرو هارلم برينتلاند رئيسةً لوزراء النرويج مرّ عليها حين من الوقت كانت تستجدي البرلمان للموافقة على تعيين حارس لها ( حارس واحد فقط)، ورفض برلمان واحدة من أغنى دول العالم لأن ميزانية النرويج ليس فيها بندُ حراسة!
وفي النهاية وافق البرلمانيون على مضض عندما أقنعتهم رئيسة الوزراء بأن الأمر يعود لكونها سيدة لا تستطيع أن تدافع عن نفسها لو تعرَّض لها سكير أو مُعارض عدواني!
أما لو أن الرئيس المصري وافق على استقطاع مرتبات مئات الحرّاس الشخصيين من أموال مبارك الذي يرفض إعادتها إلى الشعب، فهنا يمكن التغاضي عن إهدار المال العام.
ميزانية مصر:
البند الأول: نفقات سفر الرئيس الدكتور ابن بطوطة إلى كل دول العالم.
البند الثاني: الحراسة الشخصية بحيث يكون لكل 35 سنتيمتر مربع في موكب الرئيس حارس واحد.
البند الثالث: نفقات عشرات السيارات التي تصاحب الرئيس قبل وبعد صلاة الجمعة، فالرئيس لا يصلي في مسجد القصر لأن الناس لن تراه، وفخامته حريصٌ أن يشاهده الناس وليس الله تعالى فقط!
البند الثالث: لا تنفق جماعة الإخوان المسلمين من ملياراتها على الدولة، باستثناء السكر والزيت خلال الحملة الانتخابية، وأنْ يقترض الرئيس بالفوائد المُركبة من صندوق النقد الدولي( الحلال إخوانياً) خيرٌ له من أن يقترض من خيرت الشاطر، فأموال الجماعة للجماعة، وأموال المسلمين أيضا .. للجماعة!
أيها الساذجون المدافعون، عدلا وظلماً، عن الرئيس لأنه يرفع شعاراً دينيا..
ستلطمون وجوهكم ،صُبحاً ومساءً، على تبريراتكم، وصمتكم، وظنكم الأحمق أن الاستشهاد بالآيات القرآنية فقط دليل صلاح الزعيم حتى لو ظل آلاف من أبنائكم الثوار في أقبية السجون حتى يقوم ملك الموت بزيارتهم.
ستبكون دما، كما بكيتم عندما سقط مبارك واكتشفتم حجم الفاجعة في ثلاثة عقود من الخرس المميت، فالشرف الرفيع هو البحث عن أخطاء الحاكم، وتكملة الإيمان بالله، عز وجل، مشروطة بمحاسبة الراعي حتى لو مضى على حُكمه يوم أو ساعة أو .. بعض الساعة!
يقتلني غيظا هؤلاء الذين يرون أن الرئيس يحتاج إلى مزيد من الوقت!
ما هذه العباطة؟ هل هو موظف صغير تتكدس أمامه عشرات الملفات؟
إنه رئيس الدولة والجيش والمخابرات والأمن وكلمة منه .. كلمة واحدة لا أكثر، تلمع شوارع مصر كلها، ويبحث سجّان واحد عن سجين من ثوار مصر فلا يعثر عليه، وتقف دول العالم دهشة واحتراما وتقديرا عندما تعلم أن الرئيس جاء بنفسه إلى أي دولة تحتفظ بحسابات عائلة اللعين مبارك، ومعه عشرات من رجال القانون والاقتصاد ومدراء البنوك ولن يعودوا إلى مصر إلا ومعهم أموال الشعب المنهوبة!
دعاة الصبر والتأني والسلحفائية وخرافة اعطاء الرئيس وقتا كافيا هم صُنــَّـاع الطغاة، ودعاة العبودية المختارة، ومخدّرو الشعب بمستقبل مجهول.
كنا نقول بأن المشير فوق الرئيس، ثم المرشد قبل الرئيس، ثم القــُـوىَ المالية تتحكم في الرئيس، والآن وقد أصبح الدكتور محمد مرسي المعبود الجديد، فالقوة الظاهرة والباطنة بين يديه، ومن يجد له العذر في حل مشاكل الوطن لا يختلف عمن يقول بأن المستشار أحمد رفعت، سيء اللغة، لم يجد في آلاف الصفحات إدانة واحدة لعلاء وجمال مبارك.
أنْ تظلم الرئيسَ في ظنك السيّء به خيرٌ عند اللهِ من أن تظلم شعبــَـك كلــَّـه في حُسن الظن بوليّ الأمر.
يسألونني: الرئيس يفعل ما وسعه الجهد، وقد تم تنظيف ثلاثة شوارع في جمهورية مصر العربية، أليس هذا دليلا على عبقرية فخامته؟
لذة الاستعباد والسُخرة والمهانة تطاردنا كأن الثورة لم تقم بتحريرالروح المصرية، وإذا شاهدت الفضائيات المصرية وتم حذف اسم الرئيس فلن تعرف إنْ كانوا يقصدون المخلوع أم المشير أم الدكتور!
خوفي على مصر من الحُكم الديني يعادل محبتي وإيماني وقناعتي بديني، ومازلت أرى أن خصوم الإسلام هم المتحدثون باسمه، وأن المنفــّـرين من الدين هم دعاته، وأنَّ أكثر المنافقين هم الذين ترى الورع الظاهريَّ عليهم، ولكن سلوكياتهم الحقيقية في البيت والشارع والعمل على عكس ذلك تماماً.
عندما ينقص عدد الدعاة يصبح الدين في منطقة الأمان، وأنا أنظر بعين الريبة لكل من يحشر الدين في أحاديثه دونما أدنى سبب.
إن من يخلف موعده دائما رغم تأكيده على ( إن شاء الله) أقل صدقا ممن يحافظ على عهوده ويتلفظ في داخله بــ ( إن شاء الله) فلا أسمعها منه!
الإخوان المسلمون الذين ميّزوا أنفسهم بالدين وكأن الآخرين ليسوا مسلمين ارتكبوا أكبر حماقة عندما جعلوا الظاهر شاهداً على الباطن، فزادَ مزادُ الزعم بوقوف السماء معهم رغم أن سلوكيات أكثر الدعاة لا تصل إلى السماء الدنياً!
دولة النفاق تبدأ عندما يرصد مظهرَك الآخرون، ويغضـّـون الطرْفَ عن سلوكياتك، وتكبر دولة الرياء عندما يبحث المسلم عمن يراه وهو يصلي، ويتأكد أن صورته في أذهان الآخرين هي ما أراد إظهاره لهم.
الرئيس محمد مرسي يؤسس لدولة المظهر الديني، أما الدين نفسه في التسامح، والمساواة، والعدل، والنظافة، وتعيين الأكفاء، والبحث عن كنوز مصر من العلماء والباحثين والشرفاء ليحلوا محل الزبيبيين والجلبابيين، وتغيير سلك القضاء تغييراً تاماً، وإنهاء كل تواجد بلطجي، ولو كان بلطجياً واحداً في أحد شوارع مصر، وارتفاع ريادة الإعلام الموميائي المتخلف، وأن يقف الرئيس أمام الله فجر أحد الأيام، وتدفع عيناه، ويشهده، سبحانه وتعالى، أن ليس في سجون مصر كلها مظلوم واحد أو سجين رأي أو معتقل ضمير، حينئذ تتفتح أبواب السماء حتى سدرة المنتهى لدعاء الرئيس وصلاته.
أكرر ما قلته وما كتبته عدة مرات بأنني لا أثق في الرئيس محمد مرسي، وربما لو كان في منصب آخر كمعلم لأبناء قرية أو أمين على محصول القمح أو رئيس جمعية المحافظة على ترعة المحمودية فإن ثقتي به ستزداد.
خلافي أو اختلافي مع زملائي الكــُـتــّـاب والصحفيين وكل من أمسك القلم ليخوض في الهَمِّ المصري بأنني أرى مصر كبيرة على مقاس الرئيس، وأن بــُـناة الأهرام لم يكن لديهم وقت للاعتكاف في المعبد، وأن الرئيس مرسي ما يزال في دهشة المنصب وأبـَّهة الحُكم، ونعومة السجاد الأحمر، فكل تصرفات الرجل تشي بأن الصدمة كانت شديدة عليه، وأن مستشاريه يتحكمون في الأهم فالمهم، وغالبا تأتي النتيجة عكس الحقيقة.
يخلط المصريون بين طيبة الرئيس الظاهرية وكفاءة الحُكم لأعرق دولة في المنطقة، أما المتسببون في كوارث مصر القادمة، لا قدر اللهُ، فهم أباطرة التبرير، ودعاة الصبر والتأني والسلحفائية.
من كان يرى أن المئة يوم لم تكن كافية للحُكم على عبقرية الزعيم الجديد فهو شاهد زور، وســنـّـيد طاغية، وصانع مستبد، والساعد الخفي لديكتاتور قادم يحمل المصحف والسيف، ويحمله على الأعناق مهووسو الخلافة والغطرسة والطاووسية باسم دين التسامح والتواضع والعدل.
معذرة، فقد وقف الرئيس محمد مرسي أمامي وبجانبه مصر الحضارة والعراقة والتاريخ والجغرافيا، وأعدتُ البصرَ كـرَّتـَـيـّـن، فعاد البصرُ إليَّ وهو حسير، فالرئيس تضاءل بجانب مصر حتى اختفى!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حكم الاخوان سراب يحسبه الظمآن ماء.
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2012 / 10 / 6 - 04:02 )
البيعة مرة واحدة وبعد البعة لا يجوز الخروج على الحاكم وان كان ظالم اطعه وان جلد ظهرك وهتك عرضك. اذا كنت مسلما حقا يجب عليك الايمان بالقدر خيره وشره وهذا يعني كل تقصير من الدولة الاخوانية هو قضاء وقدر لاختبار عباد الله وفي هذا الوضع يجب عليهم ـ اي الشعب ـ الدعاء والانابة لان تقصير الدولة هو نتيجة تقصيرهم في اداء الواجبات وما عليهم الا اللجوء الى الجوامع والمساجد لترتيل الدعوات. اني اعتقد بان مصر الحضارة ستصبح مثل السعودية تحكمها عصابة باسم الدين وسيتضح للجميع:
ان الافاعي وان لانت ملامسها *** عند التغلب في انيابها العطب.

لك الله يامصر وسلام على العقول المدجنة.

اخر الافلام

.. صحيفة لومانيتيه: -لا وجود للجمهورية الفرنسية دون المهاجرين-


.. السلطات الجزائرية تدرس إمكانية إشراك المجتمع المدني كمراقب م




.. جلسة مفتوحة في مجلس الأمن لمناقشة الوضع الإنساني في غزة وإيج


.. أحداث قيصري.. اعتقال المئات بتركيا وفرض إجراءات أمنية إثر اع




.. المغرب.. المجلس الأعلى لحقوق الإنسان يصدر تقريره لعام 2023