الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السينما المركزية

ياسين لمقدم

2012 / 10 / 6
الادب والفن


ياسين لمقدم*// كان لها سقف من قصدير، وخلال العرض تنز ثقوبه ماء المطر. فقام صاحبها بترميمها، وغير الكراسي بأخرى أكثر إمعانا من الأولى في تعذيب الرواد. ليس بها مراحيض ولا حنفية ماء. ومن كابينة في مؤخرتها تنبعث الصور عبر البروجكتور، وكان يدير آلة البث رجل هزيل أحول. وبالرغم من عبارات منع التدخين المكتوبة على الافتات المعلقة في جنبات القاعة لم يكن يعير لها الإنتباه المدخنون ولا يحتج غيرهم. ولا تدخل الإناث إليها أبدا، فهي حكر على الذكور.
وكانت تقدم عرضين في كل يوم، وثلاثة في العيدين. عروضها غير متنوعة، وتكتفي على الدوام بالأفلام الهندية والكاراتي. ومن النادر أن تقدم أفلام الحركة الأمريكية أو البوليسية كما يسميها كبار الزبائن. وخلال العرض وإن حدث اضطراب في الكابينة وتوقف البث تتعالى صرخات الجمهور ويكيلون بالسباب إلى المسؤول معيريه بحوله. فتشعل الأضواء ويعود الصمت لما يلج إلى القاعة ابن مالك السينما حاملا عصاة غليظة وقد صبغها بطلاء أسود وأحمر حتى تصير أكثر رعبا، فيسب الجمهور بما وكيف شاء، ويهدد بإخلاء القاعة. ثم يستمر العرض وتتكرر الإحتجاجات ولا شيء يتغير.

وللإعلان عن الأفلام كانت تلصق الصور على لوح خشبي كبير، ويتنافس الشباب على حمله إلى وسط المدينة حيث يعلق على دعامة حديدية في شارع رئيسي كي يراه الجميع، وقد يصادف حاملاه البعض من الزبائن والذين يطلبون منهما أن يتوقفا حتى يشاهدا الصور أخذين لذلك كل الوقت اللازم ومن دون شكر ولا اعتذار، وعليهما أن يتكفلا بإرجاعه قبل العرض الليلي والذي سيشاهدانه بالمجان بعد أن يكونا آخر الوالجين إلى القاعة وبعد ذلك عليهما تحمل إهانة معارفهما لحمل الطابلو .

وللتهوية في ليالي الصيف القائضة تفتح مجموعة من الأبواب الخارجية على جانبها الأيمن، فيقضي أصحابها وقتهم في مطاردة المتلصصين على العرض من المارة. وفي مرات عدة يظهر جرذ كبير على الخشبة فيسابق الجمهور إلى سحقه ليهرب بين الصفوف فتنتشر الفوضى ولا يسود النظام إلا بعد التأكد من زوال الخطر.

في يوم ما اختفى الأحول الذي كان يدير آلة العرض ويحرس القاعة ويسهر على تنظيفها بعد مشادات مع المالك. وعهد بذلك إلى شاب من نفس الحي حيث مقر السينما. وكانت صالتها تعرف عروضا أخرى للمسرح أو الغناء. ومع تراجع رواد السينما بعد انتشار الباربول وأجهزة الفيديو وأخرى رقمية تخلص منها صاحبها بالبيع لتتحول إلى مجموعة شقق.

=============
*كاتب من المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?


.. بالطبل والزغاريد??.. الاستوديو اتملى بهجة وفرحة لأبطال فيلم




.. الفنان #علي_جاسم ضيف حلقة الليلة من #المجهول مع الاعلامي #رو


.. غير محظوظ لو شاهدت واحدا من هذه الأفلام #الصباح_مع_مها




.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف