الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن موسى السوري والتيه اللبناني

كمال شاهين

2005 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


1- مدخل لمواطن عادي :
أيامنا الحالية كأغانينا ، هراء في هراء كما يلفظها مستشرق غربي فرنسي على الأغلب، والشيء الوحيد الأكيد فيها أن الساعة آتية لا ريب فيها ـ Made in USA ـ وهي تهز ذيولها الثلاثة في وجوهنا الكالحة وتدق ع الواحدة والنص عند بداية الحديث وعند نهايته وما بينهما رحلة إعلامية بين فيروز وقدسها المثالية التي سترجع على ذمة الراحل ياسر عرفات وعلى ذمة سعيد عقل ، وبين الجهاز الأميركي لنزع الشعر الزائد عن أجسادنا وأرواحنا وليس مهماً تشكيل الشين بالفتح أو الكسر ، فكلا الاثنين زائدين على تاريخنا وأحلامنا حتى ، وليس مصادفة أن العرب تغنوا طويلاً بالشعر الطويل وبنوعيه الأسود والمعلقات .
في الوقائع أن جاري المواطن ( السوري ) الذي لاحق الفظائعيات العربية والـ CNN والـ KNN وغيرها من الإن إنات بحثاً عن الأخبار ـ الأحبار كما يلفظها ابن أختي دون قصد ـ قد نقل إلى المشفى إثر إصابته دون قصد بجلطة قلبية دماغية بعد أن تأكد له أن ما يجري فوق طاقته على الاستيعاب وهو اليوم مبطوح في المشفى بغرفة مظلمة يهذي بالشعارات القومية و(لاءات ) الخرطوم وعمان وبيروت و(نعمات ) بقية الأشقاء العرب .
أيامنا ثانية مجرد تكويم زمني على الأنقاض المعاصرة ولا أعرف فعلاً هل من الممكن الربط بين عرب ما قبل التاريخ وعرب ما تحت التاريخ المعاصرين المذهلين لحد الإعجاب بكل ما اقترفوه من وسخ حضاري على الكرة الأرضية ، ولا علاقة طبعاً لهذا الهراء بتاريخ فوكوياما .
ليس في حارتنا مراسلون لبنانيون لينقلوا وجهة نظر أو أية وجهة أخرى للمواطن السوري الذي عليه دائماً أن يحمد الله على كل شيء إن كان خيراً فمن الله وإن كان شراً فمن الله وهو على كل شيء قدير ، هذا الكائن المصنوع من الخيبات الحديثة والقديمة ومن الرؤى التي صاغها فقهاء السياسة يتحول بعد عودته من تحليلاته السياسية فيما يجري إلى زوجته أو جاره ليروي له ما يعتقد أنه السليم فيما يجري وينام آخر الليل بعد أن يكون قد مسح الديجتال من محيطه لخليجه بحثاً عن رؤية تنقل عنه أو له أو منه موقفه مما يجري ، ولن يجد فيلتحف خيباته ويحلم بالأرض الواسعة بعيداً عن الأعين والدروس التوجيهية .
المواطن السوري هذا سياسي بامتياز، ولكن لا أحد يكيِّـل شيئاً بعلبته الفكرية ، لا أحد يرى أنه قد بلغ السن القانونية التي تتيح له تحمل المسؤولية عن نفسه و لا عن أولاده وبالضرورة لا عن وطنه ، هكذا يتشظى وينكسر ويتلملم ويتجمع ويتفرد وفي آخر اليوم ينهار ويذهب في طحين روحه .
لم يكن اللبنانيون أعداء سوريا ، كذا العراقيون ، كذا اليابانيون والشيشان والبرتغاليون والهولنديون والأسبان وأهل التوجو والزولو، فما الذي جرى ؟؟ يسأل وهو يعرف ولكنه يبلع الإجابة مع ( السيتامول والنشيد ) الوطني ، يسأل ماذا فعلنا للفلسطينيين حتى يكرهوننا هنا في حاراتنا ؟؟ هل حقاً نحن من صلب عيسى ، يكاد يشك في نفسه ، هل حقاً ( نحن) من زوَّد جيش إيتا الانفصالي بالمتفجرات ؟؟ هل (نحن) حقاً من جلب الأميريكان إلى العراق ؟؟ هل (نحن) من دمر الكويت ؟؟ هل ( نحن ) من أهبط آدم وحواء من الفردوس السماوي ؟؟ وأخيراً : ... هل حقاً ( نحن) من قتل الحريري ؟؟؟
من ( نحن )؟؟
الذين ننام على مخدات التعب والهجرة والطفر اليومي و المرار والغياب والعذاب والألم والجوع والخيبة والذل والضياع إلى آخر مفردات لغتنا العربية التائهة ؟؟
من (نحن ) ؟؟ الذين نستفتى في الشاردة والواردة ، الذين نصنع أقدارنا بناء على رغباتنا ، الذين ( يقومون قومة رجل واحد ) ؟ الذين... الذين اسم موصول لا ينقطع إلا في الآخرة .
نطبخ الحزن هنا وننشره على موائدنا مع البصل والخبز والحليب ، نكتب هنا مراثينا ( المطْـمئنة ) بحبر الغياب ، نرسم لأطفالنا ورد الربيع ونحاول أن نطعـِمه برائحة غير رائحة أيامنا التي تشبه أي شيء عدا عن أنها لنا ، نحن السوريين ورد الغياب ،ونكهة الدفلى في الشاي ، نحن المسيح الذي صدمته سيارة عسكرية في الطريق إلى الجليل ، نحن محمد الذي اعتقلته المخابرات في الطريق صوب السماوات العلى، نحن أبناء يعرب وجلـًّى وطلاع الثنايا متى نضع العمامة تعرفوننا .
الجزء الكبير من الكل ( اللبناني ) توحد في اتهامنا بقتل الحريري دون أدنى دليل ، الجزء الكبير من الكل اللبناني خرج يطالب برأس يوحنا السوري قبل أن يدخل المدينة ، الجزء اللبناني هذا استقوى على الفقراء السوريين في الجنوب والشمال والوسط ( نحفظ ـ نحن السوريين ـ جغرافية لبنان وتاريخه وأسماء نوابه أكثرمن أسماء نوابنا لأسباب لها علاقة بالرياضيات والفلسفة والتربية القومية ومسابقات جورج قرداحي ) ، الجنوب الذي رسمناه نحن الفقراء السوريين قمراً لأيام جولاننا القادم ، الشمال الذي غرسنا في أرضه شجر العشق ، وبيروت التي كانت ولا زالت تطل على مشغرة وعلى أسمائنا الكبرى و اليوم يختال بعضها على آلامنا .
أليست زراعة الشجر منا نحن الفقراء السوريين احتلالاً ؟؟ أليست زراعة العشق احتلالاً ؟؟ أليس الفقر احتلالاً ؟؟ أليس الوجع احتلالاً ً ؟؟؟ أليس التطفيش احتلالاً؟؟
تضيق اللغة ونحن نرى كيف تغلق الحدود نفسها بنفسها نهار الأحد ، تضيق الروح بنا ونحن نرى كيف تصطف أرتال الاتهامات صوب دمشق بدون أدنى فرصة لالتقاط العقل ، تضيق بنا كل الأماكن ونحن نتذكر ... ولكن ذاكرة اللحم هشة هكذا قالت الحكاية ،لاذاكرة للحم البشري ، وحده الديناميت له ذاكرة أعتى من الحديد .
2- مدخل لمواطن مسيَّس :
هل إذا خرجت سورية من لبنان سوف ينهار لبنان ؟؟ هل إذا خرجت من التيه اللبناني الطويل سيذهب اللبنانيون في اليوم التالي إلى الحرب بطلوع الفجر أم أنهم (سيأخذون) النسكافيه قبل ذلك ؟ هل سوف تطالب أمريكا بنزع سلاح حزب الله وتخسر دمشق ورقة رابحة في اللعبة الدولية بوجه إسرائيل ؟ وإذا فعلت دمشق ذلك ، هل هذا يعني إجبارها على تنازلات جديدة والطلب منها الخروج من العراق أيضاً ؟؟ هل إذا خرجت دمشق من لبنان سوف يسبب الجنود العائدين مشاكل للسلطة السورية الذين تعودوا على نمط حياة معين،عدا عن ارتباط مصالح قيادات المؤسسة العسكرية بتجار لبنانيين ، الأمر الذي يعني ما يعني من تردد القيادة السورية في قرار شجاع بالانسحاب ؟؟ هل .. وهل ... و " هللويا " .
4- مدخل إلى مواطن لبناني قديم :
العزيز كمال عزت قنديل / لبنان / بيروت / الحازمية / آخر الطريق العام
ذات زمان صيفي منتصف التسعينات كنت قد أكملت أيامي في ربوع لبنان التي عدتها بعد غياب
سنوات طويلة ، فقد فتحت عيني على سماء بيروت السبعينية ، أيامها التقيتك أو بالأحرى أنت انتقيتني مع مجموعة عمال سوريين لنقوم بنقل عفش بيت قريبتك من مكان ما في بيروت إلى الحازمية ،يومها استغربت أنت عندما أنزلت الحاسب بعناية إلى الكميون ووضعته بعناية في حضني وحملته إلى الطابق الرابع بعناية وكنت أهم بتركيبه لولا قليل من الجرأة ، يومها كذلك استغربت أن يعمل طالب جامعي في السنة الثالثة هندسة في هكذا أعمال ، وأردفت بسؤال: هل أنت شيعي ؟؟ أجبتك باختصار: إنها الحياة ، وعلى الثاني : ماركسي .
لا أعرف اليوم أينك ، ولكني أشكر لك اهتمامك ذاك الآن ،اليوم أتأكد أن معرفة الآخر أهم من كل الأديان والأيديولوجيات والأحزاب والحركات التحررية وغير التحررية .
تقبل مني تحياتي ورغبتي بزيارتك كمواطن سوري غير مخيف ولا خائف.
3- مخرج لمواطن رئيس :
أيها الرجل الوحيد ، اليوم تـُفتح بوابات جهنم ، اليوم يتوحد الخوف والجوع والهجرة والغياب والوطن والحلم في كلمة واحدة : لنخرج من التيه ، لنخرج ، ليكن يوليوس قيصر من جديد بيننا : جئت ، رأيت ، حاربت ، وانتهيت من الحرب فلأعد إلى روما .
أيها الرجل الذي قـدًّ من تعب وحلم وانتظار ، لنا نحن الفقراء فيك نصيب من الحلم ، لندع الآخرين يخترعون للحرية أسمائها ، لندع لهم أن يجمعوا النار والماء ، ولنترك نحن جـِمالهم تتجه أنًّى يشاءون فليس لنا في هذا الامتداد اللوني الفاقع سوى كمشة من ذهب وحنين وشام وورد وأبجدية ... لنخرج ولندع ما لقيصر لقيصر وما لله لله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف