الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة اللبنانية تقع - عن غير قصد منها- ضحية استغلالها لخدمة أهداف إمريكية إسرائيلية

حسن ميّ النوراني
الإمام المؤسِّس لِدعوة المَجْد (المَجْدِيَّة)

2005 / 3 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


بيان صادر عن مكتب الدكتور حسن ميّ النوراني مؤسس حركة العدل والحرية حول أحداث لبنان
تكشف استقالة حكومة رشيد كرامي عن أنها وجدت نفسها أمام باب موصد، بعد ما تسبب لها اغتيال رفيق الحرير من تحدي هو في الواقع أكبر من طاقتها على مواجهته، خاصة وأن أصابع الاتهام، اتجهت لحليف النظام اللبناني، أعني النظام السوري، وإن كان هذا الاتجاه غير مدعوم بالأدلة، لكنه مدعوم بإرادة دولية تتحرك نحو هدف توجيه ضربة للنظام السوري الحاكم. وعلمتنا تجربة العراق أن التدخل الأجنبي يبحث عن مناسبة يبرر فيها توجيه ضرباته القاتلة، ودون أن تكون المبررات دقيقة. والجميع لم ينس بعد، أن الدعوى التي سوقتها الولايات المتحدة ومعها بريطانيا الخاصة بامتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، كانت المناسبة التي خلقتها إرادة التدمير الحقيقية في العالم، وهي إرادة العدوانية الأمريكية، التي انكشفت الحقائق عن بطلانها، ولم تُكتشف أسلحة العراق المزعومة.. الإدارة الأمريكية تريد أن توجه ضربة للنظام السوري في سياق مخطط فرض الإرادة الإسرائيلية على المنطقة، وحادثة اغتيال الحريري وفرت مناخا للتدخل الأمريكي السافر ضد النظام السوري، ومن بوابة لبنان، وتلفيق تهمة للنظام السوري بأنه المسئول عن اغتيال الحريري، وبالتالي، فإنه "يرعى الإرهاب الدولي"، وهكذا يتم حشر النظام السوري في الزاوية، فماذا يمكن أن تصنع حكومة في لبنان تستمد قوتها من نظام يواجه التهمة التي لا يستطيع أحد من الأنظمة الرسمية في العالم كله أن يتعاطف مع من يؤيد الإرهاب..
نأخذ في الاعتبار التقارب الملحوظ بين النظام الأمريكي والأنظمة العالمية الكبرى التي تملك "حق الاحتجاج" على السياسة الأمريكية، مثل فرنسا، هذا التقارب سيدفع الضعفاء ثمنه، ستدفع سوريا ثمنه، وبالتالي كان على النظام اللبناني الموالي للنظام السوري أن يدفع ثمنه.
استغل تحرك المعارضة اللبنانية، المناخ الدولي المناهض للنظم السوري وارتدى قميص "رفيق الحريري" ليناهض بدوره الوجود السوري في لبنان، وبالتالي، ليناهض - وإن كان بغير قصد – موقف النظام السوري تجاه قضايا المنطقة.
ولا يستطيع حكيم أو نصف حكيم أو غير حكيم، أن يواجه الطوفان الذي واجه حكومة كرامي، التي لم يكن أمامها غير أن تستقيل، بكرامة، وقبل أن تغرق في طوفان يبدو أنه لا محالة قادم.
ونرى في التحرك الجماهيري اللبناني المدفوع من المعارضة اللبنانية دليلا على أن الجماهير قادرة على أن تفرض إرادتها ولكننا نرى أن المعارضة اللبنانية وقعت ضحية استغلالها لتكون الواجهة التي تحركت تحت مسماهما إرادة هزيمة النظام السوري في ساحة لبنان، إرادة أمريكا وحلفائها وإرادة إسرائيل أيضا. لا يجب أن نغفل عن الأخطاء التي ترتكبها الأنظمة العربية ضد شعوبها مما يخلق إرادة رفض جماهيري لها ويفسح المجال أمام القوى الخارجية للتدخل في شؤوننا الداخلية، كما حدث هنا عندنا في مناطق السلطة، عندما أفسحنا المجال للتدخلات الخارجية في شؤوننا بالفساد المالي والإداري، وكما حدث في العراق، عندما كان نظام ديكتاتوري يحكم الناس ويمارس العنف ضد شعبه..
قد تبدو المعركة محسومة لصالح القوى المعارضة، ونعتقد أن النظامين السوري واللبناني الرسميين لن يقامرا بضرب رؤوسهما في الصخرة العنيدة التي تدحرجها أمريكا وإسرائيل في اتجاه دمشق. وإذا صح أن تسليم النظام السوري شقيق صدام حسن غير الشقيق للحكومة العراقية، فإن هذا مؤشر على أن حكومة دمشق لن تتعنت في موقفها ضد إرادة الطوفان الزاحف نحوها..
وسيكون لما تشهده الساحة اللبنانية من توترات حاليا تأثيرات على الساحة الفلسطينية وعلى الساحة السورية أيضا.. حيث:
أولا - ما يؤثر على أشقائنا يؤثر علينا بالتأكيد.. الموقف السوري الذي لا يزال يقاوم الإرادة الإسرائيلية يشكل دعما لإرادة الرفض الفلسطينية في وجه الأطماع الإسرائيلية ومخططاتها الرامية إلى تركيع الشعب الفلسطيني وتركيع المنطقة العربية كلها لصالح أمريكا والغرب وإسرائيل..
ثانيا - قد تكون حكومة دمشق لا تقدم الكثير الملموس لإرادة المقاومة الفلسطينية، ولكن مجرد احتضان نظام سوريا لقيادات تمثل فصائل المقاومة الفلسطينية، يمثل دعما معنويا للشعب الفلسطيني، وهو دعم معنوي مهم لأنه مستمد من مفهوم قومي لا زالت قيادة دمشق تردد شعاراته. والمطلوب أمريكيا وإسرائيليا هو أن ننخلع تماما عن أحلامنا وعن شعاراتنا التي ترفض الهيمنة الأمريكية والعدوانية الإسرائيلية. إذا انهزمت الفكرة العربية القومية في معقلها الأخير في دمشق، فإن الإنفراد بإرادة الرفض الفلسطينية للعدوانية الإسرائيلية وبعدها الأمريكي سيكون أسهل.
ثالثا – سيقع التأثير على القضية الفلسطينية من باب اللاجئين المقيمين في لبنان، ولبنان بكل وضوح لا يريد بقاءهم فيه، وأية اتفاقية سلام بين لبنان وإسرائيل ستتضمن حلا لمشكلة اللاجئين، وهذه مشكلة ستضغط على القيادة الفلسطينية في اتجاه وجود حل لها، وقد تكون ورقة تستغلها إسرائيل لابتزاز القيادة الفلسطينية في مفاوضات تصر الأخيرة على الانخراط فيها. قد تقبل إسرائيل بعودة لاجئي لبنان إلى شريط يقع على حدود قطاع غزة الشرقية، مقابل تنازل المفاوض الفلسطيني عن أراض في الضفة الغربية، وتحت ضغوط مشكلة اللاجئين في لبنان، قد تجد القيادة الفلسطينية نفسها أمام خيار القبول بالابتزاز الإسرائيلي لها، خاصة وأن الموقف الفلسطيني مكشوف الظهر تماما. والقبول بهذا الحل سيؤثر على حق العودة للاجئين، فستكون عودة لاجئي لبنان لأراض تقع تحت سيطرة الكيان العدواني الإسرائيلي، بديلا لتطبيق حق العودة، خاصة وأن القيادة الفلسطينية الرسمية، حتي في عصر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، أعلنت أنها لا تطالب بتطبيق حق العودة بكيفية تهدد الأمن الديموغرافي الإسرائيلي، هكذا فإن مثل هذا الحل المتوقع، لمشكلة لاجئي لبنان، سيدفع بنا في فلسطين، نحو خيار يلغي خيار العودة كما ينص عليه القرار الدولي 194.
رابعا – تجاوب سوريا مع الضغوط عليها سيقابله تنازلات لصالح الإرادة الأمريكية والأطماع الإسرائيلية، وهذا يدفع في اتجاه حالة عربية كاملة التجاوب مع المخطط الأمريكي للهيمنة على المنطقة، وستنهزم إرادة القومية العربية، وستنتصر إرادة تقسيم العالم العربي إلى دويلات كل منها مشغول بهمومه المحلية، وفي هذا المناخ ستعربد أمريكا وإسرائيل.
ويؤكد الترحيب الإسرائيلي بالنتائج التي أسفرت عنها أحداث لبنان حتى الآن صحة ما ذهبنا أعلاه، فإن هزيمة النظام اللبناني الموالي للنظام السوري ذي الشعارات القومية يعني إضعاف روح المقاومة العربية عامة والفلسطينية خاصة، ويعني تكريس الانفصال العضوي بين سوريا ولبنان، تكريسا جديدا بعد فصل لبنان التعسفي عن سوريا الأم بإرادة الاستعمار الذي فصل أيضا كلا من الأردن وفلسطين عن سوريا الأم (بلاد الشام). هزيمة نظام لبنان الموالي للنظام السوري تعني كسر إرادة المقاومة التي يمثلها حزب الله الذي تغطيه حكومة دمشق وتحالفها مع النظام الإيراني. هزيمة حزب الله ستنعكس علينا في فلسطين، وستتأثر لدينا قوة إرادة المقاومة ضد العدوانية الإسرائيلية. سنفقد المثل الذي تحاكيه مقاومتنا، الذي استطاع أن يجبر الجيش الإسرائيلي على الانهزام والانسحاب من جنوب لبنان.
وعندما تنهزم قيادة دمشق في لبنان، وتنسحب قواتها من لبنان، فسيكون الطريق ممهدا أمام فرض الإرادة الأمريكية الإسرائيلية على لبنان. وماذا في مقدور قوة لبنان أن تفعل في مواجهة أمريكا ومعها إسرائيل؟ ولماذا لا توقع حكومة لبنانية تقوم بعد الأنسحاب السوري من لبنان، على اتفاقية سلام مع إسرائيل؟ ألم تفعل ذلك أكبر دولة عربية، ألا يسعى الفلسطينيون للتوصل إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل؟ ما هي المسوغات التي يمكن أن يستند عليها نظام لبناني متحرر من تحالفه أو خضوعه لدولة الشعارات القومية؟ أعتقد أن توقيع لبنان ما بعد الانسحاب السوري لاتفاقية سلام مع إسرائيل هو أمر وارد جدا.
غزة – 2/3/05








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المنتخب الإنكليزي يعود من بعيد ويتأهل لربع نهائي مسابقة أمم


.. أسير محرر يتفاجأ باستشهاد 24 فردا من أسرته في غزة بعد خروجه




.. نتنياهو في مواجهة الجميع.. تحركات للمعارضة الإسرائيلية تهدف


.. أقصى اليمين في فرنسا يتصدر الجولة الأولى للانتخابات التشريعي




.. الغزواني يتصدر انتخابات موريتانيا