الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الاستقالة

جمال الهنداوي

2012 / 10 / 7
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


قد نحتاج الى الكثير من التساذج,بل الصلف,لكي نستطيع ان نطلق وصف "الديمقراطية"على تلك السلسلة الطويلة من المناكفات العقيمة التي تحكم العلاقة ما بين القوى السياسية التي تتحكم بمفاصل العملية السياسية, او ان تلك الفوضى التي تضرب بفوضاها العارمة باطناب المشهد السياسي والامني العراقي,قد يكون لها أثرا حميدا على ترسيخ قيم الديمقراطية حتى لو كانت ضمن المقاسات المتدنية السائدة في منطقتنا.
فمن الصعب الادعاء بان هناك وجه مشرق ما او حالة ايجابية في الاداء السياسي الذي يدمغ ممارسات اغلب القوى المتسيدة للمشهد السياسي والذي يمكن التعبير عنه على انه مسلسل طويل من الاخفاقات والانفصال عن الواقع ومجموعة مواقف مرتجلة لم ينتج عنها او من ورائها أي تقدم او مكسب يمكن للشعب التثبت من تحققه..
فان كانت للقوى المعارضة ازماتها,كما تجادل الحكومة دائما,فان مشاكل الاخيرة لا جدال عليها ولا نقاش,وهي تشترك مع القوى المعارضة بانها لم تستطع ان تخلق الآليات الحقيقية اللازمة للخروج من الازمات التي يعاد استنساخها بطبعات جديدة,منذ انسحاب القوات الامريكية من العراق وحتى افق لا تبدو له نهاية واضحة,مما احال العملية السياسية برمتها الى مأزق يتبرأ الجميع من تبعاته كأنها بضاعة فقدت جاذبيتها ولم تعد قادرة على منع كسادها وتحولها الى سلعة فاقدة الصلاحية وشديدة الاذى لمن يتورط باستخدامها.
والغريب هنا -بل والمستهجن- ان كل تلك الهزات لم تدفع أي مسؤول كبير في الدولة الى تقديم استقالته من منصبه معتذرا عن عدم تمكنه من اكمال المهمة رغم ان القليل من مثل هذه الاخفاقات-بل وبعضها الاقل-في أي عملية سياسية حقيقية مبنية على اسس الديموقراطية والتداول الطوعي للسلطة والقيادة,كانت قمينة بدفع العديد من العناوين المتصدية لمسؤولية ادارة الدولة إلى الاستقالة من مراكز القيادة,فاسحين المجال امام طبقة جديدة معافاة من ادران التناقضات السياسية المكبلة والمنهكة للجهد الوطني ولتطلعات الشعب العراقي النبيل بالتنمية والنماء والحياة الحرة الكريمة.
فالمسؤولية في الدول الديمقراطية التعددية تعد تكليفا وواجبا قبل ان تكون تشريفا وامتيازا,وهي أمانة كبيرة وخطيرة تبقى في عنق حاملها ويسأل عن اداءها امام الشعب والتاريخ,والمسؤولية وتفويض محدد من قبل الشعب وليست حقاشخصيا مكتسبا,وهذا ما يوجب-اخلاقيا على الاقل- على الشخص المتصدي لها الى المبادرة الى تقديم استقالته عندالاخفاق في تحقيق الحد الأدنى من المطالب الوطنية والاجتماعية الملحة,كدليل على شجاعته والتزامه الادبي العالي بالقيم الوطنية واحترامه البالغ للموقع الوظيفى.
لا اوهام لدينا بان مثل هذه الثقافة ما زالت بعيدة المنال في مجتمعنا وخارج اهتمامات طبقتنا السياسية القائدة,خصوصا مع هذا التشابك المؤسف ما بين الفرد والموقع والمسؤولية,وليس هناك من افق قريب للغد الذي يكون فيه المسؤول في خدمة طموحات الشعب وآماله,فمادام الموقع يمثل القوة والنفوذ والمال,ومادام يشكل العز والرفعة للمسؤول ولكل من يتلصق به,وما دامت ثقة الشعب وتفويضه تتحول بيد المسؤول الى فرصة للاستئثار بفيء الدولة ومقدراتها وتسخيرها لخدمة الاهل والعشير والعصبة والحزب,فستكون الاستقالة –حتى عند الفشل الاقرب الى الكفر البواح-مجرد عبث لا طائل من ورائه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل: مظاهرات عارمة في شوارع تل أبيب للمطالبة بالإفراج عن


.. شاهد فيديو جميل لـ-قمر الزَهْرة- يضيء سماء لاس فيغاس




.. القصف والغارات تطرد النحل من صناديقه في جنوبي لبنان


.. شاحنات مساعدات تبدأ دخول غزة عبر معبر كرم أبو سالم| #الظهيرة




.. ما أبرز التطورات الميدانية للقصف الإسرائيلي على قطاع غزة؟