الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شارون يعلن تجميد العملية السلمية

هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)

2005 / 3 / 3
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


ردد الاسرائيليون بالطريقة الببغائية المألوفة نفس "الأغنية" التي لا تطرب سواهم, والتي جوهرها أن السلطة الفلسطينية لا تفعل شيئا لمقاومة الارهاب. نذكر جميعا كيف كان الناطق الرسمي باسم شارون ادعى بعيد انتخاب محمود عباس رئيسا للسلطة محاولة الرئيس مبارك التوسط لاستئناف التفاوض في شرم الشيخ, أن العمليات التي قد تقوم بها فصائل المقاومة الفلسطينية لن تزعزع مسار السلام, مما يعني أنها لن تدفع الاسرائيليين على رد الفعل بعنف, حتى لا يتضرر السياق الذي يراد ترسيخه. بيد أن اسرائيل ليست الى هذا الحد واثقة من قدرتها على الوصول بمسار المفاوضات الى غايته. فيكفي تنفيذ عملية هنا وعملية هناك, حتى تنعقد دائرة الدم من جديد حول عنق شارون, ويرى "أحمر".وانظروا ماذا يحدث : لقد قال رئيس الوزراء الاسرائيلي أول امس انه لا يمكن تحقيق تقدم في عملية السلام في الشرق الاوسط الا اذا قامت السلطة الفلسطينية بمحاربة الجماعات الفلسطينية المسلحة (المقاومة) بشكل فعال· وكرر ذلك في بداية اجتماع الحكومة الاسبوعي لن يحدث اي تقدم سياسي اذا لم تحارب السلطة الفلسطينية الارهاب · وهذا أول رد فعل لشارون على الهجوم الانتحاري أمام ملهى في تل أبيب الجمعة اسفر عن مقتل اربعة اسرائيليين· وهو أول هجوم منذ اعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقفا لاطلاق النار في قمة عقدها مع شارون في شرم الشيخ في الثامن من فبراير· وقال شارون، في مستهل الجلسة إنه يتم تجميد الاتصالات مع السلطة الفلسطينية في حال عدم محاربتها للإرهاب · وأضاف : نحن على يقين أن أوامر تنفيذ العملية وصلت من الجهاد الإسلامي في سوريا (...) لكن هذا لا يزيل المسؤولية عن كاهل السلطة الفلسطينية ولا يعفيها من مسؤولية العمل ضد شركاء منفذ العملية· والاختبار الفوري للسلطة الفلسطينية هي العمل وبصرامة ضد حركة الجهاد الإسلامي ·وهكذا , ففي جملتين صغيرتين طرح الجنرال شارون كامل "جهاز تفكيره" الذي لم يصب بخلل رغم تقدم سنه, لأنه قد يكون ربما الوحيد في الجانب الاسرائيلي الذي يدرك جيدا في قرارة نفسه أن أي تقدم سياسي لن يحصل في عهده هو, طالما بقي على اصراره أن الفلسطينيين ليسوا شركاء , حتى وان كان قائدهم محمود عباس يدعي ذلك , بل هم في عين شارون وجهازه الحكومي مجرد "أشخاص يمكن استعمالهم من موقع السلطة لمحاربة أشخاص آخرين من موقع المعارضة في بلد مجاور أغلبيته الغالبة معادية لاسرائيل".قد يرى البعض أن هذا المنطق بدائي, وأنه لم يعد يصلح في هذه الأيام التي تغير فيها كل شيء تقريبا. ولا شك أن كل شيء تغير فعلا, وفي العالم كله منذ بدايات الانهيارات الكبرى في أوروبا الشرقية , وسقوط جدار برلين , ونهاية عصر الكتل والاستقطاب الثنائي, وقيام أوضاع مختلفة في أوروبا, حتى أن بعض الأوراق الاستراتيجية الأمريكية الصادرة بعد 11 سبتمبر 2001 تتحدث عن "تغيرفي النموذج المعرفي الاستراتيجي ". وكل هذا لا ينفي أن أمرين لم يتغيرا : أولهما الوضع في فلسطين , وثانيهما ذلك "الجهاز" الغريب الموجود في رأس شارون !الحقيقة أن الاسرائيليين – ومعهم الامريكيون الذي يسندونهم – لم يفهموا بعد أن هناك أشياء لا يمكن أن تتحقق لهم عن طريق طرف آخر , وفي مقدمتها حرياتهم الفردية والعامة وأمنهم العام والخاص. هذا ما لا يمكن أن يوفره لهم محمود عباس. وفي الجانب الآخر, يمكن أن نلاحظ أن الفلسطينيين اقتربوا أكثر من هذه الحقائق , عندما قرروا أن الحرية تفتك ولا تعطى, وأن حياتهم ليست منة من أحد وإنما هي هبة الرحمان.ولا شك أن هناك نقطة وسطى يمكن أن يجتمع فيها الطرفان , ولا نقصد نقطة جغرافية – كشرم الشيخ أو سواها – وإنما نقطة في السياق النفسي والعقلي الذي هو قاسمنا المشترك كبشر. فالاسرائيليون والفلسطينيون كبشر , لهم نفس الحاجيات : حب الحرية والسلام والعدل هي غاية الناس جميعا, فلماذا يحرم منها الفلسطيني وجاره اليهودي ؟ لا بد من حلول وسطى , عادلة وعقلانية , لا يضطر فيها أحد الى اراقة ماء وجهه, ولا يتصرف فيها أحد كأنه "السيد" وبقية الناس "عبيد". اذا أدرك شارون هذا , فإنه لن يطالب محمود عباس بتوفير ما لا يمكن الأمن الاسرائيلي نفسه أن يوفره في هذه الظروف. وبالمقابل, يمكن للسياق أن يتقدم, إذا اتخذ الاسرائيليون الخطوات الشجاعة والضرورية التي تتمثل في اعادة الحقوق لأصحابها, حسب قرارت واتفاقات دولية معروفة. ودون ذلك, فسيضطر الاسرائيليون الى اعادة تلك الحقوق بالاكراه, لأنه طالما بقي فلسطيني واحد على وجه الأرض , فإنه سيهددهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الترجي التونسي يستضيف الأهلي المصري في ذهاب الدور النهائي|#ه


.. الوصل يحقق انتصارا تاريخيا على النصر ليتوج بكأس رئيس دولة ال




.. لماذا تخاف إسرائيل من مخيم جنين؟


.. شهيدان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في مخيم بربرة وسط رفح جنوب




.. مطعم للطاكوس يحصل على نجمة في دليل ميشلان للمطاعم الراقية